الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل في مفتاح الجنَّة
وأعلم أن الباب لابد له من مفتاح، وأن مفتاح الجنَّة هي كلمة الإخلاص وهي شهادة أن لا إله إلَّا الله وأن محمدًا صلى الله عليه وسلم عبده ورسوله. أخرج الإمام أحمد عن معاذ بن جبل رضي الله عنه مرفوعًا:"مفتاح الجنَّة شهادة أن لا إله إلَّا الله"(1). قال الحافظ ابن رجب في كتابه "التوحيد": إسناده منقطع وسنده صحيح.
البُخاريّ عن وهب بن منبه: أنَّه قيل له: أليس مفتاح الجنَّة لا إله إلَّا الله؟ قال: بلى ولكن ليس من مفتاح إلَّا له أسنان فإن أتيت بمفتاح له أسنان فتح لك وإلا لم يفتح (2).
وأخرج أبو نعيم عن أنس رضي الله عنه قال: قال أعرابي: يا رسول الله ما مفتاح الجنَّة؟ قال: "لا إله إلَّا الله"(3).
وأخرج أبو الشَّيخ عن مجاهد عن يزيد بن شجرة قال: "إن
(1) رواه أحمد 5/ 242. والبزار في "البحر الزخار" 7/ 103 - 104 (2660).
والطبراني في "الدعاء" 3/ 1488 (1479). وابن عدي في "الكامل" 5/ 60 ترجمة: شهر بن حوشب.
(2)
علقه البُخاريّ جزمًا قبل حديث (1237) كتاب: الجنائز، باب: في الجنائز. ووصله ابن حجر في "تغليق التعليق" 2/ 453.
(3)
رواه أبو نعيم في "صفة الجنَّة" رقم (190).
السيوف مفاتيح للجنة" (1).
وفي المسند عن معاذ رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "ألا أدلك على باب من أبواب الجنَّة؟ " قلت: بلى. قال: "لا حول ولا قوة إلَّا بالله"(2).
قال في حادي الأرواح (3): ولقد جعل الله لكل مطلوب مفتاحًا يفتح به فجعل مفتاح الصَّلاة الطهارة كما قال صلى الله عليه وسلم مفتاح الصَّلاة الطهور (4) ومفتاح الحج الإحرام، ومفتاح البر الصدق، ومفتاح الجنَّة التَّوحيد، ومفتاح العلم حسن السؤال، وحسن الإصغاء، ومفتاح النصر والظفر الصبر، ومفتاح المزيد الشكر، ومفتاح الولاية المحبة، ومفتاح المحبة الذكر، ومفتاح الفلاح التقوى، ومفتاح التوفيق الرغبة والرهبة، ومفتاح الإجابة الدعاء، ومفتاح الإيمان التفكر فيما دعا الله عباده إلى التفكر فيه، ومفتاح الدخول على الله سلامة القلب، وسلامته له والإخلاص له في الحب والبغض والفعل والترك، ومفتاح حياة القلب تدبر القرآن والتضرع بالأسحار وترك الذنوب والأوزار، ومفتاح حصول الرحمة الإحسان في عبادة الخالق والسعي في نفع
(1) رواه أبو الشَّيخ كما في "حادي الأرواح" ص 105.
(2)
رواه عبد بن حميد 1/ 171 (128). وأحمد 5/ 228، 242، 244. والنَّسائيُّ في "عمل اليوم والليلة" (359).
وفي "السنن الكبرى" 6/ 97 (10189) كتاب: عمل اليوم والليلة، باب: ما يقول إذا انتهى إلى قوم فجلس إليهم.
(3)
"حادي الإرواح" ص 105.
(4)
ابن ماجة (275). وقال الألباني: حسن صحيح.
عبيده، ومفتاح حصول الرزق السعي مع الاستغفار والتقوى، ومفتاح العز طاعة الله ورسوله، ومفتاح الاستعداد للآخرة قصر الأمل، ومفتاح كل خير الرغبة في الله والدار الآخرة، ومفتاح كل شر حب الدُّنيا وطول الأمل وهذا باب عظيم من أنفع أبواب العلم لمعرفة مفاتيح الخير والشر فإن الله جعل للخير وللشر مفتاحًا وبابًا يدخل منه إليه، كما جعل الشرك والكبر والإعراض عما بعث الله به رسوله والغفلة عن ذكره والقيام بحقه مفتاحًا للنار، والخمر مفتاح كل إثم، والغناء مفتاح الزنا، وإطلاق النظرة في الصور مفتاح المطلب، والعشق والكسل والراحة مفتاح الخيبة والحرمان، والمعاصي مفتاح الكفر، والكذب مفتاح النفاق، والشح والحرص مفتاح البخل، وقطيعة الرحم وأخذ المال من غير حله والإعراض عما جاء به الرسول مفتاح كل بدعة وضلالة فسبحان مسبب الأسباب والله الموفق وإلى المفتاح أشار في النونية بقوله (1):
هذا وفتح الباب ليس بممكن
…
إلَّا بمفتاح على أسنان
مفتاح بشهادة الإخلاص والتوحيد
…
تلك شهادة الإيمان
أسنانه الأعمال وهي شرائع الإسلام
…
والمفتاح بالأسنان
لا تلغين هذا المثال فكم به
…
من حل إشكال لذي العرفان
(1) شرح ابن عيسى (2/ 474).