الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
19 - باب في المُزابَنَة
3361 -
حدثنا أَبُو بَكْرِ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حدثنا ابن أَبي زائِدَةَ، عَنْ عُبَيْدِ اللهِ، عَنْ نافِعٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ بَيْع الثَّمَرِ بِالتَّمْرِ كَيْلًا وَعَنْ بَيْع العِنَبِ بِالزَّبِيبِ كَيْلًا وَعَنْ بَيْعِ الزَّرْعِ بِالِحنْطَةِ كَيْلًا (1).
* * *
باب في المزابنة
وهي في اللغة المدافعة، وبهذا سميت الزبانية؛ لأنهم يدفعون إلى النار فسمي بيع الرطب بالتمر مزابنة؛ لأنه دفع التمر بالرطب وبيعه لا يجوز. قال الأزهري: إنما خصوا التمر في رؤوس النخل بالتمر على الأرض باسم (2) المزابنة؛ لأنه غرر لا يحصل بالكيل ولا بالوزن وخرصه حَدْسٌ وظنٌ (3) مع ما (4) لا يؤمن فيه من الربا المحرم، وهذا يقتضي أن المزابنة تختص ببيع التمر على رؤوس النخل (5).
[3361]
(حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة، حدثنا) زكريا (ابن أبي زائدة، عن عبيد الله) بالتصغير ابن عبد الله (عن نافع، عن ابن عمر) رضي الله عنهما (أن النبي صلى الله عليه وسلم نهى عن بيع الثمر (6) بالتمر) قال السبكي: يحتمل
(1) رواه البخاري (2171)، ومسلم (1534).
(2)
سقطت من (ع).
(3)
في (ع) بياض.
(4)
في (ل) و (ر): معمى، وفي "المجموع"(معنى). والمثبت من "الزاهر في غريب ألفاظ الشافعي" للأزهري (ص 205).
(5)
انظر: "المجموع" للنووي 10/ 366.
(6)
في المطبوع (التمر).
أن يكونا جميعًا بالثاء المثلثة، فتكون هذِه الرواية موافقة لما رواه أبو بكر الإسماعيلي في كتاب "المستخرج على البخاري" حديث ابن عمر في البخاري: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن المزابنة، والمزابنة اشتراء الثمر بالتمر كيلًا، ورواه الإسماعيلي: عن بيع الثمرة بالثمرة. قال: والثمرة تشمل الرطب وسائر أحواله.
قال: وهذِه الرواية أصرح من رواية البخاري وغيره: نهى عن بيع التمر بالتمر. فإنه يحتمل أن يكونا جميعًا بالمثلثة فتكون موافقة لرواية الإسماعيلي، ويحتمل أن تكون إحداهما: بالتمر بالمثناة، وكذلك (1) ضبطه جماعة أن الأولى بالمثلثة والثانية بالمثناة، يعني: بيع الرطب بالتمر. وأما رواية الإسماعيلي هذِه فصريحة، فإنها بزيادة الهاء في آخرها (2).
قال ابن عبد البر: لا خلاف بين العلماء أن المزابنة ما ذُكِرَ تفسيره في الحديث عن ابن عمر من قوله أو مرفوعًا، وأقل (3) ذلك أن يكون من قوله، وهو راوي الحديث فنسلم (4) له، فكيف ولا مخالف له في ذلك؟ وكذلك ما كان في معناه من الجزاف بالكيل في الجنس الواحد المطعوم (5).
(1) في (ع): وكذا.
(2)
"المجموع"10/ 308.
(3)
في (ر): ولعل. والمثبت من (ل) و"المجموع".
(4)
في (ل) و (ر): ومسلم، والمثبت من "المجموع".
(5)
"التمهيد" 13/ 309، وانظر:"المجموع" 10/ 366.
(كيلًا) منصوب على الحال من التمر، وإنما جاز وقوع الحال جامدة (1) لتأولها بالمشتق بلا تكلف (2)، والتقدير مقابضة كيل (3) بكيل.
قال القاضي حسين في تعليقه: لا خلاف أن بيع الرطب بالتمر كيلًا على الأرض أو على الشجرة من غير اعتبار المآل لا يجوز وهي المزابنة (4).
(وعن بيع العنب بالزبيب كيلًا) قال القرطبي: يعني أن أحدهما بالكيل والآخر بالجزاف؛ للجهل بالمقدار في الجنس، فيدخله الحظر، وإذا كان هذا ممنوعًا (5) للجهل من جهة واحدة، فالجهل من جهتين جزاف بجزاف أدخل في المنع والحديث الذي رواه مسلم يشهد للشافعي على تفسيره للمزابنة.
قال: وأما مالك ففهم أن المنع فيها إنما (6) كان من حيث الغرر اللاحق في الجنس الواحد، فعداه (7) لكل جنس وجد فيه ذلك المعنى (8).
(وعن بيع الزرع بالحنطة كيلًا) قال السبكي: قد علمت أن المزابنة
(1) في (ع): جامدًا.
(2)
في (ر) و (ل): تكليف.
(3)
في الأصول: كيلا. والمثبت الصواب.
(4)
انظر: "المجموع" 10/ 363.
(5)
في (ع): ممنوع.
(6)
في (ل) و (ر): إذا. والمثبت من "المفهم".
(7)
في (ل) و (ر): تعداه. والمثبت من "المفهم".
(8)
انظر: "المفهم" للقرطبي 4/ 390 - 391.
بيع الرطب (1) بالتمر، والمحاقلة بيع الزرع بالحنطة، ثم إن سائر الثمار في شجرها بجنسها لا يجوز، وسائر الزروع في سنبله لا يجوز.
واختلف أصحابنا على ما حكاه الماوردي: هل ذلك لدخولها في اسم المزابنة أو قياسًا عليها؟ فأحد الوجهين وهو ظاهر مذهب الشافعي: أن ذلك لدخول سائر الثمار في اسم المزابنة وسائر الزروع في اسم المحاقلة، وكان تحريمه نصًّا لا قياسًا.
والوجه الثاني وهو مذهب أبي علي بن أبي هريرة أن النص في المحاقلة والمزابنة يختص بالحنطة والنخل، وسائر الزروع مقيسة على الحنطة في المحاقلة وسائر الثمار مقيسة على النخل في المزابنة فكان تحريمه قياسًا لا نصًّا.
وقال القاضي حسين: المحاقلة بيع الحنطة المنقاة بالحنطة في السنابل، وذلك لا يجوز وهو مشتق من الحقل، وذلك اسم (2) الأرض البيضاء (3).
(1) في (ل) و (ر): التمر. والمثبت من "المجموع".
(2)
سقط من (ل) و (ر). والمثبت من "المجموع".
(3)
"المجموع" 10/ 368.