الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التي كتبها الإسلاميون، ويرفضون أن ينسبوها إلى أصحابها.
المعنى الحرفي:
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ النصيب هنا: الحظ، والكتاب:
هو التوراة لأن الكلام فيما يبدو منصب على اليهود، والرؤية هنا رؤية القلب يَشْتَرُونَ الضَّلالَةَ. أي: يستبدلونها بالهدى، والضلالة هي البقاء على ما هم عليه بعد وضوح الآيات لهم على صحة نبوة رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنه هو النبي العربي المبشر به في التوراة والإنجيل وَيُرِيدُونَ أَنْ تَضِلُّوا السَّبِيلَ أي: ويودون أن تضلوا سبيل الحق كما ضلوه، يودون أن تكفروا بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم
وَاللَّهُ أَعْلَمُ بِأَعْدائِكُمْ. أي: والله أعلم منكم بعداوة هؤلاء، فاحذروهم، ولا تستنصحوهم في أموركم. وَكَفى بِاللَّهِ وَلِيًّا وَكَفى بِاللَّهِ نَصِيراً أي: كفى به وليا في الدفع، فثقوا بولايته ونصرته دونهم، أو لا تبالوا بهم، فإن الله ينصركم عليهم، ويكفيكم مكرهم.
مِنَ الَّذِينَ هادُوا
…
هذا دليل على أن الآيات تنصب على نوع من أهل الكتاب وهم (اليهود) كما أن هذه تحدد المذكورين سابقا بلفظ الأعداء، وبالذين أوتوا نصيبا من الكتاب يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ عَنْ مَواضِعِهِ. أي: يميلونه عنها ويزيلونه، لأنهم إذا بدلوه ووضعوا مكانه كلما غيره فقد أمالوه عن مواضعه في التوراة التي وضعه الله تعالى فيها، وأزالوه عنها. فمعنى عن مواضعه. أي: عن مواضعه التي أوجبت حكمة الله وضعه فيها، بما اقتضت شهواتهم من إبدال غيره مكانه، ومن ذلك صفة رسول الله صلى الله عليه وسلم. وَيَقُولُونَ سَمِعْنا وَعَصَيْنا. أي: يقولون سمعنا قولك، وعصينا أمرك، ويحتمل أنهم أسروا به. وَاسْمَعْ غَيْرَ مُسْمَعٍ. أي: واسمع قولنا وأنت غير مسمع، وهو قول ذو وجهين: وجه يحتمل الذم، ووجه يحتمل المدح، وهم يريدون الذم، أما احتماله الذم فلأن معناه على هذا: اسمع منا مدعوا عليك بلا سمعت، لأنه لو أجيبت دعوتهم عليه لم يسمع شيئا، فكان أصم غير مسمع، قالوا ذلك اتكالا على أن قولهم لا سمعت دعوة مستجابة، أو اسمع غير مجاب إلى ما تدعو إليه، ومعناه غير مسمع جوابا يوافقك، فكأنك لم تسمع شيئا، وأما احتماله المدح فبمعنى: اسمع غير مسمع مكروها، من قولك أسمع فلان فلانا إذا سبه. وَراعِنا يحتمل: راعنا نكلمك، أي ارقبنا وانتظرنا، ويمكن أن يكونوا يريدون فيها الرعونة، فكانوا سخرية بالدين وهزءا برسول الله صلى الله عليه وسلم يكلمونه بكلام محتمل ينوون به الشتيمة والإهانة، ويظهرون به التوقير والاحترام.
ولماذا يفعلون ذلك؟ بين الله سبب فعلهم لَيًّا بِأَلْسِنَتِهِمْ وَطَعْناً فِي الدِّينِ اللي:
هو الفتل والتحريف، أي: يفتلون بألسنتهم الحق إلى الباطل حيث يضعون راعنا موضع انظرنا، وغير مسمع موضع لا أسمعت مكروها، أو يفتلون بألسنتهم ما يضمرونه من الشتم إلى ما يظهرونه من التوقير نفاقا. والطعن في الدين من أمثال قولهم: لو كان نبيا حقا لأخبر بما نعتقد فيه، فلينتبه المؤمنون إلى طرق اليهود، وأمثالهم في تحريف الكلم وفتله. وَلَوْ أَنَّهُمْ قالُوا سَمِعْنا وَأَطَعْنا. بدل قولهم: سمعنا وعصينا، وَاسْمَعْ وَانْظُرْنا. أي وقالوا: واسمع دون أن يلحقوا بها غير مسمع، وانظرنا بدل قولهم راعنا لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَأَقْوَمَ. أي: لكان قولهم ذاك خيرا لهم عند الله، وأعدل وأسد وَلكِنْ لَعَنَهُمُ اللَّهُ بِكُفْرِهِمْ. أي: ولكن طردهم وأبعدهم عن رحمته بسبب اختيارهم الكفر. فَلا يُؤْمِنُونَ إِلَّا قَلِيلًا يحتمل معنيين: إما أن قليلين منهم فقط هم الذين يؤمنون، وإما إن إيمانهم قليل، ضعيف، لا يعبأ به، وهو إيمانهم بخالقهم مع كفرهم بما هو من مقتضيات الإيمان.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا: أي: آمنوا بالقرآن. مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ. من التوراة أي: آمنوا بالقرآن المصدق للتوراة. مِنْ قَبْلِ أَنْ نَطْمِسَ وُجُوهاً فَنَرُدَّها عَلى أَدْبارِها الطمس: محو تخطيط صورها من عين وحاجب وأنف وفم، والرد على الأدبار يحتمل أكثر من معنى، فإما أن يكون معناها: فنجعلها على هيئة أدبارها، وهي الأقفاء مطموسة مثلها، أو أن نطمس وجوها فنعكس الوجوه إلى خلف، والأقفاء إلى قدام.
ويمكن أن تفهم الوجوه على أن المراد بها رءوس الناس، ووجهاؤهم، فيكون المعنى آمنوا من قبل أن نغير أحوال وجهائكم فنسلبهم إقبالهم ووجاهتهم، ونكسوهم صغارهم وإدبارهم، أَوْ نَلْعَنَهُمْ كَما لَعَنَّا أَصْحابَ السَّبْتِ. أي: أو نخزيهم بالمسخ كما مسخنا أصحاب السبت. وبعض العلماء قال: إن هذا الوعيد كان معلقا بألا يؤمنوا
كلهم، وقد آمن بعضهم، وَكانَ أَمْرُ اللَّهِ مَفْعُولًا. أي: وكان المأمور به من الله وهو: العذاب في حالة أمر الله به كائنا لا محالة.
إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ. أي: لمن مات على الشرك، وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ. أي:
ويغفر ما دون الشرك لمن يشاء ولو كان من الكبائر، ولو لم يكن توبة، هذا مذهب أهل السنة، وسنرى في الأحاديث ما يؤيده. وَمَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدِ افْتَرى إِثْماً عَظِيماً. أي: ومن يشرك بالله فقد كذب كذبا عظيما، استحق به عذابا أليما.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ من اليهود والنصارى حيث قالوا: نحن أبناء الله
وأحباؤه، وأمثال ذلك، وهذا الوعيد يدخل فيه كل من زكى نفسه، فأثنى عليها، ووصفها بزكاء العمل، وزيادة الطاعة والتقوى. بَلِ اللَّهُ يُزَكِّي مَنْ يَشاءُ هذا إعلام بأن تزكية الله هي التي يعتد بها، لا تزكية غيره، لأنه هو العالم بمن هو أهل للتزكية. وَلا يُظْلَمُونَ فَتِيلًا. أي: قدر فتيل، وهو ما يحدث بفتل الأصابع من الوسخ، أو هو ما يكون في شق النواة. والضمير في وَلا يُظْلَمُونَ يعود إما على الذين يزكون أنفسهم، أو على من يزكيه الله فيكون المعنى على القول الأول: الذين يزكون أنفسهم يعاقبون على تزكية أنفسهم عقوبة عادلة دون ظلم، والمعنى على القول الثاني: إن من زكاه الله يثيبه على زكاء نفسه، ولا ينقصه شيئا من ثوابه.
انْظُرْ كَيْفَ يَفْتَرُونَ عَلَى اللَّهِ الْكَذِبَ. أي: في زعمهم أنهم عند الله أزكياء. وَكَفى بِهِ إِثْماً مُبِيناً. أي وكفى بزعمهم هذا إثما واضحا من بين سائر آثامهم.
أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ. أي: اليهود الذين أعطوا حظا من الكتاب.
يُؤْمِنُونَ بِالْجِبْتِ. أي: بما عبد من دون الله وَالطَّاغُوتِ. أي: الشيطان أو كل من تجاوز حدود الله. وَيَقُولُونَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا هؤُلاءِ أَهْدى مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا سَبِيلًا. أي: يقولون للكافرين أنتم أهدى طريقا من محمد وأصحابه. روى ابن أبي حاتم في سبب نزول هذه الآية عن عكرمة قال: جاء حيي بن أخطب وكعب بن الأشرف إلى أهل مكة فقالوا لهم: أنتم أهل الكتاب، وأهل العلم، فأخبرونا عنا، وعن محمد؟ فقالوا: ما أنتم وما محمد؟ فقالوا: نحن نصل الأرحام، وننحر الكوماء، ونسقي الماء على اللبن، ونفك العاني، ونسقي الحجيج، ومحمد صنبور قطع أرحامنا، واتبعه سراق الحجيج من غفار، فنحن خير أم هو؟ فقالوا: أنتم خير، وأهدى سبيلا.
فأنزل الله تعالى: أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ أُوتُوا نَصِيباً مِنَ الْكِتابِ ....
أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ. أي: هؤلاء الذين أبعدهم الله من رحمته. وَمَنْ يَلْعَنِ اللَّهُ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ نَصِيراً. أي: فلن تجد له ناصرا يعتد بنصره.
أَمْ لَهُمْ نَصِيبٌ مِنَ الْمُلْكِ فَإِذاً لا يُؤْتُونَ النَّاسَ نَقِيراً. النقير هو النقرة في ظهر النواة، وهو مثل في القلة كالفتيل. والاستفهام في الآية يفيد الإنكار. والمعنى: أي لو كان لهم نصيب من الملك، أي من ملك أهل الدنيا، أو من ملك الله، فإذا لا يؤتون أحدا مقدار نقير لفرط بخلهم.
أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ. أي: بل أيحسدون رسول الله صلى الله عليه وسلم والمؤمنين على ما آتاهم الله من القرآن، والنصر، والغلبة، وازدياد العز والتقدم كل يوم. وصفهم الله فى الآية السابقة بالبخل، وفي هذه الآية بالحسد، وهما