الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وكانت أذية فرعون لبني إسرائيل ما ذكره الثعلبي، وغيره عن وهب: أنَّه صنَّفهم أصنافاً؛ فأما ذوو القوة منهم فيسلخون السواري من الجبال؛ قد قرحت أعناقهم، وعواتقهم، وأيديهم، ودبرت ظهورهم من قطع ذلك ونقله.
وطائفة أخرى يبنون له القصور من الحجارة والطِّين.
وطائفة يبنون اللبن ويطبخون الآجر.
وطائفة نجَّارون وحدَّادون.
والضعفة منهم عليهم الخراج ضريبة.
وأمَّا النساء فيغزلن الكتان وينسجْنَه (1).
ولا يخفى أن أجناد زمانك وأمراعه مشتملة على هذه الأخلاق الفرعونية.
وقد روى أبو نعيم في "الحلية" عن وهب قال: قرأت في التَّوراة: أيَّما دار بنيت بقوة الضعفاء جعلت عاقبتها الخراب، وأيما مال جمع من غير حل جعلت عاقبته الفقر (2).
*
تنبِيْهٌ:
في قول موسى عليه السلام لبني إسرائيل لما شكوا إليه بغي فرعون،
(1) انظر: "تفسير الثعلبي"(4/ 272).
(2)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء"(4/ 38)، وكذا الإمام أحمد في "الزهد" (ص: 100).
وظلمه، وتسخيره:{اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَاصْبِرُوا} [الأعراف: 128] إلى آخره، إشارةٌ إلى أن لكل ظالم حيناً من الدَّهر لا بدَّ أن يستوفيه، فلا يسع المظلوم في ذلك الحين المحدود إلا الصبر حتى يأتي الله بأمره.
وفي ذلك زيادة تدمير للظالم، وتمحيص ورفعة للمظلوم؛ إذ ينال فضيلة الصبر وانتظار الفرج.
وفي الحديث: "انْتِظَارُ الفَرَجِ عِبَادَةٌ". رواه ابن أبي الدُّنيا، وابن عساكر عن علي رضي الله عنه، والقضاعيُّ عن ابن عباس، وعن ابن عمر رضي الله تعالى عنهم (1).
وروى عبد بن حميد، وابن أبي حاتم، وأبو الشيخ عن وهب بن منبه في قوله تعالى:{قَالُوا أُوذِينَا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنَا} [الأعراف: 129] الآية؛ قال: قالت بنو إسرائيل لموسى عليه السلام: كان فرعون يكلفنا اللبن قبل أن تأتينا، فلما جئتنا كلفنا التبن مع اللبن أيضاً.
فقال موسى عليه السلام: يا رب! أهلك فرعون؛ حتى متى تبقيه؟
فأوحى الله تعالى إليه: إنهم لم يعملوا الذَّنب الذي أهلكهم به (2).
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "الفرج بعد الشدة"(ص: 2) عن علي رضي الله عنه.
ورواه القضاعي في "مسند الشهاب"(47) عن ابن عباس، و (46) عن ابن عمر رضي الله عنها وضعفها العراقي في "تخريج أحاديث الإحياء"(2/ 1015).
ورواه الترمذي (3571) عن ابن مسعود متصلاً ومرسلاً، ورجح المرسل.
(2)
رواه ابن أبي حاتم في "التفسير"(5/ 1541)، وانظر:"الدر المنثور" للسيوطي (3/ 517).