المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌21 - باب القضاء باليمين والشاهد - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٤

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَاب البُيُوعِ

- ‌1 - باب في التِّجارَةِ يُخالِطُها الحَلِفُ واللَّغْوُ

- ‌2 - باب في اسْتِخْراجِ المَعادِنِ

- ‌3 - باب في اجْتِنابِ الشُّبُهاتِ

- ‌4 - باب في آكِلِ الرِّبا وَمُوكِلِهِ

- ‌5 - باب في وضْعِ الرِّبا

- ‌6 - باب في كَراهِيَةِ اليَمِينِ في البَيْعِ

- ‌7 - باب في الرُّجْحانِ في الوَزْنِ والوَزْن بِالأَجْرِ

- ‌8 - باب في قوْلِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "المِكْيالُ مِكْيالُ المَدِينَةِ

- ‌9 - باب في التَّشْدِيد في الدَّيْنِ

- ‌10 - باب في المَطْلِ

- ‌11 - باب في حُسْنِ القضاءِ

- ‌12 - باب في الصّرْفِ

- ‌13 - باب في حِلْيَةِ السَّيْفِ تُباعُ بِالدَّراهمِ

- ‌14 - باب في اقتِضاء الذّهَبِ مِنَ الوَرِقِ

- ‌15 - باب في الحَيوانِ بِالحيَوانِ نَسِيئة

- ‌16 - باب في الرُّخْصَةِ في ذلكَ

- ‌17 - باب في ذَلِكَ إِذا كانَ يَدًا بِيَدِ

- ‌18 - باب في التَّمْر بِالتَّمْرِ

- ‌19 - باب في المُزابَنَة

- ‌20 - باب في بَيعِ العرايا

- ‌21 - باب في مِقْدارِ العريَّة

- ‌22 - باب تَفْسير العَرايا

- ‌23 - باب في بَيع الثِّمارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُها

- ‌24 - باب في بيْعِ السِّنِينَ

- ‌25 - باب في بَيْعِ الغَرَرِ

- ‌26 - باب في بَيْعِ المُضْطَرِّ

- ‌27 - باب في الشَّرِكَةِ

- ‌28 - باب في المُضاربِ يخالِفُ

- ‌29 - باب في الرَّجُلِ يَتَّجِرُ في مالِ الرَّجُلِ بغَيْرِ إذْنِهِ

- ‌30 - باب في الشَّرِكةِ عَلى غَيْر رَأْسِ مالٍ

- ‌31 - باب في المُزارَعَةِ

- ‌32 - باب في التَّشْدِيدِ في ذَلِك

- ‌33 - باب في زَرْعِ الأَرْضِ بغَيْرِ إِذْنِ صاحِبِها

- ‌34 - باب في المُخَابَرَةِ

- ‌35 - باب في المُساقاةِ

- ‌36 - باب في الخَرْصِ

- ‌أَبْوَابُ الإِجَارَةِ

- ‌1 - باب في كَسْبِ المُعَلِّمِ

- ‌2 - باب في كَسْبِ الأَطِبَّاءِ

- ‌3 - باب في كَسْب الحَجَّامِ

- ‌4 - باب في كَسْبِ الإِماء

- ‌5 - باب في حُلْوانِ الكاهِنِ

- ‌6 - باب في عَسْب الفَحْلِ

- ‌7 - باب في الصّائِغِ

- ‌8 - باب في العَبْد يُباعُ وَلَهُ مالٌ

- ‌9 - باب في التلقي

- ‌10 - باب في النَّهْى عَنِ النَّجْش

- ‌11 - باب في النَّهْي أَنْ يَبيعَ حاضِرٌ لِبادٍ

- ‌12 - باب مَنِ اشْتَرى مُصَرّاةً فكرِهَها

- ‌13 - باب في النَّهْى، عَنِ الحُكْرةِ

- ‌14 - باب في كسْرِ الدَّراهمِ

- ‌15 - باب في التَّسْعيرِ

- ‌16 - باب في النَّهْي عَنِ الغِشِّ

- ‌17 - باب في خِيارِ المُتَبايِعَيْنِ

- ‌18 - باب في فَضْلِ الإِقالَةِ

- ‌19 - باب فِيمَنْ باع بيْعتَيْنِ في بَيْعةٍ

- ‌20 - باب في النَّهْي عَن العِينَة

- ‌21 - باب في السَّلَفِ

- ‌22 - باب في السَّلَمِ في ثَمَرَةٍ بِعَيْنِهَا

- ‌23 - باب السَّلَفِ لا يُحَوَّلُ

- ‌24 - باب في وَضْعِ الجَائِحَةِ

- ‌25 - باب في تَفْسِيرِ الجَائِحَةِ

- ‌26 - باب في مَنْعِ المَاءِ

- ‌27 - باب في بَيْعِ فَضْل المَاءِ

- ‌28 - باب في ثَمَنِ السِّنَّوْرِ

- ‌29 - باب في أَثْمَانِ الكِلَابِ

- ‌30 - باب في ثَمَنِ الخَمْرِ والمَيْتَةِ

- ‌31 - باب في بَيع الطَّعامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتوْفَى

- ‌32 - باب في الرَّجُلِ يقُولُ في البَيْع: لا خِلابَة

- ‌33 - باب في العُرْبانِ

- ‌34 - باب في الرَّجُلِ يَبِيعُ ما لَيْسَ عِنْدَهُ

- ‌35 - باب في شَرْطٍ في بَيْعٍ

- ‌36 - باب في عُهْدةِ الرَّقِيقِ

- ‌37 - باب فيمَنِ اشْتَرى عَبْدًا فاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ وَجدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌38 - باب إذا اخْتَلَفَ البَيِّعانِ والمبِيعُ قائِمٌ

- ‌39 - باب في الشُّفْعةِ

- ‌40 - باب في الرّجُلُ يُفْلِسُ فَيَجِدُ الرَّجُلُ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ

- ‌41 - باب فِيمَنْ أَحْيا حَسِيرًا

- ‌42 - باب في الرَّهْنِ

- ‌43 - باب في الرّجُلِ يأكُلُ مِنْ مالِ ولَدهِ

- ‌44 - باب في الرَّجُلِ يَجِدُ عينَ مالِهِ عنْدَ رَجُلٍ

- ‌45 - باب في الرَّجُلِ يأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ تحْتِ يدِه

- ‌46 - باب في قَبُولِ الهدايا

- ‌47 - باب الرُّجُوعِ في الهِبَةِ

- ‌48 - باب في الهَدِيَّةِ لِقَضاءِ الحاجَةِ

- ‌49 - باب في الرَّجُلِ يُفَضِّل بَعْضَ وَلَدِهِ في النُّحْلِ

- ‌50 - باب في عَطِيَّةِ المَرْأةِ بغَيْر إِذْنِ زَوْجِها

- ‌51 - باب في العُمْرى

- ‌52 - باب مَنْ قال فِيهِ: وَلعَقِبِهِ

- ‌53 - باب في الرُّقْبَى

- ‌54 - باب في تضْمِينِ العارِيَّةِ

- ‌55 - باب فِيمنْ أَفْسَد شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلهُ

- ‌56 - باب المَواشي تُفْسِد زَرْعَ قَوْمٍ

- ‌كِتَابُ الأَقْضَيِةِ

- ‌1 - باب في طَلَبِ القَضاءِ

- ‌2 - باب في القاضي يُخْطِئُ

- ‌3 - باب في طَلَبِ القَضاءِ والتِّسَرُّعِ إِلَيْهِ

- ‌4 - باب في كَراهِيَةِ الرِّشْوَةِ

- ‌5 - باب في هَدايا العُمّالِ

- ‌6 - باب كَيْفَ القَضاءُ

- ‌7 - باب في قَضاءِ القاضي إِذا أَخْطَأَ

- ‌8 - باب كَيْفَ يَجْلِسُ الخَصْمان بينَ يَدى القاضي

- ‌9 - باب القاضي يَقْضي وَهو غَضْبانُ

- ‌10 - باب الحكْمِ بينَ أَهْل الذّمَّةِ

- ‌11 - باب اجتِهادِ الرَّأي في القَضاءِ

- ‌12 - باب في الصُّلْح

- ‌13 - باب في الشَّهاداتِ

- ‌14 - باب فِيمَنْ يُعِينُ عَلى خصومَةٍ مِنْ غيْرِ أن يَعْلَمَ أمْرَها

- ‌15 - باب في شَهادةِ الزُّورِ

- ‌16 - باب منْ ترَدُّ شهادَته

- ‌17 - باب شَهادَة البَدَويِّ عَلَى أهْلِ الأَمْصارِ

- ‌18 - باب الشَّهادَةِ في الرَّضاعِ

- ‌19 - باب شَهادةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَفي الوَصِيَّة في السَّفَرِ

- ‌20 - باب إِذا عَلِمَ الحاكِمُ صِدْق الشّاهِدِ الواحدِ يَجُوز لَه أَنْ يَحْكمَ به

- ‌21 - باب القَضاء بِاليَمينِ والشّاهِد

- ‌22 - باب الرّجُلَيْنِ يَدَّعِيانِ شَيْئًا وَلَيْسَتْ لَهُما بيِّنَةٌ

الفصل: ‌21 - باب القضاء باليمين والشاهد

‌21 - باب القَضاء بِاليَمينِ والشّاهِد

3608 -

حَدَّثَنا عُثْمانُ بْنُ أَبي شَيْبَةَ والحَسَنُ بْنُ عَليٍّ أَنَّ زَيْدَ بْنَ الحُبابِ حَدَّثهُمْ، حَدَّثَنا سَيْف المَكّيُّ -قالَ عثْمان: سَيْفُ بْنُ سُلَيْمانَ- عَنْ قَيْسِ بْنِ سَعْدٍ عَنْ عَمْرِو ابْنِ دِينارٍ، عَنِ ابن عَبّاسٍ أَنَّ رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قَضَي بِيَمِينٍ وَشاهِدٍ (1).

3609 -

حَدَّثَنا محَمَّدُ بْن يحْيى وَسَلَمَةُ بْنُ شَبِيبٍ قالا: حَدَّثَنا عَبدُ الرَّزّاقِ، أَخْبَرَنا محَمَّدُ بْنُ مُسْلِمٍ، عَنْ عَمْرِو بْنِ دِينارٍ، بإسْنادِهِ وَمَعْناهُ. قالَ سَلَمَةُ في حَدِيثِهِ: قالَ عَمرو: في الحُقُوقِ (2).

3610 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ أَبي بَكْرٍ أَبُو مُصْعَبٍ الزّهْريُّ، حَدَّثَنا الدَّراوَرْديُّ، عَنْ رَبِيعَةَ بْنِ أَبي عَبْدِ الرَّحْمَنِ، عَنْ سُهَيْلِ بْنِ أَبي صالِحٍ، عَنْ أَبِيهِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قَضَى بِاليَمِينِ مَعَ الشّاهِدِ.

قالَ أَبُو داوُدَ: وَزادَني الرَّبِيعُ بْن سُلَيْمانَ المُؤَذِّنُ في هذا الحَدِيثِ، قالَ: أَخْبَرَني الشّافِعيُّ، عَنْ عَبْدِ العَزِيزِ قالَ: فَذكَرْتُ ذَلِكَ لِسُهَيْلٍ فَقالَ: أَخْبَرَني رَبِيعَة- وَهُوَ عِنْدي ثِقَةٌ - أَنّي حَدَّثْتُهُ إِيّاهُ وَلا احْفَظُهُ.

قالَ عَبْدُ العَزِيزِ وَقَدْ كانَ أَصابَت سُهَيْلًا عِلَّة أَذْهَبَتْ بَعْضَ عَقْلِهِ وَنَسيَ بَعْضَ حَدِيثِهِ، فَكانَ سُهَيْلٌ بَعْدُ يُحَدِّثُهُ، عَنْ رَبِيعَةَ عَنْه، عَنْ أَبِيهِ (3).

3611 -

حَدَّثَنا مُحَمَّد بْنُ داوُدَ الإِسْكَنْدَرانيُّ، حَدَّثَنا زِيادٌ -يَعْني: ابن يُونُسَ- حَدَّثَني سُلَيْمان بْنُ بِلالٍ، عَنْ رَبِيعَةَ بإسْنادِ أَبي مُصْعَبٍ وَمَعْناهُ. قالَ سُلَيْمانُ: فَلَقِيتُ سُهَيْلا فَسَألتُهُ عَنْ هذا الحَدِيثِ فَقالَ: ما أَعْرِفُهُ. فَقُلْتُ لَهُ: إِنَّ رَبِيعَةَ أَخْبَرَني بِهِ

(1) رواه مسلم (1712).

(2)

رواه البيهقي في "الكبرى" 10/ 168، والدارقطني في "سننه" 4/ 214.

وصححه الألباني في "الإرواء"(2683).

(3)

رواه الترمذي (1343)، والنسائي في "الكبرى"(5969)، وابن ماجه (2368).

وصححه الألباني.

ص: 696

عَنْكَ. قالَ: فَإِنْ كانَ رَبِيعَة أَخْبَرَكَ عَنّي فَحَدِّثْ بِهِ عَنْ رَبِيعَةَ عَنّي (1).

3612 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدَةَ، حَدَّثَنا عَمّارُ بْن شُعَيْبِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ الزُّبَيْبِ العَنْبَريُّ، حَدَّثَني أَبي قالَ: سَمِعْتُ جَدِّيَ الزّبَيْبَ يَقُولُ: بَعَثَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَيْشًا إِلَى بَني العَنْبَرِ فَأَخَذُوهُمْ بِرُكْبَةَ مِنْ ناحِيَةِ الطّائِفِ، فاسْتاقُوهُمْ إِلَى نَبيِّ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فَرَكِبْتُ فَسَبَقْتُهُمْ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقُلْتُ: السَّلامُ عَلَيْكَ يا نَبيَّ اللهِ وَرَحْمَةُ اللهِ وَبَرَكاتُهُ أَتانا جُندُكَ فَأَخَذونا وَقَدْ كُنّا أَسْلَمْنا وَخَضْرَمْنا آذانَ النَّعَمِ فَلَمّا قَدِمَ بَلْعَنْبَرُ قالَ لي نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "هَلْ لَكُمْ بيِّنَة عَلَى أَنَّكُمْ أَسْلَمْتُمْ قَبْلَ أَنْ تُؤْخَذُوا في هذِه الأيّامِ؟ ". قُلْتُ: نَعَمْ. قالَ: "مَنْ بيِّنَتُكَ؟ ". قُلْتُ: سَمُرَةُ، رَجُل مِنْ بَني العَنْبَرِ وَرَجُل آخرُ سَمّاهُ لَهُ فَشَهِدَ الرَّجُلُ وَأَبَى سَمُرَةُ أَنْ يَشْهَدَ فَقالَ نَبي الله صلى الله عليه وسلم:"قَدْ أَبي أَنْ يَشْهَدَ لَكَ فَتَحْلِفُ مَعَ شاهِدِكَ الآخَرِ". قُلتُ: نَعم. فاسْتَحْلَفَني فَحَلَفْتُ باللهِ لَقَدْ أَسْلَمْنا يَوْمَ كَذا وَكَذا وَخَضْرَمْنا آذانَ النَّعَمِ. فَقالَ نَبيُّ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "اذْهَبُوا فَقاسِمُوهُمْ أَنْصافَ الأمْوالِ وَلا تَمَسُّوا ذَرارِيَهُمْ لَوْلا أَنَّ اللهَ لا يُحِبُّ ضَلالَةَ العَمَلِ ما رَزَيْناكُمْ عِقالًا". قالَ الزُّبَيبُ: فَدَعَتْني أُمّي فَقالَتْ هذا الرجُل أَخَذَ زِرْبِيَّتي فانْصَرَفْتُ إِلَى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم -يَعْني: فَأَخْبَرْتُهُ- فَقالَ لَي: "احْبِسْهُ". فَأَخَذْت بِتَلْبِيبِهِ وَقمْتُ مَعَهُ مَكانَنا ثمَّ نَظَرَ إِلَيْنا نَبي اللهِ صلى الله عليه وسلم قائِمَيْنِ فَقالَ: "ما تُرِيدُ بِأَسِيرِكَ؟ ". فَأَرْسَلْتُهُ مِنْ يَدي فَقامَ نَبيّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فقالَ لِلرَّجُلِ: "رُدَّ عَلَى هذا زِرْبِيَّةَ أُمّهِ التي أَخَذْتَ مِنْها ". فَقالَ: يا نَبي اللهِ إِنَّها خَرَجَتْ مِنْ يَدَي. قالَ: فاخْتَلَعَ نَبي اللهِ صلى الله عليه وسلم سَيْفَ الرَّجُلِ فَأَعطْانِيهِ. وقالَ لِلرّجُلِ: "اذْهَبْ فَزِدْهُ آصُعًا مِنْ طَعامٍ". قالَ: فَزادَني آصُعًا مِنْ شَعِيرٍ (2).

(1) رواه ابن الجارود (1007)، وابن حبان (5073) والبيهقي في "الكبرى" 10/ 168. وانظر ما قبله، وهو صحيح.

(2)

رواه ابن أبي عاصم في "الآحاد والمثاني"(1209)، والبيهقي في "الكبرى" 10/ 171، والطبراني في "الكبير" 5/ 267.

وضعفه الألباني في "الضعيفة"(2731).

ص: 697

باب القضاء باليمين والشاهد

[3608]

(ثنا عثمان بن أبي شيبة والحسن بن علي) الخلال (أن زيد ابن الحباب) العكلي الخراساني، أخرج له مسلم (حدثهم قال: ثنا سيف) ابن سليمان (المكي) المخزومي مولاهم (قال عثمان بن أبي شيبة) في روايته هو (سيف بن سليمان) أخرج له الشيخان (عن قيس بن سعد) أخرج له مسلم (عن عمرو بن دينار، عن ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قضى بيمين وشاهد) كذا رواية مسلم (1) بهذا اللفظ، وظاهره أنه صلى الله عليه وسلم حكم به في قضية معينة تُحُوكِمَ عنده فيها بيمين وشاهد. قال القرطبي: ويحتمل أن يكون ذلك عبارة عن تقعيد هذِه القاعدة، كأنه قال: أوجب رسول الله صلى الله عليه وسلم الحكم باليمين والشاهد، ومما يشهد لهذا التأويل ما زاد المصنف في روايته قال:

[3609]

(ثنا محمد بن يحيى وسلمة بن شبيب) النيسابوري أخرج له مسلم (قالا: ثنا عبد الرزاق قال: أنا محمد بن مسلم، عن عمرو بن دينار بإسناده ومعناه، قال سلمة) بن شبيب (في حديثه: قال عمرو) بن دينار: قضى بيمين وشاهد (في الحقوق) هذِه الرواية تقوي التأويل الثاني، وعلى هذِه الرواية المتقدمة لا يكون له عموم؛ لأنها قضية عين، وبهذه الزيادة والرواية الآتية يكون له عموم ومع ذلك فهو مخصوص بحقوق الأموال وما يتعلق بها دون حقوق الأبدان؛ للإجماع على ذلك من كل قائل باليمين والشاهد؛ لأن حقوق الأموال أخفض من

(1) مسلم (1712).

ص: 698

حقوق الأبدان، بدلالة قبول شهادة النساء فيها (1).

[3610]

(ثنا أحمد (2) بن أبي بكر) بن الحارث بن زرارة بن مصعب ابن عبد الرحمن بن عوف (أبو مصعب الزهري) العوفي قاضي المدينة وعالمها (ثنا عبد العزيز) بن محمد (الدراوردي، عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن) فروخ مولى آل المنكدر، فقيه المدينة، صاحب الرأي (عن سهيل بن أبي صالح) السمان (عن أبيه) أبي صالح ذكوان السمان (عن أبي هريرة رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قضى باليمين من الطالب والشاهد) الواحد، رواه الحاكم والبيهقي من طرق كثيرة (3).

حكى النووي عن الحفاظ: أصح أحاديث الباب حديث ابن عباس المتقدم عن سلمة. قال ابن عبد البر: لا مطعن لأحد في إسناده. قال: ولا خلاف بين أهل المعرفة في صحته (4). وحديث أبي هريرة هذا وحديث جابر حسان (5)، وصححه الحافظان: أبو زرعة، وأبو حاتم من حديث أبي هريرة وزيد بن ثابت (6).

قال القرطبي: أحاديث هذا الباب كلها حجة للجمهور على الكوفيين

(1)"المفهم" 5/ 151.

(2)

فوقها في (ل): (ع).

(3)

"المستدرك 3/ 517، من حديث بلال بن الحارث المزنى، "سنن البيهقي الكبرى" 10/ 168 - 169 من حديث أبي هريرة.

(4)

"التمهيد" 2/ 138.

(5)

"شرح مسلم" 4/ 12.

(6)

"علل ابن أبي حاتم" 4/ 261 (1409). وإن كان أبو حاتم تردد في تصحيحه في موضع آخر هو 4/ 238 (1392/ 2)، وأعله في 4/ 281 (1425). فليحرر.

ص: 699

وأتباعهم حين نفوا الحكم بالشاهد واليمين، ونقضوا حكم من حكم به، وبدعوه.

قال الحكم: الشاهد واليمين بدعة، وأول من حكم به معاوية. ثم قال (1): يا للعجب، وضيعة العلم والأدب حيث رد هؤلاء القوم هذِه الأحاديث مع صحتها وشهرتها، وكيف اجترؤوا على تبديع من عمل بها حتى نقضوا حكمها واستقصروا علمه، مع أنه قد عمل بذلك الخلفاء الراشدون: أبو بكر وعمر وعلي، وأبي بن كعب ومعاوية، وشريح، وعمر بن عبد العزيز، وكتب إلى عماله: قال مالك: وإنه ليكفي في ذلك ما مضى من السنة، أترى هؤلاء تنقض أحكامهم ويحكم ببدعتهم (2)؟ ! .

(قال) المصنف (وزادني الربيع بن سليمان) المرادي أبو محمد المصري (المؤذن) الفقيه الحافظ، مؤدب جامع مصر (في هذا الحديث قال: أنا) محمد بن إدريس (الشافعي، عن عبد العزيز) بن محمد الدراوردي.

(فذكرت ذلك) الحديث (لسهيل) بن أبي صالح (فقال: أخبرني) به (ربيعة) بن أبي عبد الرحمن صاحب الرأي (وهو عندي ثقة) مقبول (أني حدثته إياه) قبل ذلك (ولا أحفظه) الآن.

(قال عبد العزيز) بن محمد الدراوردي: (وقد كانت أصابت سهيلا علة) من شجة أصابته في رأسه (أذهبت بعض عقله) فاختلط حفظه (ونسي بعض حديثه) الذي كان يرويه (فكان سهيل بعد ذلك يحدثه)

(1) أي: القرطبي.

(2)

"المفهم" 5/ 152.

ص: 700

أي: يحدث به (عن ربيعة) بن أبي عبد الرحمن [تلميذه (عنه) أي: عن نفسه (عن أبيه) أبي: صالح السمان (عن أبي هريرة).

[3611]

(ثنا محمد بن داود) أبي ناجية (الإسكندراني) وثقه النسائي (1)(ثنا زياد بن يونس) الحضرمي الإسكندراني، ثقة (حدثني سليمان بن بلال) القرشي التيمي.

(عن ربيعة) بن أبي عبد الرحمن] (2)(بإسناد أبي مصعب) أحمد بن أبي بكر الزهري (ومعناه) المتقدم.

(قال سليمان) بن بلال (فلقيت سهيلا) يعني: ابن أبي صالح (فسألته عن هذا الحديث) الذي فيه: قضى باليمين والشاهد (فقال: ما أعرفه. فقلت له: إن ربيعة) بن أبي عبد الرحمن (أخبرني به عنك) أنك حدثته به (قال) سهيل (فإن كان ربيعة أخبرك) به (عني فحدثه) بهذا الحديث.

(عن ربيعة) بن أبي عبد الرحمن (عني) وقد اشتهرت هذِه القصة، فذكرها الشافعي عن الدراوردي، عن سهيل به (3)، وذكرها الدارقطني (4) والخطيب (5) وأبو عمرو ابن الصلاح (6)، ومن بعدهم ذكروها في كتاب "مَنْ حدَّث بحديث ثم نسيه" والصحيح عن

(1)"تسمية مشايخ النسائي"(177)، وانظر:"تهذيب الكمال" 25/ 174.

(2)

ما بين المعقوفتين ساقط من (م).

(3)

"الأم" 7/ 226 - 228.

(4)

"علل الدارقطني" 10/ 138 - 140.

(5)

"الكفاية" ص 380 - 381.

(6)

"المقدمة" ص 117 - 118.

ص: 701

الأصوليين قبول حديث من روى ثم نسي كما وقع لكثير من الأئمة، وصنف فيه الدارقطني (1).

والثاني: وهو الذي حكاه ابن كج عن بعض الأصحاب: لا يقبل؛ لأن راوي الأصل كشاهد الأصل، إذا أنكر شهادة شاهد الفرع لم تقبل شهادته، فكذلك هنا، وهذا ضعيف، والأصح القبول كما تقدم، وتفارق الشهادة فإن لها مزيد احتياط.

[3612]

(ثنا أحمد بن عبدة)[بن موسى الضبي](2)(ثنا عمار بن شعيث) بثاء مثلثة آخره (ابن عبيد الله بن الزبيب) بضم الزاي المعجمة وفتح الباء الأولى، ابن ثعلبة بن عمرو بن سواد (العنبري) بفتح العين المهملة وسكون النون، نسبة إلى عنبر بن عمرو بن تميم، ويقال لهم بلعنبر أيضا (قال: حدثني أبي) شعيث بن عبيد الله بن زبيب، قال عمار: حدثني أبي وكان قد بلغ سبع عشرة سنة ومائة (3)، وذكر ابن حبان شعيثًا في كتاب "الثقات"(4).

(قال: سمعت جدي الزبيب) بضم الزاي المعجمة، وفتح الموحدة الأولى، وسكون المثناة التحتانية، ثم موحدة أخرى، ذكر بعضهم أنه من الأسماء المفردة، قال المنذري: وفيه نظر، ففي الرواة من اسمه

(1) هو "جزء فيه من حدث ونسي". انظر: "المعجم المفهرس" ص 157، وقد ذكر ابن حجر فيه إسناده إليه. "جزء فيه من حدث ونسي".

(2)

بياض في (ل)، (م)، ولعل المثبت ما أراده الشارح.

(3)

انظر: "الآحاد والمثاني" 2/ 413 (1209).

(4)

"الثقات" 6/ 453.

ص: 702

زبيب على خلاف فيه (1)، وهو الزبيب بن ثعلبة بن عمرو التميمي العنبري، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وجاء أن عائشة رضي الله عنها أعتقته (2).

(يقول: بعث نبي الله صلى الله عليه وسلم جيشا إلى بني العنبر بن عمرو بن تميم فأخذوهم بركبة) بضم الراء، وسكون الكاف، وفتح الموحدة مثل ركبة الساق غير منصرف، قال المصنف: هو موضع (من ناحية الطائف) وركبة هذِه غير ركبة الثنية التي بين مكة والمدينة.

قال المنذري: ويقال: دكبة بالدال المهملة. وقال الزبير: ركبة لبني ضمرة كانوا يجلسون إليها في الصيف ويغورون إلى تهامة في الشتاء (3). وقال غيره: هو على طريق الناس من مكة إلى الطائف (4). وروى مالك في "الموطأ" أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه قال: لبيت بركبة أحب إلى من عشرة أبيات بالشام (5). وذكر الحربي كرواية المصنف، ثم قال: وفي رواية: وجدوهم بذات الشقوق فوق النِّباح، ولم يسمعوا لهم أذانا عند الصبح (6).

(فاستاقوهم إلى نبي الله صلى الله عليه وسلم) قال الزبيب (فركبت) بكرة لي (فسبقتهم

(1)"مختصر سنن أبي داود" 5/ 231.

(2)

رواه الطبراني في "الكبير" كما في "المجمع" و"الأوسط" 8/ 62 (7967)، وأبو نعيم في "معرفة الصحابة" 2/ 1125 (2825).

قال الهيثمي في "المجمع" 10/ 47، فيه: جماعة لم أعرفهم.

(3)

انظر: "معجم ما استعجم" 2/ 669.

(4)

انظر: "معجم البلدان" 3/ 63.

(5)

"الموطأ" 2/ 897.

قال ابن عبد البر: لشدة الوباء بالشام، انظر:"التمهيد" 6/ 210 - 211.

(6)

رواه الحربي كما في "معجم ما استعجم" 2/ 669. وفيه ينقل المصنف بداية من: وقال الزبير.

.

ص: 703

إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقلت: السلام عليك يا نبي الله ورحمة الله وبركاته) فرد عليه: "وعليك السلام ورحمة الله وبركاته" كما وردت به السنة (أتانا جندك) الجند: الأنصار والأعوان، والجمع: أجناد وجنود، والواحد جندي (فأخذونا وقد كنا أسلمنا) قبل أن يأخذونا (وخضرمنا) بفتح الخاء وسكون الضاد المعجمتين (آذان النعم) وهي الإبل والبقر والغنم، أي: قطعنا طرف آذان النعم. وفي الحديث: أنه عليه السلام خطب يوم النحر على ناقة مخضرمة (1)، وهي التي قطع طرف أذنها، وكان ذلك علامة الإسلام، وكان أهل الجاهلية يخضرمون نعمهم، فلما جاء الإسلام أمرهم النبي صلى الله عليه وسلم أن يخضرموا من غير الموضع الذي خضرمته أهل الجاهلية [وأصل الخضرمة](2) أن يجعل الشيء بين بين، فإذا قطع بعض الأذن فهي بين الوافرة والناقصة، ومنه قيل لكل من أدرك الجاهلية والإسلام: مخضرم.

وذكر ابن سعد أن سرية عيينة بن حصن هذِه كانت في المحرم سنة تسع من الهجرة، وأنه سبى إحدى عشرة امرأة، وثلاثين صبيًّا (3)، والله أعلم.

(فلما) حضر (قدم) قومي (بلعنبر) ووفدوا عليه (قال لي نبي الله صلى الله عليه وسلم: هل لكم بينة على أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا في هذِه الأيام؟ ) لما ادعى

(1) رواه أحمد 5/ 412، والنسائي في "الكبرى" 2/ 444 (4099)، وغيرهما عن مرة الهمداني عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.

(2)

ساقطة من (م).

(3)

"طبقات ابن سعد" 2/ 160 - 161.

ص: 704

الإسلام (1) قبل أن يؤخذوا طولب بالبينة، على قاعدة: البينة على المدعي (قلت: نعم. قال: من بينتكم؟ قلت: سمرة) بن عمرو العنبري (من بني العنبر) عمرو بن تميم (ورجل آخر سماه له فشهد الرجل) الاخر (وأبى سمرة) بن عمرو (أن يشهد) لهم (فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم: قد أبي) سمرة (أن يشهد لك) أ (فتحلف) يمينا بالله تعالى أنكم أسلمتم قبل أن تؤخذوا (مع شاهدك) الرجل (الآخر، فاستحلفني) أي: حلفني (فحلفت بالله) فيه دليل على جواز الاقتصار على اسم الذات، ولا يحتاج إلى زيادة شيء من الصفات والألفاظ المكررة في الأسماء والصفات في الأموال القليلة، أما القسامة واللعان فالتغليظ فيهما واجب وإن لم يطلبه الخصم.

(لقد أسلمنا) كلنا (يوم) نصب على الظرف (كذا وكذا وخضرمنا) بالخاء والضاد المعجمتين، كما تقدم (آذان النعم) التي لنا. فيه: استعمال اليمين مع الشاهد في غير الأموال، لكن يجوز أن يقصد بالإسلام هنا المال، ويكون هذا مستثنى من قولنا: الإسلام لا يقبل فيه إلا رجلان. وقد استثنى الماوردي هذِه الصورة في أثناء السير قبل مسألة الصلح بسطر فقال: يستثنى من الإسلام ما لو ادعى الإسلام بين الكفار قبل أخذه للأسر وأقام شاهدًا وامرأتين، وفي معناه الشاهد واليمين، فإنه يكفيه ذلك؛ لأن المقصود هنا نفي الاسترقاق وجواز المفاداة دون نفي القتل (2). وحكى في "البحر" في باب الدعوى عن الصيمري أنه يقبل شاهد وامرأتان، وشاهد ويمين، على أنه توفي على

(1) في (م): إسلامهم.

(2)

ينظر "الحاوي" 17/ 8. ولم أقف على هذا الكلام للماوردي صريحًا.

ص: 705

الإسلام أو الكفر؛ لأن القصد منه إثبات الميراث، ثم استغربه.

(فقال نبي الله صلى الله عليه وسلم) للذين أخذوهم (اذهبوا) إلى الغنيمة (فقاسموهم أنصاف الأموال) وليس هذا بأمر حقيقي، وإنما هو إرشاد إلى الصلح بما فيه المصلحة للجهتين فإن بني العنبر لما أسلموا قبل أخذهم والظفر بهم عصموا دماءهم وأموالهم وصغار أولادهم، وقد ثبت بالشاهد واليمين إسلامهم قبل أن يؤخذوا واستحقوا رجوع أموالهم إليهم، لكن لما كان الآخذون لم يعلموا بإسلامهم أولًا، وإنما علموا بعد تصرفهم في المال وذهاب غالبه في منافعهم؛ أمر بمقاسمة المال نصفين؛ لمراعاة المصلحتين، ولهذا لم يأمر باقتسام الذرية نصفين؛ لأنهم لم يذهب منهم شيء، فقال (ولا تمسوا) بفتح الميم (ذراريهم) بتشديد الياء وتخفيفها وتشديد الياء بتخفيف الهمزة لكثرة الاستعمال، والمراد بها هنا أولادهم.

(لولا أن الله تعالى لا يحب ضلالة) بتخفيف اللام ألف (العمل) أي: بطلان العمل وضياعه وذهاب نفعه، مأخوذ من الضلال وهو الضياع، ومنه الضالة في الحديث (1)، وهي الضائعة من كل ما يقتنى من الحيوان وغيره، ولعل المراد هنا أنهم لما توجهوا للغزو وسافروا وأخذوا أموالهم على اعتقاد الغنيمة لم يضيعهم من المال جميعه بثبوت إسلامهم، بل عوضوا منه النصف، وهذا كالاعتذار لبني العنبر في أخذ نصف أموالهم بعد إسلامهم؛ تألفًا لقلوبهم؛ لدخولهم في الإسلام قبل

(1) رواه البخاري (91)، ومسلم (1722) من حديث زيد بن خالد الجهني.

ص: 706

القتال (ما رزيناكم) بالياء الساكنة بدلا من الهمزة، هكذا الرواية، واللغة الفصحى: رزأناكم، ثم خففت الهمزة ياء. قال في "النهاية": وهو من التخفيف الشاذ (1).

ومما جاء على الأصل حديث صاحبة المزادتين: "أتعلمين أنا ما رزأنا من مائك شيئا"(2).

(عقالا) بكسر العين: الحبل الذي يعقل به البعير، وهو مما يستعمل للقلة.

(قال الزبيب) بضم الزاي كما تقدم (فدعتني أمي) إلى خلاص حقها (فقالت: هذا الرجل أخذ) مني (زربيتي) بفتح الزاي وكسرها وضمها، وتشديد المثناة تحت، هي: الطنفسة، وقيل: البساط ذو الخمل، جمعها: زرابي، قال الله تعالى:{وَزَرَابِيُّ مَبْثُوثَةٌ (16)} (3) قيل: هي الوسائد (فانصرفت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فأخبرته، فقال لي) خذ الذي أخذها فـ (احبسه) أي: أمسكه (فأخذت بتلبيبه) بفتح المثناة فوق، وسكون اللام، وكسر الموحدة الأولى، وسكون التحتانية، ثم موحدة أخرى، يقال: أخذت بتلبيب فلان: إذا جمعت عليه ثوبه الذي هو لابسه وقبضت عليه تجره به، والتلبيب مجمع ما في موضع اللب من ثياب الرجل.

(وقمت معه) واقفا (مكاننا، ثم نظر إلينا نبي الله صلى الله عليه وسلم قائمين) معا مجتمعين. أي: في المكان الذي كنا فيه (فقال) لي (ما تريد بأسيرك)

(1)"النهاية في غريب الحديث والأثر" 2/ 218.

(2)

رواه البخاري (344)، ومسلم (682).

(3)

الغاشية: 16.

ص: 707

الذي أنت ماسكه؟ سماه أسيرا لأن هذِه القضية تشبه قضية الأسير (فأرسلته من يدي) بكسر الدال (فقام نبي الله صلى الله عليه وسلم) أي: وقف (فقال للرجل: ) الذي أرسلته (رد على هذا زربية) بتشديد المثناة تحت كما تقدم (أمه التي أخذتـ) ها (منها. فقال: يا نبي الله، إنها خرجت من يدي) ببيع أو هبة أو تمليك لزوجته أو أقاربه أو غيرهم.

(فاختلع النبي صلى الله عليه وسلم سيف الرجل) الذي كان متقلدا به (فأعطانيه) فيه: جواز أخذ المستحق دينه من المديون من غير جنس حقه، إذا لم يصل إلى عين حقه، ولا يكون ضامنا للزائد إذا تعين أخذه طريقا إلى وصول حقه كما إذا لم يتمكن إلى أخذ زربية أمه إلا بأخذ هذا السيف الزائد قيمته على قيمة الزربية (1)، وله بيع المأخوذ استقلالا وأخذ حقه منه.

(وقال للرجل) الذي أخذ الزربية (اذهب فزده آصعا) بمد الهمزة، وضم الصاد. فيه: رد على أبي حاتم حيث جعل (آصعًا)(2) من خطأ العوام (3)، قال ابن الأنباري: وليس بخطأ في القياس، وإن كان غير مسموع من العرب، لكنه قياس ما نقل عنهم أنهم يقلبون الهمزة من موضع العين إلى موضع الفاء فتقول في أبآر: أأبار (4). وأنَّى سماعٌ أكثر من وروده في حديث حسن من كلام أفصح الفصحاء، وأبلغ البلغاء.

(من طعام) قمح أو شعير، ونحو ذلك (قال: ) الزبيب (فزادني) الرجل

(1) بل سيأتي أن الزربية هي الزائدة قيمة.

(2)

في (ل)، (م): آصع. والمثبت هو الصواب.

(3)

نقله عنه الفيومي في "المصباح المنير" 1/ 350.

(4)

انظر: المرجع السابق.

ص: 708

(آصعًا من شعير) بنظير زيادة الزربية على السيف، وفي هذا دليل على جواز الاستبدال عن قيمة المتلف لاستقراره في الذمة، لكن لا يستبدل عنه إلا بعد العلم بقدره، والمتلف في هذا الحديث: الزربية، وهو متقوم فيجب في الذمة قيمتها من نقد البلد، فإذا تقررت قيمتها وعلم قدرها جاز الاستبدال عنه من الشعير، والنقد والشعير متخالفان في علة الربا فلا يشترط قبض العوض في مجلس العقد، ففي هذِه المسألة يعلم قدر قيمة الزربية وقدر قيمة السيف، ويسقط من قيمتها قدر قيمة السيف، والباقي بعد قيمته يستبدل عنه شعير بقيمته، والله أعلم.

* * *

ص: 709