الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 -
وقد ورد في ذم التمادح والتزكية أحاديث، وقد أثنى رسول الله صلى الله عليه وسلم على ناس مما يشير إلى أن المدح تعتوره أحكام متعددة على حسب الأحوال والأشخاص، فمما ورد في ذم التمادح والتزكية، ما ورد في صحيح مسلم عن المقداد بن الأسود قال:«أمرنا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نحثو في وجوه المداحين التراب» . وفي الصحيحين عن أبي بكرة «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يثني على رجل فقال: ويحك قطعت عنق صاحبك، ثم قال: إن كان أحدكم مادحا صاحبه لا محالة، فليقل أحسبه كذا ولا يزكي على الله أحدا» . وروى الإمام أحمد عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «من يرد الله به خيرا يفقهه في الدين، وإن هذا المال حلو خضر، فمن يأخذه بحقه يبارك له فيه، وإياكم والتمادح فإنه الذبح» . وقال ابن مسعود: «إن الرجل ليغدو بدينه، ثم يرجع وما معه منه شئ، يلقى الرجل ليس يملك له ضرا ولا نفعا فيقول له: إنك والله كيت وكيت، فلعله أن يرجع، ولم يحظ من حاجته بشيء وقد أسخط الله، ثم قرأ أَلَمْ تَرَ إِلَى الَّذِينَ يُزَكُّونَ أَنْفُسَهُمْ
…
الآية.
4 -
روى الإمام أحمد عن قبيصة بن مخارق أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إن العيافة والطرق والطيرة من الجبت» قال عوف: العيافة: زجر الطير، والطرق: الخط يخط فى الأرض، والجبت قال الحسن: الشيطان، وقال الإمام مالك في تفسير الجبت: هو كل ما يعبد من دون الله- عز وجل أقول: كانوا يزجرون الطير ليبنوا على خطوط سيرها هل يقدمون على عمل أو لا، وكانوا يخطون بالرمل ليستخرجوا الغيب، فكل ذلك مع التطير من الجبت.
إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا سَوْفَ نُصْلِيهِمْ ناراً كُلَّما نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْناهُمْ جُلُوداً غَيْرَها لِيَذُوقُوا الْعَذابَ إِنَّ اللَّهَ كانَ عَزِيزاً حَكِيماً* وَالَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحاتِ سَنُدْخِلُهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً لَهُمْ فِيها أَزْواجٌ مُطَهَّرَةٌ، وَنُدْخِلُهُمْ ظِلًّا ظَلِيلًا* إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُكُمْ أَنْ تُؤَدُّوا الْأَماناتِ إِلى أَهْلِها وَإِذا حَكَمْتُمْ بَيْنَ النَّاسِ أَنْ تَحْكُمُوا بِالْعَدْلِ، إِنَّ اللَّهَ نِعِمَّا يَعِظُكُمْ بِهِ إِنَّ اللَّهَ كانَ سَمِيعاً بَصِيراً.
المعنى العام:
بعد أن ذكر الله- عز وجل فى الآيات السابقة كفر أهل الكتاب، وأنه لا يغفر شرك من أشرك به، يبين في آيتين من هذه الآيات الثلاث التي هي خاتمة هذا المقطع جزاء الكافرين والمؤمنين، ثم يصدر للمؤمنين أمرين، لا يكون المؤمن تقيا إلا بهما.
يخبر تعالى عما يعاقب به في نار جهنم من كفر بآياته، وصد عن رسله، بأنه سيدخلهم نارا دخولا يحيط بجميع أجرامهم، وأجزائهم، ثم أخبر عن دوام عقوبتهم ونكالهم، وأنه كلما احترقت جلودهم، بدلوا جلودا غيرها، حتى إنه ليتبدل في الساعة مائة مرة كما روي عن عمر، وفي رواية مائة وعشرين مرة، وكلا الروايتين عن عمر يرفعها إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم. وقد روى الإمام أحمد عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«يعظم أهل النار في النار، حتى إن بين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإن غلظ جلده سبعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد» ثم ختم الله- عز وجل الآية الأولى بوصف ذاته بالعزة والحكمة، وهما يفيدان في هذا المقام غلبة الله بالانتقام، وأنه لا يمتنع عليه شئ مما يريده بالمجرمين، وعقوبته لهم هي الحكمة عينها. وإذ بين عقوبة الكافرين، بين فيما بعد جزاء المؤمنين، فأخبر عن مآل السعداء في جنات عدن التي تجري فيها الأنهار في جميع فجاجها، ومحالها، وأرجائها، حيث شاءوا، وأين أرادوا، وهم خالدون فيها أبدا، لا يحولون ولا يزولون، ولا يبغون عنها حولا، ولهم فيها أزواج مطهرة من الحيض والنفاس والأذى، والأخلاق الرذيلة، والصفات الناقصة، ويدخلهم ظلا عميقا كثيرا غزيرا طيبا أنيقا، وقد روى ابن جرير عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:«إن في الجنة لشجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها- شجرة الخلد» . وقال تعالى: وَلِمَنْ خافَ مَقامَ رَبِّهِ جَنَّتانِ. (سورة الرحمن) ثم أمر الله- عز وجل المؤمنين أمرين- كلاهما ضروري في قضية التقوى:
الأمر الأول: فى أداء الأمانات إلى أهلها، وهو يعم جميع الأمانات الواجبة على الإنسان من حقوق الله- عز وجل على عباده من الصلاة، والزكاة، والصيام، والكفارات، والنذور، وغير ذلك، مما هو مؤتمن عليه لا يطلع عليه العباد، ومن حقوق العباد بعضهم على بعض كالودائع وغير ذلك، مما يأتمنون به من غير اطلاع وبينة على ذلك. فأمر الله- عز وجل بأدائها. ومن ذلك قيام كل إنسان برعاية مسئولياته حتى قال ابن عباس: يدخل فيه وعظ السلطان النساء، يعني يوم العيد.
والأمر الثاني: أمر منه تعالى بالحكم بالعدل بين الناس، ولا عدل إلا بإقامة حكم الله، وكل تصور للعدل غير ذلك، إنما هو انحراف وجهل وجور، ثم أثنى الله- عز وجل على ما يأمرنا به من أداء الأمانات، والحكم بالعدل بين الناس وغير ذلك من أوامره وشرائعه الكاملة العظيمة الشاملة. ثم ختم الله الآية والمقطع بتذكيرنا بأنه سميع لأقوالنا بصير بأفعالنا.