الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب في شَهادةِ الزُّورِ
3599 -
حَدَّثَنا يَحْيَى بْن مُوسَى البَلْخيُّ، حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ عُبَيْدٍ، حَدَّثَني سُفْيانُ -يَعْني العُصْفُريَّ-، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ النُّعْمانِ الأسَديِّ، عَنْ خُرَيْمِ بْنِ فاتِكٍ قالَ: صَلَّى رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم صَلاةَ الصُّبْحِ فَلَمّا انْصَرَفَ قامَ قائِمًا فَقالَ: "عُدِلَتْ شَهادَةُ الزُّورِ بِالإِشْراكِ باللهِ". ثَلاثَ مِرارٍ ثُمَّ قَرَأَ: {فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثَانِ وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ حُنَفَاءَ لِلَّهِ غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} (1).
* * *
باب في شهادة الزور
[3599]
(ثنا يحيى بن موسى البلخي) شيخ البخاري (حدثني محمد (2) بن عبيد) بن أميَّة الطنافسي الكوفي الأحدب (حدثني سفيان) ابن زياد، روي له الجماعة [سوى](3) مسلم (العصفري) بضم العين والفاء نسبة إلى العصفر [وبيعه وشرائه، وهو ما تصبغ به الثياب.
(عن أبيه) زياد العصفري] (4)(عن حبيب بن النُّعمان الأسدي) أخرج له ابن ماجه، وهو مقبول (عن خريم) بضم الخاء المعجمة بعدها راء مهملة مصغر (ابن فاتك) بفاء، وبعد الألف مثناة فوق مكسورة، ثم كاف، وقيل: هو: خريم بن أخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك الأسدي وقيل: فاتك
(1) رواه الترمذي (2300)، وابن ماجه (2372) وأحمد 4/ 311.
وضعفه الألباني في "الضعيفة"(1110).
(2)
فوقها في (ل): (ع).
(3)
زيادة يقتضيها السياق.
(4)
ما بين المعقوفتين ساقط من (م).
لأبيه أخرم، شهد بدرًا مع أخيه سمرة، وقيل: إن خريمًا وابنه أسلما يوم الفتح، وقد صحح البخاري وغيره أن خريمًا وأخاه شهدا بدرًا (1) ونزل خريم الرقة.
(قال: صلى رسول صلى الله عليه وسلم صلاة الصبح فلما انصرف) منها (قام قائماً) فيه: القيام لتبليغ الأحكام والوعظ والخطابة (فقال: عدلت) بضم العين، وكسر الدال. أي: قومت وجعلت عدل الشرك بالله، أي: مثله (شهادة الزور) سميت بذلك [لأن](2) شاهده يميل عن الحق، من قولهم: تزاور عنه. أي: مال (بالإشراك بالله) تعالى ذلك (ثلاث مرات) وفيه تعظيم شهادة الزور؛ إذ هي من أكبر الكبائر، ولهذا يعادله الشرك بالله تعالى.
(ثم قرأ) قوله: ({فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ}) الرجز والرجس: العذاب، قال ابن عبد السلام: حكم القاضي بغير حق كبيرة؛ لأن شاهد الزور متوسل متسبب، فإذا كان المتسبب كبيرة فالمباشر أكثر منه (3). وهو إن علم القاضي بالزور (من) لبيان الجنس وللتمييز، كقولك: عندي عشرون من الدراهم. فكما أن العشرين تتناول أشياء، كذلك الرجز يتناول أشياء، فاحتيج إلى ما يميز فكأنه قيل: فاجتنبوا الرجس الذي هو الأوثان، كما قالوا: عندي العشرون التي هي الدراهم.
({الْأَوْثَانِ}) جمع وثن، وهو ما له جثة معمولة من جواهر
(1)"التاريخ الكبير" 3/ 224.
(2)
زيادة يقتضيها السياق.
(3)
"قواعد الأحكام في مصالح الأنام" 1/ 24.
الأرض، يعبد من دون الله ({وَاجْتَنِبُوا قَوْلَ الزُّورِ}) جعل الشرك وقول الزور في قران واحد، وذلك أن الشرك من باب الزور؛ لأن المشرك يقول: عبادة الأوثان حق. كما يقول شاهد الزور: شهادته حق. فكأنه قال: فاجتنبوا عبادة الأوثان التي هي رأس الزور، واجتنبوا قول الزور كله. وهو الكذب، ولا تقربوا منهما شيئاً، وسمي الوثن رجسا على طريق التشبيه، يعني: كما أنكم تنفرون بطباعكم عن الرجس فتجتنبوه، فعليكم أن تنفروا من كلمات الزور مثل تلك النفرة، وقد نبه على هذا المعنى بقوله:{رِجْسٌ مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ} ({حُنَفَاءَ لِلَّهِ}) حال من الضمير في قوله: {اجْتَنِبُوا} أي: اجتنبوه في حال كونكم مائلين لله بكليتكم {غَيْرَ مُشْرِكِينَ بِهِ} سبحانه في العبادة.
* * *