الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الإحصان خمسين جلدة نصف حد الحرة البكر؟. الجمهور قالوا: الأمة تجلد خمسين جلدة سواء كانت متزوجة أو غير متزوجة إذا زنت. وذهب قوم- منهم ابن عباس- أن الأمة إذا زنت، ولم تحصن فلا حد عليها وتضرب تأديبا، ويشهد للأولين ما رواه الإمام مسلم عن علي رضي الله عنه أنه خطب فقال:(يا أيها الناس، أقيموا الحد على إمائكم من أحصن ومن لم يحصن، فإن أمة لرسول الله صلى الله عليه وسلم زنت، فأمرني أن أجلدها. فإذا هي حديثة عهد بنفاس. فخشيت إن جلدتها أن أقتلها. فذكرت ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم. فقال: «احسنت، اتركها حتى تتماثل»). وهل يجمع بين الجلد والنفي؟. أقوال. والخلاف فيه أثر عن الخلاف في الأصل في جمع الجلد، والنفي على الحرة البكر إذا زنت.
كلمة في السياق:
لاحظنا أن هذا المقطع انصب على موضوع الحل والحرمة في قضايا نسائية: إرث المرأة، حسن العشرة، حرمة العضل، حرمة نكاح زوجة الأب، المحارم من النساء، ما أحل الله بعد المحارم، حل زواج الأمة في حالة تعذر طول الحرة. ولو أننا تذكرنا أن سورة النساء تفصل في قوله تعالى في سورة البقرة: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ. وما هو ألصق بها من معاني سورة البقرة. وتذكرنا أن العضل قد ورد في سورة البقرة، أثناء الكلام عن موضوع الطلاق والوفاء والخطبة؛ فإننا نجد أن هذا المقطع من سورة النساء هو تفصيل لامتدادات محور هذه السورة في سورة البقرة. وعلى هذا الأساس نفهم أن من التقوى في الإسلام عدم العضل للمرأة، وحسن العشرة لها، واجتناب نكاح المحارم، وإيتاء الزوجة حقوقها. وتحليل ما أحل الله، وتحريم ما حرم. وقبول بيان الله، وهداه في كل شأن من شئون الحياة.
إن هذا المقطع من سورة النساء، يشبه المقطع الذي تم فيه الكلام عن كثير من الأحوال الشخصية للإنسان في سورة البقرة، وكل ذلك مكانه في التقوى الاهتداء بكتاب الله: ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ.
ولنتذكر أن سورة النساء تفصل في الآية المشابهة لبدايتها في سورة البقرة. والمعاني المرتبطة بها في سورة البقرة نفسها، فإذا تذكرنا هذا فلنذكر أن في سورة البقرة قوله
تعالى وَلا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ .... وأننا قلنا هناك: إن هذه الآية تصحح مفهوما، وتوسع مفهوما، وتدخل في التقوى ما هو منها. والآن يأتي مقطع جديد في سورة النساء يعمق مفهوم التقوى، ويدخل فيها ما هو منها. ويهذب الإنسان مما يناقضها. وهو مبدوء بقوله تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ .... وبعد هذا الكلام العام عن صلة المقطع بمحوره من سورة البقرة وامتدادات هذا المحور فلنقف وقفات متأنية حول السياق:
1 -
لو تأملنا الآية الأولى من مقطع الطريقين:
يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ
لوجدنا أنها تقرر أن الله- عز وجل هو الذي خلقنا، وخلق من قبلنا؛ وبناء عليه فإنها تطالبنا بالعبادة؛ من أجل أن نتحقق بحقيقة تقواه، ونلاحظ أن سورة النساء تفرع على هذه الأصول، فهي تطالبنا بالتقوى وتذكرنا بأن الله- عز وجل خلقنا من نفس واحدة، وخلق منها زوجها، وبث منهما رجالا كثيرا ونساء، وبناء على أن الأمر كذلك فما هي الأحكام التي تحكم هؤلاء الرجال والنساء؟ وهكذا وجدنا المقطع الأول والثاني يفصل في مثل هذه الشئون.
2 -
وسنلاحظ أن المقطع الثالث في مجموعة من مجموعاته هو استمرار لمثل ما مر معنا في المقطع الأول والثاني ولكنا سنري أن مجموعة أخرى من مجموعاته ستبدأ بقوله تعالى:
وَاعْبُدُوا اللَّهَ وَلا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئاً وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً
وتأمل محور السورة: يا أَيُّهَا النَّاسُ اعْبُدُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ وَالَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ الَّذِي جَعَلَ
…
فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.
إن الدمج بين الأمر بالعبادة وترك الشرك، والأمر بالإحسان لأنواع من البشر، مرتبط أي ارتباط بالمحور، وبعد آيتي المحور اللتين ذكرناهما يأتي قوله تعالي: وَإِنْ كُنْتُمْ فِي رَيْبٍ مِمَّا نَزَّلْنا عَلى عَبْدِنا فَأْتُوا .. وسنرى أن المقطع الرابع سيكون فيه.
يا أَيُّهَا الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ آمِنُوا بِما نَزَّلْنا مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ.
ثم إن آية المحور الرابعة تختم بقوله تعالى: