الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكره في حديث النَّبي صلى الله عليه وسلم عن أبي بكر، وحديث أبي بكر عنه (1).
*
تنبِيْهٌ:
الأذان والإقامة، وكذلك مجموع الصَّلوات الخمس كما علمت من خصائص هذه الأمة.
روى إسحاق الختلي في "الديباج"، ومن طريقه أبو القاسم الأصبهاني في "الترغيب" عن ابن عباس رضي الله تعالى عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أَدَاءُ الحُقُوقِ، وَحِفْظُ الأَماناَتِ دِيْني وَدِيْنُ الأَنْبِياءِ مِنْ قَبْلِي، وَقَدْ أُعْطِيْتُ ما لَمْ يُعْطَ أَحَدٌ مِنْ قَبْلِي مِنَ الأُمَمِ: أَنْ جَعَلَ اللهُ تَعالَى قُرُبَاتِكُمُ الاسْتِغَفارَ، وَجَعَلَ صَلاتَكُمُ الخَمْسَ بِالأَذانِ والإِقامَةِ، وَلَمْ يُصَلِّهَا أُمَّةٌ قَبْلَكُمْ؛ فَحافِظُوا عَلَى صَلاتِكُمْ، وَأَيُّ عَبْدٍ صَلَّى الفَرِيْضَةَ واسْتَغْفَرَ الله تَعالَى عَشْرَ مَراتٍ لَمْ يَقُمْ مِنْ مَقامِهِ حَتى يَغْفِرَ اللهُ لَهُ ذُنُوْبَهُ، وَلَو كانَ مِثْلَ رَمْلِ عالج وَجِبالِ تِهامَةَ لَغَفَرَهَا"(2).
60 - ومن أعمال اليهود: الانحراف عن القبلة
.
لما تقدم عن الشعبي أن اليهود يولون عن القبلة شيئًا، وكذلك الرافضة.
بل أدب المسلم في صلاته أن يديم النظر إلى موضع سجوده ولا يلتفت، وقد كان هذا الأدب مأمورًا به في شريعة أهل الكتاب، وكان منهم من يخالف فيه.
(1) انظر: "تفسير القرطبي"(6/ 225).
(2)
ورواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(12/ 423) وقال: منكر جدًا.
وقد روى التِّرمذي وصححه، وابن خزيمة، وابن حبَّان في "صحيحيهما"، والحاكم وصحَّحه على شرط الشَّيخين، عن الحارث الأشعري رضي الله تعالى عنه، وليس له في الكتب الستة غير هذا الحديث: أن النَّبي صلى الله عليه وسلم قال: "أُمِرَ يَحْيَى بْنُ زَكَرِيَّا بِخَمْسِ كَلِماتٍ أَنْ يَعْمَلَ بِها، وَأَنْ يَأْمُرَ بَنيْ إِسْرائِيْلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِها، وَإِنَّهُ كَادَ أَنْ يُبْطِئَ بِها.
قَالَ عِيْسَى عليه السلام: إِنَّ الله تَعالَى أَمَرَكَ بِخَمْسِ كَلِماتٍ لِتَعْمَلَ بِها، وَتأمُرَ بَنِي إِسْرائِيْلَ أَنْ يَعْمَلُوا بِها، فَإِمَّا أَنْ تأمُرَهُمْ وإِمَّا أَنْ آمُرَهُمْ، فَقالَ يَحْيَى عليه السلام: أَخْشَى إِنْ سبقْتَنِي بِها أَنْ يُخْسَفَ بِي أَوْ أُعَذَّبَ، فَجَمَعَ النّاسَ في بَيْتِ المَقْدِسِ فامْتَلأَ، وَقَعَدُوا عَلَى الشُّرَفِ، فَقالَ: إِنَّ الله تَعالَى أَمَرَنِي بِخَمْسِ كَلِماتٍ أَنْ أَعْمَلَ بِهِنَّ وَآمُرَكُمْ أَنْ تَعْمَلُوا بِهِنَّ: أَوَّلُهُنَّ: أَنْ تَعْبُدُوا الله وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً، وَإِنَّ مَثَلَ مَنْ أَشْرَكَ بِاللهِ كَمَثَلِ رَجُلٍ اشْتَرَى عَبْدًا مِنْ خالِصِ مالِهِ بِذَهَبٍ أَوْ وَرِقٍ فَقالَ: هَذهِ دَارِي وَهذَا عَمَلِي، فاعْمَلْ وَأَدّ إليَّ، وَكانَ يَعْمَلُ وُيؤَدِّي إلَى غَيْرِ سَيّدهِ، فأيَّكُمْ يَرْضَى أَنْ يَكُونَ عَبْدُهُ كَذَلِكَ.
وَإِنَّ الله تَعالَى أَمَرَكُمْ بِالصَّلاةِ، فَإِذا صَلَّيْتُم فَلا تَلْتَفِتُوا؛ فَإِن الله يَنْصِبُ وَجْهَهُ لِوَجْهِ عَبْدِهِ فِي صَلاتِهِ ما لَمْ يَلْتَفِتْ.
وَآمُرُكُمْ بِالصِّيامِ؛ فَإِنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ في عِصابَةٍ مَعَهُ صُرَّةٌ فِيْها مِسْكٌ، وَكُلُّهُمْ يَعْجَبُ أَوْ يُعْجِبُهُ ريحُهَا، وَإِنَّ رِيْحَ الصِّيامِ أَطْيَبُ عِنْدَ اللهِ مِنْ رِيْحِ المِسْكِ.
وَآمُرُكُمْ بالصدقَةِ؛ فَإنَّ مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُل أَسَرَهُ العَدُوُّ فَأَوْثَقُوا يَدَهُ إلَى عُنُقِهِ، وَقَدَّمُوهُ لِيَضْرِبُوا عُنُقَهُ فَقالَ: أَنا أفْدِي نفسِي مِنْكُم بِالْقَلِيْلِ والكَثِيْرِ، فَفَدَى نفسَهُ مِنْهُمْ.
وَآمُرُكُمْ أَنْ تَذْكُرُوا الله؛ فَإِن مَثَلَ ذَلِكَ كَمَثَلِ رَجُلٍ خَرَجَ العَدُوُّ في أثَرهِ سِراعاً حَتى أتَى عَلَى حِضنٍ حَصِيْنٍ فأحْرَزَ نفسَهُ مِنْهُمْ، كَذَلِكَ العَبْدُ لا يُحْرِزُ نَفْسَهُ مِنَ الشَّيْطانِ إلا بِذِكْرِ الله تَعالَى.
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "وَأَنا آمُرُكُمْ بِخَمْسٍ أَمَرَني اللهُ تَعالَى بِهِنَّ: السَّمْعُ والطّاعَةُ، والجهادُ، والهِجْرَةُ، والحجُّ، والجَماعَةُ؛ فَإِنَّ مَنْ فارَقَ الجَماعَةَ قِيْدَ شِبْرٍ فَقَدْ خَلَعَ رِبْقَةَ الإِسْلامِ مِنْ عُنُقِهِ إِلَّا أَنْ يُراجِعَ، وَمَنِ ادَّعَى دَعْوَى الجاهِلِيَّةِ فَأنَّهُ مِنْ جُثاءِ جَهَنَّمَ".
فقال رجل: يا رسول الله! وإن صلَّى وصام؟
فقال: "وَإِنْ صَلَّى وَصامَ؛ فادْعُوا بِدَعْوَى الله الَّذِي سَمَّاكُمُ المُسْلِمِيْنَ المُؤْمِنيْنَ عِبادَ اللهِ"(1).
وقد ذكرت هذا الحديث بتمامه لكثرة فوائده (2).
(1) رواه الترمذي (2863) وصححه، وابن خزيمة في "صحيحه"(1895)، وابن حبَّان في "صحيحه"(6233)، والحاكم في "المستدرك"(1534).
(2)
وقد أجاد وأحسن وأفاض بالكلام عن هذا الحديث ابن القيم رحمه الله في "الوابل الصيب"(ص: 31 - 124).