الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
15 - باب في التَّسْعيرِ
3450 -
حدثنا محَمَّد بْن عُثْمانَ الدِّمَشْقيُّ أَنَّ سُلَيْمانَ بْنَ بِلالٍ حَدَّثَهُمْ، حَدَّثَني العَلاء بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَجُلًا جاءَ فَقال: يا رَسُولَ اللهِ سَعِّرْ. فَقالَ: "بَلْ أَدْعُو". ثمَّ جاءَهُ رَجُلٌ فَقال: يا رَسُولَ اللهِ سَعِّرْ فَقالَ: "بَلِ اللهُ يَخْفِضُ وَيَرْفَعُ وَإِنّي لأَرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ لأحَدٍ عِنْدي مَظْلَمَةٌ"(1).
3451 -
حدثنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ، حدثنا عَفّانُ، حدثنا حَمّادُ بْنُ سَلَمَةَ، أَخْبَرَنا ثابِتُ، عَنْ أَنَسٍ وَقَتادَةُ وَحُمَيْدٌ، عَنْ أَنَسٍ قال: قال النّاسُ: يا رَسُولَ اللهِ غَلا السِّعْرُ فَسَعِّرْ لَنا. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إِنَّ اللهَ هُوَ المُسَعِّرُ القابِضُ الباسِطُ الرّازِقُ وَإِنّي لأرْجُو أَنْ أَلْقَى اللهَ وَلَيْسَ أَحَدٌ مِنْكُمْ يُطالِبُني بِمَظْلَمَةٍ في دَمٍ وَلا مالٍ"(2).
* * *
باب في التسعير
[3450]
(حدثنا محمد بن عثمان) أبو الجماهر (الدمشقي) الكفرسوسي، وثقه أبو حاتم، وقال عثمان الدارمي: هو أوثق من أدركنا بدمشق مجتمعين على صلاحه (3)(أن سليمان بن بلال) القرشي التيمي، روى له الجماعة (حدثهم، قال: حدثني العلاء بن عبد
(1) رواه أحمد 2/ 337، وأبو يعلى 11/ 401 (6521)، والطبراني في "الأوسط" 1/ (427).
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(2836).
(2)
رواه الترمذي (1314)، وابن ماجه (2200)، وأحمد 3/ 286.
وصححه الألباني في "المشكاة"(2894).
(3)
انظر: "تهذيب الكمال" 28/ 100.
الرحمن) مولى الحرقة، أحد الأئمة (عن أبيه) عبد الرحمن بن يعقوب مولى الحرقة، روى له مسلم.
(عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رجلًا جاء) إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم (فقال: يا رسول الله، سعر) التسعير هو أن يأمر السلطان، أو نائبه، أو كل من ولي أمرًا من أمور المسلمين أهل السوق أن لا يبيعوا أمتعتهم إلا بسعر كذا، إما بمنع الزيادة لمصلحة العامة، وإما بمنع النقصان لمصلحة أهل السوق.
(فقال: بل أدعو) الله وأسأله من فضله.
(ثم جاء رجل، فقال: يا رسول الله، سعر) لنا. (فقال: بل الله يخفض) الأسعار إذا شاء، أي: يضعها (ويرفع) السعر إذا شاء.
وروى البزار من رواية علي رضي الله عنه: قيل: يا رسول الله، قوِّم لنا السعر. فقال:"غلاء السعر، ورخصه بيد الله تعالى"(1).
وفي سنده الأصبغ بن نباتة، وثقه العجلي (2).
وروى الطبراني في "الكبير" عن ابن نضيلة (3): قيل للنبي صلى الله عليه وسلم عام سنة: سعِّر لنا يا رسول الله. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يسألني الله عن
(1)"مسند البزار"(899).
(2)
"معرفة الثقات" 1/ 234. وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 4/ 100: ضعفه الأئمة، وقال بعضهم: متروك.
(3)
ذكر ابن الأثير في "أسد الغابة" 3/ 568 أن اسمه: عبيد بن نضيلة الخزاعي وذكر هذا الحديث في ترجمته، وذكر ابن حجر في "الإصابة" 3/ 535 أن اسمه: طلحة بن نضيلة، فالله أعلم بالصواب.
سَنَةٍ أجدبها عليكم لم يأمرني بها، ولكن اسألوا الله من فضله" (1).
(وإني لأرجو أن ألقى الله) تعالى (وليس لأحد عندي مظلمة) قال بدر الدين محمد بن مالك في شرحه لقصيدة والده في أبنية الأفعال: يقال في المصدر من ظَلَم يظلِم: مظلَمة ومظلِمة بالفتح وهو القياس، وبالكسر وهو شاذ.
وفي رواية البزار المتقدمة: "أريد أن ألقى ربي وليس أحد يطلبني بمظلمة ظلمتها إياه".
[3451]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة حدثنا عفان) بن مسلم الصفار (حدثنا حماد بن سلمة)(2) بن عبد الله الباهلي من رجال مسلم (حدثنا ثابت) البناني (عن أنس بن مالك رضي الله عنه و) أخبرنا (قتادة وحميد، عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال الناس: يا رسول الله، غلا السعر فسعر لنا. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله هو المسعر) ثبت في هذا الحديث الذي رواه أحمد (3) والترمذي (4) وابن ماجه (5) والدارمي (6) والبزار (7) وأبو
(1) ذكره الهيثمي في "المجمع" 4/ 100 بلفظ: سُنةٍ أحدثتها. وقال: رواه الطبراني في "الكبير" وفيه بكر بن سهل الدمياطي، ضعفه النسائي، ووثقه غيره، وبقية رجاله ثقات.
(2)
بعدها في (ل، ر): نسخة: حدثنا محمد بن سلمة.
(3)
"المسند" 3/ 286.
(4)
(1314).
(5)
(2200).
(6)
3/ 1658 (2587).
(7)
13/ 469 (7260).
يعلى (1): أن المسعر من أسماء الله تعالى؛ فإن أسماء الله تعالى ليست منحصرة في التسعة والتسعين، والصحيح من المذاهب الثلاثة أن أسماء الله توقيفية، وهو قول أبي الحسن الأشعري: أنه لا يجوز إطلاق شيء من الأسماء والصفات على الله تعالى إلا بإذن من الكتاب والسنة أو الإجماع، ولا مدخل للقياس على أسمائه، ولا يتعدى ما ورد به الشرع.
(القابض الباسط) قابض الرزق بحكمته، وباسطه بجوده ورحمته، وقد يخص العلماء القابض الباسط بالرزق لقوله:{يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشَاءُ} (2)، ويعنون بالرزق: المقتات وما كان في معناه، فالمعطي هو الباسط، والمانع هو القابض (الرازق) القائم لكل نفس بما يقوتها، فرزق الأجسام الغذاء، وغذاء الأفلاك الحركة، ورزق النفوس العلوم، ورزق العقول الشهود، ويقال: من دعاء داود عليه السلام (يا رازق (3) النعاب في عشه) والنعاب بالنون والعين المهملة آخره باء موحدة هو: فرخ الغراب (4).
(وإني لأرجو أن ألقى الله) تعالى (وليس أحد منكم يطالبني بمظلمة)[أي: بظلم له (بدم [ولا مال]) (5) بتخفيف الميم في دم ورواية] (6) الطبراني في "الأوسط" عن أبي سعيد: يطلبني بمظلمة في مال ولا
(1) 5/ 245 (2861).
(2)
الرعد: 26.
(3)
في (ر): بأرزاق.
(4)
انظر: "لسان العرب" 1/ 764.
(5)
من المطبوع.
(6)
ما بين المعقوفين سقط من (ر).
نفس، وقال: رجاله رجال الصحيح. استدل به على أن التسعير حرام. ووجه الدليل أنه جعل التسعير مظلمة والظلم حرام (1)، ولقوله:"إن الله هو المسعر" يعني لا غيره ففيه دلالتان، ولأن الناس مسلطون على أموالهم، وفي التسعير حجر عليهم، ولأن الإمام مأمور برعاية مصلحة الكافة، وليس نظره في مصلحة المشتري برخص الثمن أولى من نظره في مصلحة البائع (2) بوفور الثمن، فإذا تقابل الأمران وجب تمكين الفريقين من الاجتهاد لأنفسهم، ولذلك جعله (3) صلى الله عليه وسلم ظلمًا على ما يُفهمه الحديث؛ لأن فيه إلزامه ببيع سلعته بما لا يرضاه وهو ينافي قوله:{إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} (4)، والصحيح أنه لا فرق بين حالة الغلاء والرخص، و (5) لا بين المجلوب وغيره لعموم الحديث، وبه قال أبو حنيفة والجمهور (6)، [ووراء ذلك وجهان ضعيفان:
أحدهما: في وقت الغلاء ووجه أنه يجوز رفقًا بالضعفاء وهو مخالف للحديث؛ لأنه ورد في حال غلاء السعر وبسببه طُلب منه التسعير، وحيث قلنا: لا يجوز، وهو الأصح فسعَّر ووقع البيع بما سعَّر به، فلو باعوا كارهين للسعر صح غير أنا نكره الابتياع منهم إلا
(1) سقط من (ر).
(2)
سقط من (ر)، (ل) وأثبتها من "عون المعبود" 9/ 230.
(3)
في (ر)، (ل)(جعل) ولعل المثبت هو الموافق للمعنى.
(4)
النساء: 29.
(5)
سقط من (ر).
(6)
انظر: "البيان" للعمراني 5/ 354.
إذا علم طيب نفوسهم. قاله الماوردي (1)، ونقل عن مالك جواز التسعير (2)، فمنهم من يخصه بحالة الغلاء كما هو وجه عندنا، ومنهم من يطلق ويجعله بحيث المصلحة، (وأجاب)(3) أصحابنا بأنه لا مصلحة في ذلك، بل فيه مفسدة وهو انقطاع الجلب، وللحديث، فإنه إنما امتنع في حالة الغلاء، فأما حالة الرخص فأولى] (4).
(1) انظر: "الحاوي الكبير" 5/ 411.
(2)
انظر: "فتح العزيز شرح الوجيز" للرافعي 8/ 217، "البيان" للعمراني 5/ 354.
(3)
سقط من (ر).
(4)
هذِه الفقرة غير واضحة في (ل) وأثبتها هكذا من (ر).