المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌40 - باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٤

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَاب البُيُوعِ

- ‌1 - باب في التِّجارَةِ يُخالِطُها الحَلِفُ واللَّغْوُ

- ‌2 - باب في اسْتِخْراجِ المَعادِنِ

- ‌3 - باب في اجْتِنابِ الشُّبُهاتِ

- ‌4 - باب في آكِلِ الرِّبا وَمُوكِلِهِ

- ‌5 - باب في وضْعِ الرِّبا

- ‌6 - باب في كَراهِيَةِ اليَمِينِ في البَيْعِ

- ‌7 - باب في الرُّجْحانِ في الوَزْنِ والوَزْن بِالأَجْرِ

- ‌8 - باب في قوْلِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "المِكْيالُ مِكْيالُ المَدِينَةِ

- ‌9 - باب في التَّشْدِيد في الدَّيْنِ

- ‌10 - باب في المَطْلِ

- ‌11 - باب في حُسْنِ القضاءِ

- ‌12 - باب في الصّرْفِ

- ‌13 - باب في حِلْيَةِ السَّيْفِ تُباعُ بِالدَّراهمِ

- ‌14 - باب في اقتِضاء الذّهَبِ مِنَ الوَرِقِ

- ‌15 - باب في الحَيوانِ بِالحيَوانِ نَسِيئة

- ‌16 - باب في الرُّخْصَةِ في ذلكَ

- ‌17 - باب في ذَلِكَ إِذا كانَ يَدًا بِيَدِ

- ‌18 - باب في التَّمْر بِالتَّمْرِ

- ‌19 - باب في المُزابَنَة

- ‌20 - باب في بَيعِ العرايا

- ‌21 - باب في مِقْدارِ العريَّة

- ‌22 - باب تَفْسير العَرايا

- ‌23 - باب في بَيع الثِّمارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُها

- ‌24 - باب في بيْعِ السِّنِينَ

- ‌25 - باب في بَيْعِ الغَرَرِ

- ‌26 - باب في بَيْعِ المُضْطَرِّ

- ‌27 - باب في الشَّرِكَةِ

- ‌28 - باب في المُضاربِ يخالِفُ

- ‌29 - باب في الرَّجُلِ يَتَّجِرُ في مالِ الرَّجُلِ بغَيْرِ إذْنِهِ

- ‌30 - باب في الشَّرِكةِ عَلى غَيْر رَأْسِ مالٍ

- ‌31 - باب في المُزارَعَةِ

- ‌32 - باب في التَّشْدِيدِ في ذَلِك

- ‌33 - باب في زَرْعِ الأَرْضِ بغَيْرِ إِذْنِ صاحِبِها

- ‌34 - باب في المُخَابَرَةِ

- ‌35 - باب في المُساقاةِ

- ‌36 - باب في الخَرْصِ

- ‌أَبْوَابُ الإِجَارَةِ

- ‌1 - باب في كَسْبِ المُعَلِّمِ

- ‌2 - باب في كَسْبِ الأَطِبَّاءِ

- ‌3 - باب في كَسْب الحَجَّامِ

- ‌4 - باب في كَسْبِ الإِماء

- ‌5 - باب في حُلْوانِ الكاهِنِ

- ‌6 - باب في عَسْب الفَحْلِ

- ‌7 - باب في الصّائِغِ

- ‌8 - باب في العَبْد يُباعُ وَلَهُ مالٌ

- ‌9 - باب في التلقي

- ‌10 - باب في النَّهْى عَنِ النَّجْش

- ‌11 - باب في النَّهْي أَنْ يَبيعَ حاضِرٌ لِبادٍ

- ‌12 - باب مَنِ اشْتَرى مُصَرّاةً فكرِهَها

- ‌13 - باب في النَّهْى، عَنِ الحُكْرةِ

- ‌14 - باب في كسْرِ الدَّراهمِ

- ‌15 - باب في التَّسْعيرِ

- ‌16 - باب في النَّهْي عَنِ الغِشِّ

- ‌17 - باب في خِيارِ المُتَبايِعَيْنِ

- ‌18 - باب في فَضْلِ الإِقالَةِ

- ‌19 - باب فِيمَنْ باع بيْعتَيْنِ في بَيْعةٍ

- ‌20 - باب في النَّهْي عَن العِينَة

- ‌21 - باب في السَّلَفِ

- ‌22 - باب في السَّلَمِ في ثَمَرَةٍ بِعَيْنِهَا

- ‌23 - باب السَّلَفِ لا يُحَوَّلُ

- ‌24 - باب في وَضْعِ الجَائِحَةِ

- ‌25 - باب في تَفْسِيرِ الجَائِحَةِ

- ‌26 - باب في مَنْعِ المَاءِ

- ‌27 - باب في بَيْعِ فَضْل المَاءِ

- ‌28 - باب في ثَمَنِ السِّنَّوْرِ

- ‌29 - باب في أَثْمَانِ الكِلَابِ

- ‌30 - باب في ثَمَنِ الخَمْرِ والمَيْتَةِ

- ‌31 - باب في بَيع الطَّعامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتوْفَى

- ‌32 - باب في الرَّجُلِ يقُولُ في البَيْع: لا خِلابَة

- ‌33 - باب في العُرْبانِ

- ‌34 - باب في الرَّجُلِ يَبِيعُ ما لَيْسَ عِنْدَهُ

- ‌35 - باب في شَرْطٍ في بَيْعٍ

- ‌36 - باب في عُهْدةِ الرَّقِيقِ

- ‌37 - باب فيمَنِ اشْتَرى عَبْدًا فاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ وَجدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌38 - باب إذا اخْتَلَفَ البَيِّعانِ والمبِيعُ قائِمٌ

- ‌39 - باب في الشُّفْعةِ

- ‌40 - باب في الرّجُلُ يُفْلِسُ فَيَجِدُ الرَّجُلُ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ

- ‌41 - باب فِيمَنْ أَحْيا حَسِيرًا

- ‌42 - باب في الرَّهْنِ

- ‌43 - باب في الرّجُلِ يأكُلُ مِنْ مالِ ولَدهِ

- ‌44 - باب في الرَّجُلِ يَجِدُ عينَ مالِهِ عنْدَ رَجُلٍ

- ‌45 - باب في الرَّجُلِ يأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ تحْتِ يدِه

- ‌46 - باب في قَبُولِ الهدايا

- ‌47 - باب الرُّجُوعِ في الهِبَةِ

- ‌48 - باب في الهَدِيَّةِ لِقَضاءِ الحاجَةِ

- ‌49 - باب في الرَّجُلِ يُفَضِّل بَعْضَ وَلَدِهِ في النُّحْلِ

- ‌50 - باب في عَطِيَّةِ المَرْأةِ بغَيْر إِذْنِ زَوْجِها

- ‌51 - باب في العُمْرى

- ‌52 - باب مَنْ قال فِيهِ: وَلعَقِبِهِ

- ‌53 - باب في الرُّقْبَى

- ‌54 - باب في تضْمِينِ العارِيَّةِ

- ‌55 - باب فِيمنْ أَفْسَد شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلهُ

- ‌56 - باب المَواشي تُفْسِد زَرْعَ قَوْمٍ

- ‌كِتَابُ الأَقْضَيِةِ

- ‌1 - باب في طَلَبِ القَضاءِ

- ‌2 - باب في القاضي يُخْطِئُ

- ‌3 - باب في طَلَبِ القَضاءِ والتِّسَرُّعِ إِلَيْهِ

- ‌4 - باب في كَراهِيَةِ الرِّشْوَةِ

- ‌5 - باب في هَدايا العُمّالِ

- ‌6 - باب كَيْفَ القَضاءُ

- ‌7 - باب في قَضاءِ القاضي إِذا أَخْطَأَ

- ‌8 - باب كَيْفَ يَجْلِسُ الخَصْمان بينَ يَدى القاضي

- ‌9 - باب القاضي يَقْضي وَهو غَضْبانُ

- ‌10 - باب الحكْمِ بينَ أَهْل الذّمَّةِ

- ‌11 - باب اجتِهادِ الرَّأي في القَضاءِ

- ‌12 - باب في الصُّلْح

- ‌13 - باب في الشَّهاداتِ

- ‌14 - باب فِيمَنْ يُعِينُ عَلى خصومَةٍ مِنْ غيْرِ أن يَعْلَمَ أمْرَها

- ‌15 - باب في شَهادةِ الزُّورِ

- ‌16 - باب منْ ترَدُّ شهادَته

- ‌17 - باب شَهادَة البَدَويِّ عَلَى أهْلِ الأَمْصارِ

- ‌18 - باب الشَّهادَةِ في الرَّضاعِ

- ‌19 - باب شَهادةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَفي الوَصِيَّة في السَّفَرِ

- ‌20 - باب إِذا عَلِمَ الحاكِمُ صِدْق الشّاهِدِ الواحدِ يَجُوز لَه أَنْ يَحْكمَ به

- ‌21 - باب القَضاء بِاليَمينِ والشّاهِد

- ‌22 - باب الرّجُلَيْنِ يَدَّعِيانِ شَيْئًا وَلَيْسَتْ لَهُما بيِّنَةٌ

الفصل: ‌40 - باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده

‌40 - باب في الرّجُلُ يُفْلِسُ فَيَجِدُ الرَّجُلُ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ

3519 -

حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ ح. وَحَدَّثَنا النُّفَيْليُّ، حدثنا زُهَيْرٌ -المَعْنَى- عَنْ يَحيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ حَزْمٍ، عَنْ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ العَزِيزِ، عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"أَيُّما رَجُلٍ أَفْلَسَ فَأَدْرَكَ الرَّجُلُ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ مِنْ غَيْرِهِ"(1).

3520 -

حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنِ ابن شِهابٍ، عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارِثِ بْنِ هِشامٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"أَيُّما رَجُلٍ باعَ مَتاعًا فَأَفْلَسَ الذي ابْتاعَهُ وَلَمْ يَقْبِضِ الذي باعَهُ مِنْ ثَمَنِهِ شَيْئًا فَوَجَدَ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ وإنْ ماتَ المُشْتَري فَصاحِبُ المَتاعِ أُسْوَةُ الغُرَماءِ"(2).

3521 -

حدثنا سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ، حدثنا عَبْدُ اللهِ - يَعْني ابن وَهْبٍ - أَخْبَرَني يُونُسُ، عَنِ ابن شِهابٍ قالَ: أَخْبَرَنى أَبُو بَكْرِ بْن عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الحارِثِ بْنِ هِشامٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَذَكَرَ مَعْنَى حَدِيثِ مالِكٍ زادَ: "وإنْ قَضَى مِنْ ثَمَنِها شَيْئًا فهُوَ أُسْوَةُ الغُرَماءِ فِيها"(3).

3522 -

حدثنا مُحَمَّد بْنُ عَوْفٍ الطّائيُّ، حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ عَبْدِ الجَّبّارِ - يَعْني الخَبائِريَّ، حدثنا إِسْماعِيلُ - يَعْني ابن عَيّاشٍ - عَنِ الزُّبَيْدىِّ - قالَ أَبُو داوُدَ: وَهُوَ مُحَمَّد بْن الوَلِيدِ أَبُو الهُذَيْلِ الحِمْصيُّ، عَنِ الزُّهْريِّ، عَنْ أَبي بَكْرِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم نحْوَهُ قالَ: "فَإِنْ كانَ قَضاهُ مِنْ ثَمَنِها شَيْئًا فَما بَقيَ

(1) رواه البخاري (2402)، ومسلم (1559).

(2)

رواه مالك 2/ 678 (87)، وعبد الرزاق 8/ 263 (15158)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 12/ 17 (4605)، والبيهقي في "الصغرى" 2/ 292.

وصححه الألباني.

(3)

انظر السابق.

ص: 493

فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَماءِ وَأَيُّما امْرِئٍ هَلَكَ وَعِنْدَهُ مَتاعُ امْرِئٍ بِعَيْنِهِ اقْتَضَى مِنْهُ شَيْئًا أَوْ لَمْ يَقْتَضِ فَهُوَ أُسْوَةُ الغُرَماءِ".

قالَ أَبُو داوُدَ: حَدِيثُ مالِكٍ أَصَحُّ (1).

3523 -

حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ بَشّارٍ، حدثنا أَبُو داوُدَ هُوَ الطَّيالِسيُّ، حدثنا ابن أَبي ذِئْبٍ، عَنْ أَبى المُعْتَمِرِ، عَنْ عُمَرَ بْنِ خَلْدَةَ قال: أَتَيْنا أَبا هُرَيْرَةَ في صاحِبٍ لَنا أَفْلَسَ فَقال: لأقضِيَنَّ فِيكمْ بِقَضاءِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ أَفْلَسَ أَوْ ماتَ فَوَجَدَ رَجُلٌ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ فَهُوَ أَحَقُّ بِهِ"(2).

* * *

باب في الرجل يفلس فيجد الرجل متاعه بعينه عنده

[3519]

(حدثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي (عن مالك ح، وحدثنا النفيلي، قال: حدثنا زهير) بن معاوية الجعفي (المعنى، عن يحيى بن سعيد) الأنصاري (عن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، عن عمر بن عبد العزيز، عن أبي بكر بن عبد الرحمن) زاد البخاري: ابن الحارث بن هشام (3)، وفي هذا السند أربعة من التابعين يروي بعضهم عن بعض: أولهم يحيى بن سعيد، وكلهم ولي القضاء، وكلهم سوى أبي بكر بن عبد الرحمن من طبقة واحدة.

(1) رواه ابن الجارود في "المنتقى"(631)، والطحاوي في "شرح مشكل الآثار" 12/ 19 (4607)، والبيهقي 6/ 47.

وصححه الألباني.

(2)

رواه الطيالسي (2497)، ومن طريقه البيهقي 6/ 46. وهو ضعيف بهذا اللفظ.

وقد سبق الصحيح منه برقم (3519).

(3)

(2402).

ص: 494

(عن أبي هريرة رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجلٍ) بالجر (أفلس) أفلس الرجل شرعًا إذا زادت ديونه على موجوده سمي بذلك؛ لأنه صار ذا فلوس بعد أن كان ذا دراهم ودنانير إشارة إلى أنه صار لا يملك إلا أدنى الأموال وهي الفلوس، أو سمي بذلك؛ لأنه يمنع من التصرف إلا في الشيء التافه كالفلوس؛ لأنهم ما كانوا يتعاملون بها في الأشياء الخطيرة، أو لأنه صار إلى حالة لا يملك فيها فلسًا، فعلى هذا الهمزة في أفلس للسلب (1)، نحو: أشكيته أزلت سبب شكواه، وأعتبته أزلت عنه سبب عتبه.

(فأدرك الرجل متاعه)[رواية البخاري: ماله بعينه، استدل به على أن شرط استحقاق صاحب المتاع متاعه](2) دون غيره من الغرماء أن يجد متاعه (بعينه) لم يتغير ولم يتبدل، فإن تغير: يُخيَّرُ البائع بين أن يأخذه ناقصًا، أو يتركه ويضارب الغرماء بالثمن، كما لو تغير المبيع في يد البائع. ولو تلف أحد العبدين ثم أفلس أخذ الباقي وضارب بحصة التالف.

وللرجوع شرطان آخران، أحدهما: أن لا يتعلق بالمبيع حق ثالث كالرهن والجناية (3) والشفعة. الثاني: أن لا يقوم بالبائع مانع من التمليك كما لو أحرم وكان المبيع صيدًا. فلو زال ملك المشتري ثم عاد إلى ملكه فوجده البائع فمقتضى الحديث أنه يكون أحق به، وقد صرح بتصحيحه الرافعي في "الشرح الصغير"، وفي الرافعي الكبير ما

(1) انظر: "فتح الباري" 5/ 62.

(2)

سقط من (ر). والمثبت من (ل).

(3)

في (ر): الخيانة.

ص: 495

يشعر برجحانه فإنه شبهه بنظيره من الرد بالعيب ورجوع الصداق بالطلاق، لكن صحح النووي في "الروضة" من زياداته خلافه (1).

(فهو أحق به من غيره) أي من سائر الغرماء وارثًا كان أو غيره، وبهذا قال جمهور العلماء (2)، وفي "الحاوي" عن ابن حربويه: أن البائع لا يفسخ بل يقدم بثمنه على الغرماء كالرهن (3)، وخالف الحنفية كما سيأتي.

[3520]

(حدثنا عبد الله بن مسلمة) القعنبي.

(عن مالك، عن ابن شهاب، عن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث ابن هشام) التابعي (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أيما رجلٍ باع متاعًا) فيه التصريح بأن الحديث وارد في صورة البيع، وكذا رواه ابن خزيمة وابن حبان عن يحيى بن سعيد بلفظ:"إذا ابتاع الرجل سلعة ثم أفلس وهي عنده بعينها فهو أحق بها"(4). ولمسلم: "إذا وجد عنده المتاع أنه لصاحبه الذي باعه"(5).

وهذا الحديث وإن كان مرسلًا من طريق مالك فقد وصله عبد الرزاق في "مصنفه" عن مالك (6)، لكن المشهور عن مالك إرساله وهو حجة على أبي حنيفة حيث تأول هذا الحديث وخالفه لكونه خبر واحد

(1)"الشرح الكبير" 5/ 41، "الروضة" 4/ 156.

(2)

انظر: "فتح الباري" 5/ 63.

(3)

انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي 6/ 270.

(4)

ابن حبان (5037) من حديث أبي هريرة.

(5)

مسلم (1559/ 23) من حديث أبي هريرة.

(6)

رواه عبد الرزاق في "المصنف" 8/ 264 (15160).

ص: 496

مخالفا (1) للأصول؛ لأن (2) السلعة صارت بالمبيع ملكًا للمشتري ومن ضمانه واستحقاق المالك أخذها منه نقض لملكه وحملوا الحديث على صورة وهي: ما إذا كان المتاع وديعة أو عارية، أو لقطة، وتُعقب بأن التصريح بالبيع في هذا الحديث، وما ذكر معه يبطل ما ادعوه، ولأنه لو كان كذلك لم يقيد (3) بالمفلس (4) ولا جعل أحق بها (5) لما يقتضيه صيغة أفعل من (6) الاشتراك (7).

(فأفلس) أي تبين فلس (الذي ابتاعه) عند الحاكم (ولم يقبض الذي باعه من ثمنه شيئًا) مفهومه أن الذي قبض من ثمنه شيئًا يكون أسوة الغرماء كما صرح به في الرواية الأخرى، ولابن أبي شيبة عن عمر بن عبد العزيز قال: قضى رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه أحق به من الغرماء إلا أن يكون اقتضى (8) من ماله شيئًا فهو أسوة الغرماء (9).

(فوجد متاعه بعينه) مفهومه أنه لا يرجع في غير متاعه فيتعلق بذلك الكلام في الزوائد المنفصلة فإنها تحدث على ملك المشتري فليست بمتاع البائع فلا رجوع فيها (فهو أحق به) من غيره خلافًا لأبي حنيفة

(1) في الأصول: مخالف، والمثبت أصح.

(2)

في (ر): لكن.

(3)

في (ر): يفعل. والمثبت من (ل).

(4)

هكذا في (ر)، (ل) وفي "فتح الباري"(بالفلس).

(5)

سقط من (ر)، (ل). والمثبت من "الفتح".

(6)

سقط من (ر)، (ل). والمثبت من "الفتح".

(7)

انظر: "فتح الباري" 5/ 63 - 64.

(8)

في (ر)، (ل):(أقبض). والمثبت من "المصنف".

(9)

"مصنف ابن أبي شيبة" 10/ 516 (20473).

ص: 497

حيث قال: لا يكون أحق به كما تقدم، وحمله بعض الحنفية على ما أفلس المشتري قبل أن يقبض السلعة، وتعقب بقوله في الحديث في رواية "عند رجل"(1)، ولابن حبان من طريق سفيان الثوري، عن يحيى ابن سعيد:"ثم أفلس وهي عنده"(2)، فلو كان لم يقبضه ما نص على أنه عنده في الخبر.

(وإن مات المشتري فصاحب المتاع) فيه (أسوة الغرماء) احتج به مالك وأحمد على أن المشتري إذا مات ووجد البائع السلعة أن صاحب السلعة أسوة الغرماء، وفرقوا بين الفلس والموت أن الميت خربت ذمته فليس للغرماء محل يرجعون إليه فاستووا في ذلك مع الغرماء بخلاف المفلس. وأجاب الشافعي عن هذا الحديث بأنه مرسل والمرسل لا يقول به كما تقدم، واحتج بحديث ابن خلدة الآتي (3).

[3521]

(حدثنا سليمان بن داود) تقدم (قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس) بن يزيد (4)(عن ابن شهاب قال: أخبرني أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام) المخزومي التابعي.

(أن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر معنى حديث مالك) المذكور، و (زاد: وإن كان قد قضى) المشتري (من ثمنها شيئًا فهو) يعني البائع (أسوة) بكسر الهمزة وضمها، سائر (الغرماء فيها) فيه حجة للقول القديم من مذهب

(1) رواه البخاري (2402)، ومسلم (1559).

(2)

ابن حبان (5037).

(3)

سيأتي برقم (3523). وانظر: "التمهيد" 8/ 415، "المغني" لابن قدامة 6/ 589 - 590، "فتح الباري" 5/ 64.

(4)

في (ر): زيد.

ص: 498

الشافعي: أن البائع إذا أخذ من المشتري بعض الثمن وأفلس فليس له الرجوع إلى غير ماله، بل هو كسائر الغرماء، وبه قال جمهور العلماء والصحابة، وهو قول مالك وأحمد.

والجديد من مذهب الشافعي أنه يرجع إلى عين ماله بقدر ما بقي من الثمن؛ لأن الإفلاس سبب يعود به كل العين إليه إذا لم يقبض كل الثمن، فجاز أن يعود في بعضها إذا لم يقبض بعض الثمن كالفرقة قبل الدخول يعود بها جميع الصداق إلى الزوج تارة وبعضه أخرى وهو نصفه. وعلى هذا القول: فإن كان قد قبض نصف الثمن رجع إلى نصف العين، وإن كان المبيع عينين باقيتين والمقبوض نصف الثمن رجع في نصف العينين فيكون له من كل عين نصفها، ونص في الصداق نظير هذا وهو أنه إذا أصدقها عبدين وتلف أحدهما ثم طلقها قبل الدخول على قولين:

أحدهما: أنه يأخذ الموجود بنصف المهر مثل قوله في التفليس.

والثاني: أنه يأخذ نصف الموجود ونصف قيمة التالف. وضعَّف القائل بالقديم هذا بأن في رجوعه ببعض العين إضرار بالمفلس في تبعيض الصفقة؛ لأنه ينقص القيمة بالمشاركة.

وأجاب من قال بالجديد عن هذا الحديث بأن ابن القصار قال: هذا مرسل والمراسيل لا يقول بها؛ لأن حذف الواسطة يخرم الثقة ويتطرق التردد إلى الخبر، لكن هذا في مرسل لم يسند، فإذا أسند كما في مرسل مالك فإن المرسل يعضده المسند (1).

قال في "المحصول": فإن كان المسند مما تقوم الحجة به فالعمل

(1) انظر: "البيان" للعمراني 6/ 163 - 164، "فتح العزيز" للرافعي 10/ 248.

ص: 499

عليه، وإلا فالمرسل عليه العمل، والمسند يعضده ويزيده قوة.

[3522]

(حدثنا محمد بن بشار قال: حدثنا أبو داود) سليمان بن داود (الطيالسي) كان يحدث بأربعين ألف حديث من حفظه، روى عنه البخاري في "القراءة خلف الإمام" وغيره (حدثنا) محمد بن عبد الرحمن (ابن أبي ذئب، عن أبي المعتمر) بن عمرو بن رافع (1) مدني، ذكره ابن حبان في "الثقات"(2).

(عن عمر بن خَلَدة) بفتح المعجمة واللام، الزرقي قاضي المدينة.

(قال: أتينا أبا هريرة) نسأله (في صاحب لنا أفلس، فقال: لأقضين فيكم بقضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم) فينا (من أفلس أو مات) رواية ابن ماجه (3) والشافعي (4): أيما رجل مات أو أفلس (فوجد رجل) عنده (متاعه بعينه) قال ابن دقيق العيد: قد يمكن أن يستدل بالحديث على أن الديون المؤجلة تحل بالحجر -أي: كما تحل بالموت- ووجهه أنه يندرج تحت كونه وجد متاعه عنده فيكون أحق به، ومن لوازم ذلك أن يحل؛ إذ لا مطالبة بالمؤجل قبل الحلول (5).

(فهو أحق به) هذا حجة الشافعي على أنه بالموت يصير أحق بمتاعه؛ لأن ابن خلدة خرج عن أبي هريرة بالتسوية بين الإفلاس والموت، وهذا الحديث صححه الحاكم (6)، وزاد بعضهم في آخره

(1) في الأصل (نافع). والمثبت من "الثقات".

(2)

7/ 663.

(3)

(2360).

(4)

انظر: "المسند" ص 329 (1527).

(5)

انظر: "الإحكام شرح عمدة الأحكام"(ص 532).

(6)

"مستدرك الحاكم" 2/ 51.

ص: 500

وهو الدارقطني: إلا أن يترك صاحبه وفاء (1)، ورجحه الشافعي على المرسل قبله وقال: يحتمل أن يكون آخره من رأي أبي بكر بن عبد الرحمن؛ لأن الذين وصلوه عنه لم يذكروا قصة (2) الموت، وكذلك الذين رووه عن أبي هريرة لم يذكروا ذلك، بل صرح ابن خلدة في هذا الحديث بالتسوية بين الموت والإفلاس فتعين المصير إليه؛ لأنه ثقة، وجمع الشافعي بين الحديثين فحمل حديث ابن خلدة على ما إذا مات مفلسًا. وحديث أبي بكر بن عبد الرحمن على ما إذا مات مليئًا (3)، وذهب أبو حنيفة إلى أنه لا يرجع إلى عين ماله لا في الفلس (4) ولا في الموت، وذهب مالك إلى أنه يرجع إليه في الفلس دون الموت، وفرق بينهما بما تقدم (5).

[3523]

(حدثنا محمد بن عوف) بالفاء آخره (الطائي) الحافظ، وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل: ما كان بالشام منذ أربعين سنة مثله (6)(حدثنا عبد الله بن عبد الجبار الخبايري) بفتح الخاء المعجمة والباء الموحدة الخفيفة وبعد الألف ياء مثناة تحت ثم راء، الحمصي.

قال أبو حاتم: صدوق (7).

(1)"سنن الدارقطني" 3/ 29.

(2)

في "الفتح": قضية.

(3)

انظر: "فتح الباري" 5/ 64.

(4)

في (ر): المفلس. والمثبت من (ل).

(5)

انظر: "الإحكام شرح عمدة الأحكام"(ص 530).

(6)

انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 239 - 240.

(7)

انظر: "الجرح والتعديل" 5/ 106.

ص: 501

(حدثنا إسماعيل بن عياش) بالمثناة والشين المعجمة العنسي عالم أهل الشام في عصره (عن الزبيدي) بضم الزاي وفتح الموحدة مصغر زبد.

(قال أبو داود: وهو محمد بن الوليد أبو الهذيل الحمصي) متفق عليه (عن الزهري، عن أبي بكر بن عبد الرحمن) بن الحارث (عن أبي هريرة [عن النبي صلى الله عليه وسلم] (1) نحوه) و (قال) فيه (فإن كان قضاه من ثمنها) أي من ثمن السلعة (شيئًا فما بقي) له من ثمنها (فهو) فيه (أسوة الغرماء) وليس له رجوع في العيب هذا حجة القديم. والجديد كما تقدم: أن له أن يرجع فيها بقدر ما بقي من ثمنها. وقال مالك: البائع بالخيار بين أن يرد ما قبض ويرجع في كل العين وبين أن يضرب بما بقي له من الثمن مع الغرماء (2)(وأيما امرئ هلك وعنده متاع امرئ بعينه) رواية ابن ماجه: "وعنده مال امرئ بعينه"(3). (اقتضى منه شيئا أو لم يقتض (4) فهو أسوة الغرماء) فيه حجة لأبي حنيفة أن من مات وفي ذمته ثمن سلعة فوجدها صاحبها بعينها فهو أسوة الغرماء سواء اقتضى من ثمنها شيئًا أم لا، وليس له الرجوع إلى عين ماله (5).

(قال أبو داود) و (حديث مالك) المرسل (أصح)(6) من هذا المسند.

* * *

(1) من "السنن".

(2)

"البيان والتحصيل" 10/ 359.

(3)

(2361).

(4)

في (ر): يقض.

(5)

"الحجة على أهل المدينة" 2/ 715.

(6)

في (ر): احتج.

ص: 502