الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قد هربوا إلى دمشق من الخوف، وبينما كان الجميع وقوفا للصلاة جاء يسوع وقت الظهيرة مع جم غفير من الملائكة الذين كانوا يسبحون الله فطاروا فرقا من سناء وجهه فخروا على وجوههم إلى الأرض ولكن يسوع أنهضهم وعزاهم قائلا: لا تخافوا أنا معلمكم، ووبخ كثيرين من الذين اعتقدوا أنه مات وقام قائلا: أتحسبونني أنا والله كاذبين؟ لأن الله وهبني أن أعيش حتى قبيل انقضاء العالم كما قد قلت لكم، الحق أقول لكم أني لم أمت بل يهوذا الخائن. احذروا لأن الشيطان سيحاول جهده أن يخدعكم، ولكن كونوا شهودي في كل إسرائيل، وفي العالم كله كل الأشياء التي رأيتموها وسمعتموها، وبعد أن قال هذا صلى لله لأجل خلاص المؤمنين وتجديد الخطأة، فلما انتهت الصلاة عانق أمه قائلا: سلام لك يا أمي، توكلي على الله الذي خلقك وخلقني، وبعد أن قال هذا التفت إلى تلاميذه قائلا: لتكن نعمة الله ورحمته معكم ثم حملته الملائكة الأربعة أمام أعينهم إلى السماء.
«الفصل الثاني والعشرون بعد المائتين»
وبعد أن انطلق يسوع تفرقت التلاميذ في أنحاء إسرائيل والعالم المختلفة، أما الحق المكروه من الشيطان فقد اضطهده الباطل كما هي الحال دائما فإن فريقا من الأشرار المدعين أنهم تلاميذ بشروا بأن يسوع مات ولم يقم وآخرون بشروا بأنه مات الحقيقة، ثم قام وآخرون بشروا ولا يزالون يبشرون بأن يسوع هو ابن الله وقد خدع في عدادهم بولص، أما نحن فإنما نبشر بما كتبت الذين يخافون الله ليخلصوا في اليوم الأخير لدينونة الله. آمين. أهـ.
أقول: لسنا ملزمين أن نؤمن بكل ما ورد في هذا النص لعدم ثبوته القطعي عندنا، ولكنا نستأنس به لفهم بعض القضايا في النص القرآني.
فوائد:
1 -
قتل اليهود للأنبياء وتعذيبهم لهم شئ مشهور، ولا زالت كتب العهد القديم مع تحريفها وتبديلها، وكذلك كتب العهد الجديد، رغم تحريفها وتبديلها مليئة بما يشعر بهذا القتل، وأما تحريم الربا على اليهود فقد ورد في كتبهم الحالية في أكثر من مكان:
فمن ذلك ما ورد في الإصلاح الثاني والعشرين من سفر الخروج «إن أقرضت فضة لشعبي الفقير الذي عندك فلا تكن له كالمرابي لا تضعوا عليه ربا» .
ومن ذلك ما ورد في الإصحاح الثالث والعشرين من سفر التثنية:
«ولا تقرض أخاك بربا فضة أو ربا طعام أو ربا شئ مما يقرض بربا» .
2 -
ينبغي أن نلاحظ أن الكتب المعتمدة عند النصارى الحاليين، وهي ما يسمونه بكتب العهد الجديد، إن هي إلا من آثار مدرسة واحدة من مدارس النصارى وهي مدرسة بولس فالأناجيل من كتابة مدرسته، وأكثر الرسائل المعتمدة إن لم تكن كلها إما رسائله وإما رسائل لتلاميذه، وهذه الرسائل تشعر، أن بولس قد اختلف مع برنابا تلميذ المسيح المباشر وفي هذه الرسائل ما يشعر بإن هناك مخالفين لبولس وقد فصلنا ذلك في كتابنا (من أجل خطوة إلى الأمام) فإذا تأكد هذا المعنى نستطيع أن نتساءل، أين هى آثار الحواريين الاثنى عشر؟ وأين هي آثار تلاميذهم؟ أين هي أقوالهم؟ أين هي رسائلهم؟ أين هي أخبارهم؟ كل هذا غير موجود وليس موجودا ما يشعر به تقريبا، أليس هذا دليلا على أن دين المسيح الحقيقي، وإنجيله الحقيقي، وقصة حياته الحقيقة، ووضعه الحقيقي، كل ذلك قد انتهى بتغلب مدرسة بولس اليهودي الذي غلا في السيد المسيح، واستطاع بغلوه أن يتغلب بممالأة السلطة ونفاقه لها، ثم بتبني الدولة الرومانية مذهبه رسميا، إذا اتضح هذا، فإننا لا نستغرب التصورات الفاسدة عن السيد المسيح في الكتب المعتمدة عندهم. وإذا عرفنا تتبع الكنيسة لكل ما يخالفها والقضاء عليه سواء كان فكرا أو بشرا نعلم لماذا لم يصلنا شئ عن أخبار الرسل وتلاميذهم ونقولهم مما يخالف مدرسة بولس اليهودية التي اغتالت المسيحية من داخلها، وسيطرت عليها. غير أننا نجد بعضا مما فر من الإتلاف، كإنجيل برنابا التي تنص كتب العهد الجديد على اختلافه مع بولس. هذا الإنجيل يتحدث عن المسيح كما هو: رسول الله صلى الله عليه وسلم، بشر برسول الله محمد صلى الله عليه وسلم، وأمثال ذلك مما يوافق الحق. وإن مما يشبه السخرية أن يدعي النصارى أن هذا الإنجيل ألفه أحد المسلمين، وهو الأوروبي الوجود، الأوروبي الطبع، ولئن سلمنا بذلك جدلا فنحن نسألهم: أين إنجيل برنابا التي تتحدث عن تحريمه النشرات البابوية التي صدرت قبل الإسلام بكثير. ولنا عودة على هذه الأمور في الفصل الذي سنكتبه عن التثليث عند النصارى في أواخر الكلام عن المقطع الثاني عشر.
3 -
في نزول المسيح عليه السلام في آخر الزمان إجماع الأمة المسلمة، والنصارى كذلك يرون ذلك، وفي كتب اليهود ما يشعر به، وقد ورد أكثر من سبعين حديثا عن
رسول الله صلى الله عليه وسلم في شأن نزوله، وحوالي أكثر من أربعين أثرا عن الصحابة في ذلك.
وقد ألف في ذلك عبد الحي اللكنوي كتابه (التواتر الصريح في نزول المسيح) فمن أنكر قضية نزوله يكفر. والكلام عن المسيح عليه السلام مرتبط بالكلام عن المسيح الدجال الذي موضوعه من المواضيع المتواترة كذلك، وفي كتابنا- الأساس في السنة وفقهها- تفصيل ذلك.
4 -
ننقل في هذه الفائدة كلام ابن عباس، في موضوع رفع المسيح، وما حدث لقومه بعده، كما ننقل حديثا واحدا عن نزول المسيح عليه السلام، وموضوع الدجال.
أ- في أثر صحيح عن ابن عباس قال: لما أراد الله أن يرفع عيسى إلى السماء، خرج على أصحابه وفي البيت اثنا عشر رجلا من الحواريين، يعني فخرج عليهم من عين في
البيت، ورأسه يقطر ماء فقال: إن منكم من يكفر في اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن بي، قال: ثم قال أيكم يلقى عليه شبهي فيقتل مكاني ويكون معي في درجتى؟ فقام شاب من أحدثهم سنا فقال له: اجلس، ثم أعاد عليهم فقام ذلك الشاب فقال:
اجلس. ثم أعاد عليهم فقام الشاب، فقال: أنا فقال: هو أنت ذاك. فألقي عليه شبه عيسى، ورفع عيسى من روزنة في البيت إلى السماء، قال: وجاء الطلب من اليهود فأخذوا الشبه فقتلوه، ثم صلبوه، فكفر به بعضهم اثنتي عشرة مرة بعد أن آمن به، وافترقوا ثلاث فرق، فقالت فرقة: كان الله فينا ما شاء ثم صعد إلى السماء وهؤلاء اليعقوبية، وقالت فرقة: كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء النسطورية، وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء النسطورية، وقالت فرقة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء الله، ثم رفعه الله إليه، وهؤلاء المسلمون، فتظاهرت الكافرتان على المسلمة، فقتلوها، فلم يزل الإسلام طامسا حتى بعث الله محمدا صلى الله عليه وسلم.
ب- روى مسلم وأصحاب السنن عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: «لا تقوم الساعة حتى تروا عشر آيات، طلوع الشمس من مغربها، والدخان، والدابة، وخروج يأجوج ومأجوج، ونزول عيسى ابن مريم، والدجال، وثلاثة خسوف، خسف في المشرق، وخسف في المغرب، وخسف في جزيرة العرب، ونار تخرج من قعر عدن تسوق- أو تحشر- الناس، تبيت معهم حيث باتوا، وتقيل معهم حيث قالوا» .
ونحب هنا أن ننبه إلى أن العطف بالواو لا يقتضي الترتيب بل يفيد مطلق الجمع،