الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يوكلهما الزوجان، واختلفوا هل ينفذ قولهما في التفرقة؟ ثم حكى عن الجمهور، أنه ينفذ قولهما فيها أيضا من غير توكيل.
قال إبراهيم النخعي: إن شاء الحكمان أن يفرقا بينهما بطلقة، أو بطلقتين، أو ثلاث، فعلا. وهو رواية عن مالك. ومذهب الحنفية: أن لهما الجمع لا التفريق.
وسبب الاختلاف يعود إلى أن الحكمين، هل هما منصوبان من جهة الحاكم، فيحكمان، وإن لم يرض الزوجان. أو هما وكيلان من جهة الزوجين؟. على قولين.
والجمهور على الأول. وهو الجديد من مذهب الشافعي. إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما. الضمير في يريدا، للحكمين. وقيل للزوجين. والضمير في بينهما، للزوجين، وقيل للحكمين. والمعنى على الأول: إن قصد الحكمان إصلاح ذات البين وكانت نيتهما صحيحة، بورك في وساطتهما، وأوقع الله بحسن سعيهما بين الزوجين الألفة والوفاق، وألقى في نفوسهما المودة والاتفاق. وإذا اعتبرنا الضميرين للحكمين، يكون المعنى: إن قصدا إصلاح ذات البين والنصيحة للزوجين، يوفق الله بينهما، فيتفقان على الكلمة الواحدة، ويتساندان في طلب الوفاق حتى يتم المراد، وإن اعتبرنا الضميرين للزوجين، كان المعنى: إن يريدا إصلاح ما بينهما، وطلبا الخير، وأن يزول عنهما الشقاق، يلق الله بينهما الألفة، ويبدلهما بالشقاق الوفاق، وبالبغضاء، المودة.
إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً خَبِيراً عليما بإرادة الحكمين، خبيرا بالظالم من الزوجين.
فوائد:
1 -
إن تجار السياسة في كثير من بلدان العالم يتاجرون في الأغلب في قضيتين:
القضية الأولى: قضية الأموال. والقضية الثانية: قضية النساء. فباسم إعادة توزيع الملكية، أو إلغائها. وباسم حرية المرأة ومساواتها: يضلون ويضلون، مستغلين الجهل، أو الفسوق، أو عقدة النقص، أو مستثيرين الحقد. وفي هذا المقطع وضع للأمور في نصابها الصحيح. المال مال الله، لا يؤكل إلا بطريق مشروع. والرجال قوامون على النساء. ولا يصح للرجال أن يتمنوا ما أنعم الله به على بعضهم. ولا يصح للنساء أن يتمنين ما للرجال.
2 -
روى البخاري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قوله: «لن يفلح قوم ولوا أمرهم امرأة» . وبعض أصحاب النظر القاصر، يستشكلون هذا خاصة في عصرنا الذي وصل فيه إلى رئاسة كثير من الدول، نساء. وكان لهن وزنهن. والجواب: أن العبرة
عادة في مثل هذه الظروف، لكل النتائج التي تترتب على تصرفات المرأة الحاكمة. ليس على المدى القريب. بل على المدى القريب والبعيد.
3 -
قال الحسن البصري: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تشكو أن زوجها لطمها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم القصاص. فأنزل الله عز وجل. الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ الآية. فرجعت بغير قصاص. رواه ابن جريج، وابن أبي حاتم، وابن جرير. وروى ابن جرير عن علي قال: أتى رسول الله صلى الله عليه وسلم رجل من الأنصار بامرأة له. فقالت: يا رسول الله إن زوجها فلان بن فلان الأنصاري، وإنه ضربها، فأثر في وجهها. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم:«ليس له ذلك» . فأنزل الله تعالى: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ. أي: في الأدب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أرادت أمرا، وأراد الله غيره» .
4 -
روى ابن جرير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «خير النساء امرأة، إذا نظرت إليها، سرتك. وإذا أمرتها، أطاعتك. وإذا غبت عنها، حفظتك في نفسها، ومالك» . قال ثم قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: الرِّجالُ قَوَّامُونَ عَلَى النِّساءِ إلى آخرها.
وروى الإمام أحمد عن عبد الرحمن بن عوف قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا صلت المرأة خمسها، وصامت شهرها، وحفظت فرجها، وأطاعت زوجها، قيل لها: ادخلي الجنة من أي الأبواب شئت» . وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «ولو كنت آمرا أحدا أن يسجد لأحد، لأمرت المرأة أن تسجد لزوجها من عظم حقه عليها» . وروى مسلم عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «إذا باتت المرأة هاجرة فراش زوجها لعنتها الملائكة حتى تصبح» . وفي رواية البخاري: «إذا دعا الرجل امرأته إلى فراشه، فأبت عليه، لعنتها الملائكة حتى تصبح» .
5 -
في السنن والمسند عن معاوية بن حيدة القشيري أنه قال: يا رسول الله:
ما حق امرأة أحدنا عليه؟. قال: «أن تطعمها إذا طعمت، وتكسوها إذا اكتسيت ولا تضرب الوجه، ولا تقبح، ولا تهجر إلا في البيت» .
وقال صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع: «واتقوا الله في النساء، فإنهن عندكم عوان ولكم عليهن أن لا يوطئن فرشكم أحدا تكرهونه. فإن فعلن فاضربوهن ضربا غير مبرح.
ولهن رزقهن، وكسوتهن بالمعروف».
وقال ابن عباس: يهجرها في المضجع. فإن أقبلت، وإلا فقد أذن الله لك أن تضربها ضربا غير مبرح. ولا تكسر لها عظما. فإن أقبلت، وإلا فقد أحل الله لك منها الفدية». (أي في الخلع).
وقال النبي صلى الله عليه وسلم (مرة): «لا تضربوا إماء الله. فجاء عمر رضي الله عنه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: ذئرت النساء على أزواجهن. فرخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في ضربهن. فأطاف بآل رسول الله صلى الله عليه وسلم نساء كثير يشتكين أزواجهن. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لقد أطاف بآل محمد نساء كثير يشتكين من أزواجهن، ليس أولئك بخياركم» . وروى الإمام أحمد عن الأشعث بن قيس قال: ضفت عمر رضي الله عنه، فتناول امرأته، فضربها. فقال: يا أشعب! احفظ عني ثلاثا، حفظتهن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم لا تسأل الرجل فيما ضرب امرأته. ولا تنم إلا على وتر، ونسي الثالثة.
6 -
في تفسير قوله تعالى: إِنْ يُرِيدا إِصْلاحاً يُوَفِّقِ اللَّهُ بَيْنَهُما قال علي ابن أبي طلحة عن ابن عباس رضي الله عنهما: أمر الله- عز وجل أن يبعثوا رجلا صالحا من أهل الرجل، ورجلا مثله من أهل المرأة. فينظران أيهما المسئ فإن كان الرجل هو المسئ، حجبوا عنه امرأته، وقصروه على النفقة، وإن كانت المرأة هي المسيئة، قصروها على زوجها، ومنعوها النفقة، فإن اجتمع رأيهما على أن يفرقا أو يجمعا فأمرهما جائز، فإن رأيا أن يجمعا فرضي أحد الزوجين وكره الآخر، ثم مات أحدهما، فإن الذي رضي يرث الذي لم يرض، ولا يرث الكاره، الراضي» رواه ابن أبي حاتم، وابن جرير.
7 -
روى عبد الرزاق عن ابن عباس قال: بعثت أنا ومعاوية حكمين. قال معمر:
بلغني أن عثمان بعثهما، وقال لهما: إن رأيتما أن تجمعا، جمعتما، وإن رأيتما أن تفرقا، ففرقا. فهذا مذهب سيدنا عثمان رضي الله عنه. وروى عبد الرزاق عن عبيدة قال:
شهدت عليا جاءته امرأة وزوجها، مع كل واحد منهما فئام من الناس. فأخرج هؤلاء حكما، وهؤلاء حكما. فقال علي للحكمين: أتدريان ما عليكما؟. إن عليكما إن رأيتما أن تجمعا جمعتما. فقالت المرأة: رضيت بكتاب الله لي وعلي. وقال الزوج: أما الفرقة، فلا. فقال علي: كذبت والله لا تبرح حتى ترضى بكتاب الله- عز وجل-