الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
13 - باب في النَّهْى، عَنِ الحُكْرةِ
3447 -
حدثنا وَهْبُ بْنُ بَقِيَّةَ، أَخْبَرَنا خالِدٌ، عَنْ عَمْرِو بْنِ يَحْيَى، عَنْ مُحَمَّدِ بْنِ عَمْرِو بْنِ عَطاءٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ المُسَيَّبِ، عَنْ مَعْمَرِ بْنِ أَبي مَعْمَرٍ أَحَدِ بَني عَديِّ بْنِ كَعْبٍ قال: قال رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم: "لا يَحْتَكِرُ إِلَّا خاطِئٌ". فَقُلْتُ لِسَعِيدٍ: فَإِنَّكَ تَحْتَكِرُ. قال: وَمَعْمَرٌ كانَ يَحْتَكِرُ. قالَ أبُو داوُدَ: وَسَأَلْت أَحْمَدَ ما الحُكْرَة؟ قال: ما فِيهِ عَيْشُ النّاسِ. قالَ أبُو داوُدَ: قالَ الأَوزاعيُّ: المُحْتَكِرُ مَنْ يَعْتَرِضُ السُّوقَ (1).
3448 -
حدثنا مُحَمَّدُ بْنُ يَحْيَى بْنِ فَيّاضٍ، حدثنا أَبي ح وَحَدَّثَنا ابن المُثَنَّى، حدثنا يَحْيَى بْن الفَيّاضِ، حدثنا هَمّامٌ، عَنْ قَتادَةَ قال: لَيْسَ في التَّمْرِ حُكْرَةٌ. قالَ ابن المُثَنَّى: قالَ: عَنِ الحَسَنِ فَقلْنا لَهُ: لا تَقُلْ عَنِ الحَسَنِ.
قالَ أبُو داوُدَ: هذا الحَدِيثُ عِنْدَنا باطِلٌ.
قالَ أَبُو داوُدَ: كانَ سَعِيدُ بْنُ المُسَيَّبِ يَحْتَكِرُ النَّوى والخَبَطَ والبِزْرَ سَمِعْتُ أَحْمَدَ بْنَ يُونُسَ يَقُولُ سَأَلْت سُفْيانَ، عَنْ كَبْسِ القَتِّ فَقال: كانُوا يَكْرَهُونَ الحُكْرَةَ وَسَأَلْتُ أَبا بَكْرِ بْنَ عَيّاشٍ فَقال: أَكْبِسْهُ (2).
* * *
باب في (3) النهي عن الحكرة
[3447]
(حدثنا وهب بن بقية، حدثنا خالد) بن عبد الله (عن عمرو ابن يحيى) بن عمارة بن أبي حسن المازني، روى له الجماعة (عن محمد ابن عمرو بن عطاء) بن عياش القرشي، كانوا يتحدثون في حياته أن
(1) رواه مسلم (1605).
(2)
قال الألباني: ضعيف الإسناد مقطوع.
(3)
من (ل).
الخلافة تفضي إليه لهيبته ومروءته وعقله (عن سعيد بن المسيب، عن معمر بن أبي معمر) القرشي العدوي من مهاجرة الحبشة، وهو معمر بن عبد الله بن نافع، ومعمر هذا من الصحابة الذين لم يرو عنهم غير سعيد بن المسيب، أسلم قديمًا وهاجر إلى الحبشة، وهو (أحد بني عدي بن كعب) العدوي ومن شيوخهم، عمر طويلًا له حديث الاحتكار الآتي (1)، وحديث في البيع (2). (قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحتكر إلا خاطئ) أي مذنب عاصٍ (3)(4) وهو اسم فاعل من خطئ (5) بكسر العين، وهمز اللام، يخطأ بفتح العين، خطئا في المصدر بكسر الفاء، وسكون العين: إذا أثم في فعله، على وزن: علم، يعلم، علمًا. والاسم منه: الخطأ بفتح الخاء والطاء، وأخطأ إذا سلك سبيل خطأ عامدًا، أو غير عامد. قاله أبو عبيد وقال: سمعت الأزهري يقول: خطئ إذا تعمد، وأخطأ إذا لم يتعمد (6)، وهكذا رواية مسلم (7) والترمذي (8) وغيره، وأخرجه الحاكم في "المستدرك" من حديث حماد ابن سلمة، عن محمد بن عمرو، عن أبي سلمة عنه بلفظ: "من
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 28/ 314 (6106).
(2)
رواه مسلم (1592).
(3)
في (ل): (عاصي).
(4)
بعدها في (ل)، (ر): نسخة: إلا خاط.
(5)
سقط من (ل)، (ر). والمثبت من "المفهم".
(6)
انظر: "المفهم" للقرطبي 4/ 520.
(7)
(1605).
(8)
(1267).
احتكر يريد أن يغالى (1) بها على (2) المسلمين، فهو خاطئ، وقد برئ منه ذمة الله تعالى" (3). قال أصحابنا: يحرم الاحتكار في الأقوات، وهو: أن يبتاع في وقت الغلاء ويمسكه ليزداد في ثمنه، فلو لم يمسكه لم يكن ادخارًا (4). قال محمد بن عمرو (فقلت لسعيد) بن المسيب (فإنك تحتكر. قال: ومعمر كان يحتكر) واحتكار سعيد ومعمر يدل على أن الاحتكار ليس على عمومه، وإنما الكلام فيما يخرج منه، وفي الصحيح أن إنسانًا (5) قال لسعيد: فإنك تحتكر.
قال ابن عبد البر وآخرون: إنما كانا يحتكران الزيت (6)، وحملا الحديث على احتكار القوت عند الحاجة إليه، وكذا حمله الشافعي وأبو حنيفة وآخرون وهو الصحيح (7).
(قال أبو داود: سألت أحمد) بن حنبل (ما الحكرة؟ ) بضم الحاء المهملة، وسكون الكاف، وهو حبس السلع عن البيع، هذا مقتضى العلة (قال: ما فيه عيش الناس) أي حياتهم وقوتهم وهو المقتات دون غيره من الأقوات. قال الأثرم: سمعت أبا عبد الله يسأل عن أبي شيء
(1) في "المستدرك": (يتغالى).
(2)
سقط من (ل)، (ر)، والمثبت من "المستدرك".
(3)
"المستدرك" 2/ 12.
(4)
"التنبيه في الفقه الشافعي" ص 96.
(5)
في (ر): أنسًا، والمثبت من (ل)، ورواه كذلك البيهقي 6/ 29 وعزاه لمسلم، ورواه مسلم (1605) بلفظ: قيل لسعيد.
(6)
"الاستذكار" 20/ 72.
(7)
انظر: "شرح مسلم" للنووي 11/ 43.
الاحتكار؟ قال: إذا كان من قوت الناس فهو الذي يكره. وهذا قول عبد الله بن عمرو (1).
ويدل على عدم عموم الحديث احتكار سعيد بن المسيب، ومعمر في الزيت وهم راويا الحديث.
(قال الأوزاعي (2) المحتكر: من يعترض السوق) أي ينصب نفسه للتردد إلى الأسواق؛ ليشتري منها الطعام الذي يحتاجون إليه؛ ليحتكره.
وإطلاق الغزالي يقتضي أنه متى ادخره للغلاء كان حرامًا.
قال السبكي: الذي ينبغي أن يقال (في ذلك)(3) أنه إن منع غيره من الشراء وحصل به ضيق حرم، وإن كانت الأسعار رخيصة، وكان القدر الذي يشتريه لا حاجة بالناس إليه، فليس لمنعه من شرائه وادخاره إلى وقت حاجة (4) الناس إليه معنىً.
قال القاضي حسين والروياني: وربما يكون هذا حسنة ينفع به الناس. وقطع المحاملي في "المقنع" باستحبابه.
والمفهوم من قوله: يعترض السوق أنه إذا (5) جاءته غلة من ضيعته فلا يتجه المنع بحال.
قال أصحابنا: الأولى أن يبيع ما فضل عن كفايته (6).
(1) انظر: "المغني" 4/ 305.
(2)
زاد هنا في (ر): عن. ولا وجه لها.
(3)
سقط من (ر).
(4)
في (ل): الحاجة. والمثبت من (ر).
(5)
سقطت من (ر).
(6)
انظر: "روضة الطالبين" 3/ 413.
قال السبكي: أما إمساكه حالة استغناء الناس كلهم عنه؛ رغبة في أن يبيعه لهم وقت حاجتهم إليه، فينبغي أن لا يكره بل يستحب.
[3448]
(حدثنا محمد بن يحيى بن فياض) الزماني الحنفي البصري، قال الدارقطني: بصري ثقة. قدم دمشق سنة ست وأربعين ومائتين فحدث بها (1)(حدثنا أبي) يحيى بن فياض الزماني بالزاي المعجمة، وليس لهم الرماني بالراء المهملة إلا رجل من أهل واسط تابعي.
(وحدثنا ابن المثنى، حدثنا يحيى بن فياض) أيضًا قالا: (حدثنا همام، عن قتادة قال: ليس (2) في التمر) بمثناة وسكون، يعني إذا ادخره لعياله (حكرة) وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يدخر لأهله قوت سنتهم من تمر وغيره، ولا خلاف في أن ما يدخره الإنسان من قوت، وما يحتاجون إليه من سمن وعسل، وغير ذلك جائز لا بأس به.
(قال ابن المثنى: قال) يحيى راويه (عن الحسن: فقلنا له: لا تقل عن الحسن) وإلى الحسن البصري.
(قال أبو داود: هذا الحديث عندنا باطل) لا أصل له. (وكان سعيد بن المسيب يحتكر النوى) أي نوى التمر (والخبط) بفتح الباء، وهو: الورق الساقط من خبط الأشجار بالعصا وهو من علف الإبل (والبزر) بكسر الباء. فيه أن النهي عن الاحتكار ليس على عمومه وإطلاقه، بل هو مقيد بغير الأقوات مما لا تعم الحاجة إليه كالثياب ونحوها.
(1) انظر: "تهذيب الكمال" 26/ 642.
(2)
في (ل)، (ر): أليس. والمثبت من المطبوع.
قال القاضي حسين: إن الناس إذا كانوا يحتاجون إليها لشدة البرد غاية الاحتياج، أو لستر العورة فيكره لمن هو عنده إمساكه.
قال السبكي: إن أراد كراهة تحريم فظاهر، وإن أراد كراهة تنزيه فبعيد، والأصحاب كالمتفقين على أن ذلك لا يتعدى إلى غير الأقوات، لكن الغزالي (1) في "الإحياء" قال: ما ليس بقوت ولا معين على القوت، فلا يتعدى النهي إليه، وإن كان مطعومًا وما يعين على القوت كالملح والفواكه وما يسد مسد شيء من القوت في بعض الأحوال، وإن كان لا يمكن المداومة عليه فهو في محل (2) النظر، فمن العلماء من طرد التحريم في السمن والعسل والشيرج والجبن (3) والزيت وما يجري مجراه، وأما القوت فيحتمل (4) طرد النهي في جميع الأقوات عن الاحتكار.
قال السبكي: ويحتمل أن يخصص بوقت قلة الطعام وحاجة الناس إليه، فإذا كان زمان قحط، كان في ادخار العسل والسمن والشيرج وأمثالها إضرار فينبغي أن يقضى بتحريمه، وإذا لم يكن إضرار فلا يخلو احتكار الأقوات عن كراهة (5).
(قال أبو داود: وسمعت أحمد) بن عبد الله (بن يونس) اليربوعي
(1) زاد هنا في (ر): قال:
(2)
في (ر): حجل.
(3)
في (ر): الخبز. والمثبت من (ل) و"الإحياء".
(4)
في (ل)، (ر):(فيحمل). والمثبت من "الإحياء".
(5)
انظر: "إحياء علوم الدين" 2/ 73 والفقرة الأخيرة التي نسبها المصنف إلى السبكي، هي من كلام الغزالي.
الحافظ (قال: سألت سفيان) بن سعيد الثوري (عن كبس) بفتح الكاف وإسكان الباء الموحدة (القت) بفتح القاف وتشديد التاء المثناة، واحدة قتة مثل تمرة وتمر، وهو الجاف (1) من النبات المعروف بالفِصفِصة بكسر الفاءين وإهمال الصادين، فما دام رطبًا فهو الفصفصة، فإذا جف فهو القت، ويسمى القضب قال الله تعالى {وَقَضْبًا} (2) سمي بذلك لأنه لا يزال يجز ويقضب أي يقطع، والقت كلمة فارسية عربت، فإذا قطعت الفصفصة كبست وضم بعضها على بعض إلى أن تجف وتباع لعلف الدواب كما يفعل بالبرسيم في بلاد مصر ونواحيها.
(قال: كانوا يكرهون الحكرة) أخذ بعموم النهي عن الاحتكار وإطلاقه مطلقًا جماعة منهم ابن حبيب من المالكية (3)(وسألت أبا بكر) قال البخاري: قال إسحاق: سمعت أبا بكر يقول: اسمي وكنيتي واحد. وقال البخاري: قال بعضهم: اسمه شعبة ولا يصح (4)(ابن عياش) مولى واصل الأحدب (5) روى عنه البخاري، عن كبس القت. (فقال: اكبسه) بكسر الباء.
(1) في (ر): الجان.
(2)
عبس: 28.
(3)
انظر: "البيان والتحصيل" 7/ 360.
(4)
انظر: "الهداية والإرشاد في معرفة أهل الثقة والسداد" للكلاباذي 2/ 829.
(5)
في (ر): الحدب. والمثبت من (ل).