المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الأول في ذكر أبوابها وما يتعلق بذلك - البحور الزاخرة في علوم الآخرة - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب الرابع في ذكر الجنَّة وصفاتها، وذكر نعيمها ولذاتها

- ‌الباب الأول في ذكر أبوابها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في مفتاح الجنَّة

- ‌الباب الثَّاني في مكان الجنَّة ومنشورها وتوقيعها وتوحد طريقها

- ‌فصل

- ‌فصل في توحيد طريق الجنَّة

- ‌الباب الثالث في درجات الجنةِ وأعلاها وما أسم ملكاً الجنَّة

- ‌فصل

- ‌الباب الرابع في عرض الرب الجنَّة على العباد، وعدد الجنان، وأسمائها، وذكر السابقين إليها وإن كثر أهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في أسماءِ الجنَّةِ ومعانيها واشتقاقها

- ‌فصلٌ في عددِ الجنات وأنواعها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصلٌ في ذكر أوَّل من يقرع بابَ الجنَّةِ

- ‌فصل

- ‌فصل وتقدم أنَّ الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنةِ بخمسمائة عام

- ‌فصل في أصناف أهل الجنة الذين ضمنت لهم دون غيرهم

- ‌فصل في أنَّ أكثر أهل الجنة هذه الأمّة المطهرة

- ‌الباب الخامس في تربة الجنة ونورها وغرفها وقصورها وخيامها وما يلحق بذلك

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب السادس في صفة أهل الجنة وأعلاهم وأدناهم منزلة وتحفتهم إذا دخولها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في ذكر أنهار الجنَّة وعيونها، وطعام أهلها، وشرابهم، ومصرف ذلك وآنيتهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب التاسع في ذكر لباس أهل الجنَّة، وحليهم، ومناديلهم، وفرشهم، وبسطهم، ووسائدهم وسررهم وأرائكهم

- ‌فصل ومن ملابس أهل الجنَّةِ التيجان على رءوسهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب العاشر في ذكر خدم أهل الجنَّة، وغلمانهم، ونسائهم، وسراريهم، والمادة التي خلق منها الحور العين، ونكاحهم، وهل في الجنَّة ولد أم لا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في الإشارة إلى غريب هذا الحديث العظيم

- ‌الباب الحادي عشر في ذكر سماع أهل الجنَّة، وغناء الحور العين، وذكر مطاياهم، وزيارة بعضهم بعضًا

- ‌فصل

- ‌فصل زيارة أهل الجنَّة لبعضهم بعضا

- ‌فصل في ذكر سوق الجنَّة، وما أعدَّ الله فيها لأهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في تكليمه سبحانه وتعالى لأهل الجنَّة

- ‌الباب الثالث عشر في أن الجنَّة فوق ما يخطر بالبال، ويتوهمه الخيال، أو يدور في الخلد، وفوق ما يصف كلّ أحد كيف؟ وموضع سوط منها خير من الدُّنيا وما فيها

- ‌الباب الرابع عشر في فصول جامعة وحكم هامعة

- ‌الفصل الأول في ذكر آخر أهل الجنَّةِ دخولًا

- ‌الفصل الثاني في لسان أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الثالث في احتجاج الجنَّة والنَّار

- ‌الفصل الرابع في امتناع النوم على أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الخامس في ارتقاء العبدِ وهو في الجنَّة من درجة إلى درجة أعلى منها

- ‌الفصل السادس في إلحاق ذرية العبد المؤمن به في الدرجة وإن لم يعملوا عمله

- ‌الفصل السابعفي مسألة عظيمة، ونكتة جسيمة

- ‌الفصل الثامن ترفع جميع العبادات في الجنَّة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة، لا تبيد، ولا ترفع حتى في دار الجزاء

- ‌الباب الخامس عشر فيمن يستحق لهذه الدار من الملل والأنفار

- ‌تتمة

- ‌الكتاب الخامس في ذكر النار وصفاتها وشدة عذابها أعاذنا الله تعالى منها بمنه وكرمه

- ‌الباب الأول في ذكر الإنذار والتحذير من النَّار، والخوف منها، وأحوال الخائفين من تلك الدار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في ذكر مكان جهنم وطبقاتها ودركاتها وصفاتها وقعرها وعمقها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثالث في ذكر أبواب جهنم وسرادقها وظلمتها وشدة سوادها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل وأما ظلمتها وشدة سوادها

- ‌الباب الرابع في شدة حر جهنم وزمهريرها وسجرها وتسعيرها وتغيظها وزفيرها أعاذنا اللَّه منها

- ‌فصل وأما زمهريرها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر دخان جهنم وشررها ولهبها

- ‌الباب الخامس في ذكر أودية جهنم وجبالها وعيونها وأنهارها

- ‌ما جاء في جبال جهنم أجارنا اللَّه منها ووالدينا

- ‌الباب السادس في ذكر سلاسلها وأغلالها وحجارتها وأنكالها وحياتها وعقاربها

- ‌فصل وأما حجارتها

- ‌فصل وأما حيات جهنم وعقاربها

- ‌الباب السابع في ذكر طعام أهل النار وشرابهم وكسوتهم وثيابهم

- ‌فصل وأمَّا شرابهم

- ‌فصل وأما كسوة أهل النار وثيابهم

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في عظم خلق أهل النار، وقبحهم، وأنواع صفاتهم بحسب أعمالهم

- ‌فصل في أنواع عذاب أهل النار، وتفاوتهم في ذلك في دار البوار على حسب ما اقترفوا من الذنوب والأوزار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يتحف به أهل النارِ عند دخولهم دار البوار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصل في بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم ودعائهم الذي لا يستجاب لهم

- ‌فصل

- ‌فصل في نداء أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار، وكلام بعضهم بعضا

- ‌الباب التاسع في ذكر خزنة جهنَّم، وزبانيتها

- ‌الباب العاشر في ذكر حال الموحدين في النار، وخروجهم منها برحمة أرحم الراحمين، وشفاعة الشافعين وفي أكثر أهل النار، وأصنافهم

- ‌فصل

- ‌فصل في حسن الظن بالله تعالى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر أوّل من يدخل النار من سائر البشر وفي أول من يدخلها من عصاة الموحدين

- ‌تتمة في مسائل متفرقة

- ‌المسألة الأولى في خلود أهل الدارين فيهما:

- ‌المسألة الثانية في أصحاب الأعراف

- ‌المسألة الثالثة: في أطفال المشركين

- ‌المسألة الرابعة: في أهل الفترة ونحوهم

- ‌الخاتمة وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في التوبة

- ‌فصل

- ‌الفصل الثاني: في المحبة

- ‌المقصد الأوّل: في لزوم المحبة له سبحانه وتعالى

- ‌المقصد الثاني: في علامات المحبة الصادقة والتذاذ المحبين بها

- ‌ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم على درجتين:

- ‌تكملة في بعض أحوال أهل المحبة وهي أكثر من أن تذكر في مثل هذا المختصر وأعظم من أن تحصر أو تحد بالنظر

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌الباب الأول في ذكر أبوابها وما يتعلق بذلك

‌الباب الأول في ذكر أبوابها وما يتعلق بذلك

قال تعالى: {وَسِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَرًا حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا وَقَالَ لَهُمْ خَزَنَتُهَا سَلَامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا خَالِدِينَ (73)} [الزمر: 73] وقال في صفة النَّار: {حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا فُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} [الزمر: 71] بغير واوٍ فزعمت طائفةٌ أنَّ هذه الواو واو الثمانية دخلت في أبواب الجنَّة لكونها ثمانية بخلاف أبواب النَّار فإنَّها سبعة وذكره الإمام ناصر السنة ابن الجوزي في "التبصرة" وانتصر له.

قال في "التبصرة" عند قوله تعالى: {وَفُتِحَتْ أَبْوَابُهَا} في هذه الواو ثلاثة أقوال:

أحدها: إنَّها زائدة، قاله الفراء في جماعة.

والثَّاني: إن الواو زيدت؛ لأنَّ أبواب الجنةِ ثمانية، وأبواب النَّار سبعة والعرب تعطف في العدد بالواو على ما فوق السبعة فيقولون: خمسة ستة سبعة وثمانية، ومثله قوله تعالى:{التَّائِبُونَ الْعَابِدُونَ} [التوبة: 112] فلمَّا ذكر سبع خصال قال: {وَالنَّاهُونَ عَنِ الْمُنْكَرِ} [التوبة: 112] وكذلك: {وَيَقُولُونَ سَبْعَةٌ وَثَامِنُهُمْ كَلْبُهُمْ} [الكهف: 22].

والثالث: إنَّها واو الحال فالمعنى جاءوها وقد فتحت أبوابها فدخلت الواو لبيان أنَّ الأبواب كانت مفتحة قبل مجيئهم وحذفت الواو من قصَّة أهل النَّارِ لبيان أنَّها كانت مغلقة قبل مجيئهم قال: ووجه الحكمة في ذلك من ثلاثة أوجه: أحدها: إنَّ أهْلَ الجنةِ لمَّا رأوا

ص: 947

أبوابها مفتحة استعجلوا السرور، وأهل النَّارِ يأتونها والأبواب مغلقة ليكون أشد لحرها.

والثَّاني: أن الوقوف على الباب المغلق ذُلٌّ فَصِينَ عنه أهل الجنَّة دون أهل النَّار.

والثالث: أنَّه لو وجَدَ أهل الجنَّة بابًا مغلقًا لأثَّر انتظار فتحه في كمالِ الكرمِ ومن كمال الكرم غلق أبواب النَّار إلى مجيء أصحابها؛ لأنَّ الكريم يعجل المثوبة ويؤخر العقوبة. انتهى كلامه.

والإمام المحقق لا يرتضي ذلك كله بل قال: هذا قول ضعيف لا دليل عليه، ولا تعرفه العرب؛ ولا أئمة العربيَّة وإنَّما هذا من استنباط بعض المتأخرين. وقال عن القول بأنَّها زائدة: هو ضعيف أيضاً فإن زيادةَ الواو غير معروفة في كلامهم، ولا يليق بأفصح الكلام أن يكون فيه حرف زائد بغير معنى، ولا فائدة. واختار بأن الواو عاطفة عَلىَ قوله تعالى:{جَاءُوهَا} وأن الجواب محذوف.

قال: وهو اختيار أبي عبيدة، والمبرد، والزجاج، وغيرهم، قال المبرد: وحذف الجواب أبلغ عند أهل العلمِ. قال أبو الفتح ابن جني: وأصحابنا يدفعون زيادة الواو، ولا يجيزونه، ويرون أنَّ الجوابَ محذوفٌ للعلم به فإن قيل: ما السر في حذف الجواب في آية أهْلِ الجنةِ، وذكره في آية أهل النَّار؟ فالجواب: إنَّ هذا أبلغ في الموضعين فإنَّ الملائكةَ تسوق أهْلَ النَّار إليها وأبوابها مغلقة حَتَّى إذا جاءوها فتحت في وجوههم ففجئهم العذاب بغتة فحين انتهوا إليها فتحت أبْوابها بلا مهلة، فإنًّ هذا شأن الجزاء المرتب على الشرط أن يكونَ عقيبه فإنَّها دارُ الإهانةِ والخزي فلم يستأذن لهم في دخولها، وأمَّا الجنَّة

ص: 948

فدار كرامته تعالى، ومحل خواصه وأوليائه فإذا انتهوا إليها صادفوها مغلقة فيرغبون إلى صاحبها ومالكها أن يفتحها لهم، ويستشفعون إليه بأولي العزم من رسله فكلهم يتأخر عن ذلك حَتَّى تقع الدلالة على خاتمهم، وسيدهم، وأفضلهم فيقول:"أنا لها"(1) فيأتي تحت العرش، ويخر ساجدًا لربِّه فيدعه ما شاء أن يدعه ثم يأذن له في رفع رأسه، وأن يسأل حاجته فيشفع إليه سبحانه في فتح أبوابها فيشفعه، ويفتحها تعظيمًا لخطرها وإظهارًا لمنزلة رسوله وكرامته عليه وإن مثل هذه الدار التي هي دار ملك الملوك إنَّما يدخل إليها بعد تلك الأهوال العظيمة التي أولها من حين عقل العبد في هذه الدار إلى أن ينتهي إليها وما ركبه من الأطباق طبقًا فوق طبق (2).

قال ابن عباس (3) رضي الله عنهما في قوله تعالى: {لَتَرْكَبُنَّ طَبَقًا عَنْ طَبَقٍ (19)} [الانشقاق: 19]: يعني الشدائد والأهوال والموت، ثم البعث، ثم العرض.

(1) رواه البُخاريّ (3340) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله عز وجل: {وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا نُوحًا إِلَى قَوْمِهِ} .

ومسلم (194) كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنَّة منزلة فيها.

والترمذي (2434) كتاب: صفة القيامة، باب: ما جاء في الشفاعة.

وأحمد 2/ 436. وغيرهم من حديث أبي هريرة، وفي الباب عن أنس بن مالك، وابن عباس، وابن عمر، وسلمان الفارسي، وغيرهم.

(2)

انظر "حادي الأرواح" ص (82 - 83).

(3)

لم أجد قول ابن عباس في الكتب المسندة، وإنَّما ذكرهْ من غير سند البغوي في "تفسيره" 8/ 376، والقرطبي في "تفسيره" 19/ 279.

ص: 949

وقال عكرمة (1): حالًا بعد حال رضيعًا، ثم فطيما، ثم غلاماً، ثم شابا، ثم شيخاً هذا معنى الآية الكريمة.

وقيل غير ذلك من الشدائد، والمصائب شدة بعد أخرى حَتَّى يأذنَ اللهُ سبحانه لنبيه وخاتم رسله أن يشفعَ إليه في فتحها لهم وهذا أبلغ واعظ في تمام النعمةِ، وحصول الفرح والسرور ولئلا يتوهم الجاهلُ أنَّها بمنزلةِ الخان الذي يدخله من شاء فجنة غالية، ومنزلة عالية بين النَّاسِ وبينها من العقاب، والمفاوز، والأخطار ما لا تنال إلَّا به فمَا لمن أتبع نفسه هواها، وتمنى على الله الأماني ولهذه الدار فليعد عنها إلى ما هو أولى به وقد خلق لها وهي له.

قُلْتُ: وكلامه كله في الاحتجاج على أنَّ أبواب الجنةِ يصادفها أهلها مغلقة كما أنَّ أبوابَ النَّارِ يصادفها أهلها كذلك وهذا فيه نزاع مشهور بين العلماء والذي ذهبَ إليه ابن الجوزي، وغيرها وتلاهم العَلامة في "بهجته" خلاف ما نحاه الإمام المحقق.

فَإِنْ قُلْتَ: ما الذي تختاره؟ قُلْتُ: كلام المحقق أبلغ، وكلام الجمهور أظهر وأنا أختار ما قاله المحقق فإنا إذا قلنا:{حَتَّى إِذَا جَاءُوهَا وَفُتِحَتْ} [الزمر: 73] دلالة ظاهرة على ما نحاه، وتقدير الكلام حَتَّى إذا جاءوها وفتحت أبوابها سعدوا، وفازوا، ونعموا وقال لهم خزنتها وأمَّا قوله تعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50)} [ص: 50] أي:

(1) ذكره البغوي في "تفسيره" 8/ 376، ينظر في تفسير ابن عثيمين رحمنا الله وإياه في تفسيره للآية حيث ذكرها أن أحوال الإنسان أربعة: الأمكنة، والأزمنة، الأبدان والقلوب.

ص: 950

بعد دخولهم كما نقرره إن شاء الله تعالى وتأمل ما في سوق الفريقين إلى الدارين زمرًا من فرحة هؤلاء بإخوانهم، واستبشارهم، وقوة قلوبهم، وخزي أولئك وغمهم يساقون إلى النَّارِ زمرًا يلعن بعضُهم بعضًا فإن ذلك أبلغ في الخزي والفضيحة مِنْ أن يُساقوا واحدًا واحدًا فلا تهمل تدبر قوله تعالى:{زُمَرًا} وتأمل قول خزنة الجنَّة لأهلها: {طِبْتُمْ فَادْخُلُوهَا} أي: سلامتكم ودخولها يطيبكم، فإن الله حرمها إلَّا على الطيبين فيبشرونهم بالسلامة والطيب والدخول والخلود، وأمَّا أهل النَّار فإنهم لما انتهوا إليها على تلك الحالة من الهم والغم والخزي والحزن فتحت لهم أبوابها فوقفوا عليها وزيدوا على ما هم عليه من الخزي والنكال توبيخ خزنتها وتبكيتهم بقولهم:{أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا} فاعترفوا و {قَالُوا بَلَى وَلَكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذَابِ عَلَى الْكَافِرِينَ} [الزمر: 71].

وكلمة العذاب قوله تعالى: {وَلَكِنْ حَقَّ الْقَوْلُ مِنِّي لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنَ الْجِنَّةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ} [السجدة: 13].

وحقت بمعنى وجبت، فيبشرونهم حينئذ بدخولها والخلود فيها وأنها بئس المأوى لهم، وتأمل قول خزنة الجنَّة لأهلها: ادخلوها وقول خزنة النَّار لأهلها: ادخلوا أبواب جهنمَّ تجد تحته سًرا لطيفًا ومعنى بديعًا ظريفًا وهو أنَّها لما كانت دار العقوبة فأبوابها أفظع كل شيء وأشده حرًا وأعظمه غمًا يستقبل الداخل في العذاب ما هو أشد منها ويدنو من الغم والخزي بدخول الأبواب فقيل: ادخلوا أبوابها صغارًا لهم وإذلالاً وخزيًا ثم قيل لهم: لا يقتصر بكم على مجرد ذلك

ص: 951

ولكن وراء ذلك الخلود في النَّار.

وأمَّا الجنَّة فهي دار الكرامة والمنزل الذي أعبد الله لأوليائه فيبشرون من أول وهلة بالدخول إلى المقاعد والمنازل والخلود فيها، وتأمل قوله تعالى:{جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50) مُتَّكِئِينَ فِيهَا يَدْعُونَ فِيهَا بِفَاكِهَةٍ كَثِيرَةٍ وَشَرَابٍ (51)} كيف تجد تحته معنى بديعًا، وهو أنهم إذا دخلوا الجنَّة لم تغلق أبوابها عليهم بل تبقى مفتحة كما هي خلاف النَّار فإذا دخلوها أغلقت عليهم كما قال تعالى:{إِنَّهَا عَلَيْهِمْ مُؤْصَدَةٌ (8)} أي: مطبقة ومنه سمى الباب وصيدًا وهي مؤصدة في عمد ممدة قد جعلت العمد ممسكة للأبواب من خلفها كالحجر العظيم الذي يجعل خلف الباب.

قال مقاتل: يعني أبوابها عليهم مطبقة فلا يفتح لها باب ولا يخرج منها غم ولا [يدخل فيها روح](1) ولا يدخل فيها نسيم آخر الأبد، وأيضًا فإِنَّ في فتحِ الأَبوابِ إشارةً إلى تصرف أهل الجنَّة وذهابهم وإيابهم وتبوئهم من الجنةِ حيث شاءوا ودخول الملائكة عليهم من كلِّ باب في كلّ وقت بالتحف والألطافِ من ربهم وأيضًا إشارة إلى أنَّها دار من لا يحتاج إلى غلق الأبواب كما في الدُّنيا.

هذا ملخص كلام الإمام المحقق مختصرًا. وهو صريح في أنَّ الجنَّةَ يصادفها أهلها مغلقة الأبواب وقد علم الجواب عن قوله تعالى: {جَنَّاتِ عَدْنٍ مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ (50)} وهو أنَّها تكون كذلك بعد دخولهم

(1) كلمة غير واضحة بالأصل، واستدركناها من "زاد المسير" لابن الجوزي 9/ 136 وهي كذلك في تفسير مقاتل.

ص: 952

واستقرارهم ويؤيده قوله صلى الله عليه وسلم: "آتي بابَ الجنةِ فاستفتح". وقول الخازن: "بك أمرت ألا أفتح لأحدٍ قبلك"(1). هذا ظاهر والله الموفق.

وأخرجَ الشيخانِ عن سهلِ بن سعد رضي الله عنه أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "في الجنةِ ثمانية أبواب: باب منها يسمى الريان لا يدخله إلَّا الصائمون"(2).

وفيهما عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مَن أنفق زوجين من شيء من الأشياء في سبيل الله دعي من أبواب الجنَّة: يا عبدَ اللهِ هذا خير، فمَنْ كان مِن أهْلِ الصلاةِ دُعي من باب الصَّلاة، ومَن كان من أهل الجهادِ دعي من باب الجهاد، ومن كان من أهل الصدقة دعي من باب الصدقة، ومن كان من أهل الصيام دعي من باب الريان". فقال أبو بكر رضي الله عنه: والله يا رسول الله ما على أحد من ضرورة من أيها

(1) رواه مسلم (197) كتاب: الإيمان، باب: في قول النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم: "أنا أول النَّاس يشفع في الجنَّة

"، انظر ت (1) ص 899.

والترمذي (3148) كتاب: التفسير، باب: ومن سورة بني إسرائيل. ضمن حديث أبي سعيد الخدري.

وأحمد 3/ 136.

وأبو يعلى (3989) عن أنس رضي الله عنه.

(2)

رواه البُخاريّ (1896) كتاب: الَصوم، باب: الريان للصائمين.

ومسلم (1152) كتاب: الصيام، باب: فضل الصيام.

والترمذي (765) كتاب: الصوم، باب: ما جاء في فضل الصوم.

وابن ماجة (1640) كتاب: الصيام، باب: ما جاء في فضل الصيام.

وأحمد 5/ 333.

ص: 953

دعي، فهل يدعى منها كلها أحد يا رسولَ اللهِ؟ قال:"نعم، وإني لأرجو أن تكونَ منهم"(1) قال القرطبي: قيل الدعاء من جميعها دعاء تنويه وإكرام ثم يدخل من الباب الذي غلب عليه العمل (2).

وأخرج مسلم عن عمرَ رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "ما منكم من أحد يتوضّأ فَيبلِغُ -أو فيسبغُ- الوضوء ثمّ يقول: أشهد ألا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمداً عبده ورسوله اللَّهم اجعلني من التوابين. إلَّا فتحت له أبواب الجنَّة الثمانية يدخل من أيها شاء"(3). زاد التِّرمذيُّ: "واجعلني من المتطهرين"(4). زاد الإمام أحمد وأبو داود: "ثم رفع نظره إلى السماء فقال: اللَّهم أجعلني

" (5) الحديث.

(1) جاء في هامش الأصل هذا الكلام:

وفي لفظ: بأبي أنت وأمي يا رسول الله ما على من دعي من تلك الأبواب من ضرورةٍ، فهَلْ يدعى أحد من تلك الأبواب كلها؟ قال:"نعم، وأرجو أن تكون منهم".

والحديث أخرجه البُخاريّ (1897) كتاب: الصوم، باب: الريان للصائمين.

والترمذي (3674) كتاب: المناقب، باب: في مناقب أبي بكر وعمر.

والنَّسائيُّ 4/ 168 - 169 كتاب: الصيام، باب ذكر الاختلاف على محمَّد بن أبي يعقوب في حديث أبي أمامة في فضل الصائم. وأحمد 2/ 268.

تنبيه: ليس هناك عبادة يقول فيها المسلم ما صح من الذكر الوارد فيها وتفتح له أبواب الجنَّة الثمانية غير الوضوء.

(2)

انظر "التذكرة" ص 536.

(3)

رواه مسلم (234) كتاب: الطهارة، باب: الذكر المستحب عقب الوضوء.

(4)

رواه التِّرمذيُّ (55) كتاب: الطهارة، باب: فيما يقال بعد الوضوء.

(5)

رواه أحمد 1/ 19 - 20. وأبو داود (148) كتاب: الطهارة، باب: القول بعد الفراغ من الوضوء انظر: ما بعده.

ص: 954

وعند الإمام أحمد عن أنسٍ رضي الله عنه يرفعه: "من توضأ فأحسن الوضوء ثم قال ثلاث مرات: أشهد ألا إله إلَّا الله وحده لا شريك له وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله. إلَّا فتح له ثمانية أبواب الجنَّة من أيها شاء دخل"(1).

وأخرجَ عبدُ الله بن الإمام أحمد، وابن ماجة عن عتبة بن عبد الله السلمي مرفوعًا:"ما من مسلم يتوفى له ثلاثة من الولد لم يبلغوا الحنث إلَّا تلقوه من أبواب الجنَّة الثمانية من أيها شاء دخل"(2).

وأخرج الشيخان عَن أبي هريرةَ رضي الله عنه قال: وضعت بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم قصعة من ثريد ولحم فتناول الذراع وكانِ أحب الشَّاةِ إليه فنهس نهسة وقال: "أنا سيد النَّاس يوم القيامة" ثم نهس أخرى، وقال:"أنا سيدُ النَّاسِ يوم القيامةِ" فلمَّا رأى أصحابه لا يسألونه قال: "ألا تقولون: كيف؟ " قالوا: كيف يا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: "يقوم النَّاسُ لرب العالمين فيسمعهم الداعي وينفذهم البصر .. " فذكر حديثَ الشّفاعة بطولهِ وفي آخره: "فأنطلق فآتي العرش فأقع ساجدًا لربي فيقيمني رب العالمين مقامَا لم يقمه أحدًا قبلي، ولن يقيمه أحدًا بعدي، فأقول: يا رب أمتي. فيقول: يا محمَّد أدخل من أمتك من

(1) رواه أحمد 3/ 265. وابن ماجة (469) كتاب: الطهارة، باب: ما يقال بعد الوضوء، وانظر ما قبله.

(2)

رواه أحمد 4/ 183 - 184. وابن ماجة (1604) كتاب: الجنائز، باب: ما جاء في ثواب من أصيب بولده. والطبراني في "الكبير" 17/ 119 (294).

ص: 955

لا حساب عليهم من الباب الأيمنِ، وهم شركاءُ الناسِ فيما سوى ذلك من الأبواب، والذي نفس محمدِ بيده إن مَا بين مصراعين مِن مصاريع الجنَّةِ لكما بين مكّة وهجر، أو هجر ومكة" وفي لفظ:"كما بين مكّة وهجر أو كما بين مكّة وبصرى"(1).

وفي لفظ خارج الصَّحيح بإسناد: "إن ما بين عضادتي الباب كما بين مكّة وهجر".

قوله: "ينفذهم البصر" هو بالذال المعجمة كما في "النهاية" ويقال: نفذني بصره إذا بلغني وجاوزني.

قال في النهاية: قيل: المرادُ به ينفذهم بصر الرحمنِ حتى يأتي عليهم كلهم. وقيل: ينفذهم بصر الناظر لاستواءِ الصّعيد (2).

قال أبو حاتم: أصْحابُ الحديث يروونه بالذَالِ المعجمةِ وإنمَّا هو بالمهملةِ أي: يبلغ أولهم وآخرهم حتى يراهم كلهم ويستوعبهم من نفد الشيء وأنفدته، وحمل الحديث على بصِر المبصر أولى من حمله على بصر الرحمن؛ لأنَّ اللهَ سبحانَه يجمعُ النَّاسَ يومَ القيامةِ في أرضٍ يشهد جميع الخلائق فيها محاسبة العبدِ الواحد على انفرادِه ويبصرون ما يصير إليه. انتهى.

(1) رواه البُخاريّ (3340) كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: الأرواح جنود مجندة. ومسلم (194) كتاب: الإيمان، باب: أدنى أهل الجنَّة منزلة فيها. وأبو داود (4673) كتاب: السنة، باب: في رد الإرجاء. والترمذي (2434) كتاب: صفة القيامة، باب: ما جاء في الشفاعة. وأحمد 2/ 435 - 436.

(2)

"النهاية في غريب الحديث والأثر" ابن الأثير 5/ 91.

ص: 956

وأخرج الإمامُ أحمد عن حكيم بن معاوية عن أبيه أن رسولَ اللهِ صلى الله عليه وسلم قال: "أنتم توفون سبعين أمة أنتم آخرها وأكرمها على الله وما بين مصراعين من مصاريع الجنَّة مسيرة أربعين عامًا وليأتين عليه يوم وله كظيظ"(1).

فهذا الحديث إنْ صحَّ فحمول على أحد الأبواب وهو أعظمها.

وأخرج أبو الشَّيخ عن ابن عمرَ رضي الله عنهما مرفوعًا: "الباب الذي يدخل منه أهلُ الجنَّةِ مسيرة الراكبِ المجد ثلاثاً ثم إنهم ليضغطون عليه حتَّى تكاد مناكبهم تزول"(2). ورواه أبو نعيم عنه أيضاً.

قال الإمام المحقق: وهذا مطابق للحديثِ المتفق عليه أنَّ ما بين المصراعين كما بين مكّة وبصرى. فإنَّ الراكبَ المجود غاية الإجادة على أسرع هجين لا يفتر ليلاً ولا نهارًا يقطع هذه المسافة في هذا القدرِ أو قريب منه. كذا قال وهو بعيد جدًا.

تنبيه: حديث حكيم بن معاوية مضطرب. قال المحقق:

(1) رواه عبد بن حميد 1/ 377 (411)، وأحمد 5/ 3، وابن حبان 16/ 401 (7388) كتاب: إخباره صلى الله عليه وسلم عن مناقب الصّحابة، باب: وصف الجنَّة وأهلها، والبيهقيّ في "البعث والنشور" (239) باب: ما ورد في عدد الجنان.

(2)

أبو نعيم في "صفة الجنَّة"(179). والترمذي رقم (2548) وقال التِّرمذيُّ هذا حديث غريب، وسألت محمَّد عن هذا الحديث فلم يعرفه، وقال: لخالد بن أبي بكر مناكير عن سالم عن عبد الله، والبيهقيّ في "البعث"(237)، والمزي في "تهذيب الكمال"(1/ 350)، وضعفه ابن الجوزي في العلل (1550)، وعزاه المناوي في فيض القدير (3/ 192) لأبي يعلى البغوي في "مصابيح السنة" (2/ 160) منكر وقال: ضعيف. وضعفه الألباني في ضعيف الجامع (3/ 3) وتخريج المشكاة (5645)، انظر ت (1) ص 900.

ص: 957

والصحيح هو المتفق على صحته والله أعلم (1).

روى ابن مسلم عن خليد عن الحسن في قوله تعالى: {مُفَتَّحَةً لَهُمُ الْأَبْوَابُ} ترى أي: تشاهد وتنظر وذكر أيضاً عن قتادة قال: "أبواب يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها، تتكلم وتكلم وتفهم ما يقال لها: انفتحي انغلقي"(2). وأخرج أبو الشَّيخ عن عبد الله أن غياث الفَزَاريُّ قال: "لكل مؤمن في الجنَّة أربعة أبواب: فباب يدخل عليه زواره من الملائكة، وباب يدخل عليه أزواجه من الحور العين، وباب مقفل فيما بينه وبين أهل النار يفتحه إذا شاء ينظر إليهم لتعظم النعمة عليه وباب فيما بينه وبين دار السَّلام يدخل فيه على ربه إذا شاء"(3).

قلت: ومراده قطعًا أبواب منزله في الجنَّة لا أبواب الجنَّة كما لا يتشبه على ذي فهم والله أعلم. ومن "حادي الأرواح" عن أنس مرفوعًا "أنا أول من يأخذ حلقة باب الجنَّة ولا فخر"(4) وفي حديث الشفاعة عنه أيضاً أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يأخذ بحلقة باب الجنَّة فأقعقعها"(5).

قال المحقق: وهذا صريح في أنَّها حلقة حسية تقعقع وتحرك قال:

(1) انظر "حادي الأرواح" ص 92.

(2)

رواه أبو نعيم في "صفة الجنَّة" بهذا الإسناد رقم (173).

(3)

انظر "حادي الأرواح" ص. 94 نقل هذا القول ابن رجب في "التخويف من النَّار" ص 157.

(4)

رواه العقيلي في "الضعفاء الكبير" 3/ 200 ترجمة: عثمان بن دينار، ولفظه:"أنا أول ضارب حلقة باب الجنَّة ولا فخر".

(5)

سبق تخريجه قريباً.

ص: 958

ويُذكر عن على كرم الله وجهه: من قال: لا إله إلَّا الله الملك الحق المبين في كل يوم مائة مرَّة كان له أمان من الفقر وأؤمن من وحشة القبر واستجلب بها الغناء واستقرع به باب الجنَّة (1).

قال: ولما كانت الجنان درجات بعضها فوق بعض كانت أبوابها كذلك وباب الجنَّة العالية أوسع من باب الجنَّة التي تحتها وكلما علت الجنَّة اتسعت فعاليها أوسع مما دونه وَسعت الجنان بحسب وسع الجنَّة قال: ولعل هذا وجه الخلاف الذي جاء في مسافة ما بين مصراعي الباب. قال: ولهذه الأمة باب مختص بهم يدخلونها منه دون سائر الأمم.

أخرج الإمام أحمد عن عمر رضي الله عنهما: أن النَّبيَّ صلى الله عليه وسلم قال: "باب أمتي الذي يدخلون منه الجنَّة عرضه مسيرة الرَّاكب ثلاًثا ثم إنهم يضغطون عليه حتَّى تكاد مناكبهم تزول"(2).

قوله: يضغطون أي يزدحمون حتَّى يحصل لهم بسب ذلك ضيق وقهر من شدة الزحمة والمراد أنَّه مع سعته يكون عليه ازدحام والله أعلم.

وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه: عن النَّبيِّ أنَّه قال: "أتاني جبريل فأخذ بيدي فأراني باب الجنَّة الذي تدخل منه أمتي"(3).

(1) أبو نعيم في "صفة الجنَّة" رقم (185)، انظر ت (2) ص 957.

(2)

رواه التِّرمذيُّ (2548) كتاب: صفة الجنَّة، باب: ما جاء في صفة أبوب الجنَّة، وأبو يعلى 9/ 407 (5554). من حديث ابن عمر، ولم أجده عند أحمد، ولا من حديث عمر.

(3)

رواه أحمد في "فضائل الصّحابة" 1/ 273 (258)، وأبو داود (4652) كتاب: السنة، باب: في الخلفاء، وضعفه الألباني.

ص: 959

الحديث. قال: في "حادي الأرواح"(1): روينا في "معجم الطبراني" أن لقيط بن عامر خرج وافدًا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قلت: يا رسول الله فما الجنَّة والنَّار؟ قال: "لعمر إلهك إن للنار سبعة أبواب ما منهن بابان إلَّا يسير الراكب بينهما سبعين عامًا وأن للجنة ثمانية أبواب ما منهن بابان إلَّا يسير الراكب بينهما سبعين عامًا"(2). وذكر الحديث بطوله ثم قال: وهذا الظاهر منه أن هذه المسافة بين الباب والباب لأنَّ ما بين مكّة وبصرى لا يحتمل التقدير بسبعين عامًا. ولا يمكن حمله على باب معين لقوله: ما منهن بابان. قلت: وإلى هذا أشار المحقق في النونية بقوله:

أبوابها حقاً ثمانية أتت

في النَّصُّ وهي لصاحب الإحسان

باب الجهاد وذاك أعلاها وباب

الصوم يدعى الباب بالريان

ولكل سعي صالح باب ورُب السعي

منه داخل بأمان

ولسوف يدعى المرء من أبوابها

جميعاً إذا وافى حلي الإيمان

منهم أبو بكر هو الصِّديق ذاك

خليفة المبعوث بالقرآن

وسبعون عامًا بين كل اثنين منها

قدرت بالعدو إلحان

هذا حديث لقيط المعروف بالخبر

خبر الطويل وذا عظيم الشأن

وعليه كل جلالة ومهابة

ولكم حواه بعد من عرفان

لكن بينهما مسيرة أربعين

رواه حبره الأمة الشيباني

ومسند بالرَّفع وهو لمسلم

وقف كمرفوع بوجه ثاني

(1) انظر "حادي الأرواح" ص (98).

(2)

"المعجم الكبير" للطبراني 19/ 211 - 215 (477)، ومسند أحمد (4/ 13 - 14) أبو داود (3249) سيأتي في ص 1172، 1173.

ص: 960

ولقد روى تقديره بثلاثة

أيَّام لكن عند ذي العرفان

أعني البُخاريّ الرضى هو منكر

وحديث راويه فذو نكران (1)

فبين رحمه الله ورضي عنه أن بين كل بابين مسيرة سبعين عامًا، وبين كل مصراعين من تلك الأبواب مسيرة أربعين يومًا، وبين أن البُخاريّ ينكر حديث تقدير ما بين المصراعين بثلاثة أيَّام راويه يروي الحديث المنكرات والله أعلم.

(1) شرح ابن عيسى للنونية (2/ 469، 472).

ص: 961