الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
16 - باب منْ ترَدُّ شهادَته
3600 -
حَدَّثَنا حَفْصُ بْنُ عُمَرَ، حَدَّثَنا محَمَّد بْنُ راشِدٍ، حَدَّثَنا سُلَيْمان بْنُ مُوسَى، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْب، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم رَدَّ شَهادَةَ الخائِنِ والخائِنَةِ وَذي الغِمْرِ عَلَى أَخِيهِ وَرَدَّ شَهادَةَ القانِعِ لأهلِ البَيْتِ وَأَجازَها لِغَيْرِهِمْ. قالَ أَبُو داوُدَ: الغِمْرُ الِحنَةُ والشَّحْناء والقانِعُ الأجَير التّابع مِثْلُ الأجَيرِ الخاصِّ (1).
3601 -
حَدَّثَنا مُحَمَّدُ بْنُ خَلَفِ بْنِ طارِق الرّازيّ، حَدَّثَنا زَيْدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ عُبَيْدٍ الُخزاعيّ، حَدَّثَنا سَعِيدُ بْنُ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ سلَيْمانَ بْنِ مُوسَى بإسْنادِهِ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا تَجُوزُ شَهادَةُ خائِنٍ وَلا خائِنَةٍ، وَلا زان وَلا زانِيَةٍ وَلا ذي غِمْرٍ عَلَى أَخِيهِ"(2).
* * *
باب من ترد شهادته
[3600]
(ثنا حفص بن عمر، ثنا محمد بن راشد) المكحولي الدّمشقيُّ، نزيل البصرة، وثقه أحمد (3) وابن معين (4)(ثنا سليمان بن موسى) القرشي الأموي، فقيه أهل الشَّام وسيد شبابهم، عاش بعد مكحول سنتين، يجلس إليه، وكان أعلى أصحابه وأوثقهم.
(عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم رد
(1) رواه ابن ماجه (2366)، وأحمد 2/ 204.
وحسنه الألباني في "الإرواء"(2669).
(2)
مكرر سابقه.
(3)
"العلل ومعرفة الرجال" 2/ 504، 3/ 156.
(4)
"تاريخ يحيى بن معين" برواية الدوري (5322).
شهادة الخائن والخائنة) قال أبو عبيد: لا نراه خص به الخيانة في أمانات الناس دون ما افترض الله على عباده وأتمنهم عليه؛ فإنَّه قد سمى ذلك أمانة، فقال تعالى:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَخُونُوا اللَّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُوا أَمَانَاتِكُمْ} فمن ضيع شيئاً مما أمر الله تعالى به، أو ركب شيئاً مما نهى عنه فليس ينبغي [أن يكون](1) عدلاً. انتهى (2).
فدين الفاسق إذا لم يَدُعَّهُ عن ارتكاب محظورات الدين فلا يؤمن أن لا يَدُعَّهُ عن الكذب في الشهادة، وعلى هذا فلا تحصل الثقة بقوله؛ لأنه فاسق، وقد أمر الله بالتوقف عن نبأ الفاسق، والشهادة نبأ؛ فيجب التوقف عنها.
(و) رد شهادة (ذي الغمر) بكسر الغين المعجمة وسكون الميم بعدها راء مهملة، سيأتي في كلام المصنف تفسيره بأنه الشحناء، والشحناء: العداوة، فالعداوة مانعة من قبول الشهادة؛ لأنها تورث التهمة فتمنع الشهادة كالقرابة القريبة، وتخالف الصداقة؛ فإن في شهادة الصديق لصديق بالزور نفع غيره بمضرة نفسه، وبيع آخرته بدنيا غيره، وشهادة العدو على عدوه يقصد بها نفع نفسه بالتشفي من عدوه، فافترقا.
فإن قيل: لم قبلتم شهادة المسلمين على الكفار مع العداوة؟ قلنا: العداوة ها هنا دينية، والدين لا يقتضي شهادة الزور، والمراد بالعداوة هنا الدنيوية، كان يشهد المقذوف على القاذف، والمقطوع عليه الطريق على
(1) ساقطة من (م).
(2)
بنحوه في "غريب الحديث" 2/ 153، ونقله عنه الخطابي في "معالم السنن" 4/ 156 بنصه كما هنا.
القاطع، والزوج يشهد على امرأته التي قذفها بالزنا، وهذا مذهب الشافعي ومالك وأحمد والجمهور، وقال أبو حنيفة: لا تمنع العداوة الشهادة؛ لأنها لا تخل بالعدالة، فلا تمنع الشهادة كالصداقة.
(على أخيه) المسلم (ورد شهادة القانع) هو الخادم والتابع والسائل (لأهل البيت) المنقطع إلى خدمتهم وبيع حوائجهم وسؤالهم عند الحاجة، فترد شهادته للتهمة بجلب النفع إلى نفسه، وذلك مثل الوكيل ونحوه، فلا تقبل شهادته بما هو وكيل فيه؛ لأنه يثبت لنفسه سلطنة التصرف في المشهود به، ولا فرق بين الوكيل بجعل وغيره، أما ما ليس وكيلا فيه فتقبل الشهادة به؛ لعدم تصرفه فيه.
(وأجازها) أي: أجاز شهادة القانع (لغيرهم) لغير أهل البيت؛ لانتفاء التهمة الممنوع لأجلها.
(قال: ) المصنف (الغمر) هو: (الحنة) بكسر الحاء المهملة وتخفيف النون المفتوحة، لغة في إحنة، وهي: الحقد، قال الجوهري: يقال: في صدره عليَّ إحنة. ولا تقل: حنة. وأنشد:
إذا كان في صدر ابن عمك إحنة
…
فلا تستثرها سوف يبدو دفينها
والمؤاحنة: المعاداة (1).
والصحيح أنها لغة كما ذكرها المصنف، وجمعها حنات، ومنه حديث معاوية: لقد منعتني القدرة من ذوي الحنات (2). جمع حنة.
(1)"الصحاح" 5/ 2068.
(2)
رواه الخطابي في "غريب الحديث" 2/ 529 بسنده إلى سفيان بن عيينة قال: رأى=
قال ابن الأثير: وهي لغة قليلة في الإحنة، وقد جاءت في بعض طرق حديث حارثة بن مضرب في الحدود (1). رواه المصنف من حديثه: أتى عبد الله بالكوفة في قوله: ما بيني وبين أحد حنة، وإني مررت بمسجد لبني حنيفة (2) فإذا هم يؤمنون بمسيلمة .. الحديث (3). قال الهروي: هي لغة رديئة قد جاءت (4).
(والشحناء) بالمد العداوة، ومنه حديث:"إلا رجلاً كان بينه وبين أخيه شحناء فيقال: أخراهم إلى أن يصطلحا"(5).
[3601]
(ثنا محمد بن خلف بن طارق) الداري (ثنا زيد بن يحيى بن عبيد) الدّمشقيُّ الخزاعي، ثقة.
(ثنا سعيد بن عبد العزيز) بن [أبي](6) يحيى التنوخي الدّمشقيُّ، روى له البخاري في "الأدب"(7) والباقون.
(عن سلميان بن موسى بإسناده) المتقدم (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجوز شهادة خائن، ولا خائنة) كذا لفظ ابن ماجه، زاد:"ولا محدود"(8)
=معاوية يزيد يضرب غلامًا له فقال: يا يزيد، سوءة لك، تضرب من لا يستطيع أن يمتنع، والله لقد منعتني القدرة من ذوي الحنات.
(1)
"النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 89.
(2)
في النسخ: حذيفة. والمثبت من "السنن".
(3)
تقدم عند أبي داود برقم (2762).
(4)
"الغريبين" 1/ 51.
(5)
سيأتي عند أبي داود رقم (4916).
(6)
ليست في النسخ، أثبتناها من مصادر ترجمته.
(7)
"الأدب المفرد"(490).
(8)
"سنن ابن ماجه"(2366).
(ولا زان، ولا زانية) لأن الزنا من الكبائر، ومرتكب الكبيرة فاسق لا تقبل شهادته، لكن إن تاب قبلت شهادته، وهل يفتقر إلى اختبار بمدة يغلب على الظن صدق توبته أم لا؟ (1).
(ولا ذي عُمر على أخيه) فيه ما تقدم.
* * *
(1) كذا افترض السؤال ولم يجب! فلعل هناك سقط والله أعلم، أو أنه ترك الكلام في المسألة لحاجتها إلى تحرير.