المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌12 - باب في الصلح - شرح سنن أبي داود لابن رسلان - جـ ١٤

[ابن رسلان]

فهرس الكتاب

- ‌كِتَاب البُيُوعِ

- ‌1 - باب في التِّجارَةِ يُخالِطُها الحَلِفُ واللَّغْوُ

- ‌2 - باب في اسْتِخْراجِ المَعادِنِ

- ‌3 - باب في اجْتِنابِ الشُّبُهاتِ

- ‌4 - باب في آكِلِ الرِّبا وَمُوكِلِهِ

- ‌5 - باب في وضْعِ الرِّبا

- ‌6 - باب في كَراهِيَةِ اليَمِينِ في البَيْعِ

- ‌7 - باب في الرُّجْحانِ في الوَزْنِ والوَزْن بِالأَجْرِ

- ‌8 - باب في قوْلِ النّبيِّ صلى الله عليه وسلم: "المِكْيالُ مِكْيالُ المَدِينَةِ

- ‌9 - باب في التَّشْدِيد في الدَّيْنِ

- ‌10 - باب في المَطْلِ

- ‌11 - باب في حُسْنِ القضاءِ

- ‌12 - باب في الصّرْفِ

- ‌13 - باب في حِلْيَةِ السَّيْفِ تُباعُ بِالدَّراهمِ

- ‌14 - باب في اقتِضاء الذّهَبِ مِنَ الوَرِقِ

- ‌15 - باب في الحَيوانِ بِالحيَوانِ نَسِيئة

- ‌16 - باب في الرُّخْصَةِ في ذلكَ

- ‌17 - باب في ذَلِكَ إِذا كانَ يَدًا بِيَدِ

- ‌18 - باب في التَّمْر بِالتَّمْرِ

- ‌19 - باب في المُزابَنَة

- ‌20 - باب في بَيعِ العرايا

- ‌21 - باب في مِقْدارِ العريَّة

- ‌22 - باب تَفْسير العَرايا

- ‌23 - باب في بَيع الثِّمارِ قَبْلَ أَنْ يَبْدُوَ صَلاحُها

- ‌24 - باب في بيْعِ السِّنِينَ

- ‌25 - باب في بَيْعِ الغَرَرِ

- ‌26 - باب في بَيْعِ المُضْطَرِّ

- ‌27 - باب في الشَّرِكَةِ

- ‌28 - باب في المُضاربِ يخالِفُ

- ‌29 - باب في الرَّجُلِ يَتَّجِرُ في مالِ الرَّجُلِ بغَيْرِ إذْنِهِ

- ‌30 - باب في الشَّرِكةِ عَلى غَيْر رَأْسِ مالٍ

- ‌31 - باب في المُزارَعَةِ

- ‌32 - باب في التَّشْدِيدِ في ذَلِك

- ‌33 - باب في زَرْعِ الأَرْضِ بغَيْرِ إِذْنِ صاحِبِها

- ‌34 - باب في المُخَابَرَةِ

- ‌35 - باب في المُساقاةِ

- ‌36 - باب في الخَرْصِ

- ‌أَبْوَابُ الإِجَارَةِ

- ‌1 - باب في كَسْبِ المُعَلِّمِ

- ‌2 - باب في كَسْبِ الأَطِبَّاءِ

- ‌3 - باب في كَسْب الحَجَّامِ

- ‌4 - باب في كَسْبِ الإِماء

- ‌5 - باب في حُلْوانِ الكاهِنِ

- ‌6 - باب في عَسْب الفَحْلِ

- ‌7 - باب في الصّائِغِ

- ‌8 - باب في العَبْد يُباعُ وَلَهُ مالٌ

- ‌9 - باب في التلقي

- ‌10 - باب في النَّهْى عَنِ النَّجْش

- ‌11 - باب في النَّهْي أَنْ يَبيعَ حاضِرٌ لِبادٍ

- ‌12 - باب مَنِ اشْتَرى مُصَرّاةً فكرِهَها

- ‌13 - باب في النَّهْى، عَنِ الحُكْرةِ

- ‌14 - باب في كسْرِ الدَّراهمِ

- ‌15 - باب في التَّسْعيرِ

- ‌16 - باب في النَّهْي عَنِ الغِشِّ

- ‌17 - باب في خِيارِ المُتَبايِعَيْنِ

- ‌18 - باب في فَضْلِ الإِقالَةِ

- ‌19 - باب فِيمَنْ باع بيْعتَيْنِ في بَيْعةٍ

- ‌20 - باب في النَّهْي عَن العِينَة

- ‌21 - باب في السَّلَفِ

- ‌22 - باب في السَّلَمِ في ثَمَرَةٍ بِعَيْنِهَا

- ‌23 - باب السَّلَفِ لا يُحَوَّلُ

- ‌24 - باب في وَضْعِ الجَائِحَةِ

- ‌25 - باب في تَفْسِيرِ الجَائِحَةِ

- ‌26 - باب في مَنْعِ المَاءِ

- ‌27 - باب في بَيْعِ فَضْل المَاءِ

- ‌28 - باب في ثَمَنِ السِّنَّوْرِ

- ‌29 - باب في أَثْمَانِ الكِلَابِ

- ‌30 - باب في ثَمَنِ الخَمْرِ والمَيْتَةِ

- ‌31 - باب في بَيع الطَّعامِ قَبْلَ أَنْ يُسْتوْفَى

- ‌32 - باب في الرَّجُلِ يقُولُ في البَيْع: لا خِلابَة

- ‌33 - باب في العُرْبانِ

- ‌34 - باب في الرَّجُلِ يَبِيعُ ما لَيْسَ عِنْدَهُ

- ‌35 - باب في شَرْطٍ في بَيْعٍ

- ‌36 - باب في عُهْدةِ الرَّقِيقِ

- ‌37 - باب فيمَنِ اشْتَرى عَبْدًا فاسْتَعْمَلَهُ ثُمَّ وَجدَ بِهِ عَيْبًا

- ‌38 - باب إذا اخْتَلَفَ البَيِّعانِ والمبِيعُ قائِمٌ

- ‌39 - باب في الشُّفْعةِ

- ‌40 - باب في الرّجُلُ يُفْلِسُ فَيَجِدُ الرَّجُلُ مَتاعَهُ بِعَيْنِهِ عِنْدَهُ

- ‌41 - باب فِيمَنْ أَحْيا حَسِيرًا

- ‌42 - باب في الرَّهْنِ

- ‌43 - باب في الرّجُلِ يأكُلُ مِنْ مالِ ولَدهِ

- ‌44 - باب في الرَّجُلِ يَجِدُ عينَ مالِهِ عنْدَ رَجُلٍ

- ‌45 - باب في الرَّجُلِ يأْخُذُ حَقَّهُ مِنْ تحْتِ يدِه

- ‌46 - باب في قَبُولِ الهدايا

- ‌47 - باب الرُّجُوعِ في الهِبَةِ

- ‌48 - باب في الهَدِيَّةِ لِقَضاءِ الحاجَةِ

- ‌49 - باب في الرَّجُلِ يُفَضِّل بَعْضَ وَلَدِهِ في النُّحْلِ

- ‌50 - باب في عَطِيَّةِ المَرْأةِ بغَيْر إِذْنِ زَوْجِها

- ‌51 - باب في العُمْرى

- ‌52 - باب مَنْ قال فِيهِ: وَلعَقِبِهِ

- ‌53 - باب في الرُّقْبَى

- ‌54 - باب في تضْمِينِ العارِيَّةِ

- ‌55 - باب فِيمنْ أَفْسَد شَيْئًا يَغْرَمُ مِثْلهُ

- ‌56 - باب المَواشي تُفْسِد زَرْعَ قَوْمٍ

- ‌كِتَابُ الأَقْضَيِةِ

- ‌1 - باب في طَلَبِ القَضاءِ

- ‌2 - باب في القاضي يُخْطِئُ

- ‌3 - باب في طَلَبِ القَضاءِ والتِّسَرُّعِ إِلَيْهِ

- ‌4 - باب في كَراهِيَةِ الرِّشْوَةِ

- ‌5 - باب في هَدايا العُمّالِ

- ‌6 - باب كَيْفَ القَضاءُ

- ‌7 - باب في قَضاءِ القاضي إِذا أَخْطَأَ

- ‌8 - باب كَيْفَ يَجْلِسُ الخَصْمان بينَ يَدى القاضي

- ‌9 - باب القاضي يَقْضي وَهو غَضْبانُ

- ‌10 - باب الحكْمِ بينَ أَهْل الذّمَّةِ

- ‌11 - باب اجتِهادِ الرَّأي في القَضاءِ

- ‌12 - باب في الصُّلْح

- ‌13 - باب في الشَّهاداتِ

- ‌14 - باب فِيمَنْ يُعِينُ عَلى خصومَةٍ مِنْ غيْرِ أن يَعْلَمَ أمْرَها

- ‌15 - باب في شَهادةِ الزُّورِ

- ‌16 - باب منْ ترَدُّ شهادَته

- ‌17 - باب شَهادَة البَدَويِّ عَلَى أهْلِ الأَمْصارِ

- ‌18 - باب الشَّهادَةِ في الرَّضاعِ

- ‌19 - باب شَهادةِ أَهْلِ الذِّمَّةِ وَفي الوَصِيَّة في السَّفَرِ

- ‌20 - باب إِذا عَلِمَ الحاكِمُ صِدْق الشّاهِدِ الواحدِ يَجُوز لَه أَنْ يَحْكمَ به

- ‌21 - باب القَضاء بِاليَمينِ والشّاهِد

- ‌22 - باب الرّجُلَيْنِ يَدَّعِيانِ شَيْئًا وَلَيْسَتْ لَهُما بيِّنَةٌ

الفصل: ‌12 - باب في الصلح

‌12 - باب في الصُّلْح

3594 -

حَدَّثَنا سُلَيْمانُ بْن داوُدَ المَهْريُّ، أَخْبَرَنا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَني سلَيْمان بْنُ بِلالٍ ح، وَحَدَّثَنا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الواحِدِ الدمَشْقيُّ، حَدَّثَنا مَرْوانُ- يَعْني ابن محَمَّدٍ - حَدَّثَنا سلَيْمان بْن بِلال أَوْ عَبْدُ العَزِيزِ بْنُ محَمَّدٍ -شَكَّ الشَّيْخُ- عَنْ كَثِيرِ بْنِ زَيْدٍ، عَنِ الوَلِيدِ بْنِ رَباح، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ قالَ: قالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "الصُّلْحُ جائِز بَيْنَ المُسْلِمِينَ". زادَ أحْمَد: "إلَّا صُلْحًا أَحَلَّ حَرامًا أَوْ حَرَّمَ حَلالاً". وَزادَ سُلَيْمانُ بْن داوُدَ وقالَ رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم: "المُسْلِمُونَ عَلَى شُرُوطِهِمْ"(1).

3595 -

حَدَّثَنا أَحْمَدُ بْن صالِحٍ، حَدَّثَنا ابن وَهْبٍ أَخْبَرَني يونسُ، عَنِ ابن شِهابٍ، أَخْبَرَني عَبْدُ اللهِ بْنُ كَعْبِ بْنِ مالِك أنَّ كَعْبَ بْنَ مالِكٍ أَخْبَرَه أَنَّهُ تَقاضَى ابن أَبي حَدْرَدٍ دَيْنًا كانَ لَهُ عَلَيْهِ في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في المَسْجِدِ فارْتَفَعَتْ أَصْواتُهُما حَتَّى سَمِعَهُما رَسول اللهِ صلى الله عليه وسلم وَهُوَ في بَيْتِهِ فَخَرَجَ إِلَيْهِما رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم حَتَّى كَشَفَ سِجْفَ حجْرَتِهِ وَنادى كَعْبَ بْنَ مالِكٍ فَقالَ:"يا كعْبُ". فَقالَ لَبَّيْكَ يا رَسُولَ اللهِ. فَأَشارَ لَهُ بِيَدِهِ أَنْ ضَعِ الشَّطْرَ مِنْ دَيْنِكَ قالَ كَعْب: قَدْ فَعَلْت يا رَسولَ اللهِ. قالَ النَّبي صلى الله عليه وسلم: "قُمْ فاقْضِهِ"(2).

* * *

باب في الصُّلح

[3594]

(ثنا سليمان بن داود المهري) بفتح الميم (أنا) عبد الله (ابن وهب، قال أخبرني سليمان بن بلال) القرشي التَّيميُّ (ح، وحدثنا أحمد بن

(1) رواه أحمد 2/ 366.

وحسنه الألباني في "الإرواء"(1420).

(2)

رواه البخاري (457)، ومسلم (1558).

ص: 652

عبد الواحد) التميمي (الدّمشقيُّ) بكسر الدال وفتح الميم، ثقة.

(ثنا مروان بن محمد) الدّمشقيُّ الطاطري [كان](1) عبداً قانتًا، ثقة، أخرج له مسلم (ثنا سليمان بن بلال) المدني مولى عبد الله بن أبي عتيق (أو عبد العزيز بن محمد) الدراوردي (شك الشيخ) أو أحد شيخيه (عن كثير بن زيد) الأسلمي المدني. قال أبو زرعة: صدوق (2). وقالَ ابن معين: ثقة (3). ورواه أحمد من حديث سليمان بن بلال، عن العلاء، عن أبيه، عن أبي هريرة (4).

(عن الوليد بن رباح) بفتح الراء والموحدة، مدني صدوق.

(عن أبي هريرة رضي الله عنه، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الصلح) هل هو عام أو مختص؟ (5) وجهان مرويان في "البحر"، وهو على أصناف: صلح بين المسلمين والكفار وهو الهدنة، وصلح بين أهل البغي والعدل، وصلح بين الإخوان المتخاصمين، وصلح بين الزوجين عند الشقاق، وصلح بين المتداعيين في الأموال، فتارة يكون على الإنكار، وتارة يكون بمعنى البيع والإجارة والصرف، ولكل صنف منها أصل على حدته في الكتاب والسنة.

وهذا الحديث يتناول مجموعها لعمومه، ومما يدل على العموم

(1) زيادة يقتضيها السياق.

(2)

"الجرح والتعديل" 7/ 150.

(3)

"الجرح والتعديل" 7/ 150، وفيه: ليس بذاك القوي. "معرفة الرجال" 1/ 70، وفيه: ضعيف.

(4)

هو في "المسند" 2/ 366 من نفس طريق أبي داود.

(5)

في (ل)، (م) ما يشبه: مجمل، والمثبت هو الصواب.

ص: 653

مجيء الاستثناء بعده، فإن الاستثناء معيار العموم، وإذا قلنا بعمومه فالمراد به الصلح الحقيقي الذي تركن إليه النفوس ويزول به الخلاف، وترك المنازعة.

(جائز) هذا من الجواز الذي يعم الواجب والمندوب والمباح، لا الجواز المستوي الطرفين، فإن الصلح يكون مندوبًا إليه كقوله تعالى:{وَالصُّلْحُ خَيْرٌ} (1) ويكون جائزًا، ويكون واجبًا، كما في بعض صور الصلح بين الزوجين إذا اشتد الشقاق بينهما، وبعث الحاكم حكمًا من أهله وحكمًا من أهلها، وهو ظاهر الأمر في قوله تعالى {وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا} (2).

(بين المسلمين) هذا لا يختص بالمسلمين، بل الصلح بين الكافر والذمي والمسلم جائز أيضاً، فهذا مما خرج مخرج الغالب، فمفهوم صفة المسلمين غير معمول به.

(زاد أحمد) بن عبد الواحد [على](3) سليمان المهري (إلا صلح) بالرَّفع هكذا في نسخ أبي داود والترمذي (4)، وهو على البدل، فإنَّه استثناء منقطع من الأول، ويجوز النصب. والتقدير: لكن صلح أحلَّ حراماً أو حرَّم حلالًا غير جائز.

(أحلَّ حرامًا) كان يصالح مما ادَّعاه على خمر، أو خنزير، أو من دين

(1) النساء: 128.

(2)

الحجرات: 9.

(3)

ليست في النسخ أثبتناها ليستقيم السياق.

(4)

"سنن الترمذي"(1352) من حديث كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف المزني عن أبيه عن جده، وفيه:(إلا صلحًا) بالنصب.

ص: 654

حال على مؤجل، أو من دراهم على أكثر منها.

ومنه الصلح على إشراع جناح في الطريق؛ لأن الهواء لا يفرد بالعقد، وإنما يتبع القرار كالحمل مع الأم، ومنه الصلح على أن يبني في الطريق دكة أو حائطا ونحوه (أو حرم حلالاً) كان يصالح زوجته على أن يطلقها، أو لا يتزوج عليها، أو لا يبيت عند ضرتها.

(وزاد سليمان بن داود) المهري في روايته (وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم) هذِه الزيادة ذكرها الترمذي، وقال في آخرها: حديث حسن صحيح (1). ولم يتابع الترمذي على تصحيحه، فإن كثيرًا تكلم فيه الأئمة وضعفوه، وضرب الإمام أحمد على تصحيحه في "المسند" ولم يحدث به.

و(المسلمون على شروطهم) وفي رواية: "والمؤمنون على شروطهم"(2) أو "عند شروطهم" أي: ثابتون عليها وواقفون عليها لا يرجعون عنها، وهذا اللائق بهم، الشاهد به إسلامهم أو إيمانهم، وفي إثباتهم بـ (على) إشارة إلى علو مرتبتهم، وفي وصفهم بالإسلام أو الإيمان ما يقتضي الوفاء بالشّرط ويحث عليه؛ فلهذا خصهم بالذكر، وإن كان كل أحد مأمور بذلك. قال المنذري: وهذا في الشروط الجائزة دون الفاسدة، وهو من باب ما أمر فيه بالوفاء بالعقود (3). يعني: عقود الدين، وهو ما يعقده المرء على نفسه، ويشترط الوفاء به من مصالحة ومواعدة وتمليك وعقد وتدبير وبيع

(1)"سنن الترمذي"(1352).

(2)

رواه الديلمي في "مسند الفردوس" كما في "الفردوس بمأثور الخطاب" 4/ 191.

(3)

بل هو كلام الخطابي انظر: "معالم السنن" 4/ 154.

ص: 655

وإجارة ومناكحة وطلاق.

وزاد الترمذي بعد قوله (على شروطهم): "إلا [شرطًا] (1) حرم حلالًا أو أحل حراماً"(2). يعني: فإنَّه لا يجب الوفاء به، بل لا يجوز؛ لحديث:"كل شرط ليس في كتاب الله فهو باطل"(3). وحديث: "من عمل عملًا ليس عليه أمرنا فهو رد"(4). فشرط نصرة الظالم والباغي وشن الغارات على المسلمين من الشروط الباطلة المحرمة.

[3595]

(ثنا أحمد بن صالح) الطبري المصري شيخ البخاري (ثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس، عن ابن شهاب قال: أخبرني عبد الله بن كعب بن مالك) السلمي، أخرج له الشيخان.

(أَنَّ) أباه (كعب بن مالك رضي الله عنه أخبره أنه) أي: أن كعبًا (تقاضى) من أبي محمد عبد الله (ابن أبي حدرد) الأسلمي يعد في أهل المدينة، واسم أبي حدرد سلامة (دينًا كان له عليه) أي: سأل ابن أبي حدرد أن يقضيه دينه الذي له عليه (في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد) فيه: جواز مطالبة الدين في المسجد (فارتفعت أصواتهما) لفظ مسلم: فارتفعت أصواتهم (5)(حتى سمعها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو في بيته) ولم ينكر عليهم، فكان ذلك دليلًا على استباحة مثل ذلك في المسجد ما لم يتفاحش، فإن تفاحش

(1) في (ل): شرط. والمثبت من "سنن الترمذي".

(2)

"سنن الترمذي"(1352) من حديث عمرو بن عوف المزني.

(3)

رواه البخاري (3929)، ومسلم (1504/ 8) من حديث عائشة، وسيأتي عند أبي داود (3929) باختلاف يسير.

(4)

رواه مسلم (1718/ 18) من حديث عائشة.

(5)

"صحيح مسلم"(1558) وفيه: أصواتهما. كما في أبي داود.

ص: 656

كان ذلك ممنوعًا؛ لنهيه صلى الله عليه وسلم عن رفع الأصوات في المساجد.

(فخرج إليهما رسول الله صلى الله عليه وسلم) فيه استحباب كون منزل إمام المسجد مجاورًا له؛ ليعلم بما يحدث فيه من الحوادث، وليكون ذلك سببًا لمواظبته على الإمامة؛ لأن منزله إذا بعد عن المسجد ربَّما شق عليه حضوره في كثرة الأمطار، أو شدة الحر ونحو ذلك إلى تعطل الإمامة، ففي جواره المسجد كما في منزل كاتبه فوائد كثيرة، وهذا أحدها، إذ لو لم يكن منزل رسول الله صلى الله عليه وسلم مجاورًا له لما علم بذلك.

(حتى كشف سجف) بكسر السين المهملة وفتحها لغتان، وسكون الجيم، وهو الستر، وقيل: الرقيق منه يكون في مقدم البيت، ولا يسمى سجفًا إلا أن يكون مشقوق الوسط كالمصراعين (حجرته) وهو البيت الذي عليه حاجب (ونادى كعب) مفعول (بن مالك، فقال: يا كعب) بضم الباء، منادى مفرد (فقال: لبيك يا رسول الله، فأشار إليه بيده أن ضع) فيه دليل على أن الإشارة المفهمة بمنزلة الكلام؛ لأنها دلالة على الكلام كالحروف والأصوات، فيصح بيع الأخرس وشراؤه وإجارته وعقوده إذا فهم ذلك عنه، ويكون في إشارته صريح وكناية، فالصريح ما يفهمه كل الناس، والكناية ما يفهمه الفطن دون غيره.

(الشطر) هو النصف على المشهور، ووقع في حديث الإسراء ما يدل على أن الشطر يطلق على الجزء (1)، ويقال فيه: شطر وشطير مثل نصف ونصيف، وهذا لفظ أمر، والمراد به الإرشاد إلى الصلح، وفيه فضيلة

(1) رواه البخاري (349) كتاب الصلاة، باب كيف فرض الصلاة، ومسلم (163).

ص: 657

الشفاعة في ترك بعض الدين إلى صاحب الحق، وفيه فضيلة الصلح بين الخصوم وحسن التوسط بينهم.

(قال) كعب بن مالك (قد فعلت، يا رسول الله) وفيه: جواز الصلح على الإقرار؛ لأن نزاعهما لم يكن في أصل الدين، وإنما كان في التقاضي وهو متَّفقٌ، وإنما اختلفوا في الصلح على الإنكار، فأبطله الشافعي (1)، وصححه مالك (2) وأبو حنيفة (3). وفيه صحة الصلح بلفظ:(قد فعلت) وفيه أن الصلح على بعض الدين المدّعى إبراء.

(قال النبي صلى الله عليه وسلم: قم فاقضه) هذا أمر على جهة الوجوب؛ لأن رب الدين لما طاوع بوضع الشطر تعين على المديان أن يقوم بما بقي عليه؛ لئلا يجتمع على رب الدين وضيعة ومطل، وهكذا ينبغي أن يبت الأمر بين المتصالحين، فلا يترك بينهما في الصلح علقة ما أمكن.

* * *

(1)"الأم" 8/ 256.

(2)

"المدونة" 3/ 387.

(3)

انظر: "مختصر اختلاف العلماء" 4/ 195.

ص: 658