المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

[سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 148] وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ - الأساس في التفسير - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌سورة آل عمران

- ‌كلمة في سورة آل عمران:

- ‌القسم الأول من سورة آل عمران

- ‌ المقطع الأول:

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌فصل في الحروف التي بدئت بها بعض السور القرآنية:

- ‌ المعنى العام للمقطع

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الاولى

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثانية

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثالثة

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة وسيطة بين المقطع الأول والمقطع الثاني وفوائد:

- ‌المقطع الثاني من القسم الأول

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌الفقرة الأولى:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثانية ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌‌‌المعنى العام:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول و‌‌نقول

- ‌نقول

- ‌فصل في المتشابه:

- ‌فصل في الرسوخ في العلم:

- ‌فصل في التقية:

- ‌فصل في أسباب النزول:

- ‌كلمة أخيرة في القسم الأول:

- ‌القسم الثاني من سورة آل عمران

- ‌كلمة في هذا القسم:

- ‌الآيتان اللتان هما بمثابة «المدخل» إلى القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة حول السياق:

- ‌تفسير الفقرة الأولى:

- ‌فوائد:

- ‌تفسير الفقرة الثانية:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول ونقول:

- ‌فصل: في رفع عيسى عليه السلام وهو حي:

- ‌فصل في نبوة النساء:

- ‌فصل في فضلى النساء بإطلاق:

- ‌فصل في ردود على أفكار خاطئة:

- ‌فصل: في مناقشة التطوريين:

- ‌فصل: في مسائل فقهية وعملية:

- ‌فصل في ذكر بعض ما حدث عقيب نزول آية المباهلة:

- ‌فصل في ذكر بعض أسباب النزول

- ‌كلمة أخيرة في الصلة بين أقسام السورة:

- ‌القسم الثالث من أقسام سورة آل عمران

- ‌كلمة في القسم:

- ‌«الفقرة الأولى»

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الثانية»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الخامسة»

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌المعنى العام للآيات:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌‌‌فائدةفي سبب النزول:

- ‌فائدة

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة السادسة والأخيرة من القسم الثالث»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة فى السياق:

- ‌القسم الرابع من سورة آل عمران

- ‌ كلمة في هذا القسم:

- ‌المقطع الأول

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الأول

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية من المقطع الأول من القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقطع الأول من القسم الرابع:

- ‌ المقطع الثاني في القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌[1 - كلام عن يوم البدر]

- ‌[2 - وصف علي بن ابي طالب للملائكة يوم بدر]

- ‌[3 - مما ورد في سبب نزول قوله تعالي لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ]

- ‌4 - فائدة حول السياق:

- ‌كلمة فيما مر وسيمر من القسم الرابع:

- ‌المقطع الثالث من القسم الرابع

- ‌الفقرة الأولى

- ‌الفقرة الثانية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌[تفسير الفقرة الأولى]

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد حول الفقرة السابقة:

- ‌[تفسير الفقرة الثانية]

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الرابع:

- ‌القسم الخامس

- ‌المقطع الأول

- ‌«المقدمة»

- ‌«الفقرة»

- ‌ كلمة في السياق:

- ‌المعني الحرفي لمقدمة المقطع ومقدمة القسم:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌المقطع الثاني من القسم الخامس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌ولنبدأ عرض المقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول الآية:

- ‌كلمة حول محل هذه الآية في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطعان الثالث والرابع من القسم الخامس من سورة آل عمران

- ‌المقطع الثالث

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثالثة في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للآيات:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة من المقطع الثالث

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الرابع من القسم الخامس

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعاني العامة في المقطع:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الخامس

- ‌كلمة أخيرة في سورة آل عمران:

- ‌سورة النساء

- ‌كلمة في سورة النساء:

- ‌المقطع الأول من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌تحقيق وتعليق

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌سبب نزول تحريم قربان الصلاة والإنسان سكران:

- ‌سبب نزول مشروعية التيمم:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في مناقشة كلامية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الخامس:

- ‌كلمة في هذا المقطع

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌‌‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل: في طاعة أولي الأمر

- ‌نقل

- ‌المقطع السادس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع السابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثامن

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في المصائب تصيب الإنسان:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقاطع الأربعة الأخيرة:

- ‌كلمة في ارتباط سياق المقاطع بمحور السورة:

- ‌كلمة قصيرة بين يدي المقطعين التاسع والعاشر:

- ‌المقطعان التاسع والعاشر

- ‌كلمة في المقطعين:

- ‌المعنى العام للمقطعين:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌ولنرجع إلى السياق:

- ‌فائدة وتعليق:

- ‌فصل في رفع المسيح عليه الصلاة والسلام:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الحادي عشر

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل في قوله تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ:

- ‌المقطع الثاني عشر

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فصل في الأناجيل والتثليث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث عشر وهو المقطع الأخير

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في المقاطع الثلاثة الأخيرة

- ‌كلمة في سورة النساء وصلتها بمحورها من سورة البقرة:

- ‌كلمة في صلة سورة النساء بارتباطات محورها:

- ‌كلمة في سورة النساء وتفصيلها في امتدادات محورها:

- ‌كلمة في نوعية تفصيل كل من سورة آل عمران والنساء:

- ‌كلمة في غسيل الدماغ وغسيل القلب:

- ‌تذكير أخير بين يدي سورتي المائدة والأنعام:

الفصل: [سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 148] وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ

[سورة آل عمران (3): الآيات 146 الى 148]

وَكَأَيِّنْ مِنْ نَبِيٍّ قاتَلَ مَعَهُ رِبِّيُّونَ كَثِيرٌ فَما وَهَنُوا لِما أَصابَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَما ضَعُفُوا وَمَا اسْتَكانُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ (146) وَما كانَ قَوْلَهُمْ إِلَاّ أَنْ قالُوا رَبَّنَا اغْفِرْ لَنا ذُنُوبَنا وَإِسْرافَنا فِي أَمْرِنا وَثَبِّتْ أَقْدامَنا وَانْصُرْنا عَلَى الْقَوْمِ الْكافِرِينَ (147) فَآتاهُمُ اللَّهُ ثَوابَ الدُّنْيا وَحُسْنَ ثَوابِ الْآخِرَةِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ (148)

‌كلمة في السياق:

في هذا المقطع فقرتان كل منهما مبدوءة بنهي:

لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا. وَلا تَهِنُوا وَلا تَحْزَنُوا .....

وفي سياق الفقرة الأولى، صدرت مجموعة أوامر تعمق مفهوم التقوى وتحدد صفات أهلها، وختمت بآية تذكرنا بالآية الأولى في سورة البقرة:

هذا بَيانٌ لِلنَّاسِ وَهُدىً وَمَوْعِظَةٌ لِلْمُتَّقِينَ. وفي الفقرة الثانية نهي عن الوهن والضعف في أي حالة من الأحوال، وتبيان سنة الله في خلقه وعباده، وتبيان بعض ما يتحقق به المؤمنون، وتأتي هذه التعليمات من خلال عرض ما حدث في وقعة أحد، وتختم هذه الفقرة بتبيان الموقف الصحيح للأنبياء وأتباعهم في صراعهم مع الكفر والكافرين.

والفقرة الثانية مرتبطة بالفقرة الأولى، من حيث إن المعاني التي بها لا تتحقق، إلا من خلال التحقق بالمعاني التي رفع الله إليها همم المؤمنين في الفقرة الأولى، وسنرى الارتباط ما بين الآية والآية أثناء التفسير الحرفي للآيات.

[تفسير الفقرة الأولى]

‌المعنى الحرفي:

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَأْكُلُوا الرِّبَوا أَضْعافاً مُضاعَفَةً. فهم كثير من الجهال:

أن الربا المنهي عنه هو المضعف، وهذا منتهى الجهل، لأن الله في سورة البقرة قال:

فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ وإنما هذا نهي عن الربا مع التوبيخ بما كانوا عليه من تضعيفه، وفي النهي عن الربا المضاعف- مع كون المراد كل الربا- إشارة إلى أن الربا من طبيعته التضعيف المؤدي إلى امتصاص دماء الناس، وإن كانت الآية نازلة بما كان

ص: 877

عليه أهل الجاهلية. فكانوا فى الجاهلية يقولون: إذا حل الدين، إما أن تقضي، وإما أن تربي، فإن قضاه وإلا زاده في المدة، وزاده الآخر في القدر، وهكذا كل عام، فربما تضاعف القليل حتى يصير كثيرا مضاعفا. وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ. مر معنا في أول سورة البقرة أن المفلحين هم المتقون، وهاهنا أمرنا بالتقوى لتحصيل الفلاح.

وقد مر معنا في أول سورة البقرة وصف المتقين، وسيأتي بعد قليل وصف لهم، وسنرى هنا أن أول صفة من صفاتهم الإنفاق في السراء والضراء، وقد رأينا في آخر سورة البقرة كيف جاء تحريم الربا بعد سياق الأمر بالإنفاق.

وهاهنا يأتي الأمر بترك الربا، وفي سياقه يأتي الحض على الإنفاق؛ لأن المرابي والربا على طرفي نقيض مع المنفق والإنفاق. والأمر بالتقوى في هذا السياق، وتعليق الفلاح عليها أمر يترك أكل الربا بشكل ضمني، وإشارة إلى عدم الفلاح معه.

ثم توعد الله بالنار وحذر منها فقال تعالى: وَاتَّقُوا النَّارَ الَّتِي أُعِدَّتْ لِلْكافِرِينَ. كان أبو حنيفة يقول: هي أخوف آية في القرآن؛ حيث أوعد الله المؤمنين بالنار المعدة للكافرين إن لم يتقوه في اجتناب محارمه،

ثم أتبع ذلك بتعليق رجاء المؤمنين لرحمته بتوفرهم على طاعته، وطاعة رسوله فقال: وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ قال النسفي:

«وفيه رد على المرجئة في قولهم «لا يضر مع الإيمان ذنب ولا يعذب بالنار أصلا» .

وعندنا: غير الكافرين من العصاة قد يدخلها، ولكن عاقبة أمره الجنة. وفي ذكره تعالى (لعل وعسى) فى نحو هذه المواضع- وإن قال أهل التفسير إن لعل وعسى من الله للتحقيق- ما لا يخفى على العارف من دقة مسلك التقوى، وصعوبة إصابة رضى الله تعالى، وعزة التوصل إلى رحمته وثوابه،

ثم ندبنا تعالى إلى المبادرة إلى فعل الخيرات والمسارعة إلى نيل القربات. فقال تعالى: وَسارِعُوا إِلى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ كما أعدت النار للكافرين، أعدت الجنة للمتقين، ومعنى المسارعة إلى المغفرة والجنة: الإقبال على ما يوصل إليهما من طاعة وإخلاص، جمعة وجماعة. قال ابن كثير: وقد قيل إن في قوله عَرْضُهَا السَّماواتُ وَالْأَرْضُ تنبيها على اتساع طولها

وقيل بل عرضها كطولها. لأنها قبة تحت العرش، والشئ المقبب والمستدير عرضه كطوله، وقد دل على ذلك ما ثبت في الصحيح «إذا سألتم الله الجنة فاسألوه الفردوس فإنه أعلى الجنة، وأوسط الجنة، ومنه تفجر أنهار الجنة، وسقفها عرش الرحمن» ،

ثم وصف الله أهل الجنة المتقين فقال:

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ. أي: في الشدة والرخاء، والصحة

ص: 878

والمرض، في حالة اليسر والعسر، وفي جميع الأحوال لأنها لا تخلو من حالة مسرة ومضرة.

وافتتحت الصفات بذكر الإنفاق لأنه أشق شئ على النفس، وأدله على الإخلاص، ولأن الحاجة دائما شديدة إليه في مجاهدة العدو، ومواساة فقراء المسلمين.

وَالْكاظِمِينَ الْغَيْظَ أي والممسكين الغيظ عن الإمضاء، والغيظ: توقد حرارة القلب من الغضب، وكظمه أن يمسك على ما في نفسه منه بالصبر، ولا يظهر له أثرا، فالمتقون إذا ثار بهم الغيظ كظموه، بمعنى كتموه فلم يعلموه، وَالْعافِينَ عَنِ النَّاسِ أي: إذا جنى عليهم أحد لم يؤاخذوه، فى وصفهم بكظم الغيظ بين تعالى أنهم لا يعملون غضبهم في الناس، بل يكفون عنهم شرهم، ويحتسبون ذلك عند الله. وفي هذه الصفة أثبت الله لهم أنهم مع كف الشر يعفون عن من ظلمهم في أنفسهم، فلا يبقى في أنفسهم موجدة على أحد، وهذا أكمل الأحوال، إذ إنه من مقامات المحسنين، ومن ثم ختمت هذه الآية بقوله تعالى: وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ قال الثوري: «الإحسان أن تحسن إلى المسئ، فإن الإحسان إلى المحسن متاجرة» والإحسان أوسع مدلولا، فهو فعل الحسن، والأحسن مع الإخلاص لله.

وَالَّذِينَ إِذا فَعَلُوا فاحِشَةً الفاحشة: هي الكبيرة كالزنا وشرب الخمر. أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ بلسانهم أو بقلوبهم ليبعثهم على التوبة. فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ فتابوا عنها لقبحها نادمين. والمعنى: أنهم إذا صدر منهم ذنب أتبعوه بالتوبة والاستغفار. وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ أي: لا أحد يغفر الذنوب إلا الله، وفي قوله تعالى هذا تطييب لنفوس العباد، وتنشيط للتوبة، وبعث لها، وردع عن اليأس والقنوط، وبيان لسعة رحمته، وقرب مغفرته من التائب، وإشعار بأن الذنوب وإن جلت، فإن عفوه أجل، وكرمه أعظم. وَلَمْ يُصِرُّوا عَلى ما فَعَلُوا أي: ولم يقيموا على قبيح فعلهم، والإصرار: الإقامة، أي تابوا من ذنوبهم، ورجعوا من قريب، ولم يستمروا على المعصية، ويصروا عليها، ولو تكرر منهم الذنب، تابوا منه.

وَهُمْ يَعْلَمُونَ أن من تاب؛ تاب الله عليه.

في الصحيحين عن رسول الله صلى الله عليه وسلم: «أن رجلا أذنب ذنبا فقال رب إني أذنبت ذنبا فاغفره لي، فقال الله- عز وجل عبدي عمل ذنبا فعلم أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي، ثم عمل ذنبا آخر فقال: رب إني عملت ذنبا فاغفره، فقال تبارك وتعالى: علم عبدي أن له ربا يغفر الذنب ويأخذ به، قد غفرت لعبدي،

ص: 879