الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
9 - باب في التلقي
3436 -
حدثنا عَبْدُ اللهِ بْنُ مَسْلَمَةَ القَعْنَبيُّ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ نافِعٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قالَ:"لا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ وَلا تَلَقَّوُا السِّلَعَ حَتَّى يُهْبَطَ بِها الأَسْواقَ"(1).
3437 -
حدثنا الرَّبِيعُ بْن نافِعٍ أَبُو تَوْبَةَ، حدثنا عُبَيْدُ اللهِ -يَعْني ابن عَمْرٍو الرَّقّيَّ- عَنْ أَيُّوبَ، عَنِ ابن سِيرِينَ، عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ أَنَّ النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم نَهَى عَنْ تَلَقّي الَجلَبِ، فَإِنْ تَلَقّاهُ مُتَلَقٍّ مُشْتَرٍ فاشْتَراهُ فَصاحِبُ السِّلْعَةِ بِالخِيارِ إِذا وَرَدَتِ السُّوقَ.
قالَ أَبُو عَليٍّ: سَمِعْتُ أَبا داوُدَ يقول: قال سُفْيانُ: لا يَبعْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَيْعِ بَعْضٍ أَنْ يَقُولَ: إِنَّ عِنْدي خَيْرًا مِنْهُ بِعَشْرَةٍ (2).
* * *
باب في التلقي
[3436]
(حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي، عن مالك، عن نافع، عن عبد الله بن عمر، أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يبيع) كذا للأكثر بإثبات الياء (3) في يبيع، على أن لا فيه نافية، وهو خبر بمعنى النهي، ويحتمل أن تكون ناهية وأشبعت الكسرة، كقراءة البزي عن ابن كثير:{إنه من يتقي ويصبر} (4)، ويؤيده رواية الكشميهني في البخاري:"لا يبع"(5). بصيغة
(1) رواه البخاري (2165)، ومسلم (1514، 1517).
(2)
البخاري (2162)، ومسلم (1519).
(3)
في (ر): الراء.
(4)
يوسف: 90، وانظر:"حجة القراءات" لعبد الرحمن بن زنجلة ص 364.
(5)
(2574).
النهي وحذف الياء، وفي رواية:"لا يبتاع"(1)(بعضكم) أي بعض المسلمين؛ فإنهم المخاطبون "على بيع بعض" وفي رواية الصحيحين: "على (2) بيع أخيه (3) ". وظاهر التقييد بأخيه يدل على أن النهي يختص بالمسلم، كما أن "بعضكم" ظاهر الخطاب للمسلم، وبه قال الأوزاعي وأبو عبيد بن جويرية من الشافعية. وأصرح من ذلك رواية مسلم عن أبي هريرة:"لا يسوم المسلم على سوم المسلم"(4).
وقال الجمهور: لا فرق في ذلك بين المسلم والذمي، وذكر الأخ (5) خرج للغالب فلا مفهوم له، كما قال تعالى:{وَرَبَائِبُكُمُ} (6).
قال العلماء: البيع على بيع غيره حرام؛ لما فيه من الإيذاء والعداوة، والمراد به قبل لزوم العقد، أي: في زمن خيار المجلس والشرط، وقيده العلماء بذلك؛ لأنه يتمكن بذلك [من](7) الفسخ، أما بعد لزوم العقد فلا معنى له؛ لأنه (8) لا يتمكن من الفسخ، نعم لو أمكن الفسخ لأحدهما بأن اطلع على عيبٍ بعد لزوم العقد، ولم يكن
(1)"صحيح البخاري"(2052).
(2)
في (ر): عن.
(3)
البخاري (2032) ومسلم (1412).
(4)
(1413) بلفظ لا يسم.
(5)
سقط من الأصل.
(6)
النساء: 23 وانظر: "عمدة القاري" 11/ 367.
(7)
في النسخ: في. ولعل المثبت هو الصواب.
(8)
سقط من (ر).
التأخير مضرًّا، بأن (1) كان في ليل، والمتجه إلحاقه بالتحريم مع أنه بعد التحريم (2).
(ولا تلقوا السلع) بفتح التاء واللام وتشديد القاف المفتوحة وضم الواو، وأصله: تتلقوا، فحذفت إحدى التاءين، أي: لا تستقبلوا الذين يحملون السلع إلى البلد للاشتراء منهم.
وظاهر النهي: المنع من التلقي مطلقًا سواء كان قريبًا أم بعيدًا، سواء كان لأجل الشراء منهم أم لا (3)، فلو خرج إلى شغل آخر، ولم [يقصد](4) التلقي فاشترى لا يحرم، لكن الأصح خلافه (5).
ولو تلقى الركبان ليبيعهم ما يقصدون (6) شراءه من البلد فهل هو كالتلقي للشراء؟
فيه وجهان في الرافعي و"الروضة" و"الكفاية" من غير ترجيح (7).
(حتى يهبط) بضم أوله وفتح ثالثه (بها) إلى (الأسواق) ظاهر الحديث اعتبار السوق مطلقًا، وهو المعروف عند المالكية، وهو قول أحمد وإسحاق، وعن الليث كراهة التلقي ولو في الطريق ولو على باب
(1) في (ر): بل. والمثبت من (ل).
(2)
انظر: "مغني المحتاج" للشربيني 2/ 103، "أسنى المطالب" 4/ 98.
(3)
انظر: "فتح الباري" 12/ 285.
(4)
في (ل): يصر وفي (ر): يضر. والمثبت من "روضة الطالبين".
(5)
انظر: "روضة الطالبين" للنووي 3/ 80.
(6)
في (ر): يقصرون.
(7)
انظر: "فتح العزيز شرح الوجيز" 4/ 129.
البيت حتى يدخل السوق (1)، وصرح ابن المنذر بالتحريم بالتلقي في البلد خارج السوق، وعبارة "الحاوي الصغير" للشافعية توافقه حيث (2) قال: ويشتري متاع غريب لم يعرف السعر (3).
[3437]
(وحدثنا الربيع بن نافع أبو توبة) الحلبي، روى له البخاري، عن الحسن بن الصباح، عنه عن معاوية بن سلام (4)(حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي) أبو وهب (عن أيوب، عن ابن سيرين، عن أبي هريرة) رضي الله عنه (أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى (5) عن تلقي الجلب) أي: تلقي من جلب سلعة ليبيعها.
قال ابن دقيق العيد (6): اختلف في حد التلقي الممنوع، فعن مالك كراهة ذلك على يومين، وعن مالك إباحته على ستة أميال، ولا خلاف في منعه إذا كان قرب الضرر] (7) وأطرافه (8).
وحمل بعض الشافعية النهي على أن يبتدئ المتلقي، فيطلب من الجالب البيع، فلو ابتدأ الجالب بطلب (9) البيع، فاشترى منه المتلقي، لم يدخل في النهي (10).
(1) انظر: "فتح الباري" 4/ 376.
(2)
في (ر): خير.
(3)
انظر: "أسنى المطالب" 4/ 94.
(4)
(4965).
(5)
قبلها في النسخ: قال:
(6)
هو من كلام القاضي، كما سيأتي.
(7)
في النسخ: (قريب المصر). والمثبت من "إكمال المعلم".
(8)
انظر: "إكمال المعلم بفوائد مسلم" للقاضي عياض 5/ 140.
(9)
سقط من الأصل.
(10)
انظر: "فتح الباري" 4/ 375.
(فإن تلقاه متلقٍ (1) فاشتراه) قال في البخاري: فبيعه -يعني لمن اشتراه- مردود. قال: لأن صاحبه عاصٍ آثم إذا كان به عالمًا، وهو خداع في البيع، والخداع لا يجوز (2). وجزم البخاري بأن البيع مردود بناء على أن النهي يقتضي الفساد، لكن محل ذلك عند المحققين فيما يرجع فيه النهي إلى ذات المنهي عنه، لا ما (3) إذا كان النهي يرجع إلى أمر خارج عنه، فيصح البيع ويثبت الخيار (4)، ولهذا قال بعده:(فصاحب السلعة بالخيار) لأن النهي لا يرجع إلى نفس العقد، بل لأمرٍ خارج عنه، وهو حصول الضرر بالركبان؛ لما يحصل لهم من الغبن وغيره، وإذا كان النهي لأمرٍ خارج فلا يخل (5) بشيء من أركانه وشرائطه، والقول ببطلان البيع صار إليه بعض المالكية وبعض الحنابلة.
قال ابن المنذر: أجاز أبو حنيفة التلقي وكرهة (6) الجمهور.
قال الشافعي: من تلقاها فقد أساء، وصاحب السلعة بالخيار لهذا الحديث، والخيار يثبت له (إذا أتى السوق) أي: وعلم بالسعر، وهل يثبت له مطلقًا أو بشرط أن يقع له في البيع غبن؟ وجهان: أصحهما الأول، وبه قال الحنابلة، وظاهره أن النهي لأجل منفعة البائع، وإزالة الضرر عنه وصيانته ممن يخدعه.
(1) بعدها في الأصل: في نسخة: مشتر.
(2)
انظر: "صحيح البخاري" باب: النهي عن تلقي الركبان. قبل حديث (2162).
(3)
في (ر): أما.
(4)
انظر: "فتح الباري" 4/ 374.
(5)
في (ر): يحل.
(6)
في (ر): كراهة.
قال ابن المنذر: وحمله مالك على نفع أهل السوق لا على نفع رب السلعة، وإلى ذلك جنح الكوفيون والأوزاعي.
قال: والحديث حجة للشافعي؛ لأنه أثبت الخيار لصاحب السلعة لا لأهل السوق، انتهى (1).
(وقال سفيان: لا يبيع بعضكم على بيع بعض) هو (أن يقول) للمشتري في زمن خيار المجلس أو الشرط: أفسخ هذا الشرط. و (إن عندي خيرًا منه) أبيعكه (بعشرة) وهو (بأقل مما يعطيك) أما لو قال: افسخ لأبيعها منك بأكثر، ففي "الاستذكار" وجهان: أحدهما للمروزي: يجوز (2). وظاهر إطلاق الحديث وكلام النووي وغيره المنع.
وشرط ابن كج للخيار أن يكون غبنًا فاحشًا، فإن كان فله أن يعرفه ويبيع على بيعه؛ لأنه ضرب من النصيحة، كذا نقله الرافعي وأقره (3).
قال في "الروضة": وقد انفرد به ابن كج، وهو خلاف ظاهر الحديث والمختار عدم اشتراطه.
ويشترط للتحريم أن لا يأذن البائع في البيع؛ فإن أذن ارتفع التحريم على الصحيح في أصل "الروضة"(4).
(1) انظر: "فتح الباري" 4/ 374.
(2)
"الاستذكار" 20/ 205.
(3)
"الشرح الكبير" 8/ 224.
(4)
"روضة الطالبين" 3/ 81.