الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
28 - باب في المُضاربِ يخالِفُ
3384 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا سُفْيانُ، عَنْ شَبِيبِ بْنِ غَرْقَدَةَ، حَدَّثَني الَحي، عَنْ عُرْوَةَ -يَعْني: ابن أَبي الجَعْدِ البارِقيِّ- قال: أَعْطْاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم دِينارًا يَشْتَري بِهِ أُضْحِيَةً أَوْ شاةً فاشْتَرى شاتَيْنِ فَباعَ إِحْداهُما بِدِينارٍ فَأَتاهُ بِشاةٍ وَدِينارٍ فَدَعا لَهُ بِالبَرَكَةِ في بَيْعِهِ، فَكانَ لَوِ اشْتَرى تُرابًا لَرَبحَ فِيهِ (1).
3385 -
حدثنا الحَسَنُ بْنُ الصَّبّاحِ، حدثنا أَبُو المُنْذِرِ، حدثنا سَعِيدُ بْن زَيْدٍ -هُوَ أَخُو حَمّادِ بْنِ زَيْدٍ- حدثنا الزُّبَيْرُ بْنُ الِخرِّيتِ، عَنْ أَبي لَبِيدٍ، حَدَّثَني عُرْوَةُ البارِقيُّ بهذا الَخَبرِ وَلَفْظُهُ مُخْتَلِفٌ (2).
3386 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ كَثِيرٍ العَبْديُّ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، حَدَّثَني أَبُو حُصَيْنٍ، عَنْ شَيْخٍ مِنْ أَهْلِ المَدِينَةِ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزامٍ أَنَّ رَسُولَ الله صلى الله عليه وسلم بعَثَ مَعَهُ بِدِينارٍ يَشْتَري لَهُ أضحِيَةً فاشْتَراها بِدِينارٍ وَباعَها بِدِينارَيْنِ فَرَجَعَ فاشْتَرى لَهُ أُضْحِيَةً بِدِينارٍ وَجاءَ بِدِينارٍ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فتَصَدَّقَ بِهِ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ودَعا لَهُ أَنْ يُبارَكَ لَهُ في تِجارَتِهِ (3).
* * *
باب في المضارب يخالف
أهل العراق يسمون المقارضة مضاربة، قيل: مأخوذ من الضرب في الأرض وهو السفر والمشي، والعامل مضارِب بكسر الراء، ولم يشتق للمالك منه اسم فاعل كما قاله الرافعي (4)؛ لأن العامل يختص
(1) رواه البخاري (3642).
(2)
انظر ما قبله.
(3)
رواه الترمذي (1257)، والطبراني في "الكبير" 3/ 205 (3133). وضعفه الألباني.
(4)
انظر: "شرح الوجيز" 6/ 4.
بالضرب في الأرض، فيكون من المفاعلة التي تكون من واحد، كسافرت وعاقبت اللص.
[3384]
(حدثنا مسدد، حدثنا سفيان) بن عيينة (عن شبيب بن غرقدة) السلمي، ويقال: البارقي، روى له الجماعة (حدثني الحي) يعني القبيلة، وفي البخاري: عن شبيب بن غرقدة: سمعت الحي يحدثون عن عروة (1). قال المزني: هذا الحديث عند الشافعي ليس بثابت (2). قال البيهقي (3): إنما ضعفه لأن الحي غير معروفين.
وقال في موضع آخر: هو مرسل؛ لأن شبيب بن غرقدة لم يسمع من عروة، إنما سمعه من الحي (4).
وقال الرافعي في "التذنيب"(5): هو مرسل (6)(عن عروة بن الجعد البارقي) بالباء والقاف أول من قضى بالكوفة (قال: أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم دينارًا يشتري به أضحية أو شاة) شك من الراوي، فيه جواز التوكيل في شراء ما يقصد به العبادة كالهدي وزكاة الفطر والكفارة وإن كان الأفضل أن يباشر ذلك بنفسه (فاشترى) بالدينار (ثنتين) (7) أي: شاتين، فيه أنه لو قال لوكيله: اشتر بهذا الدينار شاة، ووصفها
(1)"صحيح البخاري"(3442).
(2)
انظر: "الأم" 5/ 62 - 63.
(3)
في الأصل: البخاري، وانظر:"معرفة السنن والآثار" 8/ 327.
(4)
"السنن الكبرى" 6/ 113.
(5)
في (ر): الترتيب. والمثبت من "التلخيص الحبير".
(6)
انظر "التخليص الحبير" 3/ 11.
(7)
في المطبوع: (شاتين).
فاشترى به شاتين بالصفة، وكل شاة منهما تساوي دينارًا صح الشراء لهذا الحديث، ويدل على هذا الشرط قوله بعده:"فباع إحداهما بدينار" ولأن مقصود الموكل قد حصل (1)، وزاد خيرًا.
قال في "الأم": وهذا أشبه القولين (2). وأشبه هذا ما لو أمره أن يبيع شاة بدرهم، فباعها بدرهمين، أو بأن يشتريها بدرهم، فاشتراها بنصف درهم، وكذا يصح العقد، ويحصل الملك في الشاتين للموكل فيما إذا ساوت واحدة دينارًا والأخرى دونه، وهذا هو الصحيح عند الأصحاب، كما نقله النووي في زيادات "الروضة"(3)، ويدل عليه إطلاق الحديث؛ فإن فيه أنه باع إحداهما بدينار، وأطلق في الثانية هل يساوي دينارًا أو دونه.
(فباع إحداهما) فيه حجة للقديم من مذهب الشافعي.
قال النووي في "الروضة": وهو قوي الدليل؛ لأن الحديث صحيح عنده، وعند المنذري حسن (4)، إن الفضولي إذا باع مال الغير بغير إذن منه ولا ولاية أن البيع يصح ويكون موقوفًا على إجازة المالك، وكذا إذا اشترى بمال الغير، وهو مذهب مالك وإحدى الروايتين عن أحمد، وعن
(1) زاد هنا في الأصل كلمة (المقصود) وأظن أنها مقحمة.
(2)
"الأم" 5/ 64.
(3)
"روضة الطالبين" 4/ 318.
(4)
إنما حسنه المنذري من رواية الترمذي (1258) وهذا كلامه في "مختصره" 5/ 51: وقد أخرج الترمذي حديث شراء الشاة من رواية أبي لبيد لُمازة بن زبّار عن عروة وهو من هذِه الطريق حسن. والله عز وجل أعلم.
أبي حنيفة: يجري قول الوقف في البيع دون الشراء (1).
قال الرافعي: والمعتبر في إجازة المالك من يملك التصرف عند العقد حتى لو باع الولي مال الطفل، فبلغ وأجاز العقد لم ينفذ، وكذا لو باع مال الغير ثم ملكه (2). والجديد أن البيع والشراء باطل للحديث الذي رواه المصنف وحسنه الترمذي:"لا تبع (3) ما ليس عندك"(4).
وأجاب الأصحاب عن هذا الحديث على تقدير صحته بأنه لعله كان وكيلًا في البيع بقرينة فهمها عنه صلى الله عليه وسلم، واحتج المصنف في الباب الذي بعده بحديث صاحب الغار. (بدينار) والشاة الثانية يحتمل أن يكون قيمتها دينارًا ويحتمل أن يكون دون ذلك، ففيه دليل على أن الوكيل في شراء ووصف الصفة إذا اشترى شاتين يجوز، سواء كانت قيمة كل واحدة منهما دينارًا وقيمة إحداهما دينارًا والأخرى دون ذلك كما تقدم، أما إذا كانت قيمة [كل](5) واحدة منهما دون الدينار فلا يصح العقد؛ لأن مقصود الموكل لم يحصل سواء كان مجموع الشاتين يساوي دينارًا أو زائدًا، واحترزنا بقولنا: ووصف الشاة. عما إذا وكله في شراء شاة بدينار ولم صفها فإن التوكيل لا يصح، فيحمل الحديث على أنه صلى الله عليه وسلم لما أعطاه
(1) لم أقف على هذا الكلام في "الروضة"، وراجع هذِه المسألة في "الروضة" 4/ 318 - 319.
(2)
في (ع): ويملكه. وانظر: "فتح العزيز شرح الوجيز" 4/ 32.
(3)
في (ع): بيع.
(4)
من "البيان" 6/ 441.
(5)
سيأتي برقم (3503)، وفي الترمذي (1232 - 1234).
الدينار يشتري به الشاة وصفها (فأتاه بشاة) واحدة (ودينار، فدعا له بالبركة في بيعه) وفي رواية ذكرها المستغفري وغيره: فقال: "بارك الله لك في صفقة يمينك"(1) فكان لو اشترى التراب ربح.
فيه استحباب الدعاء لمن قضى للإنسان (2) حاجة أو فعل ما فيه نفع للمسلمين، وهذا من باب مكافأة الإحسان، ويكون الدعاء فيما يناسب ما فعله، كقوله لمن أعانه على الطهارة: طهرك الله من الذنوب. ولمن أزال عنه الأذى: أماط الله عنك الأذى. ونحو ذلك مما يكثر لمن تتبعه (3) في الأحاديث النبوية.
(فكان لو اشترى ترابًا) فيه دليل على صحة بيع التراب وشرائه.
وقد اختلف في جواز بيع التراب بالصحراء (4)، والماء على شط النهر، والأصح الصحة؛ لظاهر هذا الحديث - ولم أر من استدل به - ولوجود المنفعة به وإن ضعفت (5).
والثاني: لا يصح؛ لأن بذل المال فيه مع وجدان مثله بلا تعب ولا مؤنة سفه (6)(لربح فيه) وفي الحديث حذف تقديره: لو اشترى ترابًا وباعه لربح فيه.
(1) رواها الترمذي (1258)، والطحاوي في "شرح المشكل" 14/ 458.
(2)
في (ر) و (ع): الإنسان. والمثبت من (ل).
(3)
في (ر): يتبعه.
(4)
سقطت من (ع).
(5)
انظر: "الوسيط في المذهب" 3/ 20، "الروضة" 3/ 355.
(6)
انظر: "فتح العزيز شرح الوجيز"(4/ 30 - 31).
[3385]
(حدثنا الحسن بن الصباح) البزار (حدثنا أبو المنذر)[عفان ابن مسلم الصفار](1) من رواة البخاري.
(حدثنا سعيد بن زيد) بن درهم الأزدي [مولاهم البصري، و (هو أخو حماد بن زيد) الأزدي](2) الأزرق أحد الأعلام، كان يحفظ حديثه كاملا (3). قال ابن مهدي: لم أر أعلم بالسنة منه (4). روى له الجماعة.
وثق ابن سعد أبا المنذر، وقال ابن معين: ثقة. وقال حرب: سمعت أحمد أثنى (5) عليه (6).
وقال النووي والمنذري (7): إسناد هذا الحديث حسن لمجيئه من وجهين.
(حدثنا الزبير بن الخِرِّيت) بكسر الخاء المعجمة، وتشديد الراء البصري، روى له البخاري في غير موضع، ومسلم في الدعوات (8).
(عن أبي لبيد) لُمازة -بضم اللام وبعد الألف زاي- ابن زَبَّار، بفتح الزاي وتشديد الباء الموحدة وبعد الألف راء، الجهضمي، وثق، وثقه
(1) هكذا في الأصل والصواب أن أبا المنذر اسمه: (إسماعيل بن عمر الواسطي) وانظر: "تهذيب الكمال" 3/ 154 (468).
(2)
ما بين المعقوفين سقط من (ر).
(3)
في (ل): كالما. وفي (ر): كأنما. والمثبت هو الصواب.
(4)
انظر: "سير السلف الصالحين" لقوام السنة 1/ 992، و"الكاشف" 1/ 349.
(5)
في (ر): يثني. والمثبت من (ل).
(6)
انظر: "تهذيب الكمال" 10/ 441 (2276) هذا على أنه عفان بن مسلم. وقد علمت الصواب وأنه إسماعيل بن عمر وأنظر ترجمته في "تهذيب الكمال" 3/ 154 (468).
(7)
"مختصر السنن" 5/ 51.
(8)
لم أجد له حديثا في الدعوات إنما في كتاب صلاة المسافرين (705، 749).
محمد بن سعد (1) وأبو حاتم ابن حبان (2).
وقال فيه أحمد: صالح الحديث (3). وهو بصري (حدثني عروة) بن الجعد (البارقي بهذا الخبر، ولفظه مختلف) ورواه المستغفري بهذا السند ولفظه، قال: عَرَض لرسولِ الله صلى الله عليه وسلم جلب فدفع إليَّ دينارا (4)، فقال:"ائت (5) الجلب، فاشتر لي به شاةً" فذهبت فاشتريت شاتين بدينار، فجئت أقودهما أو أسوقهما، فعرض لي رجل، فاشترى مني إحدى الشاتين بدينار، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله، هذِه الشاةُ وهذا ديناركم. فقال:"وصنعت ماذا يا عروة؟ " فأخبرته فقال: "بارك الله لك في صفقة يمينك". فإن كنتُ لأقوم في سوق الكناسة فما أرجع إلى أهلي حتى أربح ثلاثين ألفًا.
وفي رواية له: فلقد رأيتني أقف بكناسة الكوفة فأربح أربعين (6) دينارًا قبل أن أصل إلى أهلي.
وفي رواية: فما أرجع إلى أهلي حتى أربح أربعين ألفًا (7).
وفي رواية: فكان من أكثر أهل الكوفة مالًا (8).
(1)"الطبقات الكبرى" 7/ 213.
(2)
"الثقات" 5/ 345.
(3)
انظر: "الجرح والتعديل" 7/ 182.
(4)
في (ر): دينار. والمثبت من (ل).
(5)
في (ر): أنت.
(6)
في (ع): فأربح أربح. والرواية هذِه رواها أبو نعيم في "الدلائل" 1/ 461.
(7)
رواها أحمد 4/ 376.
(8)
رواها الترمذي (1258).
والجلب والأجلاب: الذين يجلبون الإبل والغنم للبيع (1).
والكناسة: أصلها القمامة، وهي اسم موضع بالكوفة.
وقوله: "فلقد رأيتني". قالوا: لا (2) يجتمع (3) الفاعل والمفعول في لفظ واحد إلا في أفعال القلوب (4).
[3386]
(حدثنا محمد بن كثير العبدي) البصري، روى عنه البخاري في مواضع، وروى عنه مسلم في الرؤيا (5)(أنبأنا سفيان، حدثني أبو حَصين) بفتح الحاء المهملة، عثمان بن عاصم الأزدي صاحب سنة، روى له الجماعة. (عن شيخ من أهل المدينة) قال البيهقي: هذا الحديث ضعيف من أجل هذا الشيخ (6).
(عن حكيم بن حزام رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم بعث معه) ظاهره أنه بعث مع حكيم بن حزام المذكور، ويحتمل أن يعود الضمير على عروة بن الجعد البارقي، فيكون قصة واحدة (بدينار ليشتري به أضحية، فاشتراها بدينار، وباعها بدينارين) فيه دليل على أن الوكيل في الشراء له أن يسلم الثمن للبائع إذا كان مسلمًا إليه، وإن لم يعرف الوكيل عينه لكن لا يسلمه حتى يقبض المبيع لما في المبيع قبله من الخطر، وعلى أن الوكيل في شراء (7) شيء إذا رأى من يشتريه بغبطة ظاهرة إذا
(1) في (ع): للإبل، وانظر:"لسان العرب" 1/ 268.
(2)
سقط من (ر). والمثبت من (ل).
(3)
في (ر): يجمع.
(4)
انظر: "عمدة القاري" 6/ 50.
(5)
حديث رقم (2269).
(6)
"السنن الكبرى" للبيهقي 6/ 113.
(7)
في (ر): الشراء. والمثبت من (ل).
علم رضى الموكل بذلك.
(فرجع فاشترى له أضحية بدينار) منهما (وجاء بدينار) وشاة (إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فتصدق به النبي صلى الله عليه وسلم) هذا يدل على أن الوكالة ليست مطلقة؛ إذ لو كانت مطلقة لكانت الزيادة له، وقد جعل جماعة من أهل العلم هذا أصلًا في أن من وصل إليه مال من شبهة وهو لا يعرف له مستحقًّا فإنه يتصدق به، لكن ينبغي أن يتصدق به إذا كان فيه شبهة على تساوي المشركين (1)، ووجه الشبهة أنه لم يأذن لعروة (2) في بيع الأضحية، ويحتمل أن يكون تصدق [به](3)؛ لأنه قد خرج عنه للقربة لله تعالى [في الأضحية](4) فكره أكل ثمنها.
وفيه دليل على أنه من خرج عن شيء ثم عاد إليه بعينه أو بدله أن يتصدق به؛ لقوله صلى الله عليه وسلم لعمر: "لا تعد في صدقتك ولو أعطاكه (5) بدرهم"(6).
(ودعا له أن يبارك له في تجارته) فيه الدعاء بالبركة في المال، وفي العقود التي يتعاطاها (7). وأصل البركة: زيادة النفع وكثرة الخير. قاله الزجاج (8).
* * *
(1) كذا العبارة بالأصول. ولا يتبين لي وجهها.
(2)
في (ع): كونه.
(3)
سقط من الأصل وأثبتها من "نيل الأوطار" 6/ 6.
(4)
ساقط من (ر).
(5)
في (ر): أعطا له.
(6)
رواه البخاري (1419) ومسلم (1620).
(7)
في (ع): يتعاطاه.
(8)
"معاني القرآن وإعرابه" 4/ 57.