الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
30 - باب في ثَمَنِ الخَمْرِ والمَيْتَةِ
3485 -
حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ صالِحٍ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللهِ بْن وَهْبٍ، حَدَّثَنَا مُعاوَيةُ بْنُ صالِحٍ، عَنْ عَبْدِ الوَهّابِ بْنِ بُخْتٍ، عَنْ أَبي الزِّنَادِ، عَنِ الأعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِنَّ اللهَ حَرَّمَ الخَمْرَ وَثَمَنَهَا وَحَرَّمَ المَيْتَةَ وَثَمَنَها وَحَرَّمَ الخِنْزِيرَ وَثَمَنَهُ"(1).
3486 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبي حَبِيبٍ، عَنْ عَطَاءِ بْنِ أَبي رَباحٍ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّهُ سَمِعَ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول عامَ الفَتْحِ وَهُوَ بِمَكَّةَ:"إِنَّ اللهَ حَرَّمَ بَيْعَ الخَمْرِ والمَيْتَةِ والخِنْزِيرِ والأَصْنَامِ". فَقِيلَ: يا رَسُولَ اللهِ أَرَأَيْتَ شُحُومَ المَيْتَةِ فَإِنَّهُ يُطْلَى بِها السُّفُن وَيُدْهَن بِها الجُلُودُ وَيَسْتَصْبِحُ بِهَا النَّاسُ؟ فَقالَ: "لا هُوَ حَرامٌ". ثُمَّ قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم عِنْدَ ذَلِكَ: "قَاتَلَ اللهُ اليَهُودَ إِنَّ اللهَ لَمَّا حَرَّمَ عَلَيْهِمْ شُحُومَهَا أَجْمَلُوهُ ثُمَّ باعُوهُ فَأَكَلُوا ثَمَنَهُ"(2).
3487 -
حَدَّثَنَا مُحَمَّدُ بْن بَشَّارٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عَاصِمٍ، عَنْ عَبْدِ الحَمِيدِ بْنِ جَعْفَرٍ، عَنْ يَزِيدَ بْنِ أَبي حَبِيب قال: كَتَبَ إِلَيَّ عَطَاءٌ، عَنْ جابِرٍ نَحْوَهُ لَمْ يَقُلْ:"هُوَ حَرامٌ"(3).
3488 -
حَدَّثَنَا مُسَدَّدٌ أَنَّ بِشْرَ بْنَ المفَضَّلِ وَخَالِدَ بْنَ عَبْدِ اللهِ حَدَّثاهُمُ - المَعْنَى - عَنْ خَالِدٍ الحَذَّاءِ، عَنْ بَرَكَةَ. قالَ مُسَدَّدٌ في حَدِيثِ خَالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ: عَنْ بَرَكَةَ أَبي الوَلِيدِ، ثمَّ اتَّفَقَا عَنِ ابن عَبّاسٍ قال: رَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم جَالِسًا عِنْدَ الرُّكْنِ - قالَ:
(1) رواه أبو عوانة في "مستخرجه"(5363)، والطبراني في "الأوسط" 1/ 43 (116)، والدارقطني 3/ 7 (21).
وصححه الألباني في "صحيح الترغيب والترهيب"(2358).
(2)
رواه البخاري (2236)، ومسلم (1581).
(3)
انظر السابق.
فَرَفَعَ بَصَرَهُ إِلَى السَّماءِ فَضَحِكَ فَقالَ: "لَعَنَ اللهُ اليَهُودَ - ثَلاثًا - إِنَّ اللَّه حَرَّمَ عَلَيْهِمُ الشُّحُومَ فَباعُوها وَأَكَلُوا أَثْمانَها وَإنَّ اللَّه إِذا حَرَّمَ عَلَى قَوْمٍ أَكْلَ شَيء حَرَّمَ عَلَيْهِمْ ثَمَنَهُ". وَلَمْ يَقُلْ في حَدِيثِ خالِدِ بْنِ عَبْدِ اللهِ الطَّحَّانِ: رَأَيْتُ. وقالَ: "قاتَلَ اللهُ اليَهُودَ"(1).
3489 -
حَدَّثَنَا عُثْمان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ قالَ: حَدَّثَنَا ابن إِدْرِيسَ وَوَكِيعٌ، عَنْ طُعْمَةَ بْنِ عَمْرٍو الجَعْفَريِّ، عَنْ عُمَرَ بْنِ بَيانٍ التَّغْلِبيِّ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ، عَنِ المُغِيرَةِ بْنِ شُعْبَةَ قال: قال رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ بَاعَ الخَمْرَ فَلْيُشَقِّصِ الخَنازِيرَ"(2).
3490 -
حَدَّثَنَا مُسْلِمُ بْن إِبْراهِيمَ، حَدَّثَنَا شُعْبَةُ، عَنْ سُلَيْمانَ، عَنْ أَبِي الضُّحَى، عَنْ مَسْرُوقٍ، عَنْ عائِشَةَ قالَتْ: لَمَّا نَزَلَتِ الآيَاتُ الأَوَاخِرُ مِنْ سُورَةِ البَقَرَةِ خَرَجَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقَرَأَهُنَّ عَلَيْنَا وقالَ: "حُرِّمَتِ التِّجَارَةُ في الخَمْرِ"(3).
3411 -
حَدَّثَنَا عُثْمان بْنُ أَبِي شَيْبَةَ، حَدَّثَنَا أَبُو مُعاوِيَةَ، عَنِ الأَعْمَشِ بإِسْنادِهِ وَمَعْنَاهُ قال: الآيات الأوَاخِرُ فِى الرِّبَا (4).
* * *
باب في ثمن الخمر والميتة والخنزير
[3485]
(حَدَّثَنَا أحمد بن صالح، حَدَّثَنَا عبد الله بن وهب، حَدَّثَنَا معاوية بن صالح) بن حدير الحضرمي قاضي الأندلس (عن عبد
(1) رواه البخاري (2223)، ومسلم (1582).
(2)
رواه أحمد 4/ 253، والطيالسي (735)، والحميدي (778)، وابن أبي شيبة 11/ 214 (22039)، والدارمي (2147).
وضعفه الألباني في "الضعيفة"(4566).
(3)
رواه البخاري (459)، ومسلم (1580).
(4)
انظر السابق.
الوهاب بن بُخت) بضم الباء الموحدة وإسكان الخاء المعجمة ثم مثناة، المكي.
قال ابن الأثير في "الكامل": قتل في سنة ثلاث عشرة ومائة وكان قد غزا مع عبد الله البطال أرض الروم فانهزم الناس عن البطال، فحمل عبد الوهاب.
[وهو يقول](1): سفك الله دمي إن سفك (2) دمك، ثم ألقى [نفسه عن فرسه] (3) وصاح: أنا عبد الوهاب بن بخت: أمن الجَنَّة تفرون؟ ثم تقدم في نحر العدو فقتل وقتل فرسه (4). انتهى، وكان يُشَبَّه بالبطال في الشجاعة.
(عن أبي الزناد، عن الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال) ورواية مسلم: عن جابر أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح (5): (إن الله) ورسوله (حرم الخمر) أي: شرب القليل منها والكثير، وهي كل شراب يسكر من أي شيء كان من عنب أو غيره. (وثمنها) لأنه ليس فيها منفعة مسوغة شرعًا وتحريم نفعها معلل بنجاستها.
(وحرم الميتة) بجميع أجزائها، والشافعي يلغي منها تحريم لبنها، وأبو حنيفة حكم بطهارة إنفحتها ولبنها، ولم يجعل لموضع الحلقة أثر
(1) ساقطة من (ر).
(2)
كذا في (ر، ل): وفي "الكامل": كونه مخاطبا فرسه.
(3)
هكذا في (ر)، (ل) وفي "الكامل"(بيضته عن رأسه).
(4)
انظر: "الكامل في التاريخ" 4/ 403.
(5)
(1581).
في تنجيس ما جاوزه ويلزمه الحكم بطهارة ودك (1) الميتة، وأن الموت لا يحله أصلًا ويدخل في عموم الميتة السمك والجراد وجنين المذكاة وغير ذلك، وللناس كلام في تخصيص عموم الكتاب بالسنة، وهي:"أحلت لنا ميتتان ودمان". ويحرم عند الشافعي جميع أجزائها حتى عظمها وقرنها، واستثنى مالك وأبو حنيفة ما لا تحله الحياة كالشعر والصوف والوبر كما ينتفع به إذا نزع منها في حال الحياة.
وزاد أبو حنيفة وابن وهب من المالكية أن العظم من الفيل وغيره والسن (2) والقرن والظلف كلها لا تحلها الحياة فلا تنجس بالموت (3).
(وثمنها) فيه دلالة على أن ما حرم الانتفاع به حرم ثمنه؛ إذ لا يراد البيع إلا لذلك، فيكون أكل ثمنها من أبهل المال بالباطل، وقد سوى في هذا الحديث بين الخمر والخنزير والميتة، وزاد في مسلم: الأصنام، فلا يجوز بيع شيء منها، والله أعلم.
(وحرم الخنزير) وهو الحيوان المعروف البري، ولا تعرف العرب في البحر خنزيرًا، وسئل مالك عن خنزير [الماء؟ فقال: أنتم تسمونه خنزيرا، أي: لا تسميه العرب بذلك، وقد اتقاه مرّة أخرى على سبيل] (4) الورع. فأما البري: فلا خلاف في تحريمه وتحريم بيعه، وأنه لا تعمل (5) الذكاة فيه (6).
(1) بياض في (ر).
(2)
في (ر): السمن.
(3)
انظر: "المفهم" للقرطبي 4/ 461 - 462.
(4)
سقط من (ر).
(5)
في (ر)، (ل):(تحرم).
(6)
انظر: "المفهم" 4/ 463.
(وثمنه) لأن ما يحل الانتفاع به لا يجوز بيعه ولا أكل ثمنه كما في الشحوم.
[3486]
(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا الليث، عن يزيد بن أبي حبيب) الأزدي عالم أهل مصر، روى له الجماعة.
(عن عطاء بن أبي رباح، عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول عام الفتح) أي: فتح مكة (وهو بمكة: إن الله حرم بيع الخمر) قال القرطبي (1): هذا الحديث يدل على أن تحريم الخمر كان متقدمًا على فتح مكة شرفها الله تعالى، وفي رواية الصحيحين:"إن الله ورسوله حرم"(2).
وفي رواية لهما: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم حرم (3).
(والميتة والخنزير) روي بنصبهما. يؤخذ من تحريم هذِه الثلاثة نجاستها؛ لأن الانتفاع بها لم يعدم؛ فإنه قد ينتفع بالخمر في إساغة لقمة وغير ذلك، وينتفع بالميتة والخنزير في إطعام الجوارح.
(والأصنام) حرم بيعها لعدم الانتفاع بها على صورتها، وعدم الانتفاع بها (4) يمنع (5) صحة البيع، وقد يكون منع بيعها مبالغةً في التنفير عنها (6).
قال البغوي: وفي تحريم بيع الأصنام دليل على تحريم بيع جميع
(1) انظر: المصدر السابق 4/ 461.
(2)
رواه البخاري (2236) ومسلم (1581).
(3)
لم أقف على هذِه الرواية في الصحيحين، ورواها ابن المنذر في "الأوسط" 2/ 413 - 412.
(4)
سقط من (ل).
(5)
سقط من (ر).
(6)
انظر: "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق العيد (ص 362).
الصور المتخذة من الخشب والحديد والذهب والفضة وغيرها، وعلى تحريم بيع جميع آلات اللهو والباطل مثل الطنبور والطبول والمعازف كلها، فإذا طمست الصورة وغيرت آلات اللهو عن حالتها فيجوز بيع جواهرها (1).
وفي تحريم الخمر والميسر دليل على تحريم بيع الأعيان النجسة، وإن كان منتفعًا بها في حال الضرورة كما تقدم كالسرقين.
وفيه دليل على أن بيع جلد الميتة قبل الدباغ لا يجوز لنجاسة عينه، وأما بعد الدباغ فيجوز عند أكثر أهل العلم، لقوله صلى الله عليه وسلم:"أيما إهاب دبغ فقد طهر"(2).
وقال ابن سيرين وغيره: لا بأس بتجارة العاج (3)؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لثوبان: "اشتر لفاطمة سوارين من عاج". ومن لم يجوز بيعه قال: ليس المراد من العاج في الحديث عظم الفيل، وإنما المراد منه الذبل (4)، وهو عظم سلحفاة (5) البحر، وهو طاهر كعظم الحوت.
وفي تحريم بيع الخنزير دليل على أن ما لا ينتفع به من الحيوانات لا يجوز بيعها كالأسد والقرد والدب والرخمة والنسر وحشرات الأرض.
ثم قال البغوي: وفي تحريم بيع الخمر دليل على أن من أراق خمر
(1) انظر: "شرح السنة" للبغوي 8/ 28.
(2)
سيأتي برقم (4123) من حديث ابن عباس بنحوه، ورواه بلفظه الترمذي (1728)، وابن ماجة (3609).
(3)
في (ر): العاص.
(4)
في (ر): القتل. والمثبت من "شرح السنة".
(5)
في (ر)، (ل):(سحافة). والمثبت من "شرح السنة".
النصارى أو قتل خنزيرًا له أنه (1) لا غرامة عليه لأنه لا ثمن لهما في حق الدين (2).
(فقيل: يا رسول الله، أرأيت شحوم الميتة، فإنه) ضمير الشأن والقصة (يطلى بها السفن ويدهن بها الجلود، ويستصبح) الاستصباح: استفعال من المصباح، وهو السراج الذي يشعل منه الضوء.
(بها الناس؟ ) ذكروا هذِه المنافع ظنًّا منهم أنها تقتضي جواز البيع.
(فقال: لا) أي: لا تظنوا أن هذِه المنافع تجوز بيعها (هو) ضمير يعود على البيع (حرام) وكأنه أعاد تحريم بيع الأعيان المذكورة بعدما بين له أن فيها منفعة، فأهدر تلك المنافع والمصالح التي ذكرت له.
وقد استدل بهذا الحديث على منع الاستصباح بها وإطلاء السفن بها (3).
(ثم قال رسول الله صلى الله عليه وسلم عند ذلك: قاتل الله اليهود! ) أي قتلهم وأهلكهم، وهو في الأصل فاعل من القتل، والأصل في فاعل أن يكون من اثنين كقولك: ضارب وشاتم، لن قد يستعمل للواحد نحو عاقبت اللص، وطارقت النعل، واستعملت قاتل هنا في الدعاء عليهم. وقيل: معناه: عاداهم الله تعالى (4).
(إن الله لما حرم عليهم شحومها، أجملوه) بفتح الهمزة والميم وبينهما
(1) في (ر): لأنه.
(2)
انظر: "شرح السنة" للبغوي 8/ 27 - 28.
(3)
انظر: "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(ص 362).
(4)
انظر: "طرح التثريب" 8/ 16.
جيم، وفي رواية البخاري:"جملوه" أي: أذابوه يقال: جملت الشحم [وأجملته](1) إذا أذبته واستخرجت دهنه، وجملت أفصح من أجملت (2)(ثم باعوه وأكلوا ثمنه) وإنما أجملوه ليصير ودكًا فيزول عنها اسم الشحم.
وفيه دليل على بطلان كل حيلة يحتال بها للتوصل إلى تحليل محرم، فرد عليهم بأنه لا يتغير حكم تحريمه، وإن تغيرت هيئته وبدل اسمه (3).
قال ابن دقيق العيد: وفيه دليل وتنبيه على تعليل تحريم بيع هذِه الأشياء، وأن العلة تحريمها؛ فإنه وجه اللوم على اليهود في تحريم أكل الثمن بتحريم أكل الشحوم.
واستدل المالكية بهذا على تحريم الذرائع من حيث إن اليهود توجه عليهم اللوم بتحريم أكل الثمن من جهة تحريم أكل الأصل، وأكل الثمن ليس أكل الأصل بعينه؛ لكنه لما كان سببًا لأكل الأصل بطريق المعنى استحقوا اللوم به (4)، والله أعلم.
[3487]
(حَدَّثَنَا محمد بن بشار، حَدَّثَنَا أبو عاصم) الضحاك بن مخلد النبيل. (عن عبد الحميد بن جعفر) بن عبد الله الأنصاري، روى عنه مسلم في مواضع. (عن يزيد بن أبي حبيب، قال: كتب إليَّ عطاء) بن أبي رباح.
(عن جابر) بن عبد الله (نحوه، ولم يقل: هو حرام) ولم يصرح بالتحريم.
(1) في (ر)، (ل):(وجملته). والمثبت من "النهاية" لابن الأثير.
(2)
في (ر)، (ل):(جملت). والمثبت من "النهاية" لابن الأثير 1/ 298.
(3)
انظر: "شرح السنة" للبغوي 8/ 30.
(4)
انظر: "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام"(ص 362).
[3488]
(حَدَّثَنَا مسدد، أن بشر بن المفضل وخالد بن عبد الله حدثاهم، المعنى، عن خالد الحذاء، عن بركة، قال مسدد في حديثه (1): خالد بن عبد الله عن بركة أبي الوليد) المجاشعي، ثقة.
(ثم اتفقا عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا عند الركن) من البيت (فرفع بصره إلى السماء) يشبه أن يكون ذلك ليتفكر في خلقها.
(فضحك) تعجبًا من عظم خلقها وحسن بهجتها، وإتقان صنعها، وأنها من أعظم المخلوقات الدالة على كمال قدرة الله تعالى، وتفرده بالخلق والتدبير. وتعجب من جرأة اليهود وتجرئهم على خالق هذِه الموجودات، وتحيلهم في تحليل ما حرم عليهم، كيف يخفى على من هذِه صفته وقدرته ما مكَروه في تغيير اسم الشحوم حتى استحلوها؟ ! (فقال) عند الركن الذي يستجاب عنده الدعاء، وعنده ملائكة يؤمنون على الدعاء (2):(لعن الله اليهود) أي: أبعدهم من رحمته (ثلاثًا) كان صلى الله عليه وسلم إذا تكلم بكلمة أو دعا بدعوة أعادها ثلاثًا (3).
(إن الله تعالى حرم عليهم الشحوم) أي شحوم الميتة؛ لأنها جزء من الميتة فحكمها كحكم (4) الميتة يحرم بيعها، أجملوها.
(فباعوها وأكلوا أثمانها) كما تقدم قريبًا (وإن الله تعالى إذا حرم على
(1) في "السنن": (حديث).
(2)
انظر: "أخبار مكة" للفاكهي 1/ 136.
(3)
رواه البخاري (94) من حديث أنس، ومسلم (1794) من حديث ابن مسعود.
(4)
في (ر)، (ل):(لحم) والمثبت هو الموافق للمعنى.
قوم أكل شيء حرم عليهم ثمنه) هذا من زيادة أبي داود على الصحيح، يعني: إذا حرَّم على قومٍ شيئًا يؤكل أو يشرب أو ينتفع به حرَّم عليهم بيعه وأكل ثمنه؛ لأن ذلك هو السبب الموجب للتحريم، ويلحق بذلك كل محرم نجس لا منفعة فيه.
واختلف في جواز بيع ما فيه منفعة منها كالأزبال والعذرة فحرم ذلك الشافعي ومالك وجل أصحابه كما نقله القرطبي عنهم (1)، وأجاز ذلك (2) الكوفيون والطبري، وذهب آخرون إلى إجازة ذلك للمشتري دون البائع، ورأوا أن المشتري أعذر من البائع؛ لأنه مضطر إلى ذلك. قال: وروي ذلك عن بعض أصحابنا (3).
(ولم يقل في حديث خالد بن عبد الله: رأيت) رسول الله صلى الله عليه وسلم جالسًا. (وقال: قاتل الله اليهود) بدل: لعن الله اليهود.
[3489]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا) عبد الله (ابن إدريس ووكيع) بن الجراح (عن طُعمة) بضم الطاء المهملة.
(بن عمرو الجعفري) العامري الكوفي، قال أبو حاتم: صالح الحديث لا بأس به (4)، وذكره ابن حبان في "الثقات"(5).
(عن عمر بن بيان التغلبي) بالمثناة والغين المعجمة بفتح اللام ويجوز كسرها، وثق (عن عروة بن المغيرة بن شعبة) ولي الكوفة، روى له
(1) في (ر): منهم.
(2)
سقطت من (ر).
(3)
انظر: "المفهم" للقرطبي 4/ 458.
(4)
انظر: "الجرح والتعديل" 4/ 497.
(5)
6/ 492.
الجماعة (عن المغيرة بن شعبة رضي الله عنه قال رسول الله صلى الله عليه وسلم (1): من باع الخمر فليشقِّص) بضم الياء (2) وفتح الشين المعجمة، وكسر القاف المشددة، ثم صاد مهملة، أي: فليقطع (الخنازير) ويجعلها أشقاصًا، وأعضاءً بعد ذبحها كما يشقص أي يقطع الشاة إذا (3) أراد بيعها أو إصلاحها للأكل، وهو تفعل من الشقص وهو الطائفة من الشيء يعني: من باع الخمر فليكن قصابًا للخنازير يبيعها كما يبيع القصاب اللحم؛ فإنها ليست بدون الخمر. والمعنى: أن من استحل بيع الخمر فليستحل بيع الخنزير فإنهما في التحريم سواء (4).
وهذا أمر معناه النهي كما جاء الأمر للتهديد والتخويف [في قوله](5) تعالى: {قُلْ تَمَتَّعُوا فَإِنَّ مَصِيرَكُمْ إِلَى النَّارِ} (6) والمعنى: لا تتمتعوا بعبادة الأوثان فإن مصير عابدها إلى النار.
[3490]
(حدثنا مسلم (7) بن إبراهيم) الفراهيدي (حدثنا شعبة) بن الحجاج بن الورد الأزدي، كان إذا قام في مجلسه سائل لم يتكلم حتى يعطيه (8).
قيل (9): خرج الليث بن سعد فقوَّموا ثيابه ودابته وخاتمه بثمانية عشر ألف درهم إلى عشرين ألفا، وخرج شعبة يوما فقوموا حماره وسرجه
(1) زاد هنا في (ل): قال:
(2)
في (ر): الفاء.
(3)
سقط من (ر)، (ل) وأثبتها لتوافق المعنى.
(4)
انظر: "جامع الأصول" لابن الأثير 1/ 452.
(5)
في (ر): لقوله.
(6)
إبراهيم: 30.
(7)
في (ر): مسدد.
(8)
في (ر): يعطى.
(9)
سقط من (ر).
وخاتمه بثمانية عشر درهمًا (1)(عن سليمان) بن مهران الأعمش (عن أبي الضحى) مسلم بن صبيح البطين (2)(عن مسروق، عن عائشة رضي الله عنها قالت: لما نزلت الآيات الأواخر من سورة البقرة) فيه دليل على جواز تسمية سورة البقرة خلافًا لمن كره ذلك، وقال: إلا السورة التي تذكر فيها البقرة (3).
(خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم فقرأهن علينا) فيه ذكر الدليل قبل المدلول تعظيمًا له وتشريفًا. (وقال: حرمت التجارة في الخمر) وحرمت بضم الحاء وتشديد الراء المكسورة. هكذا رواه البخاري وغيره، فيؤخذ منه تحريم بيعها وشرائها والمقايضة لها وجعلها صداقًا ثابتًا (4).
[3491]
(حدثنا عثمان بن أبي شيبة، حدثنا أبو معاوية) محمد بن خازم (عن الأعمش، عن أبي الضحى (بإسناده) المتقدم (ومعناه وقال: الآيات الأواخر في الربا) يعني {الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبَا} (5) وما بعدها.
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 12/ 493.
(2)
ليست هذِه الكلمة ضمن نسب مسلم بن صبيح أبي الضحى وإنما هي من نسب مسلم بن عمران البطين، وانظر:"تقريب التهذيب"(ص 530).
(3)
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي 9/ 28، "فتح الباري" 9/ 87.
(4)
سقطت من (ل).
(5)
البقرة: 275.