المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ففي هذا المقطع توجيه للمؤمنين لما فيه هداهم وخلاصهم، وتحذير - الأساس في التفسير - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌سورة آل عمران

- ‌كلمة في سورة آل عمران:

- ‌القسم الأول من سورة آل عمران

- ‌ المقطع الأول:

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌فصل في الحروف التي بدئت بها بعض السور القرآنية:

- ‌ المعنى العام للمقطع

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الاولى

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثانية

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثالثة

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة وسيطة بين المقطع الأول والمقطع الثاني وفوائد:

- ‌المقطع الثاني من القسم الأول

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌الفقرة الأولى:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثانية ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌‌‌المعنى العام:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول و‌‌نقول

- ‌نقول

- ‌فصل في المتشابه:

- ‌فصل في الرسوخ في العلم:

- ‌فصل في التقية:

- ‌فصل في أسباب النزول:

- ‌كلمة أخيرة في القسم الأول:

- ‌القسم الثاني من سورة آل عمران

- ‌كلمة في هذا القسم:

- ‌الآيتان اللتان هما بمثابة «المدخل» إلى القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة حول السياق:

- ‌تفسير الفقرة الأولى:

- ‌فوائد:

- ‌تفسير الفقرة الثانية:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول ونقول:

- ‌فصل: في رفع عيسى عليه السلام وهو حي:

- ‌فصل في نبوة النساء:

- ‌فصل في فضلى النساء بإطلاق:

- ‌فصل في ردود على أفكار خاطئة:

- ‌فصل: في مناقشة التطوريين:

- ‌فصل: في مسائل فقهية وعملية:

- ‌فصل في ذكر بعض ما حدث عقيب نزول آية المباهلة:

- ‌فصل في ذكر بعض أسباب النزول

- ‌كلمة أخيرة في الصلة بين أقسام السورة:

- ‌القسم الثالث من أقسام سورة آل عمران

- ‌كلمة في القسم:

- ‌«الفقرة الأولى»

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الثانية»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الخامسة»

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌المعنى العام للآيات:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌‌‌فائدةفي سبب النزول:

- ‌فائدة

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة السادسة والأخيرة من القسم الثالث»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة فى السياق:

- ‌القسم الرابع من سورة آل عمران

- ‌ كلمة في هذا القسم:

- ‌المقطع الأول

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الأول

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية من المقطع الأول من القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقطع الأول من القسم الرابع:

- ‌ المقطع الثاني في القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌[1 - كلام عن يوم البدر]

- ‌[2 - وصف علي بن ابي طالب للملائكة يوم بدر]

- ‌[3 - مما ورد في سبب نزول قوله تعالي لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ]

- ‌4 - فائدة حول السياق:

- ‌كلمة فيما مر وسيمر من القسم الرابع:

- ‌المقطع الثالث من القسم الرابع

- ‌الفقرة الأولى

- ‌الفقرة الثانية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌[تفسير الفقرة الأولى]

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد حول الفقرة السابقة:

- ‌[تفسير الفقرة الثانية]

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الرابع:

- ‌القسم الخامس

- ‌المقطع الأول

- ‌«المقدمة»

- ‌«الفقرة»

- ‌ كلمة في السياق:

- ‌المعني الحرفي لمقدمة المقطع ومقدمة القسم:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌المقطع الثاني من القسم الخامس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌ولنبدأ عرض المقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول الآية:

- ‌كلمة حول محل هذه الآية في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطعان الثالث والرابع من القسم الخامس من سورة آل عمران

- ‌المقطع الثالث

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثالثة في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للآيات:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة من المقطع الثالث

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الرابع من القسم الخامس

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعاني العامة في المقطع:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الخامس

- ‌كلمة أخيرة في سورة آل عمران:

- ‌سورة النساء

- ‌كلمة في سورة النساء:

- ‌المقطع الأول من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌تحقيق وتعليق

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌سبب نزول تحريم قربان الصلاة والإنسان سكران:

- ‌سبب نزول مشروعية التيمم:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في مناقشة كلامية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الخامس:

- ‌كلمة في هذا المقطع

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌‌‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل: في طاعة أولي الأمر

- ‌نقل

- ‌المقطع السادس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع السابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثامن

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في المصائب تصيب الإنسان:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقاطع الأربعة الأخيرة:

- ‌كلمة في ارتباط سياق المقاطع بمحور السورة:

- ‌كلمة قصيرة بين يدي المقطعين التاسع والعاشر:

- ‌المقطعان التاسع والعاشر

- ‌كلمة في المقطعين:

- ‌المعنى العام للمقطعين:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌ولنرجع إلى السياق:

- ‌فائدة وتعليق:

- ‌فصل في رفع المسيح عليه الصلاة والسلام:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الحادي عشر

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل في قوله تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ:

- ‌المقطع الثاني عشر

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فصل في الأناجيل والتثليث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث عشر وهو المقطع الأخير

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في المقاطع الثلاثة الأخيرة

- ‌كلمة في سورة النساء وصلتها بمحورها من سورة البقرة:

- ‌كلمة في صلة سورة النساء بارتباطات محورها:

- ‌كلمة في سورة النساء وتفصيلها في امتدادات محورها:

- ‌كلمة في نوعية تفصيل كل من سورة آل عمران والنساء:

- ‌كلمة في غسيل الدماغ وغسيل القلب:

- ‌تذكير أخير بين يدي سورتي المائدة والأنعام:

الفصل: ففي هذا المقطع توجيه للمؤمنين لما فيه هداهم وخلاصهم، وتحذير

ففي هذا المقطع توجيه للمؤمنين لما فيه هداهم وخلاصهم، وتحذير لهم مما فيه هلاكهم وعذابهم. ومحل أهل الكتاب في هذا، وكونهم فئتين: فئة تؤمن، وأخرى تستمر على فسوقها، وكفرها، وعدم استواء هاتين في ميزان الله. ثم يختم المقطع الكلام عن الكافرين، فالمقطع توضيح لمقدمة سورة البقرة، وتفصيل لبعض ما فيها من إجمال، وتبيان لما ينبغي أن يلاحظ بسبب أن الناس مسلم وكافر.

‌المعنى الحرفي:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقاتِهِ أى: اتقوا الله واجب تقواه وما يحق منها وذلك يكون: بالقيام بالواجب، والاجتناب عن المحارم، فسرها عبد الله بن مسعود رضي الله عنه فقال:«أن يطاع فلا يعصى، وأن يذكر فلا ينسى، وأن يشكر فلا يكفر» وذهب بعضهم إلى أنها منسوخة بقوله تعالى: فَاتَّقُوا اللَّهَ مَا اسْتَطَعْتُمْ ورد هذا القول ابن عباس وفسرها فقال: لم تنسخ، ولكن حق تقاته، أن يجاهدوا في سبيله حق جهاده، ولا تأخذهم في الله لومة لائم، ويقوموا بالقسط ولو على أنفسهم، وآبائهم، وأبنائهم. وَلا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ. أي: لا تكونوا على حال سوى حال الإسلام إذا أدرككم الموت، وذلك بأن تحافظوا على الإسلام في حال صحتكم، وسلامتكم، لتموتوا عليه، فإن الكريم قد أجرى عادته بكرمه أنه من عاش على شئ مات عليه، ومن مات على شئ بعث عليه، فعياذا بالله من خلاف ذلك.

وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعاً أي: تمسكوا بالقرآن كلكم. وَلا تَفَرَّقُوا أي: ولا تتفرقوا؛ بأن يكون منكم فعل ما يكون عنه التفرق، ويزول به حق الاجتماع، أو لا تتفرقوا عن الحق بوقوع الاختلاف بينكم، أو لا تتفرقوا كما كنتم في الجاهلية: يحارب بعضكم بعضا. وَاذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ كُنْتُمْ أَعْداءً فَأَلَّفَ بَيْنَ قُلُوبِكُمْ فَأَصْبَحْتُمْ بِنِعْمَتِهِ إِخْواناً هذا النص نزل في شأن الأوس والخزرج، فإنه قد كان بينهم حروب كثيرة في الجاهلية، وعداوة شديدة، وضغائن وإحن، طال بسببها قتالهم، والوقائع بينهم، فلما جاء الله بالإسلام؛ فدخل فيه من دخل، صاروا متحابين بجلال الله، متواصلين في ذات الله، متعاونين على البر والتقوى. وتدخل في ذلك كل حالة شبيهة جمع الله فيها القلوب على الحق بعد إذ كانت متفرقة على الباطل،

ص: 848

فهي نعمة تستوجب ذكرا وشكرا. وَكُنْتُمْ عَلى شَفا حُفْرَةٍ مِنَ النَّارِ الشفا:

الحرف والطرف، أي: وكنتم على طرف حفرة من النار؛ بما كنتم عليه من الكفر ليس بينكم وبين النار إلا أن تموتوا، فَأَنْقَذَكُمْ مِنْها أي: فأنقذكم الله منها بفضله وكرمه، إذ هداكم للإسلام. كَذلِكَ أي: كمثل هذا البيان البليغ، يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ أي: يوضحها لكم، ويذكركم بها في قرآنه. لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ أي:

لتهتدوا إلى الصواب، وما ينال به الثواب. أو لتكونوا مهتدين.

وَلْتَكُنْ مِنْكُمْ أُمَّةٌ تحتمل معنيين: الأول أن تكون (من) للبيان، أي:

ولتكونوا أمة، ويكون هذا أمر لجميع الأمة بالأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، والثاني: أن تكون (من) للتبعيض، فيكون الأمر هنا لبعض الأمة أن يكون منها من يأمر بالمعروف، وينهى عن المنكر، وتكون المسألة من باب فروض الكفايات، والأمة هنا الجماعة. يَدْعُونَ إِلَى الْخَيْرِ وَيَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ. الدعوة إلى الخير هي الدعوة إلى الكتاب والسنة، والمعروف: ما استحسنه الشرع والعقل الذي لا يناقض الشرع، أو ما وافق الكتاب والسنة، أو هو الطاعة، أو هو المباح والمندوب، والواجب والفرض.

والمنكر: ما استقبحه الشرع والعقل الموافق للشرع، أو ما خالف الكتاب والسنة، أو هو المعاصي، أو هو المكروه والحرام. وَأُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ أي: هم الأخصاء بالفلاح الكامل.

وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا تفرقوا في العداوة، واختلفوا في الديانة، فكفر بعضهم بعضا. مِنْ بَعْدِ ما جاءَهُمُ الْبَيِّناتُ الواضحات الموجبة للاتفاق على كلمة واحدة: وهي كلمة الحق. وَأُولئِكَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ

يَوْمَ تَبْيَضُّ وُجُوهٌ أي: يوم القيامة تبيض وجوه أهل الحق، والجماعة، والسنة وَتَسْوَدُّ وُجُوهٌ وجوه أهل الباطل، والفرقة، والبدعة، أو تبيض وجوه المؤمنين، وتسود وجوه الكافرين، والبياض من النور، والسواد من الظلمة، وللمؤمن نوره ولو كان أسود اللون، وللكافر ظلمته ولو كان أبيض. فالسواد والبياض عند الله إنما هما ظلمة الكفر ونور الإيمان فالعبرة لبياض القلب أو ظلمته. فَأَمَّا الَّذِينَ اسْوَدَّتْ وُجُوهُهُمْ فيقال لهم: أَكَفَرْتُمْ بَعْدَ إِيمانِكُمْ وهذا توبيخ لهم، وتعجيب من حالهم، وما المراد بالإيمان هنا؟ هل المراد به الإيمان في عالم الذر يوم الميثاق إذ قالت الأرواح مقرة لله بالربوبية: بلى؟ فيكون المراد بهذا الخطاب جميع الكفار، أو المراد بالإيمان هنا الإيمان الدنيوي فيكون المراد بهذا أهل النفاق، والمرتدين إذ كفروا بعد الإيمان، أو كفروا باطنا، وأظهروا الإيمان ظاهرا، أو المراد به هنا إيمان أهل الكتاب،

ص: 849

الذين كانوا يؤمنون بمحمد صلى الله عليه وسلم قبل بعثته، فلما بعث كفروا به، أو المراد بالإيمان هنا أصل الفطرة، ثم حدث الكفر، والنص يدخل فيه هذا كله، ويخص من سبق إليه إيمان، ثم كفر بفرقة، أو بدعة، أو عداء لحق. فَذُوقُوا الْعَذابَ بِما كُنْتُمْ تَكْفُرُونَ أي: بسبب كفركم.

وَأَمَّا الَّذِينَ ابْيَضَّتْ وُجُوهُهُمْ وهم أهل الإيمان فَفِي رَحْمَتِ اللَّهِ أي: في نعمته، وجنته، وثوابه هُمْ فِيها خالِدُونَ أي: ماكثون لا يظعنون عنها، ولا يموتون.

تِلْكَ آياتُ اللَّهِ نَتْلُوها عَلَيْكَ بِالْحَقِّ أي: هذه آيات الله، وحججه، وبيناته، نتلوها عليك يا محمد متلبسة بالحق، والعدل من أمر الدنيا والآخرة. وَمَا اللَّهُ يُرِيدُ ظُلْماً لِلْعالَمِينَ أي: لا يريد الله أن يظلم عباده فيأخذ أحدا بغير جرم، أو يزيد في عقاب مجرم، أو ينقص من ثواب محسن.

وَلِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ أي: الجميع ملك له وعبيد له.

وَإِلَى اللَّهِ تُرْجَعُ الْأُمُورُ أي: هو الحاكم المتصرف في الدنيا والآخرة فيجازي المحسن بإحسانه، والمسئ بإساءته.

كُنْتُمْ خَيْرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ أي: وجدتم خير أمة أظهرت للناس، ثم بين سبب ذلك وعلته. تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ فمن اتصف من هذه الأمة بهذه الصفات دخل معهم في المدح.

قال عمر بعد أن قرأ هذه الآية: «من سره أن يكون من هذه الأمة فليؤد شرط الله فيها» .

قال ابن كثير: ومن لم يتصف بذلك أشبه أهل الكتاب الذين ذمهم الله تعالى كانُوا لا يَتَناهَوْنَ عَنْ مُنكَرٍ فَعَلُوهُ (سورة المائدة) ولهذا لما مدح تعالى هذه الأمة على هذه الصفات، شرع في ذم أهل الكتاب، وتأنيبهم، فقال تعالى: وَلَوْ آمَنَ أَهْلُ الْكِتابِ أي: بمحمد صلى الله عليه وسلم وبما أنزل عليه لَكانَ خَيْراً لَهُمْ أي: لكان الإيمان خيرا لهم مما هم فيه؛ لأنهم إنما يؤثرون دينهم على دين الإسلام حبا بالرئاسة والسلطة لهم أو لأقوامهم، واستتباعا للعوام، أو كبرا وحسدا. ولو آمنوا لكان خيرا لهم في الدنيا والآخرة، مع الفوز بما وعدوا به على الإيمان من إيتاء الأجر مرتين كما سنرى.

مِنْهُمُ الْمُؤْمِنُونَ وَأَكْثَرُهُمُ الْفاسِقُونَ أي: قليل منهم من يؤمن بالله: وما أنزل إليكم، وما أنزل إليهم، وأكثرهم على الضلالة، والفسق، والعصيان.

ثم أخبرنا تعالى مبشرا لنا أن النصر والظفر لنا على أهل الكتاب الكفرة الملحدين، وإن مسنا منهم أذى قال تعالى: لَنْ يَضُرُّوكُمْ إِلَّا أَذىً أي: ضررا مقتصرا على أذى: من طعن في الدين، أو تهديد، أو نحو ذلك دون أن يستطيعوا استئصالكم وَإِنْ يُقاتِلُوكُمْ يُوَلُّوكُمُ

ص: 850

الْأَدْبارَ منهزمين، فلا يثبتون أمامكم. ثُمَّ لا يُنْصَرُونَ أي: ثم لا يكون لهم نصر من أحد، ولا يمنعون منكم، وهذه أعظم بشارة لنا إن كنا مؤمنين حقا. خاصة في صراعنا مع اليهود، وأما هزائمنا أمامهم،

فتدل على أن الذين يقاتلونهم لم يتحققوا بصفات الإيمان، وهذا ظاهر إذ اللواء الذي قاتل تحته العرب فهزموا حتى الآن، إنما هو لواء الكفر، والفسوق، وإلا فالوقائع الماضية للمؤمنين مع أهل الكتاب شاهدة لما ذكرته الآية ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ ما ثُقِفُوا هذا الكلام خاص باليهود، بدليل ما يأتي من صفاتهم التي هي علم عليهم. والآية تفيد أن اليهود قد ألزموا الذلة أينما وجدوا، وذلك بدفعهم الجزية لكل دولة يعيشون في ظلها، وخوفهم الدائم أينما كانوا.

مما يضطرهم لفعل الذليل من الأعمال، نفاقا واتقاء شر. ثم استثنى الله حالة عرفناها في عصرنا إذ قامت لهم دولة في فلسطين. قال تعالى: إِلَّا بِحَبْلٍ مِنَ اللَّهِ وَحَبْلٍ مِنَ النَّاسِ أي: إلا بإمداد من الله، وإمداد من الناس، إلا بسبب يعطيهم الله إياه، وبسبب من الناس يكون لهم، فترتفع عنهم الذلة بذلك ويكون لهم دولة وسلطان، وهذا ما حدث الآن إذ أمدهم الله، وسخر لهم وسلطهم علينا بظلمنا، وإذ تمالأ العالم كله لصالحهم يمدهم ويحميهم، ويكيد لهم، ويخدمهم، فكان ما نعلمه، ولكنه حدث عارض بدليل ما سيمر معنا في سورة الأعراف، وفي سورة الإسراء. وَباؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ أي: ألزموا بغضب الله بما استوجبوه من ذلك

وَضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الْمَسْكَنَةُ أي خوف الفقر هنا مع قيام اليسار. فهم لا يرون إلا مساكين متظاهرين بذلك، أو متحققين- وسبب هذا كله- وهو تهديد لنا أن نفعل مثل فعلهم، فنستحق ما استحقوه هم ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَيَقْتُلُونَ الْأَنْبِياءَ بِغَيْرِ حَقٍّ أي: سبب ضرب الذلة والمسكنة عليهم، وبوئهم بغضب الله، كفرهم بآيات الله، وقتلهم الأنبياء بغير حق. ذلِكَ بِما عَصَوْا وَكانُوا يَعْتَدُونَ أي: سبب قتلهم الأنبياء، وكفرهم، هو عصيانهم لله، واعتداؤهم حدوده فالعصيان والاعتداء هما مقدمتا

الكفر والجرأة على سفك دم أهل الإيمان. وقد كفر كثيرون من هذه الأمة في عصرنا، حكاما ومحكومين، وقتلوا الدعاة إلى الله، وتجاوزوا حدوده، ووقعوا في معاصيه. أيستغرب بعد ذلك أن يغلبهم اليهود في معاركهم، وما غلب اليهود المسلمين، وإنما غلبوا أمثالهم. وإذ ذكر الله منذ قليل أن من أهل الكتاب من يؤمن، وأكثرهم المستمر على الكفر. فالآن يبين فضل الأولين،

بعد أن بين خسران الآخرين قال تعالى: لَيْسُوا سَواءً أي ليسوا

ص: 851