الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
34 - باب في الرَّجُلِ يَبِيعُ ما لَيْسَ عِنْدَهُ
3503 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا أَبُو عَوانَةَ، عَنْ أَبي بِشْرٍ، عَنْ يُوسُفَ بْنِ ماهَكَ، عَنْ حَكِيمِ بْنِ حِزامٍ قال: يا رَسُولَ اللهِ يَأْتِيني الرَّجُلُ فَيُرِيدُ مِنّي البَيْعَ لَيْسَ عِنْدي أَفَأَبْتاعُهُ لَهُ مِنَ السُّوقِ فَقالَ: "لا تَبعْ ما لَيْسَ عِنْدَكَ"(1).
3504 -
حدثنا زُهَيْرُ بْن حَرْبٍ، حدثنا إِسْماعِيلُ، عَنْ أَيُّوبَ، حَدَّثَني عَمْرُو بْنُ شُعَيْبٍ، حَدَّثَني أَبي، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبِيهِ حَتَّى ذَكَرَ عَبْدَ اللهِ بْنَ عَمْرٍو قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحِلُّ سَلَفٌ وَبَيْعٌ وَلا شَرْطانِ في بَيْعٍ وَلا رِبْحُ ما لَمْ تَضْمَنْ وَلا بَيْعُ ما لَيْسَ عِنْدَكَ"(2).
* * *
باب في الرجل يبيع ما ليس عنده
[3503]
([حدثنا مسدد] (3) حدثنا أبو عوانة) الوضاح (عن أبي بشر) جعفر بن أبي وحشية.
(عن يوسف بن ماهَكَ) بفتح الهاء والكاف غير منصرف.
(عن حكيم بن حزام رضي الله عنه قال: يا رسول الله) إنه (يأتيني الرجل) أو المرأة.
(فيريد مني البيع) أي: بيع ما (ليس عندي) أي في ملكي وقدرتي.
(1) رواه الترمذي (1232)، والنسائي 7/ 289، وابن ماجه (2187)، وأحمد 3/ 402. وصححه الألباني في "الإرواء" (1292).
(2)
رواه الترمذي (1234)، والنسائي 7/ 288، وابن ماجه (2188)، وأحمد 2/ 174. وصححه الألباني في "الإرواء" (1305).
(3)
سقط من (ر)، (ل).
(أفأبتاعه له من السوق) وأبيعه له؟ (فقال: لا تبع ما ليس عندك) فيه دلالة على أنه لا يجوز بيع ما لا يملكه من غير إذن مالكه ولا ولاية به عليه؛ لأن ما لا يملكه لا يقدر على تسليمه فهو كبيع الطير الطائر في الهواء، والسمك في الماء.
قال البغوي: النهي في هذا الحديث عن بيوع الأعيان التي لا يملكها، أما بيع شيء موصوف في ذمته فيجوز فيه السلم بشروطه، فلو باع شيئًا موصوفًا في ذمته عام الوجود عند المحل المشروط، جاز، وإن لم يكن المبيع موجودًا في ملكه حالة العقد كما تقدم في السلم.
قال: وفي معنى بيع ما ليس عنده في الفساد بيع الطير المنفلت الذي لا يعتاد رجوعه إلى عشه، فإن اعتاد الطائر أن يعود ليلًا لم يصح عند الأكثر إلا النحل؛ فإن الأصح فيه الصحة كما قاله النووي في زيادات "الروضة"(1)؛ لأنه لا يأكل إلا مما يرعاه.
وفي معنى ما ليس عنده في الفساد بيع العبد الآبق والحيوان الضال والمغصوب ونحوهم مما يتعذر تسليمه كالجمل الشرود ممن ليس قادرًا على تحصيله؛ فإن كان (2) ذلك لقادر على انتزاعه صح على الصحيح؛ لأن المقصود وصوله إليه (3).
[3504]
(حدثنا زهير بن حرب، حدثنا إسماعيل) بن إبراهيم ابن
(1)"روضة الطالبين" 3/ 53.
(2)
سقط من الأصل وزدتها ليتم بها المعنى.
(3)
انظر: "شرح السنة" 8/ 140.
علية الإمام (عن أيوب) بن (1)[جُدعان، بضم الجيم](2) قال (حدثني عمرو بن شعيب قال: حدثني أبي) شعيب بن محمد (عن أبيه) محمد بن عبد الله بن عمرو (عن أبيه) عبد الله بن عمرو (حتى ذكر) جده الأعلى (عبد الله بن عمرو) بن العاص رضي الله عنه، وقد صرح في الحديث بجده المجازي (3) فيكون الحديث متصلًا، ولا نزاع في الاحتجاج به.
(قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل سلف وبيع) قال البغوي وغيره: المراد بالسلف هنا القرض.
قال أحمد: هو أن يقرضه قرضًا، ثم (4) يبايعه عليه بيعًا يزداد عليه، وهو فاسد؛ لأنه إنما يقرضه على أن يحابيه في الثمن، ولو قال: أقرضتك هذِه العشرة على أن تبيعني عبدك فهو في معنى بيعتين في بيعة، وهو فاسد؛ لأن كل قرض جر منفعة فهو ربا. [وقد يكون](5) السلف بمعنى السلم، وذلك مثل أن يقول: أبيعك عبدي هذا بألف على أن تسلفني مائة في (6) كذا وكذا، أو يسلم إليه في شيء، ويقول: إن لم يتهيأ السلم فيه عندك فهو بيع لك، ولو قال: أبيعك هذا الثوب بعشرة على أن تقرضني كذا (7).
(1) في (ر): عن.
(2)
هكذا في (ر)، (ل) وهو خطأ، إنما المقصود به أيوب بن كيسان السختياني.
(3)
سقطت من (ر).
(4)
في (ر): لم.
(5)
مكررة في (ر).
(6)
سقطت من (ر).
(7)
انظر: "شرح السنة" 8/ 145.
(ولا شرطان في بيع) قال البغوي: هو أن يقول: بعتك هذا العبد بألف نقدًا أو بألفين نسيئة، فمعناه معنى البيعتين في بيعة، فهذا بيع واحد يضمن شرطين يختلف المقصود فيه باختلافهما، ولا فرق بين شرطين وشروط.
وقيل: معناه أن يقول: بعتك ثوبي بكذا وعليَّ قصارتُه وخياطتُه، فهذا أيضًا فاسد عند أكثر العلماء، وعن أحمد أنه صححه وقال: إن شرط في البيع شرطًا واحدًا، صح، وإن شرط شرطين أو أكثر لم يصح لهذا الحديث كما تقدم وهو أن تقول: اشتريت منك هذا الثوب بشرط أن تقصره وتخيطه لي قميصًا. لم يصح بالاتفاق؛ لأنه شرط في هذا البيع شرطين، وكذا لا يصح عندنا لو باع حنطة على أن يطحنها البائع، أو حِمل حطب على أن يحملهُ إلى منزل المشتري، ولا فرق عند الأكثر بين شرط أو شرطين؛ لأن العلة واحدة وهي أنه إذا قال: بعتك هذا الثوب بعشرة دراهم على أن تقصُرَهُ، فإن العشرة التي هي الثمن تقسم على ثمن الثوب، وعلى أجرة القصارة، وإذا (1) فسد الشرط لا يُدرى كم ثمن الثوب، وإذا صار الثمن مجهولًا، بطل البيع (2).
(ولا ربح ما لم تَضمن) ما لم يُضمن يعني: لا يجوز أن يأخذ ربح (3) سلعة لا يضمنها، مثل أن يشتري متاعًا ويبيعه لآخر قبل قبضه من البائع، فهذا البيع باطل، وربحه لا يجوز؛ لأن البيع في ضمان البائع ما لم يقبضه
(1) في (ر): وإن.
(2)
انظر: "شرح السنة" 8/ 146.
(3)
سقطت من (ر).
منه، وإذا (1) لم يكن المبيع (2) من ضمان المشتري لم يكن ملكه ثابتًا، فإذا لم يكن ملكه ثابتاً بل ضعيفًا، لم يجز أن يبيعه من آخر بربح قبل تمام ملكه؛ لأن الخراج بالضمان.
(ولا بيع ما ليس عندك) أي: ما ليس في ملكك وقدرتك كما تقدم أنه لا يصح، لكن يستثنى منه البيع الضمين كما لو كان عبد مغصوب لا يقدر على انتزاعه ممن هو في يده، أو عبد غائب لا يعرف مكانه وعلمت حياته فقد تقدم أن هذا لا يصح بيعه، لكن لو قال له شخص: أعتق عبدك هذا عني على مائة مثلًا فأعتقه عنه عتق عنه، ولا يعتق على المشتري إلا بعد أن ينتقل إلى ملكه انتقالًا تقديريًّا ويعتق عليه، وبصح هذا البيع كما نقله الرافعي عن الأئمة.
(1) في (ر): وإن.
(2)
في (ر): البيع.