الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
24 - باب في وَضْعِ الجَائِحَةِ
3461 -
حَدَّثَنَا قُتَيْبَةُ بْن سَعِيدٍ، حَدَّثَنَا اللَّيْث، عَنْ بُكَيْرٍ، عَنْ عِياضِ بْنِ عَبْدِ اللهِ، عَنْ أَبي سَعِيدٍ الخُدْريِّ أَنَّهُ قال: أُصِيبَ رَجُلٌ في عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم في ثِمَارٍ ابْتاعَهَا فَكَثَرَ دَيْنُهُ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"تَصَدَّقُوا عَلَيْهِ". فَتَصَدَّقَ النَّاسُ عَلَيْهِ فَلَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ وَفاءَ دَيْنِهِ فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "خُذُوا ما وَجَدْتُمْ وَلَيْسَ لَكُمْ إِلَّا ذَلِكَ"(1).
3470 -
حَدَّثَنَا سُلَيْمانُ بْنُ داوُدَ المَهْريُّ وَأَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الهَمْدانِيُّ قَالَا، أَخْبَرَنَا ابن وَهْبٍ قالَ: أَخْبَرَنِي ابن جُرَيْجٍ ح وَحَدَّثَنا محَمَّدُ بْنُ مَعْمَرٍ، حَدَّثَنَا أَبُو عاصِمٍ، عَنِ ابن جُرَيْجٍ - المَعْنَى - أَنَّ أَبا الزُّبَيْرِ المَكِّيَّ أَخْبَرَهُ، عَنْ جابِرِ بْنِ عَبْدِ اللهِ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"إِنْ بِعْتَ مِنْ أَخِيكَ تَمْرًا فَأَصَابَتْها جَائِحَةٌ فَلا يَحِلُّ لَكَ أَنْ تَأْخُذَ مِنْهُ شَيْئًا بِمَ تَأْخُذُ مالَ أَخِيكَ بِغَيْرِ حَقٍّ"(2).
* * *
باب في وضع الجائحة
[3469]
(حَدَّثَنَا قتيبة بن سعيد، حَدَّثَنَا الليث، عن بكير) بن عبد الله (عن عياض بن عبد الله) بن سعد بن أبي سرح (عن أبي سعيد الخدري) رضي الله عنه (أنه قال: أصيب رجل في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم في ثمار ابتاعها) وكذا في زرع اشتراه بعد بدو صلاحه وتسلمه بالتخلية الشرعية فعرض لها مهلك سماوي اجتاحها، كصاعقة أو حر أو برد أو برَد أو جراد ونحوه (فكثر) هذِه الفاء فاء السببية أي: فلأجل الجائحة التي أهلكت الثمار
(1) رواه مسلم (1556).
(2)
رواه مسلم (1554).
التي اشتراها، ولم ينتفع بها كثر (دينه) أي ديونه من ثمن الثمار. فيه حذف تقديره: فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم (قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تصدقوا عليه) فيه استحباب الصدقة على من أصيب في ماله بنهب، أو حرق، أو غرق، أو بصاعقة، أو قطع طريق، والحث على ذلك من أكابر العلماء والصادقين (1) ممن يرغب في قبول قولهم من غير تعيين أحد (2) يعطيه [شيئا معينا](3).
(فتصدق الناسُ عليه، فلم يبلغ ذلك) الذي تصدق به عليه (وفاء دينه) كله (فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خذوا ما وجدتم) من ماله، مما تصدق به عليه ومن غيره مما لكم في ذمته من الدين، الذي هو عن الثمار التي أصابتها الجائحة، ولم يوضع شيء منها عن المشتري؛ لأنها كلها من ضمانه، إذ لو كانت من ضمان البائع لأسقط (4) النبيُّ صلى الله عليه وسلم "الديون التي لحقته من ثمن الثمار التالفة، ولأن التخلية كافية في جواز التصرف، فكانت كافية في نقل الضمان قياسًا على العقار وغيره، وهذا هو الجديد من مذهب الشافعي رضي الله عنه ومذهب أبي حنيفة والليث وآخرين (5).
وأجاب القائلون بأنها من ضمان البائع عن هذا الحديث، وقوله فيه:
(1) في (ر): فالصادقين.
(2)
في (ر): أخذ.
(3)
في (ر)، (ل):(شيء معين).
(4)
في (ر)، (ل):(لأسقطها).
(5)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 10/ 216، "مغني المحتاج إلى معرفة ألفاظ المنهاج" للشربيني الخطيب 2/ 92.
فكثر دينه .. إلى آخره [بأنه يحتمل أنها تلفت بعد أوان الجذاذ، وتفريط المشتري في تركها بعد ذلك على الشجر؛ فإنها حينئذ تكون من ضمان المشتري، قالوا: ولهذا قال صلى الله عليه وسلم يه في آخر الحديث (وليس لكم) الآن (إلا ذلك) ولو كانت الجوائح لا توضع لكان لهم طلب بقية الدين.
وأجاب الآخرون عن هذا بأن معناه: ليس لكم الان إلا هذا، ولا تحل لكم مطالبته مادام معسرا، بل ينظر إلى ميسرة] (1).
[3470]
(حَدَّثَنَا سليمان بن داود المهري وأحمد بن سعيد الهمداني) بإسكان الميم نسبة إلى همدان بن واثلة (قالا: حَدَّثَنَا ابن وهب، قال: أخبرني ابن جريجٍ. وحَدَّثَنَا محمد بن معمر، حَدَّثَنَا أبو عاصم) الضحاك النبيل (عن ابن جريجٍ، المعنى، أن أبا الزبير) محمد بن مسلم (المكي أخبره، عن (2) جابر بن عبد الله رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن بعت من أخيك ثمرًا) بفتح المثلثة والميم (فأصابتها) فأصابته (جائحة) وهي الآفة التي تصيب الثمار فتهلكها (فلا يحل لك أن تأخذ منه شيئًا) بسبب الجائحة. استدل به على أن الثمرة من ضمان البائع، فإذا أصابتها جائحة يوضع ثمنها عن المشتري لزومًا، وأفتى به عمر بن عبد العزيز، وهو قول أحمد وأبو عبيد، وقاله الشافعي في القديم؛ لأن
(1) ما بين المعقوفين هو ما ورد في "شرح مسلم" للنووي 10/ 217 وقد وردت هذِه العبارة في (ر)، (ل) هكذا:(وليس لكم الآن إلا ذلك، ولا يحل لكم مطالبته مادام معسرا بل نظرة إلى ميسرة؛ فإنه يحتمل أنها تلفت بعد أوان الجذاذ وتفريط المشتري في تركها بعد ذلك على الشجر فإنها حينئذ تكون من ضمان المشتري، قالوا ولهذا قال آخر الحديث (ليس لكم إلا ذلك). وأجاب الآخرون عن هذا بأن معناه).
(2)
زاد هنا في (ل): طاوس.
التسليم لم يتم بالتخلية بدليل أن البائع يلزمه سقي الأشجار بلا خلاف (1)، وإذا كان نمو الثمار [به] أشعر ببقاء علقه على البائع من حق العقد (بم) أصله بما حذف ألف ما الاستفهامية منه فرقًا بينها وبين الإخبار (تأخذ مال أخيك بغير حق؟ ) أي: أن المال لا يؤخذ إلا في مقابلة مال، فإذا هلكت الثمرة التي اشتراها، أدى ذلك إلى أخذ المال بغير حق.
واستدل القائلون بوضع ثمن الجائحة أيضًا بما رواه مسلم من حديث جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم أمر بوضع الجوائح (2).
وفي لفظ النسائي أن النبي صلى الله عليه وسلم وضع الجوائح (3).
قال إمام الحرمين في "النهاية": عرض هذا الحديث على الشافعي فقال: هذا الحديث رواه سفيان بن عيينة، عن حميد بن قيس، عن سليمان بن عتيق، عن جابر مرارًا، ولم يذكر وضع الجوائح، [ثم روى وضع الجوائح](4)، وقال: كان قبله كلام فنسيته، فلعل الكلام الذي قبله شيء يدل على أن وضع الجوائح مستحب، لا واجب. ثم قال الشافعي: لولا أن سفيان وهَّن الحديث الذي رواه لقلت به (5).
* * *
(1) انظر: "شرح السنة" للبغوي 8/ 100.
(2)
(1554).
(3)
7/ 265.
(4)
ساقطة من (ر).
(5)
انظر: "نهاية المطلب في دراية المذهب" 5/ 159.