الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
39 - باب في الشُّفْعةِ
3513 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حدثنا إِسْماعِيلُ بْنُ إِبْراهِيمَ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ، عَنْ أَبى الزُّبَيْرِ، عَنْ جابِرٍ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الشُّفْعَةُ في كُلِّ شِرْكٍ رَبْعَةٍ أوْ حائِطٍ لا يَصْلُحُ أَنْ يَبِيعَ حَتَّى يُؤْذِنَ شَرِيكَهُ فَإِنْ باعَ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ حَتَّى يُؤْذِنَهُ"(1).
3514 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حدثنا عَبْدُ الرَّزّاقِ، حدثنا مَعْمَرٌ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ أَبى سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قال: إِنَّما جَعَلَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم الشُّفْعَةَ في كلِّ مالٍ لَمْ يُقْسَمْ فَإِذا وَقَعَتِ الحُدُودُ وَصُرِفَتِ الطُّرُق فَلا شُفْعَةَ (2).
3515 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فارِسٍ، حدثنا الحَسَنُ بْنُ الرَّبِيعِ، حدثنا ابن إِدْرِيسَ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ، عَنِ ابن شِهابٍ الزُّهْريِّ، عَنْ أَبى سَلَمَةَ، أَوْ عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ أَوْ عَنْهُما جَمِيعًا، عَنْ أَبى هُريرَةَ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إذِا قُسِّمَتِ الأَرْضُ وَحُدَّتْ فَلا شُفْعَةَ فِيها"(3).
3516 -
حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مُحَمَّدٍ النُّفَيْليُّ، حدثنا سُفْيانُ، عَنْ إِبْراهِيمَ بْنِ مَيْسَرَةَ سَمِعَ عَمْرَو بْنَ الشَّرِيدِ سَمِعَ أَبا رافِعٍ سَمِعَ النَّبىَّ صلى الله عليه وسلم يَقولُ:"الجارُ أَحَقُّ بِسَقَبِهِ"(4).
3517 -
حدثنا أَبُو الوَلِيدِ الطَّيالِسيُّ، حدثنا شُعْبَةُ، عَنْ قَتادَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ سَمُرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"جارُ الدَّارِ أَحَقُّ بِدارِ الجارِ أَوِ الأرْضِ"(5).
(1) رواه مسلم (1608).
(2)
رواه البخاري (2213).
(3)
رواه ابن ماجه (2497)، والبيهقي 6/ 104. وصححه الألباني.
(4)
رواه البخاري (2258).
(5)
رواه الترمذي (1368)، وأحمد 5/ 8.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(3087).
3518 -
حدثنا أَحْمَدُ بْنُ حَنْبَلٍ، حدثنا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنا عَبْدُ المَلِكِ، عَنْ عَطاءٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الجارُ أَحَقُّ بِشُفْعَةِ جارِهِ يُنْتَظَرُ بِها وإنْ كانَ غائِبًا إِذا كانَ طَرِيقُهُما واحِدًا"(1).
* * *
باب في الشفعة
[3513]
(حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم) ابن علية الإمام، روى له الجماعة (عن) عبد الملك (بن جريج، عن أبي الزبير) محمد بن مسلم.
(عن جابر رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الشُّفعة) من شفعت -بفتح الفاء- الشيء إلى الشيء إذا ضممته، وسميت الشفعة بذلك؛ لأن فيها ضم نصيب [إلى نصيب](2)، وهي اسم للملك المشفوع مثل اللقمة اسم للشيء الملقوم. وتستعمل بمعنى التملك لذلك الملك. ومنه قولهم: من ثبتت له الشفعة فأخر الطلب من غير عذر بطلت شفعته، ففي هذا المثال جمع بين المعنيين؛ فإن الأول للمال والثانية للتملك (3)(في كل شِرْكٍ) بكسر الشين وإسكان الراء من أشركته في البيع إذا جعلته لك شريكًا، ثم خفف المصدر بكسر الأول وسكون الثاني واستعمال الثاني المخفف أغلب، فيقال: شرك وشركة كما يقال: كلم وكلمة
(1) رواه الترمذي (1369)، وابن ماجه (2494)، وأحمد 3/ 303.
وصححه الألباني في "صحيح الجامع"(3103).
(2)
سقط من (ر) وانظر: "شرح النووي على مسلم" 11/ 45.
(3)
انظر: "المصباح المنير" للفيومي ص 432.
على التخفيف. نقله إسماعيل الموصل على ألفاظ "المهذب"(1)(رَبْعَةٍ) بفتح الراء وسكون الباء تأنيث ربع هو المنزل، وكذلك الربع وأصله المنزل الذي كانوا يربعون فيه في شهر الربيع ثم سمي به الدار والمسكن (2).
(أو حائط) وهو البستان سمي بذلك لأن عليه ما يحوط الأشجار. والمعنى أن الشفعة مختصة بما لم يمكن نقله كالأرض والدار والنبات، ولا تصح الشفعة في المنقولات كالدواب والأمتعة.
وروى البيهقي مرفوعًا من حديث أبي حنيفة، عن عطاء، عن أبي هريرة: لا شفعة إلا في دار أو عقار (3). وهو حجة على مالك فيما روي عنه في رواية: أن الشفعة تثبت في كل شيء، وهو قول عطاء، وعلى أحمد في أنها تثبت في الحيوانات دون غيرها من المنقولات (4).
وروى البيهقيُّ من حديث ابن عباس مرفوعًا: "الشفعة في كل شيء"(5). ورجاله ثقات إلا أنه أُعِلَّ بالإرسال، وأخرج الطحاوي له شاهدًا من حديث جابر (6) بإسنادٍ لا بأس برواته (7).
(1) انظر: "المغني" لابن باطيش الموصلي 1/ 373.
(2)
انظر: "إكمال المعلم" 5/ 313.
(3)
"السنن الكبرى" 6/ 109.
(4)
انظر: "المغني" لابن قدامة 7/ 440.
(5)
"السنن الكبرى" 6/ 109، وقال الألباني في "الضعيفة" (1009): منكر.
(6)
"شرح معاني الآثار" 4/ 126.
(7)
انظر: "فتح الباري" 4/ 436.
(لا يصلح أن يبيع) حصته (حتى يؤذن) بكسر الذال أي: يعلم (شريكه) رواية مسلم: "لا يحل له أن يبيع حتى يؤذن"(1)، وحكى القرطبي عن بعض مشايخه أن ذلك واجب على البائع (2)، وهو محمول عند أصحابنا الشافعية وغيرهم على الندب أي: إعلامه وكراهة بيعه قبل إعلامه كراهة تنزيه، وليس بحرام، ويتأولون الحديث على هذا ويصدق على المكروه أنه ليس بحلال ويكون الحلال بمعنى المباح وهو مستوي الطرفين (3)، ويدل على هذا قوله بعده (فإن باع) النصيب المشترك ولم يؤذنه (فهو) أي شريكه (أحق) أحق (4) تستعمل بمعنيين [أحدهما: اختصاصه بذلك من غير مشاركة نحو زيد أحق بماله، أي: لا حق لغيره فيه] (5)، والثاني: أن يكون أفعل التفضيل فيقتضي اشتراكه مع غيره وترجيحه على غيره، قاله الأزهري وغيره، ويشبه أن يُحمل الحديث على الثاني (6).
(به) أي بالمبيع من المشتري (حتى يؤذنه) فإذا آذنه في البيع فأذن له في البيع سقط حقه وصار المشتري أحق، ويدل على أن الإيذان للندب أنه لو كان على التحريم لذمَّ البائع على بيعه بلا إيذان ولكان البيع مفسوخًا لكنه أجازه وصححه ولم يذم الفاعل، بل جعل ذلك أحق منه
(1)(1608).
(2)
انظر: "المفهم" 4/ 527.
(3)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 11/ 46.
(4)
سقط من (ر).
(5)
سقط من (ر).
(6)
انظر: "المصباح المنير" ص 198.
وأولى، فدل على أنه للندب (1).
واختلف العلماء فيما لو أعلم الشريك بالبيع فأذن فيه فباع، ثم أراد الشريك أن يأخذ بالشفعة، فقال الشافعي ومالك وأبو حنيفة وأصحابهم: له أن يأخذ بالشفعة.
وقال الحكم (2) والثوري وأبو عبيد وطائفة من أهل الحديث: ليس له الأخذ. وعن أحمد روايتان كالمذهبين (3).
[3514]
(حدثنا أحمد بن حنبل، حدثنا عبد الرزاق قال: أنبأنا معمر، عن الزهري، عن أبي سلمة) عبد الله (بن عبد الرحمن) بن عوف الزهري (عن جابر رضي الله عنه قال: إنما جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم الشفعة في كل مال) تمسك مالك بعموم كل مال على ثبوت الشفعة في كل (4) شيء كما تقدم، ويدخل فيه الحيوانات كما روي عن أحمد، ويدخل في عمومه الشفعة في المنقولات (لم يقسم) أي في ملك مشترك يقتضي عند القائل بمفهوم الصفة أن [لا شفعة فيما](5) يقسم، أي في مال قد قسم ووقعت حدوده وتبينت مصارف طرقه، وقد بينه فيما بعد بقوله:(فإذا وقعت الحدود) أي حصلت قسمة الحدود في المبيع، واتضحت بالقسمة مواضعها (وصُرفت) بضم الصاد وتخفيف الراء المكسورة أي: تبينت
(1) انظر: "المفهم" 4/ 527.
(2)
في (ر)، (ل)(الحاكم). والمثبت من "شرح مسلم".
(3)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 11/ 46 - 47.
(4)
سقط من (ر)، (ل) والسياق يقتضيها.
(5)
سقط من (ر).
مصارف (الطرق) وشوارعها كأنه من التصرف أو التصريف.
قال ابن مالك: معناه خلصت وبانت، وهو مشتق من الصِّرف بكسر الصاد المهملة وهو الخالص من كل شيء سمي بذلك؛ لأنه صرف عنه الخلط، فعلى هذا قلنا: إن صرف مخفف الراء، وعلى الأول أنه من التصريف والتصرف فالراء مشددة (1).
(فلا شفعة) لأن الشفعة لإزالة الضرر عن الشريك، ولا ضرر بعد القسمة إلا بالجوار عند القائل به، وأما على القول بأنَّ (إنما) تفيد الحصر، وهو قول الغزالي والشيخ أبي (2) إسحاق والسبكي وغيرهم، فهو أقوى في الدلالة من مفهوم الصفة، وصيغة الحصر.
والثاني من قوله: (إذا وقعت الحدود وصرفت (3) الطرق فلا شفعة).
وقد يقول من يثبت الشفعة: المرتب على أمرين لا يلزم ترتبه على أحدهما.
قال ابن دقيق العيد: قد يستدل بالحديث على مسألة اختلف فيها وهو أن الشفعة هل تثبت فيما لا يقبل القسمة أم لا؟ فقد يستدل به من يقول: لا تثبت الشفعة فيه، وهو قول مالك والشافعي؛ لأن هذِه الصيغة في النفي وهي تشعر بالقبول، فيقال للبصير: لم تبصر كذا، ويقال للأكمه: لا تبصر كذا، وإذا [استعمل أحد الأمرين](4) في
(1) انظر: "فتح الباري" 4/ 436.
(2)
في (ر)، (ل): أبو.
(3)
في (ر)، (ل): وصرف.
(4)
في (ر)، (ل) هكذا (احتمل أحد الأمر). والمثبت من "إحكام الأحكام".
الآخر فذلك للاحتمال. قال: فعلى هذا يكون في قوله: (فيما لم يقسم) إشعارٌ بأنه قابل للقسمة، ولما دخلت (إنما) المعطية للحصر، اقتضت انحصار الشفعة في القابل (1).
[3515]
(حدثنا محمد بن يحيى بن فارس) بن ذؤيب الذهلي أحد الأعلام، روى عنه البخاري في مواضع كما تقدم.
(قال: حدثنا الحسن بن الربيع) البجلي البوراني، قال أبو حاتم: من أوثق أصحاب ابن إدريس (2) قال (حدثنا) عبد الله (بن إدريس) الأودي الكوفي (عن) عبد الملك (بن جريج، عن) محمد (بن شهاب) بن عبد الرحمن ([عن أبي سلمة] (3) أو عن سعيد بن المسيب، أو عنهما جميعًا) ولا يضر الإبهام؛ لأنهما ثقات.
(عن أبي هريرة، [قال] (4) قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قسمت الأرض وحدت) أي (5): الحدود، أي: ميزت عن مجاوراتها بذكر نهاياتها، والمبني للفاعل منه حددت بفتح الدال الأولى كقبلت (فلا شفعة فيها).
روى الحديث الذي قبله [عن](6) مالك: ابن الماجشون وأبو عاصم وغيرهما عن أبي هريرة، ويعل (7) الحديث ابن أبي حاتم في "العلل"، عن
(1) انظر: "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(ص 534 - 535).
(2)
انظر: "الجرح والتعديل" 3/ 14.
(3)
سقط من (ر)، (ل). والمثبت من "السنن".
(4)
من "السنن".
(5)
سقط من (ر). والمثبت من (ل).
(6)
زيادة يستقيم بها السياق.
(7)
في (ر): وعل.
أبيه: عندي أن من قوله (فإذا وقعت الحدود .. ) إلى آخره من قول جابر، والمرفوع منه إلى قوله (لم يقسم)(1).
قال ابن حجر: وفيه نظر؛ لأن الأصل أن (2) كل ما ذكر في الحديث فهو منه حتى يثبت الإدراج بدليل (3).
وحديث أبي هريرة هذا يدل على ما قاله، وأنه يبعد أن جابرًا سمع بعض الحديث، وأدرج الباقي (4) من عنده ولا يسمع ما سمعه أبو هريرة كاملًا.
[3516]
(حدثنا عبد الله بن محمد النفيلي قال: حدثنا سفيان) بن عيينة (عن إبراهيم بن ميسرة، سمع عمرو بن الشريد) بفتح الشين وكسر الراء.
(سمع أبا رافع) أسلم مولى النبي صلى الله عليه وسلم (سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول) روى البخاري هذا الحديث وذكر فيه قصة سعد بن أبي وقاص (5)(الجار أحق بسقبه) بفتح السين المهملة والقاف بعدها باء موحدة، ويقال بالصاد بدل السين، ويجوز فتح القاف وإسكانها، والسقب: القرب والمجاورة (6).
قال البغوي: ليس في الحديث ذكر الشفعة، فيحتمل أن يكون أراد به
(1)"علل ابن أبي حاتم"(1431).
(2)
في (ر): أنما.
(3)
انظر: "فتح الباري" 4/ 437.
(4)
في (ر): الثاني.
(5)
(2258).
(6)
انظر: "فتح الباري" 4/ 438.
الشفعة ويحتمل أن يكون أحق بالبر والمعونة كما في الحديث بعده. وإن كان المراد منه الشفعة، فيحمل الجار على الشريك جمعًا بين الحديثين، واسم الجار قد يقع على الشريك؛ لأنه يجاور شريكه بأكثر من مجاورة الجار، فإن الجار لا يساكنه والشريك يساكنه في الدار المشتركة (1).
قال ابن بطال: استدل به أبو حنيفة وأصحابه على إثبات الشفعة للجار، والجمهور أراد بالجار الشريك؛ فإن أبا رافع كان شريك سعد ابن أبي وقاص في البيتين، ولذلك دعاه إلى الشراء منه كما في القصة التي ذكرها البخاري.
وأما قول أبي حنيفة وأصحابه: أنه ليس في اللغة ما يقتضي تسمية الشريك جارًا، فمردود بما تقدم، وأن كل شيء قارب شيئًا قيل له جار، وقد قالوا لامرأة الرجل جارة؛ لما بينهما من المخالطة، وذكر عمر بن شبة أن سعدًا كان اتخذ دارين (2) بالبلاط متقابلتين بينهما عشرة أذرع، وكانت التي عن يمين المسجد منهما لأبي رافع، فاشتراها سعد منه ثم ساق قصة البخاري (3). فاقتضى كلامه أن سعدًا كان جارًا لأبي رافع قبل أن يشتري منه داره لا شريكًا، وكان بعض الحنفية يلزم الشافعية القائلين بحمل اللفظ على حقيقته ومجازه أن يقولوا بشفعة الجوار؛ لأن الجار حقيقة في المجاور مجاز في الشريك.
وأجيب بأن محل ذلك عند التجرد عن القرينة، وقد قامت القرينة هنا
(1) انظر: "شرح السنة" 8/ 242.
(2)
في (ر)، (ل):(دارا).
(3)
"تاريخ المدينة" 1/ 235 - 236.
على المجاز فاعتبر للجمع (1) بين حديثي جابر وأبي رافع، فحديث جابر صريح في اختصاص الشفعة بالشريك، وحديث أبي (2) رافع مصروف الظاهر اتفاقًا؛ لأنه يقتضي أن يكون الجار أحق من كل أحد حتى من الشريك، والذين قالوا بشفعة الجوار قدموا الشريك مطلقًا، ثم المشارك في الطريق، ثم الجار على من ليس بمجاور، فعلى هذا يتعين تأويل قوله:(أحق) بالحمل على الفضل أو التعهد ونحو ذلك (3).
[3517]
(حدثنا أبو الوليد) هشام بن عبد الملك (الطيالسي قال: حدثنا شعبة، عن قتادة، عن الحسن) البصري (عن سمرة) بن جندب الصحابي (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: جار الدار أحق) قال في "شرح السنة": هذِه اللفظة تستعمل فيمن لا يكون غيره أحق منه، والشريك بهذِه الصفة أحق من غيره، وليس غيره أحق منه (4)، لكن هل هو أحق بالشفعة أو البر كما تقدم.
(بدار الجار) أي أحق في الشفعة بدار جاره من غيره، ورواية الترمذي عن أنس [أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:"جار الدار أحق بالدار"(5).
(أو الأرض) رواية: والأرض] (6) من غيره، وهو شك من الراوي.
(1) سقط من (ر).
(2)
في (ر): أبا.
(3)
انظر: "فتح الباري" 4/ 438.
(4)
"شرح السنة" 8/ 242.
(5)
ذكره الترمذي معلقًا بعد حديث (1368).
(6)
سقط من (ر).
والمعنى: إن جار دارك التي أنت مقيم بها أحق وأولى من غيره بسبب قربه منك، وداره المجاورة، لذلك هذا مما يحتج به لأبي حنيفة وأصحابه.
وأجاب الشافعي وغيره بأنه محمول على تعهده بالإحسان والبر بسبب قرب داره كما تقدم، وبأن الشفعة ثبتت على خلاف الأصل لمعنى معدوم في الجار وهو أن الشريك ربما دخل عليه شريكه فتأذى به فدعت الحاجة إلى مقاسمته (1).
[3518]
(حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا هشيم) بن بشير بن القاسم قال: (أنبأنا عبد الملك) بن (2) أبي سليمان الكوفي، روى عنه مسلم في مواضع (عن عطاء، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الجار أحق بشفعة جاره) أي الشريك أحق بشفعة شريكه كذا عند الشافعي.
قال الشافعي: نخاف أن لا يكون هذا الحديث محفوظًا، وعبد الملك من الثقات، لكن تكلم فيه شعبة لتفرده عن عطاء بخبر "الجار أحق بشفعة جاره"(3).
ورواية الترمذي: الجار بسقبه (4).
(1) انظر: "فتح الباري" 4/ 438.
(2)
زاد هنا في (ل): (جريج) وهو خطأ.
(3)
انظر: "اختلاف الحديث" للشافعي (ص 537)، "سنن الترمذي"(1369)، "سنن البيهقي الكبرى" 6/ 106.
(4)
ذكره الترمذي بعد حديث (1370).
(يُنتظر) مبني للمفعول إلى آخره (بها) أي بحقه من الشفعة، يحتمل أن يراد انتظار الصبي بالشفعة حتى يبلغ لما روى الطبراني في "الصغير" و"الأوسط" عن جابر أيضًا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "الصبي على شفعته حتى يدرك، فإذا أدرك فإن شاء أخذ وإن شاء ترك"، لكن في سنده عبد الله بن بَزِيع (1).
(وإن كان غائبًا) فينتظر أيضًا حتى يحضر إن شاء أخذ وإن شاء ترك. (إذا كان طريقهما) أي طريق الشريكين (واحدًا).
قال في "شرح السنة": يحتج به من يثبت الشفعة في المقسوم إذا كان الطريق مشتركًا، وبقوله في الحديث المتقدم:"فإذا وقعت الحدود وصرفت الطرق". والمراد منه الطريق في المشاع، فإن الطريق في المشاع يكون شائعًا بين الشركاء، وكل واحد يدخل من حيث شاء، فإذا قسم العقار بينهم منع كل واحد منهم أن يتطرق شيئًا من حق صاحبه فتصير الطريق بالقسمة مصروفة (2).
* * *
(1) رواه الطبراني في "الأوسط"(6140)، "الصغير" (844). وانظر:"مجمع الزوائد" 4/ 159.
(2)
8/ 243 - 244.