الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عليه آثار قدميه. ومن هذه الآيات أمن الخائف إذا دخله من كل سوء، هذا البيت فرض الله- عز وجل حجه على المستطيع من الناس. ومن يجحد فريضة الحج فقد كفر والله غني عنه.
ثم يختم هذا القسم الذي يمكن أن يكون عنوانه الدعوة إلى ربوبية الله وتوحيده بآيتين كل منهما مبدوءة ب قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ
…
* كما بدأ القسم كله. وفي الآيتين تعنيف من الله تعالى لمن لم يدخل في الإسلام من أهل الكتاب على عنادهم للحق، وكفرهم بآيات الله، وصدهم عن سبيل الله من أراده من أهل الإيمان، باذلين جهدهم وطاقتهم في ذلك، مع علمهم بأن ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم حق من الله، ومع ما عندهم من العلم عن الأنبياء الأقدمين، والسادة المرسلين صلوات الله وسلامة عليهم أجمعين، مما بشروا به، ونوهوا من ذكر النبي الأمي الهاشمي العربي المكي سيد ولد آدم، وخاتم الأنبياء والمرسلين، ورسول رب الأرض والسماء، وقد توعدهم الله على ذلك وأخبر بأنه شهيد على صنيعهم ذلك بما خالفوا ما بأيديهم عن الأنبياء، ومعاملتهم الرسول المبشر به بالتكذيب والجحود والعناد. فأخبر تعالى أنه ليس بغافل
عما يعملون.
وسيجزيهم على ذلك.
المعنى الحرفي:
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ أي لن تبلغوا حقيقة البر، أو لن تكونوا أبرارا أو لن تنالوا بر الله وهو: ثوابه وجنته، حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ حتى تكون نفقتكم من أموالكم التي تحبونها وتؤثرونها. قال الحسن:«كل من تصدق ابتغاء وجه الله بما يحبه ولو تمرة فهو داخل في هذه الآية» ولا وصول إلى المطلوب إلا بإنفاق المحبوب. وَما تُنْفِقُوا مِنْ شَيْءٍ طيب أو غير طيب، فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ فيجازيكم بحسبه.
فوائد:
1 -
روى الإمام أحمد، والبخاري ومسلم عن أنس بن مالك: كان أبو طلحة أكثر الأنصار في المدينة مالا. وكان أحب أمواله إليه بيرحاء، وكانت مستقبلة المسجد، وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدخلها ويشرب من ماء فيها طيب. قال أنس: فلما نزلت
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ قال أبو طلحة: يا رسول الله إن الله يقول:
لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ وإن أحب أموالي إلي بيرحاء، وإنها صدقة لله أرجو بها برها وذخرها عند الله تعالى؛ فضعها يا رسول الله حيث أراك الله. فقال النبي صلى الله عليه وسلم:«بخ بخ، ذاك مال رابح، ذاك مال رابح، وقد سمعت، وأنا أرى أن تجعلها في الأقربين» . فقال أبو طلحة: «أفعل يا رسول الله فقسمها أبو طلحة في أقاربه وبني عمه» .
2 -
وفي الصحيحين: أن عمر قال: يا رسول الله، لم أصب مالا قط هو أنفس عندي من سهمي الذي هو بخيبر، فما تأمرني به؟ قال:«احبس الأصل، وسبل الثمرة» وهذا أصل في الوقف.
3 -
وروى البزار: «قال عبد الله- أي ابن عمر- حضرتني هذه الآية: لَنْ تَنالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنْفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ فذكرت ما أعطاني الله فلم أجد أحب إلي شيئا من جارية لي رومية، فقلت: هي حرة لوجه الله فلو أني أعود في شئ جعلته لله لنكحتها» يعني تزوجتها.
كُلُّ الطَّعامِ كانَ حِلًّا لِبَنِي إِسْرائِيلَ أي كل المطعومات التي فيها النزاع- فإن من الأطعمة ما هو حرام قبل ذلك كالميتة والدم- كانت حلالا لبني إسرائيل. إِلَّا ما حَرَّمَ إِسْرائِيلُ عَلى نَفْسِهِ مِنْ قَبْلِ أَنْ تُنَزَّلَ التَّوْراةُ والذي حرم إسرائيل على نفسه هو لحوم الإبل وألبانها، وكانا أحب الطعام إليه. فالمطاعم كلها كانت لم تزل حلالا لبني إسرائيل من قبل إنزال التوراة، سوى ما حرم إسرائيل على نفسه. فلما نزلت التوراة على موسى، حرم عليهم فيها لحوم الإبل وألبانها، لتحريم إسرائيل ذلك على نفسه.
قُلْ فَأْتُوا بِالتَّوْراةِ فَاتْلُوها إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ. لأن التوراة ناطقة بهذا.
أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بأن يحاجهم بكتابهم، ويبكتهم بما هو ناطق به من أن تحريم ما حرم عليهم تحريم حادث بسبب ظلمهم وبغيهم، لا تحريم قديم كما يدعونه. وفيه دليل على جواز النسخ إذ حرم على بني إسرائيل فيما بعد أشياء أخرى، فلو لم يجز النسخ كما يدعي اليهود، لم يكن هذا.
فَمَنِ افْتَرى عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ بزعمه أن ذلك كان محرما في ملة إبراهيم ونوح عليهما السلام. مِنْ بَعْدِ ذلِكَ أي من بعد ما قامت الحجة القاطعة. فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ أي المكابرون الذين لا ينصفون من