الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
25 -
الأَقضية
1 - باب في طَلَبِ القَضاءِ
3571 -
حَدَّثَنا نَصْرُ بْن عَليٍّ، أَخْبَرَنا فُضَيْلُ بْن سُلَيْمانَ، حَدَّثَنا عَمْرُو بْن أَبي عَمْرٍو عَنْ سَعِيدٍ المَقْبُريِّ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ وَليَ القَضاءَ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ"(1).
3572 -
حَدَّثَنا نَصْرٌ بْنُ عَليٍّ، أَخْبَرَنا بِشْرُ بْن عُمَرَ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ جَعْفَرٍ عَنْ عُثْمانَ بْنِ مُحَمَّدٍ الأَخْنَسيِّ عَنِ المَقْبُريِّ والأَعْرَجِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ، عَنِ النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم قالَ:"مَنْ جُعِلَ قاضِيًا بَيْنَ النّاسِ فَقَدْ ذُبِحَ بِغَيْرِ سِكِّينٍ"(2).
* * *
{بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ}
أول كتاب الأقضية
(1) رواه الترمذي (1325)، والنسائي في "الكبرى"(5892، 5893)، وأحمد 2/ 365.
وصححه الألباني في "المشكاة"(3733).
(2)
السابق.
باب في طلب القضاء
[3571]
(ثنا نصر (1) بن علي) الجهضمي بن الجهضمي الكبير (أنا فضيل (2) بن سليمان) النميري البصري (حدثنا عمرو (3) بن أبي عمرو) مولى المطلب (عن سعيد) بن أبي سعيد كيسان المقبرى المدني، كان جارًا للمقبرة فنسب إليها. (عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من ولي القضاء) أي: تصدى لولاية القضاء وشرع في الأسباب المحصلة له (فقد) تعرض للذبح (ذبح) فيه استعمال المجاز في الكلام (بغير سكين) يحتمل وجهين: أن الذبح في العرف إنما يكون بالسِّكين، فعدل به عن العرف إلى غيره؛ ليُعلم أن الذي أراد به ما يخاف عليه من هلاك دينه دون هلاك بدنه. والثاني: أن الذبح الذي تقع به راحة الذبيحة وخلاصها من الألم إنما يكون بالسكين، وإذا ذبح بغير السِّكين كان ذبحه تعذيبًا له، فضرب به المثل لذلك؛ ليكون أبلغ في الحذر من الوقوع وأشد في التوقي منه.
وقال ابن الصلاح: معناه ذبح من حيث المعنى؛ لأنه بين عذاب الدنيا، يعني لصعوبة العدل في هذا الزمان والاجتهاد فيه كما سيأتي، وبين عذاب الآخرة إن فسد وسيأتي في الحديث الذي بعده كلام ابن القاص.
[3572]
(حدثنا نصر بن علي) الجهضمي (أنا بشر (4) بن عمر) الزهراني الأزدي البصري (عن عبد الله بن جعفر) بن عبد الرحمن بن
(1) و (2) فوقها في (ل): (ع).
(3)
و (4) فوقها في (ل): (ع).
مخرمة المخرمي الزهري، أخرج له مسلم.
(عن عثمان بن محمد) بن المغيرة بن الأخنس بن شريق -بفتح الشين المعجمة وكسر الراء- الثقفي (الأخنسي) نسبة إلى جده الأخنس، وثقه ابن معين (1)(عن) سعيد بن أبي سعيد (المقبري [و])(2) عبد الرحمن بن هرمز. (الأعرج، عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم: مَن جُعل قاضيًا بين الناس) يدخل في عمومه المسلمون (3) والكفار، ولعل المراد به الولاية العامة دون الحكم على أولاده وخدمه وزوجاته من الأمور الخاصة.
(فقد ذبح بغير سكين) قال أبو العباس أحمد بن القاص: ليس في هذا الحديث عندي كراهية للقضاء وذمه، إن الذبح بغير سكين مجاهدة النفس وترك الهوى، والله تعالى يقول:{وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا} (4).
ويدل على ذلك حديث أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يا أبا هريرة، عليك بطريق قوم إذا فزع الناس أمنوا" قلت: من هم يا رسول الله؟ قال: "هم قوم تركوا الدنيا فلم يكن في قلوبهم ما يشغلهم عن الله، قد أجهدوا أبدانهم وذبحوا أنفسهم في طلب رضا الله تعالى"(5)
(1) انظر "الجرح والتعديل" 6/ 166.
(2)
ساقطة من (ل)، (م)، وأثبتناها من "سنن أبي داود".
(3)
في (ل)، (م): المسلمين. والجادة ما أثبتناه.
(4)
العنكبوت: 69.
(5)
لم أجده بهذا اللفظ، لكن روى الديلمي في "الفردوس" من حديث أبي هريرة مرفوعًا: "يا أبا هريرة عليك بطريق قوم إذا فزع الناس لم يفزعوا وإذا طلب الناس الأمان لم يخافوا
…
" في حديث طويل. انظر "الفردوس بمأثور الخطاب" 5/ 347 (8392)، "كنز العمال" 3/ 728 (8595).
فناهيك به فضيلة وزلفى لمن قضى بالحق في عباده، إذ جعله ذبيح الحق امتحانًا؛ لتعظم له المثوبة امتنانا.
وقد ذكر الله قصة إبراهيم خليله عليه السلام وقوله: {يَابُنَيَّ إِنِّي أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ} (1) فإذ جعل الله إبراهيم في تسليمه لذبح ولده مصدقًا فقد جعل الله لاستسلامه للذبح ذبيحًا، وكذلك قال عليه السلام:"أنا ابن الذبيحين"(2) يعني: إسماعيل وعبد الله، فكذلك القاضي عندنا لما استسلم لحكم الله واصطبر على مخالفة الأباعد والأقارب في خصوماتهم، لم تأخذه في الله لومة لائم حتى قادهم إلى مُرِّ الحكم جعله ذبيحًا للحق وبلغ به حال الشهداء، الذين لهم الجنة يقاتلون في سبيل الله.
وقد ولى رسول الله صلى الله عليه وسلم القضاء عليًّا ومعاذًا ومعقل بن يسار، فنعم الذابح (3) ونعم المذبوح، وفي كتاب الله الدليل على الترغيب فيه بقوله:{يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا} إلى آخر الآيات.
(1) الصافات: 102.
(2)
لم أجده بهذا اللفظ، وفي "المستدرك" 2/ 554 (4036) من حديث معاوية رضي الله عنه: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فأتاه الأعرابي فقال: يا رسول الله خلقت البلاد يابسة والماء يابسا، هلك المال وضاع العيال، فعد علي بما أفاء الله عليك يا ابن الذبيحين. فتبسم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم ينكر عليه.
قال الزيلعي في "تخريج الكشاف" 3/ 177: غريب.
وقال الحافظ في "الفتح" 12/ 378: رويناه في "الخلعيات" من حديث معاوية. قال الألباني في "الضعيفة"(1677): لا أصل له.
(3)
في (ل): الذبائح.