الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
5 - باب في وضْعِ الرِّبا
3334 -
حدثنا مُسَدَّدٌ، حدثنا أَبُو الأَحْوَصِ، حدثنا شَبِيبُ بْن غَرْقَدَةَ، عَنْ سُلَيْمانَ بْنِ عَمْرٍو، عَنْ أَبِيهِ قالَ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم في حَجَّةِ الوَداعِ يَقُولُ: " أَلا إِنَّ كلَّ رِبًا مِنْ رِبا الجاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ، لَكُمْ رُؤوسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَلا تُظْلَمُونَ. أَلا وَإِنَّ كلَّ دَمٍ مِنْ دَمِ الجاهِلِيَّةِ مَوْضُوعٌ وَأَوَّلُ دَمٍ أَضَعُ مِنْها دَمُ الحارِثِ بْنِ عَبْدِ المُطَّلِبِ". كانَ مُسْتَرْضَعًا في بَني لَيْثٍ فَقَتَلتْهُ هُذَيْلٌ. قالَ: " اللَّهُمَّ هَلْ بَلَّغْتُ؟ ". قالُوا نَعَمْ. ثَلاثَ مَرّاتٍ. قالَ: " اللَّهُمَّ اشْهَدْ ". ثَلاثَ مَراتٍ (1).
* * *
باب في وضع الربا
[3334]
(حدثنا مسدد، حدثنا أبو الأحوص) سلام بن سليم الحنفي مولاهم، روى له الجماعة وكان حديثه نحو أربعة آلاف حديث.
(حدثنا شبيب بن غرقدة) بفتح الغين المعجمة والقاف السلمي، روى له الجماعة.
(عن سليمان بن عمرو، عن أبيه) عمرو بن الأحوص الجشمي الصحابي (قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع) بفتح الواو (يقول) في خطبته في اليوم الثاني من الفتح (ألا إن (2) كل ربا) مقصور، من ربا يربو فيكتب بالألف [وأجاز الكوفيون (3) كتابته
(1) رواه مسلم (1218).
(2)
من "سنن أبي داود"(3334).
(3)
بعدها في (ع): من. ولا وجه له.
بالياء] (1) لسبب الكسرة (2) في أوله، وغلطهم البصريون (من ربا الجاهلية موضوع) أي: مردود حكمه على فاعله، فإن تبتم من معاملة الربا (لكم رؤوس أموالكم لا تظلمون) الغريم بطلب الزيادة على رأس المال (ولا تظلمون) بنقصان رأس المال (ألا) بالتخفيف حرف تنبيه يبتدأ به الكلام ويدل على صحة ما بعده (وإنَّ) فإن قلت: علام عطف الواو؟ قلت: عطفت على مقدر أي: ألا إن الأمر كما تقدم في الربا وأن (كل دم من دم الجاهلية) أي: من دمائهم (موضوع) حكمه إذا لم يتصل به قبض دية ولا قصاص (وأول دم أضع) وهمزته المبدلة من الواو (منها دم الحارث بن عبد المطلب، منها دم) بالنصب مفعول أضع (ربيعة بن الحارث)(3) قال المحققون: المراد به: دم إياس بن ربيعة بن الحارث.
قال النووي: الصواب (ابن ربيعة) لأن ربيعة عاش بعد النبي صلى الله عليه وسلم إلى زمن عمر. قالوا: وكان هذا الابن المقتول طفلًا صغيرًا يحبو (4) بين البيوت فأصابه حجر في حرب بين (5) بني سعد وبني ليث بن بكر (6).
(1) في (ر): وأخبار الكوفيون كنيته بالباء.
(2)
في النسخ الخطية: الكثرة. والمثبت من "شرح مسلم" للنووي (11/ 8).
(3)
هكذا في النسخ الخطية. وضبب في (ع) على الحارث بن عبد المطلب)، وهي الرواية. والشارح أدخل مع رواية أبي داود هذه - وهي مشكلة - رواية أخرى دون تمييز. قال الخطابي في "معالم السنن" 3/ 59: وقوله: (دم الحارث بن عبد المطلب) فإن أبا داود هكذا روى، وإنما هو في سائر الروايات (دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب).
(4)
في (ر): عبر.
(5)
سقطت من (ر).
(6)
انظر: "شرح مسلم" 8/ 182 - 183.
وظاهر هذِه الرواية أن ربيعة هو المسترضع في بني سعد الذي قتلته هذيل، وعلى هذِه الرواية يكون جاهليًّا.
قال ابن الأثير: والصحيح أنه صحابي، وأن المقتول كان ابنه إياس (1) كما تقدم (2).
وفيه دليل على أنه من سنن الشريعة، أنَّ (3) على الإمام الحاكم أن يفيض (4) العدل على نفسه وخاصته قبل غيرهم (5)، ثمّ يُفيض (6) العدل بعد ذلك في الناس، وكذلك العالم الخطيب والواعظ إذا أراد أن يأمر الناس بأمر أن ينظر في أمر نفسه وخاصته فيفعل ذلك فيهم قبل أن يأمر به الناس ليكون ذلك أوقع في قلوب الناس وأنفع في الفضل (7)، وهكذا فعل النبي صلى الله عليه وسلم لما (8) أراد وضع الدماء الواقعة في الجاهلية أول ما بدأ فوضع دم ابن ابن عمه الحارث بن عبد المطلب بن هاشم ابن عبد مناف.
(وكان مسترضعًا)[بفتح الضاد](9) أي: رضيعًا (في بني ليث) بن بكر
(1) هكذا بالأصل ولعل الصواب إياسًا.
(2)
انظر: "أسد الغابة" 2/ 249.
(3)
في (ر): أو.
(4)
في (ر): يقتص.
(5)
في (ر): لغيرهم.
(6)
في (ر): يقتص.
(7)
كذا (ع)، وفي (ر) و (ل): الوضع.
(8)
في (ل): ما.
(9)
سقطت من (ر).
(فقتلته هذيل) هو أبو قبيلة، وهو هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر، وهذا القتل وقع في حرب في الجاهلية كما تقدم. (اللهم هل) يحتمل أن يكون الاستفهام على حقيقته، وأن يكون هل بمعنى قد كقوله تعالى:{هَلْ أَتَى عَلَى الْإِنْسَانِ حِينٌ مِنَ الدَّهْرِ} (1)(بلغت) بتشديد اللام أي: رسالتك (قالوا: نعم ثلاث مرات) عائد على الاستفهام وجوابهم (قال: اللهم اشهد) أي: عليهم أني بلغتهم رسالتك (ثلاث مرات) قال ابن بطال: كان يكرر الكلام ثلاثًا إذا خشي أن لا (2) يفهم عنه أو أراد الإبلاغ في التعليم أو الزجر في الموعظة، وفيه أن الثلاث (3) غاية ما يقع به البيان (4) والإعذار (5).
* * *
(1) الإنسان: 1.
(2)
سقطت من (ر).
(3)
في النسخ الخطية: الكلام. والمثبت من "شرح البخاري" لابن بطال.
(4)
في النسخ الخطية: الكلام. والمثبت من المصدر السابق.
(5)
انظر: "شرح البخاري" لابن بطال 1/ 173.