الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الله في هذه الآية المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان.
2 -
روى الإمام أحمد عن أبي بكر قال: «يا رسول الله! كيف الفلاح بعد هذه الآية: لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ فكل سوء عملنا به، فقال النبي صلى الله عليه وسلم غفر الله لك يا أبا بكر ألست تمرض، ألست تنصب، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء، قال: بلى، قال: فهو مما تجزون به» وفي رواية «إنما هي المصيبات في الدنيا» وفي رواية: «المصائب والأمراض والأحزان في الدنيا جزاء» ، وفي رواية عن عائشة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في الآية «هو ما يصيب العبد المؤمن حتى النكبة ينكبها» وفي رواية قال:«يا عائشة هذه مبايعة الله للعبد مما يصيبه من الحمى والنكبة والشوكة، حتى البضاعة فيضعها في كمه فيفزع لها فيجدها في جيبه، حتى إن المؤمن ليخرج من ذنوبه كما أن الذهب يخرج من الكير» وفي رواية: «إن المؤمن يؤجر في كل شئ حتى في القبض عند الموت» . وفي رواية عنها «إذا كثرت ذنوب العبد ولم يكن له ما يكفرها ابتلاه الله بالحزن ليكفرها عنه» . وروى سعيد بن منصور أن أبا هريرة رضي الله عنه قال: لما نزلت مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ شق ذلك على المسلمين، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم «سددوا وقاربوا، فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة حتى الشوكة يشاكها، والنكبة ينكبها» . وفي الصحيحين» عنه عليه الصلاة والسلام «ما يصيب المسلم من نصب ولا وصب ولا سقم، ولا حزن، حتى الهم يهمه إلا كفر الله من سيئاته» . وروى ابن مردويه عن ابن عباس قال: «قيل يا رسول الله من يعمل سوءا يجز به؟ قال: نعم ومن يعمل حسنة يجز بها عشرا، فهلك من غلب واحدته عشراته» .
3 -
ثبت في الصحيحين عن أبي سعيد الخدري «أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لما خطبهم في آخر خطبة خطبها قال: أما بعد أيها الناس فلو كنت متخذا من أهل الأرض خليلا لاتخذت أبا بكر بن أبي قحافة خليلا، ولكن صاحبكم خليل الله» وروى الحاكم وقال صحيح على شرط البخاري عن ابن عباس قال: «أتعجبون من أن تكون الخلة لإبراهيم، والكلام لموسى، والرؤية لمحمد صلى الله عليه وسلم» قال ابن كثير، وكذا روي عن أنس ابن مالك وغير واحد من الصحابة والتابعين والأئمة من السلف والخلف».
فصل: في المصائب تصيب الإنسان:
رأينا في المجموعة السابقة قوله تعالى مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ فهذه الآية
والنصوص التي ذكرناها بمناسبتها تفيد أن صاحب الذنب مجازى به فإن كان مسلما ففي الدنيا، ويحتمل أن يؤخر إلى الآخرة إذا لم يرد الله له السلامة في الآخرة، وإن كان كافرا فعذابه في الآخرة، وقد يعجل الله له العقوبة في الدنيا زيادة على الآخرة، والله- عز وجل يقول في سورة الشورى وَما أَصابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِما كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قال البيضاوي:«والآية مخصوصة بالمجرمين فإن ما أصاب غيرهم فلأسباب أخر، منها تعريضه للأجر العظيم بالصبر عليه» أقول: كلام البيضاوي في التخصيص يظهر في حق الرسل عليهم الصلاة والسلام، فهم معصومون عن الذنب، فالمصيبة في حقهم رفع درجات، أما في غير الرسل عليهم الصلاة والسلام فإن الإنسان لا يخلو من ذنب، وقد يكون ذنبه في تقصيره في حقوق الإسلام، أو في حقوق الغير قال تعالى:
وَاتَّقُوا فِتْنَةً لا تُصِيبَنَّ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْكُمْ خَاصَّةً فالأمة بمجموعها قد تصاب بسبب قصور بعضها؛ لأن هناك مسئولية مشتركة بشكل ما بين بني الإنسان، أو بين المسلمين بعضهم مع بعض، فالأصل في المصيبة أن تكون بسبب ذنب، وهي في حق المسلم رحمة من الله- عز وجل به، وهي في حق الكافر سخط من الله وعقوبة عاجلة، وهاهنا قد يلتبس الأمر على كثير من الناس، وأهل البصيرة يعرفون ويميزون، ويدركون الحكمة ويسلمون لله فعله، وإذا أراد عبد السلامة فليقم بحق الله قياما كاملا في أمر نفسه وغيره، وعندئذ يكون الابتلاء في حقه رفع درجات.
وَيَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ الإفتاء: تبيين المبهم، والاستفتاء: السؤال عن حكم الله فيما هو مبهم والمعنى: ويسألونك الإفتاء في النساء قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ فِيهِنَّ وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ أي: الله وكتابه القرآن يفتيكم فيهن، وقوله تعالى: وَما يُتْلى عَلَيْكُمْ فِي الْكِتابِ فِي يَتامَى النِّساءِ. معناه: والمتلو عليكم في القرآن في حق اليتامى يفتيكم فيهن، وهو إشارة إلى قوله تعالى: وَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تُقْسِطُوا فِي الْيَتامى فَانْكِحُوا
…
نفهم من هذا أن تلك الآية في أول سورة النساء تفتيكم فيما تسألون عنه، والله يفتيكم فيما يأتي فيما يحتاج إلى تبيان. ويتامى النساء اللاتي ذكرهن الله من قبل وصفهن هنا اللَّاتِي لا تُؤْتُونَهُنَّ ما كُتِبَ لَهُنَّ، وَتَرْغَبُونَ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ. قالت عائشة: هو الرجل تكون عنده اليتيمة، هو وليها ووارثها، فأشركته في ماله حتى في العذق، فيرغب أن ينكحها (أي عن أن ينكحها)، ويكره أن يزوجها رجلا فيشركه في ماله بما شركته فيعضلها، فنزلت هذه الآية رواه البخاري