الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
32 - باب في الرَّجُلِ يقُولُ في البَيْع: لا خِلابَة
3500 -
حدثنا عَبْدُ الّهِ بْنُ مَسْلَمَةَ، عَنْ مالِكٍ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ دِينارٍ، عَنِ ابن عُمَرَ أَنَّ رَجُلًا ذَكَرَ لِرَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ يُخْدَعُ في البَيْعِ فَقالَ لَهُ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إِذا بايَعْتَ فَقُلْ: لا خِلابَة". فَكانَ الرَّجُلُ إِذا بايَعَ يَقُولُ: لا خِلابَةَ (1).
3501 -
حدثنا محَمَّدُ بْن عَبْدِ اللهِ الأَرْزيُّ وَإبْراهِيمُ بْنُ خالِدٍ أَبُو ثَوْرٍ الكَلْبيُّ - المَعْنَى- قالا: حدثنا عَبْدُ الوَهّابِ -قالَ مُحَمَّدٌ: عَبْدُ الوَهّابِ بْنُ عَطاءٍ- أَخْبَرَنا سَعِيدٌ، عَنْ قَتادَةَ، عَنْ أَنَسِ بْنِ مالِكٍ أَنَّ رَجُلًا عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللهِ صلى الله عليه وسلم كانَ يَبْتاعُ وَفي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ فَأَتَى أَهْلُة نَبيَّ اللهِ صلى الله عليه وسلم فَقالُوا: يا نَبيَّ اللهِ احْجُرْ عَلَى فُلانٍ فَإِنَّهُ يَبْتاعُ وَفي عُقْدَتِهِ ضَعْفٌ فَدَعاهُ النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم فَنَهاهُ، عَنِ البَيْعِ فَقال: يا نَبيَّ اللهِ إِنّي لا أَصْبِرُ، عَنِ البَيْعِ. فَقالَ رَسُول اللهِ صلى الله عليه وسلم:"إنِ كُنْتَ غَيرَ تارِكٍ البَيعَ فَقُلْ هاءَ وَهاءَ وَلا خِلابَةَ". قالَ أَبُو ثَوْرٍ: عَنْ سَعِيدٍ (2).
* * *
باب في الرجل يقول عند المبيع: لا خلابة
[3500]
(حدثنا عبد الله بن مسلمة، عن مالك، عن عبد الله بن دينار، عن ابن عمر) رضي الله عنهما: (أن رجلاً ذكر) مبني للفاعل أو للمفعول الرسول الله صلى الله عليه وسلم أنه يُخدع في) البيوع (3)(4) هذا الرجل. قال الخطيب (5):
(1) رواه البخاري (2117)، ومسلم (1533).
(2)
رواه الترمذي (1250)، والنسائي 7/ 252، وابن ماجه (2354)، وأحمد 3/ 217. وصححه الألباني.
(3)
في (ر): البيوت.
(4)
بعدها في الاْصل: نسخة: البيع.
(5)
انظر: "الأسماء المبهمة في الأنباء المحكمة" 5/ 364.
هو حبان بفتح الحاء المهملة بعدها موحدة، أو والده منقذ، والمختار أنه منقذ كما هو في "تاريخ البخاري"(1) و"سنن ابن ماجه"(2) والدارقطني (3) والبيهقي (4).
(فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا بايعت فقل: لا خلابة) وكان هذا الرجل قد قلَّت معرفته بالمعاملة مع كبر سنه، فجاء أهله إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشكوا إليه كثرة غبنه في البيع، وطلبوا منه عليه السلام أن يحجر عليه في البيع، فقال الرجل (5): يا رسول الله لم يكن لي صبر عن البيع. فرفع عنه الحجر وقال: "إذا بايعت فقل: لا خلابة" فكان الرجل إذا بايع بيعًا قال: لا خلابة. يعني: لا خديعة، يعني: أبيع هذا بشرط أن أرد (6) الثمن أو استرد المبيع إذا ظهر لي غبن فيه.
واختلف العلماء في أن هذا الشرط هل كان خاصًّا بهذا الرجل أم يدخل فيه جميع من شرط؟
فعند أحمد: يثبت الرد لمن شرط هذا الشرط أي: لمن قال في وقت البيع: لا خلابة، أو يقول هذا المعنى بلفظ آخر.
وعند الشافعي وأبي حنيفة: لا يثبت الخيار بالعيب سواء قال هذا اللفظ أو لم يقل سواء قلَّت المغابنة أم كثرت.
(1)"التاريخ الكبير" 8/ 17.
(2)
(2355).
(3)
"السنن" 3/ 55.
(4)
"السنن الكبرى" 5/ 273.
(5)
سقطت من (ر).
(6)
في (ر): أراد.
قال النووي: وهي أصح الروايتين عن مالك.
وقال البغداديون من المالكية: المغبون بالخيار بهذا الحديث بشرط أن يبلغ الغبن ثلث القيمة، فإن كان دونه فلا، والصحيح لا خيار؛ لأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يثبت له الخيار، وإنما قال له: قل: لا خلابة. ولا يلزم من هذا ثبوت الخيار (1).
(فكان الرجل إذا بايع) أحدًا بعدها (يقول: لا خلابة) كما أمره النبي صلى الله عليه وسلم.
[3501]
(حدثنا محمد بن عبد الله الأَرْزي) بفتح الهمزة وسكون الراء بعدها زاي، ويقال: الرزي بضم الراء بعدها زاي، وهما لغتان في الرز، وفيه لغتان ذكرها ابن مالك في بيت فقال:
أرْزٌ وأرُزٌ أَرُزٌ صح مع آرزٍ
…
والرز والرنز قل ما شئت لا عدلا
وهو من شيوخ مسلم، روى عنه في آخر الكتاب (2).
(وإبراهيم بن خالد أبو ثور الكلبي)(3) البغدادي أحد المجتهدين (المعنى قالا: حدثنا عبد الوهاب، قال (4) محمد بن عبد الله) يعنيان (ابن عطاء) الخفاف (أنبأنا سعيد) بن أبي عروبة مهران العدوي، قال أبو داود الطيالسي: كان أحفظ أصحاب قتادة، روى (عن قتادة) بن
(1) انظر: "شرح مسلم" للنووي 10/ 177.
(2)
(2997).
(3)
بعدها في الأصل: نسخة: وإبراهيم بن خالد الكلبي أبو ثور.
(4)
في (ر): قالا.
دعامة في قوله تعالى: {سَأُرِيكُمْ دَارَ الْفَاسِقِينَ} (1) قال: هي مصر (2).
(عن أنس بن مالك رضي الله عنه: أن رجلًا) زاد الحاكم: من الأنصار (3)(على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يبايع وفي عقدته) أي: رأيه ونظره في مصالح نفسه (ضعف) بفتح الضاد وضمها، هكذا فسر العقدة ابن الأثير وغيره (4)، (فأتى أهلُه النبي صلى الله عليه وسلم فقالوا: يا نبي الله، احجر على فلان فإنه يبتاع وفي عقدته ضعف) لكن ذكر النووي والقرطبي أن هذا الرجل هو حبان بفتح الحاء والموحدة، وكان قد بلغ مائة وثلاثين سنة، وكان قد شج في بعض مغازيه مع النبي صلى الله عليه وسلم لبعض (5) الحصون (6) بحجر فأصابته في رأسه مأمومة، فتغير بها عقله ولسانه، وذكر الدارقطني أنه كان ضريرًا، وكان أكثر مبايعته في الرقيق.
ومما يدل على أن العقدة في لسانه ما رواه مسلم: فكان إذا بايع قال: لا خيابة (7) بياء مثناة تحت بدل اللام، انتهى. فكانت لثغته في اللام (8). ويدل على أن العقدة في لسانه ما ذكره الطبري وغيره من
(1) الأعراف: 145.
(2)
انظر: "تهذيب الكمال" 11/ 10.
(3)
لم أجد هذِه الزيادة عند الحاكم، ورواها أحمد 2/ 129، والدارقطني 3/ 55، والبيهقي 5/ 273 من حديث ابن عمر.
(4)
انظر: "النهاية" لابن الأثير 3/ 528، "تاج العروس" للزبيدي 8/ 401.
(5)
هكذا في (ر)، (ل) وفي "شرح النووي":(في بعض) وهو أصوب.
(6)
في (ر): الحصور.
(7)
مسلم (1533).
(8)
انظر: "شرح صحيح مسلم" للنووي 10/ 177، "المفهم" للقرطبي 4/ 358.
المفسرين في قوله: {وَاحْلُلْ عُقْدَةً مِنْ لِسَانِي (27)} (1).
(فدعاه النبي صلى الله عليه وسلم، فنهاه عن البيع) والشراء وما في معناه، ولعل هذا النهي نهي إرشاد كما قيل في النهي عن الماء المشمس.
(فقال: يا رسول الله، إني لا) أستطيع أن (أصبر عن البيع) والشراء (فقال صلى الله عليه وسلم: إن كنت غير تارك) بالتنوين (2) ونصب (البيع فقل) إذا بايعت (هاء وهاء) قال الخطابي وأصحاب الحديث يروونه (3)(ها وها) ساكنة الألف (4). قال ابن الأثير: والصواب مدها وفتحها؛ لأن أصلها هاك بالمد، أي: خذ، فحذفت الكاف وعوضت منها المدة، يقال للواحد: هاء، وللاثنين هاؤما بزيادة الميم، وللجميع: هاؤم، انتهى (5). قال الله تعالى:{هَاؤُمُ اقْرَءُوا كِتَابِيَهْ} (6)، ويدل على المد رواية الصحيحين:"الشعير بالشعير ربا إلا هاء وهاء"(7)؛ فإن هاء وهاء (8) ممدودة مفتوحة فيها. وقد أنشد لبعض أهل اللغة:
لما رأت في قامتي انحناء
…
والمشي بعد قعس أجناء
(1) طه: 27، وانظر:"تفسير الطبري" 18/ 299.
(2)
في (ر): بالنون.
(3)
في (ل): يرونه وفي (ر): يرويه. والمثبت من "النهاية" لابن الأثير.
(4)
انظر: "معالم السنن" 3/ 58.
(5)
انظر: "النهاية" لابن الأثير 5/ 535.
(6)
الحاقة: 19.
(7)
البخاري (2134)، ومسلم (1586) من حديث عمر.
(8)
سقطت من (ر).
أجلت وكان بغضها (1) إجلاء
…
وجعلت نصف غبوقي ماء
ثم تقول من بعيد: هاء
…
لا جعل الله له (2) شفاء (3)
وعلى المد والقصر فمعناها أن يقول كل واحد من المتبايعين: ها. فيعطيه ما في يده.
وقيل: معناهما هاك وهات، أي: خذ وأعط (4).
و(لا خلابة) أي: لا خديعة، ومنه يقال: خلبت المرأة قلب الرجل إذا خدعته بألطف وجه يكون، ومنه: برق خالب أي يخدع بأن فيه ماء، ولا مطر فيه. وفي المثل (5): إذا لم تغلب فاخلب يقول: إذا أعياك الأمر مغالبة (6) فاطلبه مخادعة (7).
(قال أبو ثور) الكلبي في روايته عن عطاء: حدثنا عبد الوهاب (عن سعيد) بالعنعنة، ولم يصرح عنه بالتحديث.
(1) في "إحكام الأحكام": (حبها).
(2)
سقط من (ر)، (ل). والمثبت من المصدر السابق.
(3)
انظر: "إحكام الأحكام شرح عمدة الأحكام" لابن دقيق العيد (ص 525).
(4)
انظر: "النهاية" لابن الأثير 5/ 535.
(5)
في (ر): الحديث.
(6)
في (ر): فعالة.
(7)
انظر: "شرح السنة" للبغوي 8/ 46، و"النهاية" لابن الأثير 2/ 137.