الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
29 - باب في الرَّجُلِ يَتَّجِرُ في مالِ الرَّجُلِ بغَيْرِ إذْنِهِ
3387 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْن العَلاءِ، حدثنا أَبُو أُسامَةَ، حدثنا عُمَرُ بْنُ حَمْزَةَ، أَخْبَرَنا سالمُ بْن عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبِيهِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "مَنِ اسْتَطاعَ مِنْكُمْ أَنْ يَكُونَ مِثْلَ صاحِبِ فَرقِ الأَرُزِّ فَلْيَكُنْ مِثْلَهُ". قالُوا: وَمَنْ صاحِبُ فَرْقِ الأرُزِّ يا رَسُولَ اللهِ؟ فَذَكَرَ حَدِيثَ الغارِ حِينَ سَقَطَ عَلَيْهِمُ الجَبَلُ فَقالَ كُلُّ واحِدٍ مِنْهُمُ: اذْكُرُوا أَحْسَنَ عَمَلِكُمْ. قالَ: "وقالَ الثّالِثُ اللَّهُمَّ إِنَّكَ تَعْلَمُ أَنّي اسْتَأْجَرْتُ أَجِيرًا بِفَرْقِ أَرُزٍّ فَلَمّا أَمْسَيْتُ عَرَضْتُ عَلَيْهِ حَقَّهُ فَأَبى أَنْ يَأْخُذَهُ وَذَهَبَ فَثَمَّرْتُهُ لَهُ حَتَّى جَمَعْتُ لَهُ بَقَرًا وَرِعاءَها فَلَقِيَني فَقال: أَعْطِني حَقّي. فَقُلْتُ: اذْهَبْ إِلَى تِلْكَ البَقَرِ وَرِعائِها فَخُذْها فَذَهَبَ فاسْتاقَها"(1).
* * *
باب الرجل يتجر في مال الرجل بغير إذنه
[3387]
(حدثنا محمد بن العلاء، حدثنا أبو أسامة) حماد قال: (حدثنا عمر بن حمزة) بالحاء المهملة والزاي، ابن عبد الله بن عمر العدوي العمري، روى له مسلم في المتابعة، وفي "الميزان" أن مسلمًا احتج به (2). قال:(أنبأنا سالم بن عبد الله، عن أبيه) عبد الله بن عمر رضي الله عنه (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من استطاع منكم أن يكون مثل
(1) رواه أحمد 2/ 116، ورواه البخاري (2272)، ومسلم (2743) بدون زيادة "من استطاع .. ". وقال الألباني: منكر بهذِه الزياد التي في أوله وهو في الصحيحين دونها.
(2)
انظر: "ميزان الاعتدال" 3/ 192.
قلت: بل قد روى له مسلم في الأصول، انظر حديث (1437/ 123 - 124، 1574/ 55، 2026، 2788/ 24، 2921/ 79).
صاحب فرق) بفتح الفاء والراء، وجوز سكون الراء، والفرق اثنا عشر مدًّا (الأرز) فيه ست لغات والأفصح فتح الهمزة وضم الراء.
(فليكن مثله) فيه فضيلة التشبه بأهل الخير والصلاح والحث على ذلك لا سيما أن المحرض عليه ممن يعتقد بركته.
(قالوا: ومن صاحب) وما صاحب (فرق الأرز يا رسول الله؟ فذكر حديث الغار) الصحيح المشهور، وحديث الثلاثة النفر الذين آواهم المبيت حين أخذهم المطر إلى غار تحت جبل (1)(حين سقط عليهم) حين دخلوه صخرة (2) من (الجبل، فقال كل واحد منهم (3): اذكروا أحسن) أعمالكم (عملكم)(4) الصالحة، يعني الخالصة لوجه الله تعالى، فادعوا الله بها، لعله يفرجها عنكم (قال (5): وقال الثالث) منهم (اللهم إنك تعلم أني استأجرت أجيرًا بفرق) من (6)(أرز) والفرق: ستة عشر رطلًا (7).
فإن قلت: ورد في "صحيح البخاري" في باب: إذا اشترى شيئًا لغيره، أن الفرق كان من الذرة (8).
فالجواب: أن ذلك إما باعتبار أنهما حبان متقاربان فأطلق أحدهما على الآخر، وإما أن بعضه من هذا وبعضه من ذاك، أو كانا أجيرين.
(1) رواه البخاري (2102) ومسلم (2743) عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما.
(2)
في (ع): صخر.
(3)
في (ع): منكم.
(4)
كتب فوقها في (ل): نسخة.
(5)
في (ر): وقال:
(6)
في (ر): بين. والمثبت من (ل).
(7)
انظر: "النهاية في غريب الحديث والأثر" لابن الأثير 3/ 837.
(8)
"صحيح البخاري"(2215).
(فلما أمسيت عرضت (1) عليه حقه (2) فأبى أن يأخذه، وذهب، فثمرته) بفتح الثاء المثلثة والميم المشددة (له) أي: كثرته ونميته يعني بالزراعة، وفي رواية البخاري: فزرعته (3). وفي رواية له: فلم أزل أزرعه (4)(حتى) كثرت منه الأموال و (جمعت) واشتريت (له) منها إبلًا و (بقرًا) وغنمًا (ورعاءها) بكسر الراء والمد جمع راعي (5). قال الله تعالى: {حَتَّى يُصْدِرَ الرِّعَاءُ} (6)، ويجمع أيضًا على رعاة، كقاضي (7) وقضاة.
وهذا الحديث ترجم عليه المصنف والبخاري على جواز بيع الفضولي ومالا في ذلك إلى الجواز، وأن البخاري بوب عليه باب: إذا اشترى شيئًا لغيره بغير إذنه (8). وهو قريب من تبويب المصنف، غير أن تبويب المصنف أعم. ووجه الدليل منه أن الرجل تصرف في مال الأجير بغير إذنه. قال شارح التراجم: ووجه (9) الدلالة على جوازه أن المستأجر عين للأجير أجره، فبعد إعراضه تصرف فيه، فلو لم يكن التصرف جائزًا لكان تصرف معصية، فلا يتوسل (10) بها إلى الله تعالى (11).
وقد يجاب بأن التوسل إنما كان برد الحق إلى مستحقه بزيادته (12)
(1) في (ر): أعرضت.
(2)
سقط من (ر). والمثبت من (ل).
(3)
(2102).
(4)
(5629).
(5)
كذا بالأصل والصواب: راع.
(6)
القصص: 23.
(7)
هكذا بالأصل، ولعل الصواب: قاض.
(8)
سبق تخريجه قريبًا.
(9)
في (ل): وجه. والمثبت من (ر).
(10)
في (ر): يتوصل. والمثبت من (ل) و"عمدة القاري".
(11)
انظر: "المتواري على تراجم أبواب البخاري" ص 261.
(12)
في (ر): بزيادة.
النامية (1)، لا بتصرفه. كما أن الجلوس مع المرأة كان معصية، والتوسل لم يكن إلا بترك الزنا والمسامحة بالجعل (2).
وطريق الاستدلال بهذا الحديث ينبني (3) على أن شرع من قبلنا شرع لنا، والجمهور على خلافه (4). وتقرر أن النبي صلى الله عليه وسلم ساقه مساق المدح والثناء على فاعله (5) وأقره على ذلك، ولو كان لا يجوز لبينه فبهذا الطريق يصح الاستدلال به لا بمجرد كونه شرعًا (6) لمن قبلنا (7). والاستدلال بحديث عروة البارقي الذي في الباب قبله أولى وأصرح من هذا الحديث، وقد تقدم أن الصحيح من مذهب الشافعي أن بيع الفضولي باطل.
وأجيب عن هذا الحديث بأنه يحتمل أنه استأجره بفرق في الذمة، ولما عرض عليه الفرق لم يعينه أو عينه ولم يقبضه واستمر في ذمة
(1) في (ع): التامة.
(2)
انظر: "عمدة القاري" 12/ 241.
(3)
في (ع): مبني.
(4)
مذهب الأحناف والمالكية ورواية عن أحمد واختارها الأكثرون، وصححها القاضي أن شرع من قبلنا شرع لنا بالشروط التي ذكروها. ومذهب الشافعي، ورواية عن أحمد أنه ليس بشرع لنا.
انظر: "العدة في أصول الفقه" 2/ 392، "اللمع في أصول الفقه" 1/ 63، "الإحكام" للآمدي 4/ 137، "الفروق" للقرافي 2/ 75، "إرشاد الفحول" 2/ 177.
(5)
في (ر): خلافه.
(6)
في الأصل: شرع. والصواب ما أثبتناه.
(7)
انظر: "فتح الباري" 4/ 409.
المستأجر؛ لأن الذي في الذمة لا يتعين إلا بالقبض الصحيح (1)، فإذا تصرف فيه المالك قبل القبض صح تصرفه سواء اعتقده لنفسه أو للأجير، ثم إنه تبرع بما اجتمع منه على الأجير (2).
وظاهر قوله: "ثمرته له" أي: زرعه وحصاده وبيعه وشراءه الإبل والبقر والغنم والرعاء كالأجير، ولكن لا اعتبار بهذا القصد (3) لكن يثاب على نيته، وحينئذ فيكون ما أعطاه تبرعًا منه وتراضيا على ذلك.
(فلقيني) الأجير (فقال: أعطني) بفتح الهمزة (حقي) أي: أجرتي (فقلت: اذهب إلى تلك) الإبل و (البقر) والغنم (ورعائها (4) فخذها) وزاد البخاري وغيره: فقال: اتق الله ولا تستهزئ بي. فقلت: إني لا أستهزئ بك، فخذه (5) (فذهب) إليها (فاستاقها) وقد استدل بهذا الحديث لأبي ثور في قوله: إن من غصب قمحًا فزرعه، أن كل ما أخرجت الأرض من القمح فهو لصاحب الحنطة (6).
* * *
(1) ساقطة من (ر).
(2)
انظر المصدر السابق.
(3)
ساقطة من (ر).
(4)
بعدها في الأصل: وفي نسخة: ورعاياها.
(5)
في (ر): فخذ، وانظر:"صحيح البخاري"(2208).
(6)
انظر: "فتح الباري" 4/ 409.