الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
46 - باب في قَبُولِ الهدايا
3536 -
حدثنا عَليُّ بْنُ بَحْرٍ وَعَبْدُ الرَّحِيمِ بْنُ مُطَرِّفٍ الرُّؤاسيُّ قالا: حدثنا عِيسَى - وَهُوَ ابن يُونُسَ بْنِ أَبى إِسْحاقَ السَّبِيعيُّ - عَنْ هِشامِ بْنِ عُرْوَةَ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ عائِشَةَ رضي الله عنها أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم كانَ يَقْبَلُ الهَدِيَّةَ وَيُثِيبُ عَلَيْها (1).
3537 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ عَمْرٍو الرّازىُّ، حدثنا سَلَمَة - يَعْني ابن الفَضْلِ - حَدَّثَني مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحاق، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبي سَعِيدٍ المَقْبُريِّ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبى هُرَيْرَةَ قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "وايْمُ اللهِ لا أَقْبَلُ بَعْدَ يَوْمي هذا مِنْ أَحَدٍ هَدِيَّةً إِلَاّ أَنْ يَكُونَ مُهاجِرًا قُرَشِيًّا أَوْ أَنْصارِيًّا أَوْ دَوْسِيًّا أَوْ ثَقَفِيًّا"(2).
* * *
باب قبول الهدايا
[3536]
(حدثنا علي بن بحر) بفتح الباء الموحدة وإسكان الحاء المهملة، ابن بري القطان، الحافظ، وثقوه (وعبد الرحيم (3) بن مطرف الرؤاسي) بضم (4) الراء (قالا: حدثنا عيسى بن يونس بن أبي إسحاق السبيعي، عن هشام بن عروة، عن أبيه) عروة بن الزبير (عن عائشة رضي الله عنها: أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يقبل الهدية ويثيب عليها) أي يعطي للذي يهدي له بدلها، والمراد بالثواب المجازاة، وأصله ما يساوي
(1) رواه البخاري (2585).
(2)
رواه الترمذي (3945)، والنسائي 6/ 279، وأحمد 2/ 292.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(2119).
(3)
في الأصول: عبد الرحمن. والصواب المثبت.
(4)
في الأصول: بفتح. والمثبت الصواب.
قيمة الهدية.
واستدل بعض المالكية بهذا الحديث على وجوب الثواب على الهدية إذا أطلق الواهب، وكأنه يطلب من مثله الثواب كالفقير للغني بخلاف هبة الأعلى للأدنى، ووجه الدلالة منه: مواظبته صلى الله عليه وسلم، ومن حيث المعنى أن الذي أهدى قصد أن يعطى أكثر مما أهدى فلا أقل أن يعوض بنظير هديته، وبه قال الشافعي في القديم، وقال في الجديد كالحنفية (1): الهبة للثواب باطلة لا تنعقد؛ لأنها بيع بثمن مجهول، ولأن موضوع الهبة التبرع، فلو عملنا (2) بها لكان في معنى المعاوضة. وقد فرق الشرع والعرف بين البيع والهبة، فما استحق العوض أطلق عليه لفظ البيع بخلاف الهبة.
وأجاب المالكية بأن الهبة لو لم تقتض الثواب أصلًا لكانت بمعنى الصدقة، وليس كذلك؛ لأن الأغلب من حال المهدي أنه يطلب الثواب، ولا سيما إذا كان فقيرًا (3).
[3537]
(حدثنا محمد بن عمرو الرازي (4)، حدثنا سلمة بن الفضل) الأبرش الأنصاري، ذكره ابن حبان في "الثقات"(5)، روى له الترمذي (6) وابن ماجه في التفسير.
(1) انظر: "المجموع 15/ 387، "نهاية المطلب" 7/ 5، "النتف" 1/ 512.
(2)
في (ر): علمنا.
(3)
انظر: "فتح الباري" 5/ 210.
(4)
في (ر): الداري.
(5)
8/ 287 (13480).
(6)
انظر: "السنن"(58، 1677).
(حدثني محمد بن إسحاق) بن يسار بالمثناة والسين المهملة، صاحب "المغازي"(عن سعيد بن أبي سعيد المقبري، عن أبيه) أبي سعيد كيسان التابعي.
(عن أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذا الحديث رواه أحمد وابن حبان في "صحيحه" من حديث ابن عباس وأوله: أن أعرابيًّا وهب للنبي صلى الله عليه وسلم ناقة فأثابه عليها وقال: "أرضيت؟ " قال: لا. فزاده وقال: "رضيت؟ " قال: نعم (1). وطوله الترمذي من وجه آخر، وبين أن الثواب كان ست بكرات (2).
وكذا رواه الحاكم وصححه على شرط مسلم (3).
(وايم الله) بهمزة وصل (لا أقبل بعد يومي هذا) رواية الترمذي: "بعد مقامي هذا" ولفظه عن أبي هريرة: أهدى رجل من بني فزارة إلى النبي صلى الله عليه وسلم ناقة من إبله التي كانوا أصابوها بالغابة فعوضه منها بعض العوض فتسخطه، فسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول على المنبر:"إن رجالًا من العرب يهدي أحدهم الهدية فأعوضه عنها بقدر ما عندي فظل (4) يتسخط عليَّ" .. الحديث (5)(من أحد) من العرب (هدية إلا أن يكون مهاجرًا) بضم الميم، أي: مهاجرًا من المهاجرين أو (قرشيًّا، أو
(1)"مسند أحمد" 1/ 295، "صحيح ابن حبان" 14/ 296 (6384).
(2)
"سنن الترمذي"(3945).
(3)
"المستدرك" 2/ 62 - 63.
(4)
في (ر): فبطل.
(5)
"سنن الترمذي"(3946).
أنصاريًّا، أو دوسيًّا) سميت القبيلة بالمصدر من داس الأرض دوسًا (أو ثقفيًّا) سميت القبيلة باسم الفاعل، وهو ثقيف من ثقِفت الحديث، بكسر القاف، فهمته بسرعة (1).
ولهذه العلة امتنع بعض مشايخنا في التصوف هو وأصحابه من قبول هدية من أحد أصلًا لا من صديق ولا من قريب ولا غيره، وقال: لفساد النيات في هذا الزمان. وبلغني أن سبب امتناعه أنه أهدى إليه بعض فلاحي قرى دمشق بهدية فقبلها، ثم بعد أيام أتى إليه ليشفع له شفاعة، فاعتذر إليه، فقال: أما كان فيما أهديته إليه ملح يعرف. ولقد أتيته للسلام عليه مع بعض مشايخنا بلا دسم ليسقيه به، فلما جلسنا إليه اعتذر لنا، وقال: عرفتم أنا لا نقبل من أحد شيئًا، وقد فرغت فنحن نأتدم بالكسب، وفي معناه إلى أن نميل إلى البلاد (2).
* * *
(1) انظر: "المصباح المنير" 1/ 82 - 83.
(2)
طمس في (ل).