الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
55 - باب فِيمنْ أَفْسَد شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلهُ
3567 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى ح وَحَدَّثَنا مُحَمَّد بْن المُثَنَّى، حدثنا خالِدٌ، عَنْ حُمَيْدٍ، عَنْ أَنَسٍ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ عِنْدَ بَعْضِ نِسائِهِ فَأَرْسَلَتْ إِحْدى أُمَّهاتِ المُؤْمِنِينَ مَعَ خادِمِها بِقَصْعَةٍ فِيها طَعامٌ، قال: فَضَرَبَتْ بِيَدِها فَكَسَرَتِ القَصْعَةَ - قالَ ابن المُثَنَّى - فَأَخَذَ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم الكِسْرَتَيْنِ فَضَمَّ إِحْداهُما إِلَى الأُخْرى فَجَعَلَ يَجمَعُ فِيها الطَّعامَ وَيَقُول: "غارَتْ أُمُّكُمْ". زادَ ابن المُثَنَّى: "كُلُوا". فَأَكَلُوا حَتَّى جاءَتْ قَصْعَتُها التي في بَيْتِها. ثُمَّ رَجَعْنا إِلَى لَفْظِ حَدِيثِ مُسَدَّدٍ وقالَ: "كُلُوا". وَحَبَسَ الرَّسُولَ والقَصْعَةَ حَتَّى فَرَغُوا فَدَفَعَ القَصْعَةَ الصَّحِيحَةَ إِلَى الرَّسُولِ وَحَبَسَ المَكْسُورَةَ في بَيْتِهِ (1).
3568 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا يَحْيَى، عَنْ سُفْيانَ، حَدَّثَني فُلَيْتٌ العامِريُّ، عَنْ جَسْرَةَ بِنْتِ دِجاجَةَ قالَتْ: قالَتْ عائِشَة رضي الله عنها: ما رَأَيْتُ صانِعًا طَعامًا مِثْلَ صَفِيَّةَ صَنَعَتْ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم طَعامًا فَبَعَثَتْ بِهِ فَأَخَذَني أَفْكَلٌ، فَكَسَرْتُ الإِناءَ، فَقُلْتُ: يا رَسُولَ اللهِ ما كَفّارَةُ ما صَنَعْتُ؟ قالَ: "إِناءٌ مِثْلُ إِناءٍ وَطَعامٌ مِثْلُ طَعامٍ"(2).
* * *
باب فيمن أفسد شيئًا يضمن مثله
وفي بعض النسخ: يغرم مثله.
[3567]
(حدثنا مسدد، حدثنا يحيى)(3) ابن سعيد.
(1) رواه البخاري (2481).
(2)
رواه أحمد 6/ 148، والنسائي في "الكبرى"(8905).
وضعفه الألباني.
(3)
سقط من (ر).
(ح، وحدثنا محمد بن المثنى، حدثنا خالد) بن الحارث الهجيمي، روى له الجماعة، تابعه ابن أبي عدي (عن حميد، عن أنس) بن مالك رضي الله عنه (أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان عند بعض نسائه) في رواية الترمذي (1) عن أنس: أهدت بعض أزواج النبي صلى الله عليه وسلم طعامًا في قصعة، فضربت عائشة القصعة بيدها .. الحديث.
وأخرجه أحمد عن حميد بهذا السند وقال: أظنها عائشة (2). قال الطيبي: إنما أبهمت؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يهدى إليه في بيتها.
(فأرسلت إحدى أمهات المؤمنين مع خادم) هكذا رواية البخاري (3)، وفي بعض النسخ: مع خادمها قصعة (4). قال ابن حجر: لم أقف على اسم الخادم، وأما المرسلة فهي زينب بنت جحش، ذكره ابن حزم في "المحلى" من طريق الليث بن سعد، عن جرير بن حازم، عن حميد، سمعت أنسًا: أن زينب بنت جحش أهدت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وهو في بيت عائشة ويومها جفنة من حيس .. الحديث (5). واستفدنا منه معرفة الطعام المذكور (6).
(بقَصعة) بفتح القاف والجمع قصع، مثل بذرة وبذر، وقصاع (7) مثل
(1)(1359).
(2)
"المسند" 3/ 105.
(3)
(2481).
(4)
وهو ما في المطبوع، وبعدها في الأصل: نسخة: بقصعة.
(5)
"المحلى" 8/ 141.
(6)
انظر: "فتح الباري" 5/ 124 - 125.
(7)
في (ر): وقصعة.
كلبة وكلاب، وقصعات مثل سجدة وسجدات، وهي عربية وقيل معربة.
(فيها طعام) تقدم من رواية ابن حزم أن الطعام حيس. (فضربت) عائشة (بيدها فكسرت القصعة) وفي "الأوسط" للطبراني (1) عن ثابت، عن أنس: أنهم كانوا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيت عائشة إذ أتى بصحفة خبز ولحم من بيت أم سلمة، قال: فوضعنا أيدينا وعائشة تصنع طعامًا عجلة، فلما فرغت جاءت به ورفعت صحفة أم سلمة فكسرتها (2). والصحفة: قصعة مبسوطة تكون من غير الخشب.
وفي رواية ابن علية: فضربت التي في بيتها يد الخادم، فسقطت الصحفة فانفلقت (3). والفلق بالسكون الشق (4).
(قال) محمد (ابن المثنى: فأخذ النبي صلى الله عليه وسلم الكسرتين (الكِسرة: بكسر الكاف القطعة من الشيء المكسور، ومنه الكسرة من الخبز، والجمع كسر مثل سدرة وسدر (فضم إحداهما إلى الأخرى) وفي الحديث حسن خلقه صلى الله عليه وسلم وكثرة حلمه.
قال ابن العربي: وكأنه إنما لم يؤدب الكاسرة ولو بالكلام لما وقع منها من التعدي؛ لما فهم من أن التي أهدت أرادت بذلك أذى التي هو في بيتها والمظاهرة عليها (5)، فاقتصر على تغريمها القصعة، وإنما لم
(1) زاد هنا في (ر): عن أنس. وهو سهو من الناسخ.
(2)
"المعجم الأوسط" 4/ 275 (4184).
ورواه أيضًا في "الصغير" 1/ 342 (568).
(3)
رواها البخاري (5225).
(4)
انظر: "فتح الباري" 5/ 125.
(5)
سقط من (ر).
يغرمها الطعام؛ لأنه كان يهدى لهم، فإتلافه قبول أو في حكم القبول.
(فجعل يجمع فيها الطعام (1) ويقول: غارت أمكم) اعتذارًا منه صلى الله عليه وسلم لئلا يحمل صنعيها (2) على ما يذم، بل يجري على عادة الضرائر من الغيرة؛ فإنها مركبة في النفس بحيث لا يقدر على دفعها (3).
(زاد ابن المثنى: كلوا) أمر إباحة (فأكلوا) فيه ما كانت الصحابة فيه من التواضع؛ فإن من المعلوم أن الطعام انصب على الأرض، وفيه بيان خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم، كما روى ابن ماجه (4) عن رجل من بني سواءة قال: قلت لعائشة: أخبريني عن خلق رسول الله صلى الله عليه وسلم. قالت: أوما تقرأ القرآن: {وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ (4)} (5)؟ قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فصنعت له طعامًا وصنعت له حفصة طعامًا. قالت: فسبقتني حفصة، فقلت للجارية: انطلقي فألقي قصعتها، فلحقتها وقد همت أن تضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم فأكفأتها فانكسرت القصعة وانتثر الطعام، فجمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم وما فيها من [الطعام على](6) النطع فأكلوا، ثم بعث بقصعتي إلى حفصة وقال:"خذوا ظرفًا مكان ظرفكم وكلوا ما فيها". قالت: فما رأيت ذلك في وجه رسول الله صلى الله عليه وسلم على التراب أو على حصير ونحوه، وأنه إذا جمع لابد أن يتصل به شيء مما على الأرض من تراب ونحوه، ومع ذلك فأكلوا، وقل في هذا الزمان من يأكل من الطعام إذا أنصب على الأرض.
(1) زاد هنا في (ر): فجعل فيها.
(2)
في (ر): صنعها.
(3)
انظر: "فتح الباري" 5/ 126.
(4)
(2333).
(5)
القلم: 4.
(6)
سقط من (ر).
(حتى جاءت قصعتها التي في بيتها) رواية ابن علية: حتى أتى بصحفة من عند التي هو في بيتها.
(ثم رجعنا إلى حديث مسدد، وقال: كلوا. وحبس الرسول) يعني الخادم (والقصعة حتى فرغوا) أي من أكلهم (فدفع القصعة الصحيحة إلى الرسول) رواية ابن علية: إلى التي كسرت صحفتها (وحبس المكسورة في بيته) رواية أحمد: وحبس الرسول والقصعة (1). رواية ابن علية: في بيت التي كسرت. يعني: القصعة.
زاد الثوري: وقال: "إناء كإناء وطعام كطعام"(2).
قال ابن بطال (3): احتج الشافعي والكوفيون فيمن استهلك عروضًا أو حيوانًا فعليه مثل ما استهلك، قالوا: ولا يقضى بالقيمة إلا [عند عدم](4) المثل، وذهب مالك إلى القيمة مطلقًا. وما أطلقه عن الشافعي فيه نظر، وإنما يحكم في الشيء بمثله إذا كان متشابه الأجزاء، وأما القصعة فهي من المتقومات لاختلاف أجزائها.
وأجاب البيهقي بأن القصعتين للنبي صلى الله عليه وسلم في بيتي زوجتيه، ولم يكن هناك تضمين (5).
[3568]
(حدثنا مسدد، حدثنا يحيى، عن سفيان قال: حدثني فُلَيتٌ)
(1)"المسند" 3/ 105.
(2)
رواه النسائي 7/ 71، وأحمد 6/ 48 من حديث عائشة، ورواه ابن الجارود في "المنتقى"(1022) من طريق سفيان.
(3)
"شرح ابن بطال" 6/ 609.
(4)
في (ل): عندم وفي (ر): إن عدم. والمثبت من "شرح ابن بطال".
(5)
"السنن الكبرى" 6/ 96، وانظر:"فتح الباري" 5/ 125 - 126.
بضم الفاء وفتح اللام، مصغر، وهو أفلت، كذا ذكره "الكشاف"(1)(العامري) والده خليفة، صدوق.
(عن جَسْرة) بفتح الجيم وإسكان السين المهملة (بنت دجاجة) بفتح الدال وبالجيمين، العامرية.
(قالت عائشة رضي الله عنها: ما رأيت صانعًا) رواية النسائي (2): صانعة (3)(طعامًا مثل صفية) بنت حيي (صنعت لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعامًا (4) فبعثت به، فأخذني أَفْكل) بفتح الهمزة وإسكان الفاء ثم لام وزنه أفعل (5) وهو منصرف، والمعنى: أخذتني رعدة.
قال الجوهري (6): أخذه أفكل إذا ارتعد من برد أو خوف أو غيره ولا ينبني منه فعل وهمزته زائدة، والمراد هنا أنها لما رأت حسن طعام ضرتها غارت وأخذتها مثل الرعدة (فكسرت الإناء) توضحه رواية النسائي: ما رأيت صانعة طعامًا مثل صفية، أهدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم إناء فيه طعام فما ملكت نفسي أن كسرته (7).
(فقلت: يا رسول الله، ما كفارة ما صنعت؟ قال: إناء مثل إناء، وطعام مثل طعام) فيه ما تقدم.
(1) لعله يقصد "الكاشف" للذهبي، فقد ذكره فيه 1/ 255 (461).
(2)
في (ر): الشافعي.
(3)
"المجتبى" 7/ 71.
(4)
سقط من (ر).
(5)
في (ر): أفول.
(6)
انظر: "الصحاح" 5/ 1792.
(7)
سبق تخريجه.