الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
3 - باب في اجْتِنابِ الشُّبُهاتِ
3329 -
حدثنا أَحْمَدُ بْن يُونُسَ قالَ: حدثنا أَبو شِهابٍ، حدثنا ابن عَوْنٍ، عَنِ الشَّعْبيِّ قالَ: سَمِعْتُ النُّعْمانَ بْنَ بَشِيرٍ -وَلا أَسْمَعُ أَحَدًا بَعْدَه- يَقُول: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: "إِنَّ الحَلالَ بَيِّنٌ وَإِنَّ الحَرامَ بَيِّنٌ وَبَيْنَهُما أُمُورٌ مُشْتَبِهاتٌ". وَأَحْيانًا يَقُولُ: " مُشْتَبِهَةٌ ". " وَسَأَضْرِبُ لَكُمْ في ذَلِكَ مَثَلاً: إِنَّ اللهَ حَمَى حِمًى، وَإِن حِمَى اللهِ ما حَرَّمَ، وَإِنَّهُ مَنْ يَرْعَ حَوْلَ الحِمَى يُوشِكْ أَنْ يُخالِطَهُ، وَإِنَّهُ مَنْ يُخالِطِ الرِّيبَةَ يُوشِكْ أَنْ يَجْسُرَ "(1).
3330 -
حدثنا إِبْراهِيمُ بْن مُوسَى الرّازيُّ، أَخْبَرَنا عِيسَى، حدثنا زَكَرِيَّا، عَنْ عامِبر الشَّعْبيِّ قالَ: سَمِعْتُ النُّعْمانَ بْنَ بَشِيرٍ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَقُول بهذا الحَدِيثِ قالَ: "وَبَيْنَهُما مُشَبَّهاتٌ لا يَعْلَمُها كَثِيرٌ مِنَ النّاسِ فَمَنِ اتَّقَى الشُّبُهاتِ اسْتَبْرَأَ عِرْضَهُ وَدِينَهُ وَمَنْ وَقَعَ في الشُّبُهاتِ وَقَعَ في الحَرامِ "(2).
3331 -
حدثنا محَمَّدُ بْن عِيسَى، حدثنا هُشَيْمٌ، أَخْبَرَنا عَبّادُ بْنُ راشِدٍ قالَ: سَمِعْتُ سَعِيدَ بْنَ أَبي خَيْرَةَ يَقُول: حدثنا الحَسَنُ مُنْذُ أَرْبَعِينَ سَنَةً، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قال: قال النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم ح، وَحَدَّثَنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنا خالِدٌ، عَنْ داوُدَ -يَعْني: ابن أَبي هِنْدٍ- وهذا لَفْظُهُ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبي خَيْرَةَ، عَنِ الحَسَنِ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:" لَيَأْتِيَنَّ عَلَى النّاسِ زَمانٌ لا يَبْقَى أَحَدٌ إِلَاّ أَكَلَ الرِّبا فَإِنْ لَمْ يَأْكُلْهُ أَصابَهُ مِنْ بُخارِهِ ". قالَ ابن عِيسَى: " أَصابَهُ مِنْ غُبارِهِ "(3).
3332 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْن العَلاءِ، أَخْبَرَنا ابن إِدْرِيسَ، أَخْبَرَنا عاصِمُ بْنُ كلَيْبٍ،
(1) رواه البخاري (2051)، ومسلم (1599).
(2)
رواه البخاري (52)، ومسلم (1599).
(3)
رواه النسائي 7/ 243، وابن ماجه (2278)، وأحمد 2/ 494.
وضعفه الألباني في "ضعيف الجامع"(4864).
عَنْ أَبِيهِ، عَنْ رَجُلٍ مِنَ الأَنْصارِ قال: خَرَجْنا مَعَ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في جَنازَةٍ فَرَأَيْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ عَلَى القَبْرِ يُوصي الحافِرَ: " أَوْسِعْ مِنْ قِبَل رِجْلَيْهِ أَوْسِعْ مِنْ قِبَلِ رَأْسِهِ ". فَلَمّا رَجَعَ اسْتَقْبَلَهُ داعي امْرَأَةٍ فَجاءَ وَجيءَ بِالطَّعامِ فَوَضَعَ يَدَهُ ثُمَّ وَضَعَ القَوْمُ فَأَكَلُوا فَنَظَرَ آباؤنا رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم يَلُوكُ لُقْمَةً في فَمِهِ ثمَّ قالَ: "أَجِدُ لَحْمَ شاةٍ أُخِذَتْ بِغَيْرِ إِذْنِ أَهْلِها". فَأَرْسَلَتِ المَرْأَةُ قالَتْ: يا رَسُولَ اللهِ إِنّي أَرْسَلْتُ إِلَى البَقِيعِ يَشْتَري لي شاةً فَلَمْ أَجِدْ فَأَرْسَلْتُ إِلَى جارٍ لي قَدِ اشْتَرى شاةً أَنْ أَرْسِلْ إِلَى بِها بِثَمَنِها فَلَمْ يُوجَدْ فَأَرْسَلْتُ إِلَى امْرَأَتِهِ فَأَرْسَلَتْ إِليَّ بِها. فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: " أَطْعِمِيهِ الأُسارى "(1).
* * *
باب في اجتناب الشبهات
[3329]
(حدثنا أحمد بن يونس، حدثنا أبو (2) شهاب) عبد ربه بن نافع الحناط، متفق عليه (عن) عبد الله (ابن عون) مولى عبد الله بن مغفل المدني أحد الأعلام. وقال الأوزاعي: إذا مات ابن عون وسفيان استوى الناس (3).
(عن الشعبي قال: سمعت النعمان بن بشير) رضي الله عنهما يقول (ولا أسمع أحدًا بعده يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن الحلال) هذا أحد الأحاديث التي عليها مدار الإسلام، وقد اختلف في عددها، وجميعها في كتاب "الأربعين النواوية" (بين) أي: ما نص الله
(1) رواه أحمد 5/ 293، وابن أبي شيبة في "المسند"(935).
وصححه الألباني في "الصحيحة"(754).
(2)
في (ر): ابن. ومطموسة في (ل)، والمثبت من (ع).
(3)
انظر: "تذكرة الحفاظ" 1/ 156.
على تحليله فهو الحلال البين كقوله تعالى: {الْيَوْمَ أُحِلَّ لَكُمُ الطَّيِّبَاتُ} قيل: هي الذبائح؛ لأنها طابت بالتذكية {وَطَعَامُ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ} (1) الطعام اسم لكل ما يؤكل، والذبائح نوع منه فهو ذكر العام بعد الخاص (وإن الحرام) الذي نص الله على تحريمه (بين) حكمه كقوله تعالى:{حُرِّمَتْ عَلَيْكُمْ أُمَّهَاتُكُمْ} (2) إلى آخر الآية، وقوله تعالى:{وَحُرِّمَ عَلَيْكُمْ صَيْدُ الْبَرِّ مَا دُمْتُمْ حُرُمًا} (3) وكل ما جعل الله فيه حدًّا أو عقوبة أو وعيدًا فهو حرام كأكل أموال اليتامى وأموال الناس بالباطل، وهذا [باب يتسع] (4) القول فيه (وبينهما أمور) وسائط (مشتبهات) نسخة: مشبهات. نسخة: مشتبهة؛ لأنها يتجاذبها دليلان من الطرفين، فكل ما تنازعته (5) الأدلة من الكتاب والسنة والقواعد الشرعية وتجاذبه المعاني فوجه منه يعضده دليل الحرام، ووجه منه يعضده دليل الحلال، فهذا هو الأمر المشتبه الذي يخفى أمرها [على](6) كثير من الناس.
(وأحيانًا) جمع حين وهو الزمان وإن قل، ونصبه على الظرفية وعامله (يقول) بينهما أمور (مشتبهة) جمعه مشتبهات كما تقدم (وسأضرب لكم
(1) المائدة: 5.
(2)
النساء: 23.
(3)
المائدة: 96.
(4)
في (ر): بأن يشبع، وغير واضحة في (ل)، وفي (ع): بأن يتسع. والمثبت من "شرح البخاري" لابن بطال 6/ 164.
(5)
في (ر): ينازعه. والمثبت من (ع).
(6)
سقطت من النسخ الخطية، والسياق يقتضيها.
في ذلك) أي: أبين (مثلاً) منصوب ب (أضرب)(1).
قال الرازي (2): المقصود من ضرب الأمثال أنها تؤثر في القلوب ما لا يؤثره وصف الشيء في نفسه، وذلك لأن (3) الغرض من المثل تشبيه الخفي بالجلي والغائب بالشاهد، فيتأكد الوقوف على ماهيته ويصير الحس مطابقًا للعقل، وذلك هو الغاية في الإيضاح (4). انتهى.
ألا وإن لكل ملك من ملوك الدنيا والآخرة حمى يحميه ويمنع من الدخول فيه، فمن دخله أوقع به العقوبة، ألا و (إن الله) تعالى قد (حمى) له (حمى) ومنع من ارتكابه (وإن حمى الله) تعالى (ما حرم) من المعاصي والذنوب كالقتل والسرقة والزنا وغير ذلك من المحرمات.
(وإنه) الضمير فيه ضمير الشأن والقصة (من يرعى) يحتمل أن تكون (5) شرطية، وأن تكون موصولة، وتقدير الكلام: فهو كراعٍ يرعى العشب (6) الذي (حول الحمى يوشك) بضم الياء وكسر الشين. أي: يقارب، وهو من أفعال المقاربة، ويقال في ماضيه: أوشك وهو مثل كاد وعسى في الاستعمال (أن يخالطه) الضمير فيه يعود إلى الحرام أي: يقع فيه، وذلك مَنْ كَثُرَ تعاطيه الشبهات لا يسلم أن يقع في
(1) في (ر): بأخبرت.
(2)
في (ر): الرواي.
(3)
في (ر): لا. والمثبت من (ع) و"تفسير الرازي".
(4)
"تفسير الرازي" 2/ 312.
(5)
في (ر) يكون.
(6)
في (ر) العيس.
الحرام وإن لم يقصده ويأثم بذلك إذا نسب إلى تقصير (1).
(وإنه من يخالط الريبة) الذي يرتاب فيه ويشك في أنه حلال أم حرام، ومنه قول عمر رضي الله عنه: مكسبة فيها ريبة خير من المسألة (2). (يوشك أن يجسر)(3) بإسكان الجيم وضم السين (يخسر) بالخاء المعجمة والسين المهملة في نسخة، أي: يتجاسر على الوقوع فيه، ويقدم على الحرام الخالص.
وقد اختلف العلماء في المشتبهات وما يشك فيه، فقال بعضهم: هي حلال، لقوله صلى الله عليه وسلم:" من يرعى حول الحمى يوشك أن يخالطه ". فجعل الشبهات ما حول الحمى، وما حول الحمى غير الحمى، فدل على أن ذلك حلال وتركه ورع، والورع عن (4) ابن عمر ومن ذهب مذهبه: ترك قطعة من الحلال خوفًا من مواقعة الحرام (5).
[3330]
(حدثنا إبراهيم بن موسى الرازي، أنبأنا عيسى) بن يونس (6)(أنبأنا زكريا) بن أبي زائدة خالد بن ميمون الهمداني، صدوق مشهور حافظ (عن عامر) بن شراحيل (الشعبي) الهمداني (قال: سمعت النعمان بن بشير) أول مولود ولد في الأنصار بعد قدوم النبي صلى الله عليه وسلم
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 11/ 29.
(2)
رواه ابن عبد البر في "التمهيد" 18/ 329.
(3)
في (ر) يجشر.
(4)
هكذا في (ل) و (ر)، وفي "شرح البخاري" لابن بطال (عند) وهو أحسن.
(5)
انظر: "شرح البخاري" لابن بطال 6/ 164 - 165.
(6)
في (ر): موسى. خطأ.
المدينة، أمه عمرة بنت رواحة أخت عبد الله بن رواحة (1) (يقول: هذا الحديث) وإنما أعاد المصنف في السند أن الشعبي قال: سمعت النعمان قال: ولا أسمع أحدًا بعده يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. أعاد السند؛ لأن يحيى بن معين قال: قال أهل المدينة إن النعمان بن بشير لا يصح له سماع من النبي صلى الله عليه وسلم. وقال أهل العراق: سماعه منه صحيح (2).
والذي يشهد لصحة سماعه عن النبي صلى الله عليه وسلم حديث أبي قلابة، عقل (3) عن النبي صلى الله عليه وسلم محادثته لأبيه (4).
(قال: وبينهما مشتبهات)(5) هكذا في بعض (6) النسخ جمع شبهة مشتبهات (لا يعلمها كثير من الناس) أي: تشتبه (7) على بعض الناس دون بعض لا أنها في نفسها مشتبهة على كل الناس لا بيان لها، بل
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 29/ 411.
(2)
انظر: المصدر السابق.
(3)
في (ر): عقد.
(4)
لعله يقصد الحديث الذي رواه البخاري (2650) ومسلم (ح 1623) عَنْ الشَّعْبِيِّ عَنْ النُّعْمَانِ بْنِ بَشِيرٍ رضي الله عنهما قَالَ: سَأَلَتْ أُمِّي أَبِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لِي مِنْ مَالِهِ ثُمَّ بَدَا لَهُ فَوَهَبَهَا لِي فَقَالَتْ: لَا أَرْضَى حَتَّى تُشْهِدَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم. فَأَخَذَ بِيَدِي وَأَنَا غُلَامٌ فَأَتَى بِي النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَقَالَ: إِنَّ أُمَّهُ بِنْتَ رَوَاحَةَ سَأَلَتْنِي بَعْضَ المَوْهِبَةِ لهذا. قَالَ: " أَلَكَ وَلَدٌ سِوَاهُ؟ ". قَالَ: نَعَمْ. قَالَ: فَأُرَاهُ قَالَ: " لَا تُشْهِدْنِي عَلَى جَوْرٍ ". ولكن كما هو واضح ليس من رواية أبي قلابة عن النعمان، فلعله سهو من المصنف والله أعلم وانظر:"شرح البخاري" لابن بطال.
(5)
في (ر): يشتبه.
(6)
في النسخ المطبوعة: مشبهات.
(7)
من (ع).
العلماء يعرفونها؛ لأن الله تعالى جعل عليها دلائل يعرفها أهل العلم، ولهذا قال: لا يعلمها كثير من الناس، ولم يقل: لا يعلمها كل الناس أو واحد (1) منهم، وكل شيء أشبه الحلال من وجه والحرام من وجه فهو شبهة (2).
(فمن اتقى) أي: تحذر من الوقوع في (الشبهات استبرأ) بهمز آخره أي: حصل له البراءة لدينه من الذم الشرعي وصان عرضه (3)(لدينه وعرضه) عن كلام الناس فيه، ودينه إشارة إلى ما يتعلق بالله تعالى، وعرضه إشارة إلى ما يتعلق بالناس، أو دينه إشارة إلى الشرع، وعرضه إلى المروءة (ومن وقع في الشبهات) وتجاسر على الوقوع فيها واعتاده أداه ذلك إلى الحرام (وقع في الحرام) رواية: الجرأة (4)، كما قيل: المعاصي تسوق إلى الكفر.
استدل بعضهم على أن الشبهات حرام أو في حيز الحرام.
وقال بعضهم: الشبهات لا نقول (5) إنها حلال ولا حرام؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم جعل الشبهات غير الحلال والحرام فوجب أن يتوقف عندها، وهذا من باب الورع (6).
(1) في النسخ الخطية: واحدا. والمثبت موافق لما في "عمدة القاري".
(2)
انظر: "عمدة القاري" 1/ 467، و"معالم السنن" 3/ 49.
(3)
في (ر، ع): عر. وانظر: "عمدة القاري" 1/ 468.
(4)
لم أقف عليها.
(5)
في (ر): تقول. والمثبت هو الموافق لما في "شرح البخاري" لابن بطال.
(6)
انظر: "شرح البخاري" لابن بطال 6/ 165.
[3331]
(حدثنا محمد بن عيسى، حدثنا هشيم، أخبرنا عباد بن راشد) البزار، قواه أحمد (1).
(قال: سمعت سعيد بن أبي خيرة) نسخة: خير بفتح الخاء المعجمة وإسكان المثناة تحت البصري، وثق في "ثقات ابن حبان"(2) له عندهم هذا الحديث وهو مرفوع.
(قال: حدثنا الحسن منذ أربعين سنة عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال) لي (النبي صلى الله عليه وسلم وحدثنا وهب بن بقية) الواسطي، روى له مسلم (أنبأنا خالد) بن عبد الله (عن داود بن أبي هند) دينار مولى عبد الله بن عامر أحد الأعلام الثقات، استشهد به البخاري في كتاب الإيمان في باب: المسلم من سلم المسلمون (3). (وهذا لفظه عن سعيد بن أبي خيرة، [عن الحسن] (4) عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: ليأتين) اللام جواب قسم محذوف (على الناس زمان لا يبقى أحد)[من الناس](5)(إلا أكل الربا، فإن لم يأكله) أي: يأكل شيئًا من خالصه (أصابه من بخاره) أصل البخار هو ما يرتفع من الماء عند الغليان كالدخان، والماء لا يغلي إلا بالنار التي توقد تحته، ولما كان المأكول من الربا يعتبر نارًا يوم القيامة يغلي منه دماغ آكله ويخرج منه بخار ناسب أن يحصل
(1) انظر: "العلل"(2638)، "الجرح والتعديل" 6/ 406.
(2)
6/ 360.
(3)
(10).
(4)
سقطت من (ر).
(5)
سقطت من (ل).
البخار من أهل الربا والبخار إذا ارتفع انتشر في الجو وأصاب [كل من كان (1) حاضرًا وإن لم يكن أكل منه شيئًا (2)؛ ولهذا (قال) محمد (بن عيسى) في تفسير البخار (أصابه من غباره) ووجه الشبه بينهما أن الغبار إذا ارتفع من الأرض أصاب كل من كان حاضرًا وإن لم يكن أثاره كما يصيب البخار إذا انتشر من كان حاضرًا وإن لم يتسبب فيه بل كان مارًّا في الطريق، وهذا من معجزاته صلى الله عليه وسلم وإخباره عن المغيبات فقل من يسلم في هذا الزمان من أكل الربا حقيقةً فضلًا عن البخار والغبار. وسبب كثرته في هذا الزمان قلة العلم وكثرة الجهل بأحكام الربا ومعرفة أقسامه، فنجد المتدين (3) في بيعه يأكل منه وإن لم يعرف أنه ربا ويأثم آكله إذا نسب إلى تقصير، فمن باع واشترى ولم يعرف أحكام الربا أكل الربا شاء أم أبي (4).
[3332]
(حدثنا محمد بن العلاء، أنبأنا) عبد الله (ابن إدريس) بن يزيد الكوفي أحد الأعلام، كان يسلك في كثير من فتياه ومذاهبه مسلك أهل المدينة، وكان بينه وبين مالك صداقة، وقد قيل: إن (5) جميع ما يرويه مالك في "الموطأ": بلغني عن علي أنه سمعها من ابن إدريس.
(1) في (ل): من كل.
(2)
انظر: "فيض القدير" 5/ 346.
(3)
في (ر): المتعين.
(4)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 11/ 29.
(5)
في (ر): إنه.
وعن بشر الحافي: ما شرب أحد ماء الفرات فسلم إلا ابن إدريس (1). وعن الكسائي (2): قال لي الرشيد: من أقرأ الناس؟ فقلت: عبد الله بن إدريس (3).
(أنبأنا عاصم بن كليب) بن شهاب الكوفي قال أبو عبيد الآجري: قلت لأبي داود: ابن كليب ابن من؟ قال: ابن شهاب الجرمي كان من العباد، وذكر من فضله وأنه كان أفضل أهل الكوفة، استشهد به البخاري في "الصحيح"(4)، وروى له في رفع اليدين في الصلاة، وفي الأدب (5).
(عن أبيه) كليب ابن شهاب (عن رجل من الأنصار) رضي الله عنهم، لا يضر جهالة الصحابي فكلهم عدول لا سيما كونه من الأنصار (قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في جنازة) فيه خروج الأكابر لتشييع الجنازة (فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو على القبر) أي: على رأس حافر القبر (يوصي) بتشديد الصاد وتخفيفها (الحافر) قال شيخنا ابن حجر: رواه أحمد والبيهقي، وكذا وقع فيه: يوصي. بالواو والصاد، وذكر ابن المواق أن الصواب: يرمي. بالراء والميم، وأطال الكلام في ذلك (6).
(أوسع من قبل رجليه) فيه أن حفر القبر مشروع، وأن الحافر يبدأ في
(1) انظر: "تذكرة الحفاظ" 1/ 206، "غاية النهاية" 1/ 409.
(2)
في (ر): النسائي. والمثبت من (ل) و"تهذيب الكمال".
(3)
انظر: "تهذيب الكمال" 14/ 297.
(4)
(كتاب اللباس، باب: لبس القسي).
(5)
انظر: "تهذيب الكمال" 13/ 538.
(6)
"التلخيص الحبير" 2/ 296.
الحفر من موضع رجليه قبل موضع رأسه (أوسع من قبل رأسه) قال أصحابنا: يستحب أن يوسع القبر من قبل رأسه ورجليه لهذا الحديث، والمراد يوسعان أكثر من غيرهما (1) (فلما رجع) من دفن الميت (استقبله) رجل (داعي) أي: يدعو النبي صلى الله عليه وسلم إلى (امرأةٍ) لوليمةٍ.
(فجاء) النبي صلى الله عليه وسلم (وجيء بالطعام) يؤخذ منه أن المدعو إلى الوليمة إذا جلس واطمأن به المجلس جيء بالطعام ووضع بين يديه لا كما يفعل في بعض الولائم، بأن يوضح الطعام قبل أن يأتي الضيف (فوضع يده) النبي صلى الله عليه وسلم (ثم وضع القوم) أيديهم بعده، فيه أن من آداب الطعام أن لا يضع أحد من الحاضرين يده في الطعام إلا بعد كبير المجلس يده فيه، فأكلوا من الطعام.
(فنظر) روي: ففطن (2)(آباؤنا) أي: أكابرنا إلى (رسول الله صلى الله عليه وسلم) وهو (يلوك لقمة في فمه)(3) وفي بعض النسخ بالياء، وهو اللغة الفصحى، أي: يعلكها ولا يبتلعها، وفيه جواز نظر من يأكل معه على الطعام لحاجةٍ؛ فإن من آداب الأكل أن لا ينظر إلى من يأكل معه (ثم قال (رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني (أجد (4) لحم شاة أخذت بغير إذن أهلها) وجد أن هذا إما بإخبار لحم الشاة له كما أخبره لحم الشاة المسمومة الذي أهدته له اليهودية [أن الشاة مسمومة](5) فيكون هذا من المعجزات
(1) انظر: "المجموع" 5/ 287.
(2)
رواه أحمد 5/ 293 بلفظ: (ففطن له القوم).
(3)
في (ر): قميه.
(4)
في (ر): أخذ.
(5)
في (ر)، و (ل): إلى الشاة مضمومة، والمثبت من (ع) والخبر رواه أبو داود.
الظاهرة وإما بإلهام أو وحي من الله تعالى، فسمعت المرأة التي دعته إلى بيتها بذلك.
(فأرسلت المرأة: يا رسول الله، إني أرسلت إلى النقيع) بالنون وهو المرعى، وفي بعضها بالباء الموحدة وأصله الموضع الذي فيه أروم (1) الشجر من ضروب شتى، ومنه سمي ببقيع الغرقد (2)(يُشترى) بضم أوله مبني للمفعول (لي) منه (شاة) بالرفع نائب عن الفاعل (فلم أجد، فأرسلت إلى جار لي قد اشترى شاة) له (أن أرسل) بفتح الهمزة (بها إلى بثمنها) أي: بالثمن الذي اشتريتها به، وقد يستدل به على جواز بيع التولية وهو بيع جديد بالثمن الأول، لكن شرطه على الأصح أن يكونا عالمين بالثمن، فإن كانت الطالبة للمبيع عالمة بما اشتراها به فلا كلام، وإن كانت جاهلة (3) فيستدل به على القول المرجوح أنه يصح مع (4) الجهل؛ لأن الثمن فيه مبني على ثمن العقد الأول أو الرجوع إليه سهل فصار كطلب الشفيع الشفعة قبل العلم كذا علله الرافعي.
(فلم يوجد الجار فأرسلت إلى امرأته فأرسلت بها إلى) فيه أن تصرف المرأة في مال زوجها بما لم تجر (5) العادة في التسامح بمثله باطل، وإنما لم يأمرها بالرد إلى مالكها؛ لأن الشاة من المتقومات، فلما تصرفت فيها
(1) سقطت من (ر).
(2)
انظر: "معجم البلدان" 1/ 473.
(3)
في (ر): جاهلية. والمثبت من (ل).
(4)
في (ر): كبيع.
(5)
في النسخ الخطية: تجري، والجادة المثبت.
بالذبح والطبخ لم يبق للمالك إلا القيمة، وصار هذا الطعام من الشبهات كما بوب عليه المصنف؛ لأنها تصرفت في الشاة بغير إذن مالكها، ولهذا (قال صلى الله عليه وسلم: أطعميه الأسارى) بضم الهمزة جمع أسير، وفيه فضيلة الصدقة على الكافر الأسير، وقد مدح الله تعالى من أطعم الأسير في قوله تعالى:{وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَى حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا (8)} (1)، وإنما أمرها بالكفار دون المسلمين تنزيهًا (2) للمسلمين عن الشبهات، وقد يراد بالأسارى المسجونين في حبس المظالم والجرائم، وفيه الصدقة بما دخل إليه من الشبهات من بيع اضطر إليه ونحوه، وكذا من الحرام إذا لم يعلم صاحبه ولا يدخل هذا في حديث:"حتى يحب لأخيه ما يحب لنفسه"(3)؛ لأن الآخذ لا يعلم تحريمه وإن كان الأولى دفعه إلى الأسارى كما في الحديث.
* * *
(1) الإنسان: 8.
(2)
في (ر): تنزعها.
(3)
رواه البخاري (13) ومسلم (45) عن أنس بن مالك رضي الله عنه.