الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن الخير أن يعلم هذا من نفسه، ليعاود المحاولة في سبكها من جديد، على مستوى الضغوط التي تقتضيها طبيعة هذه الدعوة، وعلى مستوى التكاليف التي تقتضيها هذه العقيدة!. والله- سبحانه- كان يربي هذه الجماعة المختارة لقيادة البشرة، وكان يريد بها أمرا في هذه الأرض. فمحصها هذا التمحيص، الذي تكشف عنه الأحداث في أحد، لترتفع إلى مستوى الدور المقدر لها، وليتحقق على يديها قدر الله الذي ناطه بها.
كلمة في سياق المقطع:
من امتدادات معاني مقدمة سورة البقرة في سورة البقرة قوله تعالى: أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَأْتِكُمْ مَثَلُ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِكُمْ مَسَّتْهُمُ الْبَأْساءُ وَالضَّرَّاءُ وَزُلْزِلُوا حَتَّى يَقُولَ الرَّسُولُ وَالَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ مَتى نَصْرُ اللَّهِ أَلا إِنَّ نَصْرَ اللَّهِ قَرِيبٌ وفي آخر مجموعة من القسم السابق في سورة آل عمران جاء قوله تعالى:
أَمْ حَسِبْتُمْ أَنْ تَدْخُلُوا الْجَنَّةَ وَلَمَّا يَعْلَمِ اللَّهُ الَّذِينَ جاهَدُوا مِنْكُمْ وَيَعْلَمَ الصَّابِرِينَ. وَلَقَدْ كُنْتُمْ تَمَنَّوْنَ الْمَوْتَ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَلْقَوْهُ فَقَدْ رَأَيْتُمُوهُ وَأَنْتُمْ تَنْظُرُونَ. وَما مُحَمَّدٌ إِلَّا رَسُولٌ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِهِ الرُّسُلُ أَفَإِنْ ماتَ أَوْ قُتِلَ انْقَلَبْتُمْ عَلى أَعْقابِكُمْ ....
ثم جاء المقطع الأول من القسم الخامس وفيه كلام عما يؤدي إلى الردة، ورأينا صلة ذلك بما قبله مباشرة، ثم جاء فيه كلام عما حدث يوم أحد. وهي نموذج على الزلزال الذي يصيب المسلمين، وكيفية مواجهته، فالمقطع الأول من هذا القسم مرتبط بالمقطع السابق عليه، وفي الجميع تفصيلات لمقدمة سورة البقرة، وامتداداتها في السورة نفسها.
وكما أنه في هذا المقطع أخذت دروس من أحد، فإن دروسا أخرى ستؤخذ في مقاطع لاحقة، وكل ذلك بما ينسجم مع سياق السورة الخاص بها، وبما يعطينا تفصيلات لمقدمة سورة البقرة في تعميق المعاني الإيمانية وتوضيح القضايا الكفرية، وتحديد العلاقة بين أهل الإيمان، وأهل الكفر وتمييز أهل الإيمان عن أهل الكفر والنفاق.
المقطع الثاني من القسم الخامس
المقطع الاول في هذا القسم بين لنا عاقبة طاعة الكافرين، وذكرنا بولاية الله لنا، وأنه خير الشاهدين، ووعدنا بإلقاء الرعب في قلوب الكافرين بسبب كفرهم. ثم
جاءت فقرة تعطينا دروسا فيما ينبغي أن نكون عليه، ليعطينا الله نصره، وذلك من خلال ما حدث يوم أحد.
ويأتي هذا المقطع لينهانا عن أن نعتقد فيمن مات منا ما يعتقده الكافرون من أن الأجل يتقدم أو يتأخر. إن هذا هو المعنى الرئيسي في المقطع، بدليل أن البداية والنهاية في المقطع صبت على هذا الموضوع.
يمتد المقطع من الآية (156) إلى نهاية الآية (168) وهذا هو:
المقطع الثاني
[سورة آل عمران (3): الآيات 156 الى 158]
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَكُونُوا كَالَّذِينَ كَفَرُوا وَقالُوا لِإِخْوانِهِمْ إِذا ضَرَبُوا فِي الْأَرْضِ أَوْ كانُوا غُزًّى لَوْ كانُوا عِنْدَنا ما ماتُوا وَما قُتِلُوا لِيَجْعَلَ اللَّهُ ذلِكَ حَسْرَةً فِي قُلُوبِهِمْ وَاللَّهُ يُحْيِي وَيُمِيتُ وَاللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (156) وَلَئِنْ قُتِلْتُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَوْ مُتُّمْ لَمَغْفِرَةٌ مِنَ اللَّهِ وَرَحْمَةٌ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ (157) وَلَئِنْ مُتُّمْ أَوْ قُتِلْتُمْ لَإِلَى اللَّهِ تُحْشَرُونَ (158)
*** [سورة آل عمران (3): الآيات 159 الى 161]
فَبِما رَحْمَةٍ مِنَ اللَّهِ لِنْتَ لَهُمْ وَلَوْ كُنْتَ فَظًّا غَلِيظَ الْقَلْبِ لانْفَضُّوا مِنْ حَوْلِكَ فَاعْفُ عَنْهُمْ وَاسْتَغْفِرْ لَهُمْ وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ فَإِذا عَزَمْتَ فَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُتَوَكِّلِينَ (159) إِنْ يَنْصُرْكُمُ اللَّهُ فَلا غالِبَ لَكُمْ وَإِنْ يَخْذُلْكُمْ فَمَنْ ذَا الَّذِي يَنْصُرُكُمْ مِنْ بَعْدِهِ وَعَلَى اللَّهِ فَلْيَتَوَكَّلِ الْمُؤْمِنُونَ (160) وَما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَغُلَّ وَمَنْ يَغْلُلْ يَأْتِ بِما غَلَّ يَوْمَ الْقِيامَةِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ (161)