المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

وما يؤول إليه في عاقبته. ثم استعمل في كل تأمل. - الأساس في التفسير - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌سورة آل عمران

- ‌كلمة في سورة آل عمران:

- ‌القسم الأول من سورة آل عمران

- ‌ المقطع الأول:

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌فصل في الحروف التي بدئت بها بعض السور القرآنية:

- ‌ المعنى العام للمقطع

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الاولى

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثانية

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثالثة

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة وسيطة بين المقطع الأول والمقطع الثاني وفوائد:

- ‌المقطع الثاني من القسم الأول

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌الفقرة الأولى:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثانية ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌‌‌المعنى العام:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول و‌‌نقول

- ‌نقول

- ‌فصل في المتشابه:

- ‌فصل في الرسوخ في العلم:

- ‌فصل في التقية:

- ‌فصل في أسباب النزول:

- ‌كلمة أخيرة في القسم الأول:

- ‌القسم الثاني من سورة آل عمران

- ‌كلمة في هذا القسم:

- ‌الآيتان اللتان هما بمثابة «المدخل» إلى القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة حول السياق:

- ‌تفسير الفقرة الأولى:

- ‌فوائد:

- ‌تفسير الفقرة الثانية:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول ونقول:

- ‌فصل: في رفع عيسى عليه السلام وهو حي:

- ‌فصل في نبوة النساء:

- ‌فصل في فضلى النساء بإطلاق:

- ‌فصل في ردود على أفكار خاطئة:

- ‌فصل: في مناقشة التطوريين:

- ‌فصل: في مسائل فقهية وعملية:

- ‌فصل في ذكر بعض ما حدث عقيب نزول آية المباهلة:

- ‌فصل في ذكر بعض أسباب النزول

- ‌كلمة أخيرة في الصلة بين أقسام السورة:

- ‌القسم الثالث من أقسام سورة آل عمران

- ‌كلمة في القسم:

- ‌«الفقرة الأولى»

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الثانية»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الخامسة»

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌المعنى العام للآيات:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌‌‌فائدةفي سبب النزول:

- ‌فائدة

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة السادسة والأخيرة من القسم الثالث»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة فى السياق:

- ‌القسم الرابع من سورة آل عمران

- ‌ كلمة في هذا القسم:

- ‌المقطع الأول

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الأول

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية من المقطع الأول من القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقطع الأول من القسم الرابع:

- ‌ المقطع الثاني في القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌[1 - كلام عن يوم البدر]

- ‌[2 - وصف علي بن ابي طالب للملائكة يوم بدر]

- ‌[3 - مما ورد في سبب نزول قوله تعالي لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ]

- ‌4 - فائدة حول السياق:

- ‌كلمة فيما مر وسيمر من القسم الرابع:

- ‌المقطع الثالث من القسم الرابع

- ‌الفقرة الأولى

- ‌الفقرة الثانية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌[تفسير الفقرة الأولى]

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد حول الفقرة السابقة:

- ‌[تفسير الفقرة الثانية]

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الرابع:

- ‌القسم الخامس

- ‌المقطع الأول

- ‌«المقدمة»

- ‌«الفقرة»

- ‌ كلمة في السياق:

- ‌المعني الحرفي لمقدمة المقطع ومقدمة القسم:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌المقطع الثاني من القسم الخامس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌ولنبدأ عرض المقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول الآية:

- ‌كلمة حول محل هذه الآية في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطعان الثالث والرابع من القسم الخامس من سورة آل عمران

- ‌المقطع الثالث

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثالثة في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للآيات:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة من المقطع الثالث

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الرابع من القسم الخامس

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعاني العامة في المقطع:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الخامس

- ‌كلمة أخيرة في سورة آل عمران:

- ‌سورة النساء

- ‌كلمة في سورة النساء:

- ‌المقطع الأول من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌تحقيق وتعليق

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌سبب نزول تحريم قربان الصلاة والإنسان سكران:

- ‌سبب نزول مشروعية التيمم:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في مناقشة كلامية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الخامس:

- ‌كلمة في هذا المقطع

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌‌‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل: في طاعة أولي الأمر

- ‌نقل

- ‌المقطع السادس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع السابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثامن

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في المصائب تصيب الإنسان:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقاطع الأربعة الأخيرة:

- ‌كلمة في ارتباط سياق المقاطع بمحور السورة:

- ‌كلمة قصيرة بين يدي المقطعين التاسع والعاشر:

- ‌المقطعان التاسع والعاشر

- ‌كلمة في المقطعين:

- ‌المعنى العام للمقطعين:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌ولنرجع إلى السياق:

- ‌فائدة وتعليق:

- ‌فصل في رفع المسيح عليه الصلاة والسلام:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الحادي عشر

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل في قوله تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ:

- ‌المقطع الثاني عشر

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فصل في الأناجيل والتثليث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث عشر وهو المقطع الأخير

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في المقاطع الثلاثة الأخيرة

- ‌كلمة في سورة النساء وصلتها بمحورها من سورة البقرة:

- ‌كلمة في صلة سورة النساء بارتباطات محورها:

- ‌كلمة في سورة النساء وتفصيلها في امتدادات محورها:

- ‌كلمة في نوعية تفصيل كل من سورة آل عمران والنساء:

- ‌كلمة في غسيل الدماغ وغسيل القلب:

- ‌تذكير أخير بين يدي سورتي المائدة والأنعام:

الفصل: وما يؤول إليه في عاقبته. ثم استعمل في كل تأمل.

وما يؤول إليه في عاقبته. ثم استعمل في كل تأمل. والتفكر: تصرف القلب بالنظر في الدلائل ثم قال تعالى: وَلَوْ كانَ مِنْ عِنْدِ غَيْرِ اللَّهِ كما يزعم الكفرة لَوَجَدُوا فِيهِ اخْتِلافاً كَثِيراً. أي: لوجدوا فيه تناقضا كبيرا في معانيه، بينما نجد معانيه يكمل بعضها بعضا في التوحيد، والتحليل والتحريم، والتربية والإخبار. أو المعنى: لوجدوا فيه تفاوتا من حيث البلاغة، فكان بعضه بالغا حد الإعجاز، وبعضه قاصرا عنه يمكن معارضته، أو لوجدوا فيه تفاوتا كثيرا من حيث المعاني، فكان بعضه إخبارا بغيب قد وافق المخبر عنه، وبعضه إخبارا مخالفا للمخبر عنه، وبعضه دالا على معنى فاسد غير ملتئم، أو هذا كله. وفي كتابنا- الرسول صلى الله عليه وسلم في بحث المعجزة القرآنية ذكرنا شيئا عن هذا، فليراجع.

‌فائدة:

استدل علماؤنا بهذه الآية فردوا على بعض الطوائف التي تقول: إن القرآن لا يفهم معناه إلا بتفسير الرسول صلى الله عليه وسلم والإمام، واستدلوا بها على صحة القياس. أما هي في سياقها فإنها تشير إلى مظهر من مظاهر الإعجاز في القرآن الذي يقطع شك الشاكين، ويزيل تردد المترددين في أمر طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم. وقد ذكرنا من قبل أن تدبر القرآن هو الطريق لتربية الأمة الإسلامية على الطاعة والانضباط.

ثم ذكر الله- عز وجل قضية أخرى مهمة في موضوع الحرب والقتال، لها علاقة بحرب الإشاعات، والحرب النفسية، تحدث عنها، ووضع علاجها. فالله- عز وجل يريد من هذه الأمة أن تكون لديها مناعة ضد الحرب النفسية وضد حرب الإشاعات وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ. الإذاعة: الإفشاء والنشر، والأمن: السلامة والسلم، والخوف: الخلل، أو الخطر، أو الهزيمة، أو الإصابة. والمراد أن هناك ناسا إذا بلغهم الخبر عن سرايا المسلمين وجيوشهم، كانوا يشيعونه ويذيعونه، فيترتب على ذلك خلل في المجتمع الإسلامي، ولذلك فقد ربى الرسول صلى الله عليه وسلم المسلمين على التثبت، ففي الصحيحين «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن قيل وقال» أي الحديث عما يقول الناس من غير تثبت ولا تدبر، وفي الصحيح:«من حدث بحديث، وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين» ، وفي سنن أبي داود «بئس مطية الرجل زعموا» .

وهاهنا في الآية، بعد أن أنكر الله- عز وجل على من يروج الإشاعات في المجتمع

ص: 1133

الإسلامي، بين الطريق العملي، والموقف الصحيح من هذه الإشاعات، فقال:

وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ. أي: ولو ردوا الخبر أو الإشاعة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم في حياته، وكبار أصحابه البصراء في الأمور في زمانه، أو لو ردوه إلى خلفائه، وأمراء المسلمين من بعده لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ. أي: لعلم تدبير ما أخبروا به الذين يستخرجون تدبيره، وما ينبغي فعله ممن عندهم قدرة على ذلك بفطنتهم، وتجاربهم، ومعرفتهم بأمور الحرب ومكايدها. دلت الآية على أن هناك أناسا عندهم قدرة على الاستنباط للحلول والأحكام لما يجد أو يحدث، أو يقع. وقد فسرنا الآية بما مر، وهو أحد اتجاهين في تفسيرها، فعلى هذا الاتجاه الذي ذكرناه، هي في الإشاعات التي تصل إلى المجتمع الإسلامي بشكل من الأشكال، مما يخدم مصلحة العدو، وعلاج ذلك هو ترك أمر معالجة هذه الإشاعات إلى أمراء المسلمين، وإهمال الإشاعة، وعدم التحدث عنها، وفي ذلك إماتتها. وفي قوله تعالى: وَلَوْ رَدُّوهُ إشارة إلى أن إبلاغ الإشاعة إلى الرسول صلى الله عليه وسلم، وإلى أولي الأمر لا مانع منه، ولكن إشاعة الأمر وتداوله هو الخطأ. وهناك اتجاه آخر في تفسير الآية وهو كذلك قضية ينبغي أن تلاحقها الجماعة المسلمة، هذا الاتجاه هو: أن بعضهم كانوا يقفون من رسول الله صلى الله عليه وسلم وأولي الأمر على أمن ووثوق بالظهور على بعض الأعداء، أو على خوف واستشعار فيذيعونه فينتشر، فيبلغ الأعداء، فتعود إذاعة الخبر الفاسد بالشر، ولو ردوه إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أولي الأمر منهم، وفوضوه إليهم، وكانوا كأن لم يسمعوا، لأعطوا الذين يدبرون الأمور ويديرونها، ويخططون لها، فرصة الإدارة الصالحة، فيعرفون ما يأتون وما يذرون. وهذا اتجاه في التفسير ينبغي أن يلاحظ تطبيقه. والنبط: هو الماء الذي يخرج من البئر أول ما تحفر، واستنباطه استخراجه، فاستعير لما يستخرجه الرجل بفضل ذهنه من المعاني والتدابير فيما يفعل. وبعد أن ذكر الله- عز وجل هذه القضية المهمة في شأن القتال، ذكر أن الاستعداد النفسي عند الإنسان يوصله لاتباع الشيطان في هذه القضايا وغيرها، لولا أن الله قضت حكمته أن يتدارك المسلمين بفضله، ويتولاهم، وفي ذلك إشارة إلى أن نشر الإشاعات من الشيطان، وفي ذلك إشارة إلى ضرورة الشعور بفضل الله ورحمته، والتوكل عليه، لأنه مولى المؤمنين، وَلَوْلا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ بتزكيته لكم وَرَحْمَتُهُ بإرسال رسوله صلى الله عليه وسلم، وإنزال كتابه، وحفظه لكم، لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطانَ فيما يوسوس إِلَّا قَلِيلًا. أي:

إلا قليلا منكم، وهم من صفت فطرتهم، بما فطرهم الله عليه من كمال عقل. وقال ابن

ص: 1134

عباس في تفسيرها: لاتبعتم الشيطان كلكم، لأن القليل في اللغة يطلق على العدم.

فائدة: في الحديث المتفق عليه أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حين بلغه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم طلق نساءه، فجاء من منزله حتى دخل المسجد، فوجد الناس يقولون ذلك، فلم يصبر حتى استأذن على النبي صلى الله عليه وسلم، فاستفهمه أطلقت نساءك؟ فقال:

لا. فقلت: الله أكبر. وذكر الحديث بطوله. وعن مسلم: فقلت أطلقتهن؟ فقال:

لا. فقمت على باب المسجد فناديت بأعلى صوتي، لم يطلق الرسول صلى الله عليه وسلم نساءه، فنزلت هذه الآية وَإِذا جاءَهُمْ أَمْرٌ مِنَ الْأَمْنِ أَوِ الْخَوْفِ أَذاعُوا بِهِ، وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ

فكنت أنا استنبطت ذلك الأمر. نفهم من هذا أن الاستنباط، ورد الأمر إلى الرسول صلى الله عليه وسلم وإلى أولي الأمر ليس خاصا في قضايا القتال التي فهمناها من خلال السياق. وإذا لاحظنا أن أولي الأمر في المقطع السابق فسرت بالعلماء على أحد أوجه التفسير ندرك وجاهة من يدخل في هذه الآية قضية الاجتهاد الذي هو استنباط الأحكام لما يجد، وقضية المجتهدين الذين أهلتهم ملكاتهم وعلمهم وتقواهم لاستنباط الأحكام.

وبعد أن أمر الله- عز وجل في هذا المقطع أمرا عاما للمؤمنين جميعا أن يقاتلوا على طريقة حرب العصابات، أو على طريقة الحرب النظامية، أو على حسب مقتضيات الجهاد، وعاب على المتباطئين والمثبطين، وعالج مرض الراغبين في تأخير القتال، وربى المسلمين على الطاعة والصمت، والكتمان، يصدر الآن أمرا لكل فرد على حدة من خلال الأمر لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يقاتل، وأن يحرض المسلمين على القتال، مبينا أن بأس الكافرين لا ينكف إلا بذلك، قال: فَقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا تُكَلَّفُ إِلَّا نَفْسَكَ.

أي: لا تكلف غير نفسك وحدها أن تقدمها إلى الجهاد، فإن الله تعالى ناصرك لا الجنود. والمعنى: وإن أفردوك وتركوك وحدك، فقاتل. وَحَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ.

أي: حضهم على القتال ورغبهم فيه، وشجعهم عليه عَسَى اللَّهُ أَنْ يَكُفَّ بَأْسَ الَّذِينَ كَفَرُوا. أي: عسى الله بتحريضك على القتال، وقتالك، أن يكف بطش الذين كفروا وشدتهم، وعسى كلمة مطمعة، غير أن إطماع الكريم أعود من إنجاز اللئيم وَاللَّهُ أَشَدُّ بَأْساً من الكافرين وَأَشَدُّ تَنْكِيلًا أي: وأشد تعذيبا، يفهم من ذلك: أن بأس الكافرين شديد، وتنكيلهم بالمؤمنين شديد، ولكن بأس الله وتنكيله أشد. وقد دلت الآية أن بأس الكافرين الشديد، وتنكيلهم الشديد بالمؤمنين،

ص: 1135