الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
6 - باب كَيْفَ القَضاءُ
3582 -
حَدَّثَنا عَمْرُو بْن عَوْنٍ قالَ: أَخْبَرَنا شَرِيكٌ، عَنْ سِماكٍ، عَنْ حَنَشٍ، عَنْ عَليٍّ عليه السلام قالَ: بَعَثَني رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم إِلَى اليَمَنِ قاضِيًا فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ تُرْسِلُني وَأَنا حَدِيثُ السِّنِّ وَلا عِلْمَ لي بِالقَضاءِ فَقالَ: "إِنَّ اللهَ سَيَهْدي قَلْبَكَ، وُيُثَبِّتُ لِسانَكَ، فَإِذا جَلَسَ بَيْنَ يَدَيْكَ الخَصْمانِ فَلا تَقْضِيَنَّ حَتَّى تَسْمَعَ مِنَ الآخَرِ كَما سَمِعْتَ مِنَ الأَوَّلِ فَإِنَّهُ أَحْرى أَنْ يَتَبيَّنَ لَكَ القَضاءُ". قالَ: فَما زِلْتُ قاضِيًا أَوْ ما شَكَكْتُ في قَضاءٍ بَعْدُ (1).
* * *
باب: كيف القضاء
[3582]
(ثنا عمرو بن عون) الواسطي البزاز (أنا) القاضي (شريك، عن سماك) بن حرب (عن حنش) بفتح الحاء المهملة والنون، ثم شين معجمة، وهو ابن المعتمر، ويقال: ابن ربيعة الكناني الكوفي أبو المعتمر، قال المصنف: ثقة (2). وقال النسائي: ليس بالقوي (3).
(عن علي قال: بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى اليمن قاضيًا) فيه: دليل على فضيلة القضاء واستحباب قبوله؛ لأنه من المناصب الشريفة إذا كان أهلًا، ولولا ذلك لما ارتضاه النبي صلى الله عليه وسلم لابن عمه، ولمعاذ بن جبل، ومعقل بن يسار.
(1) رواه الترمذي (1331)، والنسائي في "الكبرى"(8366)، وأحمد 1/ 90.
وحسنه الألباني.
(2)
"سؤالات أبي عبيد الآجري"(ص 484).
(3)
"الضعفاء والمتروكون"(166).
وقد قبله الخلفاء الراشدون الذين بهم يقتدى ويهتدى، وما جاء مخالفًا لذلك فمحمول على من يخاف عليه من خطره لفساد الزمان وتغير أهله.
(فقلت: يا رسول الله، ترسلني وأنا حديث السن) يقال للفتى: حديث السن. فإن حذفت الياء قلت: حَدَث، بفتحتين (ولا علم لي بالقضاء) زاد في رواية أحمد لفظة: إنك تبعثني إلى قوم يكون منهم أحداث ولا علم لي بالقضاء (1). وأراد بالأحداث: الأمور الحادثة.
(فقال: إن الله سيهدي قلبك ويثبت لسانك) رواية أحمد: "إن الله سيهدي لسانك ويثبت قلبك"(2).
(فإذا جلس بين يديك الخصمان) بضم الخاء، استدل به على أن السنة في القضاء أن يجلس الخصمان بين يدي القاضي، مسلمين كانا أو ذميين؛ لعموم الحديث؛ ولاستوائهما في دينهما؛ ولأنه أمكن للحاكم في العدل بينهما والإقبال عليهما، وهذا إذا لم يكونا شريفين، أما الشريفان فيجلس أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، فلو تداعيا واقفين، قال الماوردي: لا تسمع الدعوى وهما قائمان حتى يجلسا بين يديه (3).
(فلا تقضين) بتشديد النون (حتى تسمع من الآخر كما سمعت من الأول) بوب عليه الترمذي: باب القاضي لا يقضي بين الخصمين حتى
(1)"مسند أحمد" 1/ 83.
(2)
"مسند أحمد" 1/ 83.
(3)
انظر: "الحاوي" 16/ 275.
يسمع كلامهما (1).
(فإنه أحرى) بالحاء المهملة. أي: أحق وأجدر (أن يتبين) بخمس مفتوحات (لك القضاء) بينها لفظ الترمذي: "فسوف تدري كيف تقضي"(2)(فما زلت قاضيًا) بعد (3)(أو ما شككت) شك من الراوي، واقتصر الترمذي على الأول (في قضاء بعد) بضم الدال. أي: بعد ذلك. وكيف يحصل له الشك بعد ذلك، وقد دعا له رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وذكر المحب الطبري من أقضيته بعد ذلك ما رواه القلعي عن زر (4) بن حبيش قال: جلس اثنان يتغديان ومع أحدهما خمسة أرغفة والآخر ثلاثة أرغفة، وجلس ثالث واستأذنهما في أن يصيب من طعامهما، فأذنا له، فأكلوا على السواء وألقى إليهما ثمانية دراهم. وقال: هذِه عوض ما أكلت من طعامكما، فتنازعا في قسمتها على السواء، فترافعا إلى عَليّ رضي الله عنه، فقال لصاحب الثلاثة: اقبل من صاحبك. فأبى، وقال: ما أريد إلا مر الحق، فقال له علي: لك في (5) مُر الحق درهم واحد، وله سبعة. فقال: وكيف ذلك يا أمير المؤمنين؟ فقال: لأن الثمانية أربعة وعشرون ثلثًا لصاحب الخمسة: خمسة (6) عشر، ولك
(1)"سنن الترمذي" 3/ 609.
(2)
"سنن الترمذي"(1331).
(3)
ساقطة من (م).
(4)
في (ل)، (م): زيد.
(5)
ساقطة من (م).
(6)
ساقطة من (م).
تسعة، وقد استويتم في الأكل، فأكلت ثمانية وبقي لك واحد، وأكل صاحبك ثمانية وبقي له سبعة، وأكل الثالث ثمانية، فسبعة لصاحبك وواحد لك (1).
وقد أخرج أحمد في "المناقب" أنه لما توجه إلى اليمن وجد أربعة وقعوا في حفرة، وتعلق بعضهم ببعض، فماتوا .. إلى آخرها (2).
(1) ذكرها أيضا المحب الطبري في "الرياض النضرة في مناقب العشرة"(1478) وعزاها للقلعي.
(2)
"فضائل الصحابة" 2/ 722 (1239).