الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ قالَ: إِنِّي تُبْتُ الْآنَ وَلَا الَّذِينَ يَمُوتُونَ وَهُمْ كُفَّارٌ أُولئِكَ أَعْتَدْنا لَهُمْ عَذاباً أَلِيماً.
المعنى العام:
الآية الأولى في عقوبة المرأة إذا ثبت زناها قبل أن ينزل الحكم النهائي في سورة النور، فالحكم هنا مرحلي، وقد ذكرت الآية ما يشعر بذلك، وأما حكمة ذكر الآية مع نسخ حكمها فلذلك حكم سنذكرها.
والآية الثانية في عقوبة الرجلين يعملان عمل قوم لوط، أمرنا الله- عز وجل بتعزيرهما حتى إذا تابا وأصلحا كففنا عنهما. ويمكن أن تفهم الآيتان على أن الأولى في عقوبة المرأة إذا زنت، والثانية فى عقوبة الرجال إذا زنوا، وتكون الآيتان منسوختين بالحكم النهائي في عقوبة الزنا المذكورة في سورة النور.
وإذ ذكرت الآية الثانية توبة الزاني أو اللائط، فقد تحدثت الآيتان الأخيرتان عن موضوع التوبة فبين الله- عز وجل أنه يقبل التوبة ممن عمل الذنب بجهالة- والعاصي جاهل حتى ينزع عن الذنب- إذا تاب قبل الغرغرة أي: قبل وصول الروح إلى الحلقوم عند الموت، فمن تاب تاب الله عليه. ثم بين الله- عز وجل أنه لا يقبل توبة من تاب بعد الغرغرة. وأن من مات على كفره وشركه لا ينفعه ندمه ولا توبته، ولا يقبل منه فدية. وأن هؤلاء قد أعد الله لهم عذابا شديدا مقيما.
المعنى الحرفي:
وَاللَّاتِي يَأْتِينَ الْفاحِشَةَ مِنْ نِسائِكُمْ الفاحشة هنا هي الزنا، وأطلق هذا الاسم عليه لزيادة الزنا في القبح على كثير من القبائح، واللاتي جمع التي فَاسْتَشْهِدُوا عَلَيْهِنَّ أَرْبَعَةً مِنْكُمْ. أي: فاطلبوا شهادة أربعة من المؤمنين يشهدون عليهن، فَإِنْ شَهِدُوا أي: عليهن بالزنا فَأَمْسِكُوهُنَّ فِي الْبُيُوتِ. أي: احبسوهن في البيوت حَتَّى يَتَوَفَّاهُنَّ الْمَوْتُ. أي: حتى تأخذهن ملائكة الموت، أو حتى يأخذهن الموت ويستوفي أرواحهن أَوْ يَجْعَلَ اللَّهُ لَهُنَّ سَبِيلًا أو يجعل الله لهن طريقا غير هذه. فالسبيل إذن هنا هو الحكم البديل الناسخ، وقد كان. قال ابن عباس: كان الحكم كذلك حتى أنزل الله سورة النور، فنسخها بالجلد، أو الرجم. وفي الحديث الصحيح: «كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا نزل عليه الوحي أثر عليه، وكرب لذلك،
وتغير وجهه، فأنزل الله- عز وجل عليه ذات يوم، فلما سري عنه قال:«خذوا عني، قد جعل الله لهن سبيلا الثيب بالثيب، والبكر بالبكر، الثيب جلد مائة ورجم بالحجارة، والبكر جلد مائة ثم نفي سنة» والفقهاء مختلفون في موضوع الجمع بين الرجم والجلد، وبين الجلد والنفي، فمنهم من يعتبر الجمع منسوخا، ومنهم من يعتبر ما زاد على الرجم في الثيب والجلد في البكر من باب السياسة الشرعية، ومنهم من يأخذه على ظاهره، وهو موضوع يأتي في سورة النور.
وَالَّذانِ يَأْتِيانِها مِنْكُمْ للمفسرين أقوال في المراد بهؤلاء، فمنهم من قال: هذا في الذكور الزناة قبل النسخ، ومنهم من قال: هذا في الزانية والزاني جميعا، لكن الزانية تعاقب زيادة على ذلك بالحبس، ومنهم من قال: هذا في اللواطين. فَآذُوهُما. أي: بالشتم والتعيير والضرب. فَإِنْ تابا عن فعلهما وَأَصْلَحا بإحسان العمل، دل ذلك على أن من علامة الصدق في التوبة إصلاح العمل فَأَعْرِضُوا عَنْهُما. أي: فاقطعوا التوبيخ والمذمة ولا تعنفوهما، ولا تعيروهما بعد ذلك، لأن التائب من الذنب كمن لا ذنب له. وكذلك لا يجوز التعيير بعد إقامة الحد، وقد ثبت في الصحيحين «إذا زنت أمة أحدكم فليجلدها الحد ولا يثرب عليها» .
إِنَّ اللَّهَ كانَ تَوَّاباً رَحِيماً. أي: يقبل توبة التائب ويرحمه.
إِنَّمَا التَّوْبَةُ. أي:
إنما قبول التوبة عَلَى اللَّهِ كلمة «على» هنا لا تفيد الوجوب على الله، إذ لا يجب على الله شئ، ولكنه لتأكيد الوعد يعني أنه يكون لا محالة كالواجب الذي لا يترك. لِلَّذِينَ
يَعْمَلُونَ السُّوءَ.
أي: الذنب بِجَهالَةٍ ليس المراد بالجهالة هنا الجهل الذي يقابل العلم، وإنما الجهل الذي يقابل العقل، وقيل جهله: اختياره اللذات الفانية على الباقية. وقيل ليس المراد جهالته بأن ارتكب ذنبا، بل المراد جهالته بكنه عقوبته. روى عبد الرزاق عن قتادة قال:
اجتمع أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم فرأوا أن كل شئ عصي الله به فهو جهالة، عمدا كان أو غيره.
وقال مجاهد: «كل عامل بمعصية الله فهو جاهل حين عملها» وإذن فهناك حالة يستوي فيها العلم والجهل، حالة ما إذا فعل الإنسان الفعل كأثر عن غلبة نفس، أو شهوة أو نزوة، أو طيش أو حماقة .. فالمراد بالجهالة هنا، ترك العلم. ثُمَّ يَتُوبُونَ مِنْ قَرِيبٍ. أي: ثم يتوبون من زمان قريب، وهو ما قبل حضرة الموت؛ يدل على ذلك قوله في الآية اللاحقة: حَتَّى إِذا حَضَرَ أَحَدَهُمُ الْمَوْتُ فدل على أن وقت الموت هو الوقت الذي لا تقبل فيه التوبة؛ قال الضحاك:
كل توبة قبل الموت فهو قريب، وفي الحديث الحسن قال عليه الصلاة والسلام «إن الله