الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
43 - باب في الرّجُلِ يأكُلُ مِنْ مالِ ولَدهِ
3528 -
حدثنا مُحَمَّد بْنُ كَثِيرٍ، أَخْبَرَنا سُفْيانُ، عَنْ مَنْصُورٍ، عَنْ إِبْراهِيمَ، عَنْ عُمارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ عَمَّتِهِ أَنَّها سَأَلَتْ عائِشَةَ رضي الله عنها: في حِجْري يَتِيمٌ أفَآكُلُ مِنْ مالِهِ؟ فَقالَتْ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "إنّ مِنْ أَطْيَبِ ما أَكلَ الرَّجُلُ مِنْ كسْبِهِ، وَوَلَدُهُ مِنْ كسْبِهِ"(1).
3529 -
حدثنا عُبَيْدُ اللهِ بْنُ عُمَرَ بْنِ مَيْسَرَةَ وَعُثْمانُ بْن أَبى شَيْبَةَ - المَعْنَى - قالا: حدثنا محَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ، عَنْ شُعْبَةَ، عَنِ الحَكَمِ، عَنْ عُمارَةَ بْنِ عُمَيْرٍ، عَنْ أُمِّهِ، عَنْ عائِشَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّهُ قالَ:"وَلَدُ الرَّجُلِ مِنْ كَسْبِهِ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِهِ، فَكُلُوا مِنْ أَمْوالِهِمْ"(2). قالَ أَبُو داوُدَ: حَمّادُ بْنُ أَبى سُلَيْمانَ زادَ فِيهِ: "إِذا احْتَجْتُمْ". وَهُوَ مُنْكَرٌ.
3530 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ الِمنْهالِ، حدثنا يَزِيدُ بْنُ زُرَيْعٍ، حدثنا حَبِيبٌ المُعَلِّمُ، عَنْ عَمْرِو بْنِ شُعَيْبٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ جَدِّهِ أَنَّ رَجُلاً أَتَى النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم فَقال: يا رَسُولَ اللهِ إِنَّ لي مالاً وَوَلَدًا وَإنَّ والِدي يَجْتاحُ مالي. قالَ: "أَنْتَ وَمالُكَ لِوالِدِكَ، إِنَّ أَوْلادَكُمْ مِنْ أَطْيَبِ كَسْبِكُمْ، فَكُلُوا مِنْ كسْبِ أَوْلادِكُمْ"(3).
* * *
باب في الرجل يأكل من مال ولده
[3528]
(حدثنا محمد بن كثير) العبدي قال: (أنبأنا سفيان) بن سعيد
(1) رواه الترمذي (1358)، والنسائي 7/ 240، وابن ماجه (2137، 2290)، وأحمد 6/ 31. وصححه ابن الملقن في "البدر" 8/ 308، والألباني في "الإرواء" (1626).
(2)
السابق.
(3)
رواه ابن ماجه (2292)، وأحمد 2/ 179.
وصححه الألباني في "المشكاة"(3354).
الثوري (عن منصور) بن المعتمر (عن إبراهيم) النخعي (عن عمارة بن عمير) التيمي، تيم الله الكوفي متفق عليه (عن عمته) وفي رواية: عن أمه، قال ابن القطان: وكلاهما لم يعرفا (1).
(أنها سألت عائشة) رضي الله عنها (في حَجري) بفتح الحاء أي في كنفي وحمايتي (يتيمٌ) اليتيم في الناس من قبل الأب وفي غير الناس من قبل الأم (أفآكل من ماله) والنفقة في معنى الأكل، وسياق ما بعده يدل على أنه كان ابنها. (فقالت) عائشة:(قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من أطيب) أي أحل (ما أكل الرجل) وفي معناه المرأة (من كسبه) بفتح الكاف وهو السعي في طلب المعيشة، وفيه دليل على فضيلة التكسب بالبيع والشراء ونحوهما، وقد اختلفوا في أطيب المكاسب وأفضلها فقيل: التجارة. وقد يستدل له بهذا الحديث، وقيل: الصنعة باليد، وقيل: الزراعة.
قال النووي: وهو الصحيح (2). ورواية ابن ماجه: "إن أطيب ما أكل الرجل من كسبه"(3) من غير لفظة "من" التبعيضية.
وروى الإمام أحمد والبزار والطبراني ورجاله ثقات: سئل رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي الكسب أفضل؟ قال: "عمل الرجل بيده وكل بيع مبرور"(4). وروى الإمام أحمد بإسنادٍ رجالُهُ ثقات عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم:"خير الكسب كسب العامل إذا نصح"(5).
(1)"بيان الوهم والإيهام" 4/ 546.
(2)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 10/ 219.
(3)
(2137).
(4)
أحمد 3/ 466، البزار (3798)، الطبراني 22/ 197 (519) من حديث أبي بردة ابن نيار.
(5)
أحمد 2/ 334، 357.
(وولَدُهُ من كسبه) لأنه (1) سعى في سبب إيجاده، وسبب ما فيه بقاء عينه من مأكول وملبوس وغير ذلك من [
…
] (2) والسعي في أسبابه.
[3529]
(حدثنا عبيد الله) بالتصغير (بن عمر بن ميسرة) الجشمي، روى عنه البخاري في الجمعة (3)، ومسلم في غير موضع (4).
(وعثمان بن أبي شيبة، المعنى، قالا: حدثنا محمد بن جعفر) غندر، ربيب شعبة (عن شعبة، عن الحكم، عن عمارة بن عمير، عن أمه) أعل ابن القطان هذا الحديث بأنه قال هنا: عن أمه. وفي الحديث الذي قبله: عن عمته. قال: وكلاهما لا يعرفان (5).
(عن عائشة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: ولد الرجل من كسبه، من أطيب كسبه) فإن قيل: لم لا اقتصر على قوله: من أطيب كسبه، فإن فيه ما قبله وزيادة؟ قيل: هذا من باب البدل، والقصد به الإيضاح بعد الإبهام، وهو يفيد التأكيد، ألا ترى إلى قراءة يعقوب:(وَتَرى كُلَّ أمَّةٍ جَاثِية كُلَّ أُمَّةٍ تدعى إلَى كِتابها)(6) بنصب كل الثانية.
قال أبو الفتح: جاز إبدال الثانية من الأولى؛ لأن في الثانية زيادة ذكر سبب الجثو في الموضعين (7). ولم يظهر عامل البدل [إلا إذا](8)
(1) في (ر)، (ل):(لا) والمثبت هو الموافق لسياق الكلام.
(2)
كلمة غير واضحة في (ر، ل).
(3)
(920).
(4)
انظر: (181)، (1419)، (1456).
(5)
"بيان الوهم والإيهام" 4/ 546.
(6)
الجاثية: 28.
(7)
"المحتسب" 2/ 262.
(8)
في "البرهان": إذا.
كان (1) جر - كما تقدم - إيذانا بافتقار الثاني إلى الأول؛ فإن حروف الجر مقيدة (2)، ومن تكرر حرف الجر قوله تعالى:{قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا مِنْ قَوْمِهِ لِلَّذِينَ اسْتُضْعِفُوا لِمَنْ آمَنَ مِنْهُمْ} (3)، ولم يذكر ولد في المرة الثانية؛ إذ لو ظهر فقيل: ولد الرجل من كسبه، ولد الرجل من أطيب كسبه لانقطع (4) الثاني عن الأول بالكلية؛ لأن الثاني مع ذكر الولد يصير قائمًا بنفسه.
فإن قيل: ألا تراه ظهر في قوله تعالى: {وَاتَّقُوا الَّذِي أَمَدَّكُمْ بِمَا تَعْلَمُونَ (132) أَمَدَّكُمْ بِأَنْعَامٍ وَبَنِينَ (133)} (5)، قيل: يجوز أن يكون هذا من إبدال الجملة من الجملة لا مما نحن فيه (6).
ومن فوائد البدل التبيين] (7) على وجه المدح؛ فإن قولك: ولد الرجل من كسبه من أطيب كسبه، أبلغ من قولك: ولد الرجل من كسبه، وكذا قولك: هل أدلك على أكرم (8) الناس وأفضلهم؟ فلان، أبلغ من قولك على فلان: الأكرم والأفضل؛ لذكره مرتين مفصلًا
(1) لعل المناسب هنا ذكر كلمة (حرف) كما في "البرهان في علوم القرآن".
(2)
هكذا في (ر)، (ل)، وفي "البرهان":(مفتقرة).
(3)
الأعراف: 75.
(4)
في (ر)، (ل):(لا ينقطع). والمثبت هو الملائم للسياق.
(5)
الشعراء: 132 - 133.
(6)
انظر: "البرهان في علوم القرآن" 2/ 459 - 460.
(7)
في (ر)، (ل): التعين. والمثبت من "البرهان".
(8)
في (ر): ألزم.
ومجملًا (1).
(فكلوا من أموالهم) إن كان الوالد أو الوالدة أو الأجداد فقراء زمنى فالأكل من مال أولادهم واجب؛ لأن نفقتهم واجبة على أولادهم، وإن كانوا موسرين أقوياء فالأمر بالأكل من أموالهم للإباحة هذا من مذهب الشافعي، وأوجب سائر الفقهاء نفقتهم عند الإعسار؛ لقوله فيما سيأتي:"إذا احتجتم". ولم يشترطوا الزمانة (2).
(قال أبو داود) بهذا الحديث (حماد بن أبي سليمان وزاد فيه: إذا احتجتم) إليهم، لكن قال أبو داود فيه:(وهو منكر) وزعم الحاكم في "مستدركه" بعد أن أخرج من طريق الأسود عن عائشة بلفظ: "أموالهم لكم إذا احتجتم إليها" أن الشيخين (3) أخرجاه باللفظ الأول (4).
قال ابن حجر: وهم في ذلك وهمًا لا ينفك عنه (5).
[3530]
(حدثنا محمد بن المنهال) الضرير شيخ الشيخين، أحفظ من بالبصرة وأثبتهم في يزيد بن زريع (6).
(حدثنا يزيد بن زريع، حدثنا حبيب المعلم، عن عمرو بن شعيب، عن أبيه، عن جده) تقدم.
(أن رجلاً) أعرابيًّا (أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله، إن لي مالاً
(1) انظر: "البرهان في علوم القرآن" 2/ 455.
(2)
انظر: "شرح السنة" للبغوي 9/ 329 - 330.
(3)
في (ر)، (ل)(الشيخان) والمثبت هو الصواب.
(4)
"المستدرك" 2/ 284.
(5)
انظر: "التلخيص الحبير" 4/ 21.
(6)
انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 512.
وولدًا، وإن والدي) زاد أحمد: يريد أن (1)(يجتاح) بتقديم الجيم أيضًا [على الحاء، أي: يستأصله ويأتي عليه بالهلاك، ومنه الجائحة، وروي: يجتح](2) بتقديم الجيم أيضا، وروي: يجتحّ. بفتح الفوقانية وتشديد الحاء المهملة.
قال الخطابي: يشبه أن يكون ما ذكره السائل من اجتياح والده جميع ماله إنما هو بسبب النفقة عليه فلم يعذره النبيُّ صلى الله عليه وسلم ولم يرخص له في ترك النفقة، (3) بل (قال) له (أنت ومالك لوالدك) اللام للإباحة لا للتمليك، فإن مال الولد له وزكاته عليه وهو موروث عنه، غير أن الوالد إذا كان فقيرًا زمنًا وجب نفقته على ولده.
(إن أولادكم من أطيب كسبكم) أي من أفضل ما سعيتم في تحصيله (فكلوا) الفاء للسببية، أي: فبسبب كونهم أطيب كسبكم كلوا (من كسب أولادكم) ولن يجزي ولد والده إلا أن يجده رقيقًا فيعتقه (4).
* * *
(1) أحمد 2/ 179.
(2)
سقط من (ر).
(3)
انظر: "معالم السنن" 3/ 166.
(4)
كما روى مسلم (1510) من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "لا يجزي ولد والده إلا أن يجده مملوكا فيشتربه فيعتقه".