المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

ذلك بعد الوصية أو الدين. هذه هي وصية الله لنا - الأساس في التفسير - جـ ٢

[سعيد حوى]

فهرس الكتاب

- ‌سورة آل عمران

- ‌كلمة في سورة آل عمران:

- ‌القسم الأول من سورة آل عمران

- ‌ المقطع الأول:

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌فصل في الحروف التي بدئت بها بعض السور القرآنية:

- ‌ المعنى العام للمقطع

- ‌المعنى الحرفي للفقرة الاولى

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثانية

- ‌فوائد:

- ‌ المعنى الحرفي للفقرة الثالثة

- ‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة وسيطة بين المقطع الأول والمقطع الثاني وفوائد:

- ‌المقطع الثاني من القسم الأول

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌الفقرة الأولى:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثانية ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة ونعرضها على مراحل:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌‌‌المعنى العام:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول السياق:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول و‌‌نقول

- ‌نقول

- ‌فصل في المتشابه:

- ‌فصل في الرسوخ في العلم:

- ‌فصل في التقية:

- ‌فصل في أسباب النزول:

- ‌كلمة أخيرة في القسم الأول:

- ‌القسم الثاني من سورة آل عمران

- ‌كلمة في هذا القسم:

- ‌الآيتان اللتان هما بمثابة «المدخل» إلى القسم الثاني

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة حول السياق:

- ‌تفسير الفقرة الأولى:

- ‌فوائد:

- ‌تفسير الفقرة الثانية:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فائدة:

- ‌الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصول ونقول:

- ‌فصل: في رفع عيسى عليه السلام وهو حي:

- ‌فصل في نبوة النساء:

- ‌فصل في فضلى النساء بإطلاق:

- ‌فصل في ردود على أفكار خاطئة:

- ‌فصل: في مناقشة التطوريين:

- ‌فصل: في مسائل فقهية وعملية:

- ‌فصل في ذكر بعض ما حدث عقيب نزول آية المباهلة:

- ‌فصل في ذكر بعض أسباب النزول

- ‌كلمة أخيرة في الصلة بين أقسام السورة:

- ‌القسم الثالث من أقسام سورة آل عمران

- ‌كلمة في القسم:

- ‌«الفقرة الأولى»

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الثانية»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ الفقرة الثالثة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة الخامسة»

- ‌ملاحظة حول السياق:

- ‌المعنى العام للآيات:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌‌‌فائدةفي سبب النزول:

- ‌فائدة

- ‌كلمة في السياق:

- ‌«الفقرة السادسة والأخيرة من القسم الثالث»

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة فى السياق:

- ‌القسم الرابع من سورة آل عمران

- ‌ كلمة في هذا القسم:

- ‌المقطع الأول

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الأول

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية من المقطع الأول من القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقطع الأول من القسم الرابع:

- ‌ المقطع الثاني في القسم الرابع

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌[1 - كلام عن يوم البدر]

- ‌[2 - وصف علي بن ابي طالب للملائكة يوم بدر]

- ‌[3 - مما ورد في سبب نزول قوله تعالي لَيْسَ لَكَ مِنَ الْأَمْرِ شَيْءٌ]

- ‌4 - فائدة حول السياق:

- ‌كلمة فيما مر وسيمر من القسم الرابع:

- ‌المقطع الثالث من القسم الرابع

- ‌الفقرة الأولى

- ‌الفقرة الثانية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌[تفسير الفقرة الأولى]

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد حول الفقرة السابقة:

- ‌[تفسير الفقرة الثانية]

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الرابع:

- ‌القسم الخامس

- ‌المقطع الأول

- ‌«المقدمة»

- ‌«الفقرة»

- ‌ كلمة في السياق:

- ‌المعني الحرفي لمقدمة المقطع ومقدمة القسم:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى الحرفي للفقرة:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌المقطع الثاني من القسم الخامس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌ولنبدأ عرض المقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد حول الآية:

- ‌كلمة حول محل هذه الآية في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطعان الثالث والرابع من القسم الخامس من سورة آل عمران

- ‌المقطع الثالث

- ‌الفقرة الأولى من المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌كلمة حول السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثانية في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الثالثة في المقطع الثالث

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي للآيات:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌الفقرة الرابعة من المقطع الثالث

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الرابع من القسم الخامس

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعاني العامة في المقطع:

- ‌المعنى الحرفي للمقطع:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في القسم الخامس

- ‌كلمة أخيرة في سورة آل عمران:

- ‌سورة النساء

- ‌كلمة في سورة النساء:

- ‌المقطع الأول من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثاني من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث من سورة النساء

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌تحقيق وتعليق

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الرابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌سبب نزول تحريم قربان الصلاة والإنسان سكران:

- ‌سبب نزول مشروعية التيمم:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المعنى العام

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في مناقشة كلامية

- ‌كلمة في السياق:

- ‌ المقطع الخامس:

- ‌كلمة في هذا المقطع

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌‌‌فائدة:

- ‌فائدة:

- ‌فائدة في سبب النزول:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل: في طاعة أولي الأمر

- ‌نقل

- ‌المقطع السادس

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع السابع

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌ولنعد إلى السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثامن

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فوائد:

- ‌فصل: في المصائب تصيب الإنسان:

- ‌فائدة:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فائدة:

- ‌كلمة في سياق المقطع:

- ‌كلمة في سياق المقاطع الأربعة الأخيرة:

- ‌كلمة في ارتباط سياق المقاطع بمحور السورة:

- ‌كلمة قصيرة بين يدي المقطعين التاسع والعاشر:

- ‌المقطعان التاسع والعاشر

- ‌كلمة في المقطعين:

- ‌المعنى العام للمقطعين:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌نقول:

- ‌ولنرجع إلى السياق:

- ‌فائدة وتعليق:

- ‌فصل في رفع المسيح عليه الصلاة والسلام:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الحادي عشر

- ‌كلمة في المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌فصل في قوله تعالى لِئَلَّا يَكُونَ لِلنَّاسِ عَلَى اللَّهِ حُجَّةٌ بَعْدَ الرُّسُلِ:

- ‌المقطع الثاني عشر

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فصل في الأناجيل والتثليث:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في السياق:

- ‌المقطع الثالث عشر وهو المقطع الأخير

- ‌كلمة في هذا المقطع:

- ‌المعنى العام للمقطع:

- ‌المعنى الحرفي:

- ‌فوائد:

- ‌كلمة في المقاطع الثلاثة الأخيرة

- ‌كلمة في سورة النساء وصلتها بمحورها من سورة البقرة:

- ‌كلمة في صلة سورة النساء بارتباطات محورها:

- ‌كلمة في سورة النساء وتفصيلها في امتدادات محورها:

- ‌كلمة في نوعية تفصيل كل من سورة آل عمران والنساء:

- ‌كلمة في غسيل الدماغ وغسيل القلب:

- ‌تذكير أخير بين يدي سورتي المائدة والأنعام:

الفصل: ذلك بعد الوصية أو الدين. هذه هي وصية الله لنا

ذلك بعد الوصية أو الدين. هذه هي وصية الله لنا في شأن الميراث، وهو المحيط علما بكل شئ فهو الأعلم بما ينبغي، وهو ذو الحلم الذي يشرع لعباده التشريع الأرفق بهم.

ثم بين الله- عز وجل في الآية الثالثة والرابعة: أن هذه الفرائض والمقادير التي جعلها الله للورثة بحسب قربهم من الميت، واحتياجهم إليه، وفقدهم له عند عدمه، هي حدود الله فلا تعتدوها، ولا تجاوزوها. ثم وعد من وقف عند حدوده بجناته، وأوعد من عصى الله ورسوله، وتعدى حدود الله بناره وإهانته، لكونه غير حكم الله، وضاد الله في حكمه، وهذا إنما يصدر عن عدم الرضا بما قسم الله، وحكم به؛ ولهذا يجازى صاحبه بالإهانة في العذاب الأليم المقيم، فليسمع من يريدون أن يبدلوا أحكام الله، ويغيروا شريعته، فليسمع أصحاب الدعوات الكافرة على أرضنا ممن يريدون أن يبدلوا شرع الله بأهوائهم.

إن الآيتين الأولى والثانية، وآخر آية في سورة النساء، هما جماع علم المواريث في القرآن. ومن قرأ كتب هذا العلم أدرك كيف أن هذه الآيات أحاطت بالمسائل كلها، من خلال ما سيق له النص بشكل رئيسي، ومن خلال ما يفهم بشكل آخر من أشكال الفهم للنصوص، ومن خلال الشرح النبوي لهذه الآيات، وسيتضح لنا شئ من هذا في نهاية الكلام عن هذه الآيات الأربع. ونكتفي هنا أن نسجل أننا فهمنا بشكل واضح من النص: حصة البنات إذا انفردن، وحصة الأب والأم إذا انفردا بالإرث، وحصة الأب والأم في حالة فقدان الولد، ووجود الإخوة، وحصة الزوج والزوجة وجد ولد أو لم يوجد، وحصة الإخوة في حالة فقدان الوالد والولد.

ولن ننتهي من الكلام عن الآيات إلا وقد وضح لنا هذا العلم إن شاء الله تعالى.

‌المعنى الحرفي:

يُوصِيكُمُ اللَّهُ فِي أَوْلادِكُمْ. أي: يعهد إليكم ربكم، ويأمركم في شأن ميراث أولادكم. وهذا إجمال تفصيله ما بعده. لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ. أي: للذكر منهم حظ الأنثيين، والمراد حال الاجتماع، أي: إذا اجتمع الذكر والأنثيان كان له

ص: 1009

سهمان، كما أن لهما سهمين. وأما في حال الانفراد فالابن يأخذ المال كله إذا انفرد والبنتان تأخذان الثلثين. والدليل على ذلك هو ذكر حكم البنات حال الانفراد مباشرة بعد هذا. فَإِنْ كُنَّ نِساءً فَوْقَ اثْنَتَيْنِ فَلَهُنَّ ثُلُثا ما تَرَكَ. أي: فإن كانت الأولاد نساء خلصا يعني: بنات ليس معهن ابن، وكن نساء زائدات على اثنتين، فلهن ثلثا ما ترك الميت. وَإِنْ كانَتْ واحِدَةً فَلَهَا النِّصْفُ. أي: وإن كانت المولودة منفردة فلها نصف ما ترك الميت. وحتى الآن ذكر حكم البنتين في حال اجتماعهما مع الابن، وحكم البنات والبنت في حال الانفراد، ولم يذكر حكم البنتين في حال الانفراد، فما حكمهما؟ ألحق ابن عباس البنتين بالبنت فقال: لهما النصف؛ وخالفه في ذلك الأمة كلها فجعلوا لهما الثلثين وهو الذي عليه الفتوى. وإنما استفيد كون الثلثين للبنتين من حكم الأختين في الآية الأخيرة من سورة النساء؛ فإنه تعالى حكم فيها للأختين بالثلثين. وإذا ورث الأختان الثلثين، فلأن يرث البنتان الثلثين بالطريق الأولى. وقد حكم رسول الله صلى الله عليه وسلم لا بنتي سعد بن الربيع بالثلثين، فدل الكتاب والسنة على ما ذكرنا. قال النسفي:«ولأن البنت لما وجب لها مع أخيها الثلث، كان أحرى أن يجب لها الثلث إذا كانت مع أخت مثلها» . وقال النسفي: «وفي الآية دلالة على أن المال

كله للذكر إذا لم يكن معه أنثى، لأنه جعل للذكر مثل حظ الأنثيين. وقد جعل للأنثى النصف إذا كانت منفردة، فعلم أن للذكر في حال الانفراد ضعف النصف وهو الكل» وَلِأَبَوَيْهِ لِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ مِمَّا تَرَكَ إِنْ كانَ لَهُ وَلَدٌ الولد يقع على الذكر والأنثى. والمعنى: إن كان للميت أولاد، أو أولاد أولاد، فلأبيه السدس، ولأمه السدس. ثم إن كان للميت بنت واحدة، فلها النصف في هذه الحالة، وللأم السدس، وللأب السدس. وما تبقى يرثه الأب تعصيبا، إذ الحديث الشريف يقول:«ألحقوا الفروض بأهلها وما تبقى فلأولى رجل ذكر» وأولى رجل ذكر في حالة عدم وجود الابن، أو ابن الابن هو الأب.

فَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ وَوَرِثَهُ أَبَواهُ فَلِأُمِّهِ الثُّلُثُ. أي: إذا انفرد الأبوان في الميراث، فللأم الثلث، وأخذ الأب الباقي تعصيبا، أي يأخذ الثلثين. ولكن لنفرض أنه كان معهما زوج أو زوجة، فالزوج في هذه الحالة يأخذ النصف، والزوجة الربع، فماذا تأخذ الأم بعد ذلك؟ الذي عليه الفقهاء السبعة، والأئمة الأربعة، وجمهور العلماء، أنها تأخذ ثلث الباقي، لأن الأب أقوى من الأم في الإرث، فلو أعطيناها ثلث

ص: 1010

التركة في هذه الحالة، لكانت في حالة وجود الزوج تأخذ ضعفي ما يأخذه الأب، فينقلب الحكم إلى أن يكون للأنثى مثل حظ الذكرين، وهذا يناقض البداءة، ثم ذكرت الآية حالة ثالثة للأبوين، وهي اجتماعهما مع الإخوة.

فَإِنْ كانَ لَهُ إِخْوَةٌ فَلِأُمِّهِ السُّدُسُ. أي: إن كان للميت اثنان من الإخوة والأخوات فصاعدا سواء كانوا من أب أو كانوا من أم، أو كانوا لأب وأم، فإنهم يحجبون الأم من الثلث إلى السدس، دون أن يأخذوا هم شيئا، ويأخذ الأب في هذه الحال الباقي. أما الأخ الواحد فإنه لا يحجبها عن الثلث، وكان أهل العلم يرون أن حكمة حجب الأم إلى السدس في حالة وجود الإخوة فيزاد في حصته وينقص من حصتها لأن مئونة الأب أكثر بوجود الإخوة. مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِي بِها أَوْ دَيْنٍ. أي: قسمة الأنصباء التي تقدمت إنما تكون من بعد وصية أو دين. وأجمع العلماء من السلف والخلف على أن الدين مقدم على الوصية، والحكمة في تقديمها في التلاوة أن إخراجها مما يشق على الورثة، وأن أداءها مظنة التفريط، بخلاف الدين، فقدمت على الدين ليسارعوا إلى إخراجها معه.

آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ لا تَدْرُونَ أَيُّهُمْ أَقْرَبُ لَكُمْ نَفْعاً. أي: فرض الله الفرائض على ما هو عنده لحكمة، ولو وكل ذلك إليكم لم تعلموا أيهم أنفع لكم، فوضعتم أنتم الأموال على غير حكمة. والتفاوت بالسهام بتفاوت المنافع، وأنتم لا تدرون تفاوتها، فتولى الله ذلك فضلا منه، ولم يكلها إلى اجتهادكم لعجزكم عن معرفة المقادير. فَرِيضَةً مِنَ اللَّهِ. أي: هذا الذي ذكرناه من تفصيل الميراث، وإعطاء بعض الورثة أكثر من بعض، فرض من الله حكم به وقضاه. وإنما ختمت الآية بهذا لكي لا يفهم فاهم من قوله تعالى: يُوصِيكُمُ أن الأمر وصية غير لازمة، بل هي فريضة لازمة.

ولنتذكر مرة أخرى الصلة بين هذه الآية وقوله تعالى في سورة البقرة كُتِبَ عَلَيْكُمْ إِذا حَضَرَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ إِنْ تَرَكَ خَيْراً الْوَصِيَّةُ لِلْوالِدَيْنِ وَالْأَقْرَبِينَ. ولنلاحظ كلمة فريضة هنا بعد قوله تعالى آباؤُكُمْ وَأَبْناؤُكُمْ. إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلِيماً حَكِيماً علمه محيط، وحكمته بالغة. وقد قسم الفرائض على ما قسمها، وذلك من آثار علمه وحكمته، فما أجهل من رفض، وما أحمق من عاند، وما أكثر المرتدين في عصرنا جهلا وجاهلية.

وَلَكُمْ نِصْفُ ما تَرَكَ أَزْواجُكُمْ. أي: زوجاتكم إِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُنَّ وَلَدٌ ابن أو بنت فَإِنْ كانَ لَهُنَّ وَلَدٌ منكم أو من غيركم فَلَكُمُ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْنَ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصِينَ بِها أَوْ دَيْنٍ والدين مقدم على الوصية، وبعده

ص: 1011

الوصية، ثم الميراث. وهذا أمر مجمع عليه بين العلماء. وحكم أولاد البنين وإن سفلوا، حكم أولاد الصلب. وَلَهُنَّ الرُّبُعُ مِمَّا تَرَكْتُمْ إِنْ لَمْ يَكُنْ لَكُمْ وَلَدٌ فَإِنْ كانَ لَكُمْ وَلَدٌ فَلَهُنَّ الثُّمُنُ مِمَّا تَرَكْتُمْ مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ تُوصُونَ بِها أَوْ دَيْنٍ وسواء في الربع أو الثمن الزوجة والزوجتان والثلاث والأربع، يشتركن فيه. ولاحظنا أن ميراث الرجل جعل ضعف ميراث الزوجة انسجاما مع الأصل لِلذَّكَرِ مِثْلُ حَظِّ الْأُنْثَيَيْنِ، وَإِنْ كانَ رَجُلٌ يُورَثُ كَلالَةً أَوِ امْرَأَةٌ الكلالة: من لم يخلف ولدا ولا والدا، وهو في الأصل مصدر بمعنى الكلال، وهو ذهاب القوة من الإعياء، وما فسرنا به الكلالة هو قول الفقهاء السبعة، والأئمة الأربعة وجمهور السلف والخلف، بل حكى الإجماع عليه غير واحد. ومعنى النص: إن كان الميت يورث وهو كلالة: لا والد له ولا ولد، أي: إن كان رجلا مورثا وهو كلالة وَلَهُ أَخٌ أَوْ أُخْتٌ. أي: من أم، إذ لو لم يكونوا من أم هنا، لكان الإرث بالتعصيب في حالة وجود الذكور. فَلِكُلِّ واحِدٍ مِنْهُمَا السُّدُسُ فَإِنْ كانُوا أَكْثَرَ مِنْ ذلِكَ فَهُمْ شُرَكاءُ فِي الثُّلُثِ لأنهم يستحقون بقرابة الأم، وهي لا ترث أكثر من الثلث. ولهذا لا يفضل الذكر منهم على الأنثى، قضى عمر أن ميراث الإخوة من الأم بينهم للذكر مثل حظ الأنثى.

مِنْ بَعْدِ وَصِيَّةٍ يُوصى بِها أَوْ دَيْنٍ كررت ذكر الوصية والدين لذكر الكلالة. غَيْرَ مُضَارٍّ. أي: يوصي بها وهو غير مضار لورثته، بأن يوصي بزيادة على الثلث، أو يوصي لوارث وَصِيَّةً مِنَ اللَّهِ أي ما مر مما بدئ بقوله تعالى يُوصِيكُمُ وصية من الله، فحافظوا عليها، والتزموا بها، وأقيموها وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَلِيمٌ عليم بمن جار، أو عدل، أو حرف، أو بدل. عليم إذا شرع وحكم وقدر، حليم على الجائر لا يعاجله بالعقوبة، فلا يغتر من جار أو جنف،

تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ. أي: هذه الفرائض والمقادير التي جعلها الله للورثة بحسب قربهم من الميت واحتياجهم إليه، وفقدهم له عند عدمه، هي حدود الله سماها حدودا، لأن الشرائع كالحدود المضروبة للمكلفين لا يجوز لهم أن يتجاوزوها، فذكرها هنا أمر بعدم تعديها وتجاوزها. وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ في حدوده، فلم يزد ولم ينقص بحيلة أو وسيلة، أو يتعد أو يتجاوز عملا أو حالا أو قولا يُدْخِلْهُ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها وَذلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ* وَمَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَيَتَعَدَّ حُدُودَهُ التي حدها في باب المواريث وغيرها، يُدْخِلْهُ ناراً خالِداً فِيها وَلَهُ عَذابٌ مُهِينٌ لهوانه عند الله باستهانته بحدوده، وكفره، واستحلاله ما حرم الله، وما أشده تهديدا

ووعيدا في هذا

ص: 1012