الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الماديون إلا وبرهن أنها تخيلات وظنون. ولنا عودة على هذا الموضوع.
فصل: في مسائل فقهية وعملية:
1 -
عند قوله تعالى هُنالِكَ دَعا زَكَرِيَّا رَبَّهُ قالَ رَبِّ هَبْ لِي مِنْ لَدُنْكَ ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً
…
يذكر القرطبي مجموعة مسائل ننقل منها الثالثة والرابعة قال:
الثالثة- دلت هذه الآية على طلب الولد، وهي سنة المرسلين والصديقين قال الله تعالى وَلَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلًا مِنْ قَبْلِكَ وَجَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَذُرِّيَّةً .. (سورة الرعد) وفي صحيح مسلم عن سعد بن أبي وقاص قال: أراد عثمان أن يتبتل فنهاه رسول الله صلى الله عليه وسلم، ولو أجاز له ذلك لاختصينا. وأخرج ابن ماجه عن عائشة قالت:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «النكاح من سنتي فمن لم يعمل بسنتي فليس مني، وتزوجوا فإني مكاثر بكم الأمم، ومن كان ذا طول فلينكح، ومن لم يجد فعليه بالصوم فإنه له وجاء» وفي هذا رد على بعض جهال المتصوفة حيث قال: الذي يطلب الولد أحمق، وما عرف أنه هو الغبي الأخرق، قال الله تعالى مخبرا عن إبراهيم الخليل: وَاجْعَلْ لِي لِسانَ صِدْقٍ فِي الْآخِرِينَ. وقال: وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنا هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ (سورة الفرقان).
وقد ترجم البخاري على هذا «باب طلب الولد» . وقال صلى الله عليه وسلم لأبي طلحة حين مات ابنه: «وأ عرستم الليلة» ؟ قال نعم. قال: «بارك الله لكما في غابر ليلتكما» .
قال: فحملت. وفي البخاري: قال سفيان: فقال رجل من الأنصار: فرأيت تسعة أولاد كلهم قد قرءوا القرآن. وترجم أيضا «باب الدعاء بكثرة الولد مع البركة» وساق حديث أنس بن مالك قال قالت أم سليم: يا رسول الله، خادمك أنس ادع الله له فقال:«اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته» . وقال صلى الله عليه وسلم: «اللهم اغفر لأبي سلمة، وارفع درجته في المهديين، واخلفه في عقبه في الغابرين» . أخرجه البخاري ومسلم. وقال صلى الله عليه وسلم: «تزوجوا الولود الودود؛ فإني مكاثر بكم الأمم» .
أخرجه أبو داود. والأخبار في هذا المعنى كثيرة تحث على طلب الولد وتندب إليه، لما يرجوه الإنسان من نفعه في حياته وبعد موته. قال صلى الله عليه وسلم:«إذا مات أحدكم انقطع عمله إلا من ثلاث» فذكر «أو ولد صالح يدعو له» . ولو لم يكن إلا هذا الحديث لكان فيه كفاية.
الرابعة:- فإذا ثبت هذا فالواجب على الإنسان أن يتضرع إلى خالقه في هداية ولده وزوجه ويدعو بالتوفيق لهما والهداية والصلاح والعفاف والرعاية، وأن يكونا معينين له على دينه ودنياه حتى تعظم منفعته بهما في أولاه وأخراه، ألا ترى قول زكريا وَاجْعَلْهُ رَبِّ رَضِيًّا (سورة مريم) وقال: ذُرِّيَّةً طَيِّبَةً وقال: هَبْ لَنا مِنْ أَزْواجِنا وَذُرِّيَّاتِنا قُرَّةَ أَعْيُنٍ. ودعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس فقال: «اللهم أكثر ماله وولده وبارك له فيما أعطيته» أخرجه البخاري ومسلم وحسبك.
2 -
عند قوله تعالى وَما كُنْتَ لَدَيْهِمْ إِذْ يُلْقُونَ أَقْلامَهُمْ أَيُّهُمْ يَكْفُلُ مَرْيَمَ.
قال القرطبي:
«استدل بعض علمائنا بهذه الآية على إثبات القرعة، وهي أصل في شرعنا لكل من أراد العدل في القسمة، وهي سنة عند جمهور الفقهاء في المستويين في الحجة، ليعدل بينهم، وتطمئن قلوبهم، وترتفع الظنة عمن يتولى قسمتهم، ولا يفضل أحد منهم على صاحبه إذا كان المقسوم من جنس واحد اتباعا للكتاب والسنة. ورد العمل بالقرعة أبو حنيفة وأصحابه، وردوا الأحاديث الواردة فيها، وزعموا أنها لا معنى لها وأنها تشبه الأزلام التي نهى الله عنها. وحكى ابن المنذر عن أبي حنيفة أنه جوزها وقال: القرعة في القياس لا تستقيم، ولكنا تركنا القياس في ذلك وأخذنا بالآثار والسنة. وقال أبو عبيد: وقد عمل بالقرعة ثلاثة من الأنبياء: يونس وزكريا ونبينا محمد صلى الله عليه وسلم. قال ابن المنذر: واستعمال القرعة كالإجماع من أهل العلم فيما يقسم بين الشركاء، فلا معنى لقول من ردها. وقد ترجم البخاري فى آخر كتاب «الشهادات» (باب القرعة في المشكلات وقول الله- عز وجل «إذ يلقون أقلامهم») وساق حديث النعمان بن بشير: «مثل القائم على حدود الله والمدهن فيها مثل قوم استهموا على سفينة»
…
الحديث. وسيأتي في «الأنفال» إن شاء الله تعالى، وفي سورة «الزخرف» أيضا بحول الله سبحانه وتعالى، حديث أم العلاء، وأن عثمان بن مظعون طار لهم سهمه في السكنى حين اقترعت الأنصار سكنى المهاجرين، الحديث. وحديث عائشة قالت:
كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أراد سفرا أقرع بين نسائه فأيتهن خرج سهمها خرج بها، وذكر الحديث. وقد اختلفت الرواية عن مالك في ذلك؛ فقال مرة: يقرع للحديث.
وقال مرة: يسافر بأوفقهن له في السفر. وحديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «لو يعلم الناس ما في النداء والصف الأول ثم لم يجدوا إلا أن يستهموا عليه