المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

قلتُ: ليس في الحديث إلَّا أنّ له اثنتين وسبعين من - البحور الزاخرة في علوم الآخرة - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب الرابع في ذكر الجنَّة وصفاتها، وذكر نعيمها ولذاتها

- ‌الباب الأول في ذكر أبوابها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في مفتاح الجنَّة

- ‌الباب الثَّاني في مكان الجنَّة ومنشورها وتوقيعها وتوحد طريقها

- ‌فصل

- ‌فصل في توحيد طريق الجنَّة

- ‌الباب الثالث في درجات الجنةِ وأعلاها وما أسم ملكاً الجنَّة

- ‌فصل

- ‌الباب الرابع في عرض الرب الجنَّة على العباد، وعدد الجنان، وأسمائها، وذكر السابقين إليها وإن كثر أهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في أسماءِ الجنَّةِ ومعانيها واشتقاقها

- ‌فصلٌ في عددِ الجنات وأنواعها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصلٌ في ذكر أوَّل من يقرع بابَ الجنَّةِ

- ‌فصل

- ‌فصل وتقدم أنَّ الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنةِ بخمسمائة عام

- ‌فصل في أصناف أهل الجنة الذين ضمنت لهم دون غيرهم

- ‌فصل في أنَّ أكثر أهل الجنة هذه الأمّة المطهرة

- ‌الباب الخامس في تربة الجنة ونورها وغرفها وقصورها وخيامها وما يلحق بذلك

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب السادس في صفة أهل الجنة وأعلاهم وأدناهم منزلة وتحفتهم إذا دخولها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في ذكر أنهار الجنَّة وعيونها، وطعام أهلها، وشرابهم، ومصرف ذلك وآنيتهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب التاسع في ذكر لباس أهل الجنَّة، وحليهم، ومناديلهم، وفرشهم، وبسطهم، ووسائدهم وسررهم وأرائكهم

- ‌فصل ومن ملابس أهل الجنَّةِ التيجان على رءوسهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب العاشر في ذكر خدم أهل الجنَّة، وغلمانهم، ونسائهم، وسراريهم، والمادة التي خلق منها الحور العين، ونكاحهم، وهل في الجنَّة ولد أم لا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في الإشارة إلى غريب هذا الحديث العظيم

- ‌الباب الحادي عشر في ذكر سماع أهل الجنَّة، وغناء الحور العين، وذكر مطاياهم، وزيارة بعضهم بعضًا

- ‌فصل

- ‌فصل زيارة أهل الجنَّة لبعضهم بعضا

- ‌فصل في ذكر سوق الجنَّة، وما أعدَّ الله فيها لأهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في تكليمه سبحانه وتعالى لأهل الجنَّة

- ‌الباب الثالث عشر في أن الجنَّة فوق ما يخطر بالبال، ويتوهمه الخيال، أو يدور في الخلد، وفوق ما يصف كلّ أحد كيف؟ وموضع سوط منها خير من الدُّنيا وما فيها

- ‌الباب الرابع عشر في فصول جامعة وحكم هامعة

- ‌الفصل الأول في ذكر آخر أهل الجنَّةِ دخولًا

- ‌الفصل الثاني في لسان أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الثالث في احتجاج الجنَّة والنَّار

- ‌الفصل الرابع في امتناع النوم على أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الخامس في ارتقاء العبدِ وهو في الجنَّة من درجة إلى درجة أعلى منها

- ‌الفصل السادس في إلحاق ذرية العبد المؤمن به في الدرجة وإن لم يعملوا عمله

- ‌الفصل السابعفي مسألة عظيمة، ونكتة جسيمة

- ‌الفصل الثامن ترفع جميع العبادات في الجنَّة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة، لا تبيد، ولا ترفع حتى في دار الجزاء

- ‌الباب الخامس عشر فيمن يستحق لهذه الدار من الملل والأنفار

- ‌تتمة

- ‌الكتاب الخامس في ذكر النار وصفاتها وشدة عذابها أعاذنا الله تعالى منها بمنه وكرمه

- ‌الباب الأول في ذكر الإنذار والتحذير من النَّار، والخوف منها، وأحوال الخائفين من تلك الدار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في ذكر مكان جهنم وطبقاتها ودركاتها وصفاتها وقعرها وعمقها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثالث في ذكر أبواب جهنم وسرادقها وظلمتها وشدة سوادها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل وأما ظلمتها وشدة سوادها

- ‌الباب الرابع في شدة حر جهنم وزمهريرها وسجرها وتسعيرها وتغيظها وزفيرها أعاذنا اللَّه منها

- ‌فصل وأما زمهريرها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر دخان جهنم وشررها ولهبها

- ‌الباب الخامس في ذكر أودية جهنم وجبالها وعيونها وأنهارها

- ‌ما جاء في جبال جهنم أجارنا اللَّه منها ووالدينا

- ‌الباب السادس في ذكر سلاسلها وأغلالها وحجارتها وأنكالها وحياتها وعقاربها

- ‌فصل وأما حجارتها

- ‌فصل وأما حيات جهنم وعقاربها

- ‌الباب السابع في ذكر طعام أهل النار وشرابهم وكسوتهم وثيابهم

- ‌فصل وأمَّا شرابهم

- ‌فصل وأما كسوة أهل النار وثيابهم

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في عظم خلق أهل النار، وقبحهم، وأنواع صفاتهم بحسب أعمالهم

- ‌فصل في أنواع عذاب أهل النار، وتفاوتهم في ذلك في دار البوار على حسب ما اقترفوا من الذنوب والأوزار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يتحف به أهل النارِ عند دخولهم دار البوار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصل في بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم ودعائهم الذي لا يستجاب لهم

- ‌فصل

- ‌فصل في نداء أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار، وكلام بعضهم بعضا

- ‌الباب التاسع في ذكر خزنة جهنَّم، وزبانيتها

- ‌الباب العاشر في ذكر حال الموحدين في النار، وخروجهم منها برحمة أرحم الراحمين، وشفاعة الشافعين وفي أكثر أهل النار، وأصنافهم

- ‌فصل

- ‌فصل في حسن الظن بالله تعالى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر أوّل من يدخل النار من سائر البشر وفي أول من يدخلها من عصاة الموحدين

- ‌تتمة في مسائل متفرقة

- ‌المسألة الأولى في خلود أهل الدارين فيهما:

- ‌المسألة الثانية في أصحاب الأعراف

- ‌المسألة الثالثة: في أطفال المشركين

- ‌المسألة الرابعة: في أهل الفترة ونحوهم

- ‌الخاتمة وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في التوبة

- ‌فصل

- ‌الفصل الثاني: في المحبة

- ‌المقصد الأوّل: في لزوم المحبة له سبحانه وتعالى

- ‌المقصد الثاني: في علامات المحبة الصادقة والتذاذ المحبين بها

- ‌ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم على درجتين:

- ‌تكملة في بعض أحوال أهل المحبة وهي أكثر من أن تذكر في مثل هذا المختصر وأعظم من أن تحصر أو تحد بالنظر

- ‌الخاتمة

الفصل: قلتُ: ليس في الحديث إلَّا أنّ له اثنتين وسبعين من

قلتُ: ليس في الحديث إلَّا أنّ له اثنتين وسبعين من الحور العين سوى أزواجه من الدُّنيا يعني سوى أزواجه الكائنة في الدنيا لا أنه كلّ إنسان في الجنَّة له أزواج من نساء الدنيا، وكون أوّل زمرة تلج الجنَّة لكلِّ واحد منهم زوجتان من الحور العين لا ينافي أنْ يكون له أكثر من ذلك إذ العدد لا مفهوم له، فتأمل على أن شهر بن حوشب وثقه جماعة وحسّنوا له، لكن خالف الثقات هنا فرد حديثه والله أعلم.

‌فصل

وأمَّا تحفة أهل الجنَّةِ إذا دخلوها فزيادة كبد النون.

كما أخرجه مسلم في "صحيحه"(1) عن ثوبان رضي الله عنه قال: كنت قائمًا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فجاء حبر من أحبار اليهود ففال: السَّلام عليكَ يا محمد فدفعته دفعةً كاد يصرع منها فقال: لم تدفعني؟ فقلت: ألا تقول يا رسول الله! فقال اليهودي: إنّما ندعوه باسمه الذي سمَّاه به أهلُه فقال صلى الله عليه وسلم: "إن اسمي محمد الذي سماني به أهلي فقال اليهودي: جئتُ أسألك: فقال له صلى الله عليه وسلم: "أينفعك شيء إن حدثتك" قال: اسمع بأذني فنكثَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم بعود معه فقال: "سل" فقال اليهودي: أين تكون الناس يوم تبدل الأرضُ غير الأرض، والسموات؟ فقال صلى الله عليه وسلم: "هم في الظلمة دون الجسر" قال: فَمَن أوّل

(1) مسلم (315) كتاب: الحيض، باب: بيان صفة مني الرجل والمرأة وأن الولد مخلوق من مائها، والنسائي في عشرة النساء (188)، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(337)، والحاكم (3/ 481)، والطبراني (1414)، والبيهقي في "البعث"(315).

ص: 1069

الناسِ إجازة يومَ القيامةِ؟ قال: "فقراء المهاجرين" قال اليهودي: فما تحفتهم حين يدخلون الجنَّة؟ قال: "زيادة كبد النَّون" قال: هما غذاؤهم على إثرها؟ قال: "يُنحر لهم ثورُ الجنَّة الذي يكل من أطرافها" قال: فما شرابهم عليه؟ قال: "من عين فيها تسمَّى سلسبيلا" قال: صدقت، قال: وجئت أسألك عن شيء لا يعلمه أحدٌ من أهل الأرض إلا نبي أو رجل أو رجلان قال: "ينفعك إن حدَّثتك؟ ". قال: أسمع بأذني قال: جئت أسألك عن الولد قال: "ماء الرجل أبيض وماء المرأة أصفر، فإذا اجتمعا فعلا مني الرجل مني المرأة أذكرَا بإذن الله" أي: أتى المولود ذكرًا وإذا علا مني المرأة مني الرَّجل انثا بإذن الله" أي: جاء المولود أنثى، فقال اليهودي: لقد صدقت، وإنك لنبي، ثُمَّ انصرف. فقال صلى الله عليه وسلم: "لقد سألني هذا عنِ الذي سألني عنه، ومالي علمٌ منه بشيء حتى أتاني الله عز وجل به".

وفي صحيح البخاري (1) عن أنس رضي الله عنه أنه سمع عبد الله بن سلام رضي الله عنه مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة، وهو في أرض يخترف أي: يجتني منها الثمار والخريف: الزمان الذي تُخترف فيه الثمار يُقال: اخترفت الثمرة أي: اجتنيتها: فأتى النَّبيّ صلى الله عليه وسلم فقال: إني سائلك عن ثلاث لا يعلمهن إلا نبي: فَما أوَّل أشراط الساعة؟ وما أوَّل طعام أهل الجنَّة؟ وما ينزع الولد إلى أبيه، أو إلى أمه؟ قال: اخبرنا بهن جبريل آنفا قال: (يعني: ابن سلام) جبريل؟ قال النَّبيّ صلى الله عليه وسلم: "نعم" قال: ذاك عدو اليهود من الملائكة فقرأ هذه الآية: {مَنْ

(1)"صحيح البخاري"(3329) كتاب: الأنبياء، باب: خلق آدم وذريته.

ص: 1070

كَانَ عَدُوًّا لِجِبْرِيلَ فَإِنَّهُ نَزَّلَهُ عَلَى قَلْبِكَ بِإِذْنِ اللَّهِ} [البقرة: 97] أمَّا أوَّل أشراط السَّاعة، فنار تحشر الناس من المشرق إلى المغرب، وأمّا أوَل طعام يأكله أهل الجنَّةِ فزيادة كبد الحوت، وإذا سبق ماء الرجل ماء المرأة نزع الولدَ، وإذا سبق ماءُ المرأة نزعت قال: أشهد أن لا إنه إلا الله وأشهد أنك رسول الله يا رسُولَ الله إنَّ اليهود قوم بهت وإنهم إنْ يعلموا بإسلامي قبل أن تسألهم بَهتَوني فجاءت اليهود فقال: "أي رجل عبد الله فيكم؟ " قالوا: خيرنا وابن خيرنا، وسيدنا وابن سيدنا قال:"أفرأيتم إن أسلم عبد اله؟ " فقالوا: أعاذه الله من ذلك فخرج عبد الله فقال: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمدًا رسول الله. فقالوا: شرّنا وابن شرِّنا، وانتقصوه فقال: هذا الذي كنت أخاف يا رسول الله.

قلت: وهو في "ثلاثيات الإمام أحمد" وفيه: وأعلمُنا وابن أعلمِنا.

وفي الصحيحين عن أبي سعيد مرفوعًا: "تكون الأرض يوم القيامة خبزةَ واحدةً يتكفؤها الجبار كما يتكفؤ أحدُكم خبزته في السَّفر نزلًا لأهل الجنَّة" فأتى رجلٌ من اليهود فقال: بارك الرحمن عليك يا أبا القاسم، ألا أخبرك بنزل أهل الجنَّةِ يوم القيامة؟ قال:"بلى" قال: تكون الأرض خبزة واحدة، (كما قال النَّبيّ) فنظر النَّبيّ صلى الله عليه وسلم إلينا، ثم ضحك حتى بدت نواجذه، ثُمَّ قال:"ألا أخبرك لإدامهم؟ " قال (1):

(1) في (أ): قال: بلى.

ص: 1071

"إدامهم بالامٌ ونون". قال: "وما هذا؟ " قال: "ثور ونون، يأكل منْ زيادة كبدها سبعون ألفًا"(1).

قال في "مشارق الأنوار": بالامٌ ثور الجنَّة، والنون: الحوت. أما النون فعروف في كتاب الله تعالى، وفي لسان العرب، وأما بالام فليست بعربية ولا حكاها أحد عنهم. قال القاضي عياض: وجدت هذه الحروف في كتاب الحميدي يعني: الأندلسي باللاي، واللاي الثور الوحشي على مثال اللهي واللغي، ولا أعلم من رواه هكذا إلا ما رأيت له فإن كان أصلحه مما ظن أنه صُحِّف فقد بقيت الميم التي تثبت بعد اللام في الصحيح فتحمل على أنها تصحفت من الياء الساكنة بعد اللام من اللاي (2).

وقال الخطابي (3): لعل اليهودي أراد التعمية فقطع الهجاء، أوقد، (4) قدم أحد الحرفين [فقال يا لام](5)، وإنما [هو](6)[الرتبة](7)

(1) رواه البخاري (6520) في الرقاق، باب: يقبض الله الأرض يوم القيامة، ومسلم (2792) في صفة القيامة والجنة والنار، باب: نزل أهل الجنة.

وقوله: "خبزة واحدة": أي الطُلمة، وهي عجين يوضع في الملَّة، أي الرماد الحار حَتَّى ينشج. "يكفؤها الجبار بيده": أي يُميلها من يدٍ إلى يدٍ حَتَّى تجتمع وتستوي؛ لأنها ليست منبسطة.

"بالام" لفظة عبرانية معناها ثور.

(2)

"مشارق الأنوار 1/ 76 وهنا فيه حذف وتقديم وتأخير ليس كالأصل.

(3)

"أعلام الحديث"(2266).

(4)

غير موجود في "أعلام الحديث".

(5)

زيادة من "أعلام الحديث".

(6)

زيادة من "أعلام الحديث".

(7)

في "أعلام الحديث": في حق الترتيب.

ص: 1072

[لام ألف وياء هجاء](1) لأي على وزن لعا (2) فصحف الراوي الباء بالياء قال: وهذا أقرب ما يقع لي فيه اللهم إلا أن يكون عبر عنه بالعبرانية فقدَّم (3) الياء؛ لأن أكثر العبرانية مقلوب على لسان العرب بتقديم حروف، وتأخيرها، وقد قيل: إن العبراني هو العرباني (4)، فقدموا الباء، قال: وهذا كله مع ما فيه من التحكم، والظن غير مسلم؛ لأن هجاء اللاي غير هجاء باللام، وأولى ما يقال: أن تقرأ الكلمة كما رويت، وتكون عبرانية، ألا ترى أنهم سألوا اليهودي عن تفسيرها؟ ولو كانت كما قال الحميدي باللاي لعرفوها بلغتهم، ولا يوجد في اللغة العبرانية باللام؛ لأنه اسم ثور، قال: وقد سألت عنه من يقوم به فلم يعرفه، قالوا: وإنما البالم في اللغة العبرانية

(1) في "أعلام الحديث": لام ياء هجاء.

(2)

في "أعلام الحديث" زيادة أي ثور وبعدها العبارة في "الأعلام" بقيتها هكذا نصها: يقال للثور الوحشي اللأي، وجمعه الآلاء، فصحف فيه الرواة فقالوا: بَالَام - بالباء - وإنما هو بَالَام بحرف العلة وكتبوه بالهجاء المضاعف، فأشكل واستبهم كما ترى وهذا أقرب ما يقع لي فيه إلا أن يكون ذلك بغير لسان العرب، فإن الخبر به يهودي، فلا يبعد أن يكون إنما عبر بلسانه، ويكون ذلك في لسانهم بلا وأكثر العبرانية فيما يقوله أهل المعرفة بها مقلوب عن لسان العرب - بتقديم الحروف وتأخيرها - وقد قيل إن العبراني هو العرباني، فقدموا وأخروا الراء والله أعلم بصحته.

(3)

ساقطة من (ب).

(4)

في (أ)، (ب): العربان، وما أثبت من "أعلام الحديث".

ص: 1073

الشديد، فلا يمتنع أن يكون عندهم مستعملاً في الثور، وكل ما يوصف بالقوة والشدة، وأما زيادة الكبد فهي القطعة المنفردة المنقطعة فيها، وهي أطيبها، وهؤلاء السبعون ألفًا يحتمل أنهم الذين يدخلون الجنَّة بغير حساب، ويحتمل أنه أراد به التكثير من غير إرادة حصر والله الموفق.

ص: 1074

الباب السابع في ريح الجنَّة وبساتينها (1)، وأشجارها، وثمارها، وزرعها

أمّا ريحها فأخرج الطبراني عن عبد الله بن عمرو، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال:"من قتل قتيلاً من أهل الذمة لم يرح رائحة الجنَّة، وإن ريحها ليوجد من مسيره مائة عام"(2). وأخرجه البخاري في صحيحه بلفظ: "ليوجد من مسيرة أربعين عامًا"(3).

وأخرج الترمذي عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا "ألا من قتل نفسًا معاهدا له ذمة الله، وذمة رسوله فقد أخفر بذمة الله فلا يرح رائحة الجنَّة، وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة سبعين خريفًا". قال الترمذي: حديث حسن صحيح (4).

قال في "حادي الأرواح"(5): قال محمد بن عبد الواحد:

(1) في (أ): ومناديها.

(2)

رواه الطبراني كما في "كنز العمال" 15/ 65 - 66، والحاكم 2/ 126 وقال: هذا حديث صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه، ووافقه الذهبي.

(3)

رواه البخاري (3166) في كتاب: الجزية والموادعة، باب: إثم من قتل معاهدًا بغير جُرْم ولفظه: "مَنْ قَتَلَ معَاهدًا لم يَرِحْ رَائِحَةَ الجَنَّة، وإنَّ رِيحَهَا يُوجَدُ مِنْ أربَعينَ عَامًا".

(4)

رواه الترمذي (1403) في الديات، باب: ما جاء فيمن يقتلُ نفسًا معاهدَة.

(5)

"حادي الأرواح" ص 229.

ص: 1075

وإسناده عندي على شرط الصحيح.

قال المحقق (1): قلت: وقد رواه الطبراني عنه مرفوعًا "من قتل نفسًا معاهدة بغير حقها لم يرح رائحة الجنَّة، وإن ريح الجنَّة يوجد من مسيرة مائة عام"(2) وأخرج عن أبي بكرة رضي الله عنه سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "ريح الجنَّة يوجد من مسيرة مائة عام"(3).

قال في "حادي الأرواح"(4): وهذه الألفاظ لا تعارض بينها بوجه، وقد أخرجا في الصحيحين عن أنس رضي الله عنه قال: لم يشهد عمي مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدرًا قال: فشق عليه قال: أول مشهد شهده رسول الله صلى الله عليه وسلم غبت عنه فإنْ أراني الله مشهدًا فيما بعد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليرين الله ما أصنع قال: فهاب أنْ يقولَ غيرها. قال: فشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم أحد قال: فاستقبل سعد بن معاذ فقال له أين؟ فقال: واها لريح الجنَّة أجده دون أحد قال: فقاتلهم حتى قتل قال: فوجد في جسده بضع وثمانون من بين ضربة،

(1) المصدر السابق.

(2)

رواه الطبراني في "المعجم الأوسط"(663). قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 6/ 294: رواه الطبراني في "الأوسط" عن شيخه أحمد بن القاسم، ولم أعرفه، وبقية رجاله رجال الصحيح غير معلل بن نفيل وهو ثقة.

وانظر أبو يعلى (9452).

(3)

رواه أحمد 5/ 46، والحاكم 2/ 126 وصححه، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(193) والبيهقي 8/ 133، والضياء المقدسي في "صفة الجنة"(153).

(4)

"حادي الأرواح" ص 229.

ص: 1076

وطعنة، ورمية فقالت أخته (1): عمتي الربيع بنت النضر: فما عرفت أخي إلا ببنانه، ونزلت هذه الآية {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} [الأحزاب: 23]. قال: فكانوا يرون أنها نزلت فيه، وفي أصحابه (2).

قال في "حادي الأرواح"(3): وريح الجنَّة نوعان: رلح يوجد في الدُّنيا تشمه الأرواح أحيانًا لا يدركه العباد (4)، وريح يدرك بحاسة الشم للأبدانِ كما تشم روائح الأزهار، وغيرها، وهذا يشترك أهل الجنَّةِ في إدراكه في الآخرة من قرب وبعد، وأمَّا في الدنيا فقد يدركه من شاء الله من أنبيائه، ورسله، وهذا الذي وجده أنس بن النضر رضي الله عنه يجوز أن يكون من هذا، وأن يكون من الأول انتهى.

قُلْتُ: الظاهر أنه من الثاني؛ لأنَّه قوله: لريح الجنَّة أجده دون أحد، يشير إلى هذا، فتأمل

وأخرج "أبو نعيم" عن أبي هريرة مرفوعًا: "رائحة الجنَّة توجد من مسيرة خمسمائة عام"(5).

وأخرج الطبراني عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله

(1) في (ب): أخذت.

(2)

رواه البخاري (2805) في كتاب الجهاد، باب: قول الله عز وجل: {مِنَ الْمُؤْمِنِينَ رِجَالٌ صَدَقُوا مَا عَاهَدُوا اللَّهَ عَلَيْهِ} . ومسلم (1903) في كتاب الإمارة، باب: ثبوت الجنة للشهيد.

(3)

"حادي الأرواح" ص 230.

(4)

العبادة في (أ، ب) وما أثبت من "حادي الأرواح".

(5)

رواه أبو نعيم في "الحلية" 3/ 357، وفي "صفة الجنة" 2/ 42، والحديث أصله في مسلم (2128) انظر ت (1) ص 898.

ص: 1077

- صلى الله عليه وسلم "ريح الجنَّة يوجد من مسيرة ألف عام والله لا يجدها عاقّ، ولا قاطع رحم، ولا شيخ زان، ولا جارّ إزاره خيلاء"(1).

وأخرج أبو داود الطيالسي عن عبد الله بن عمرو رضي الله عنهما: "من ادَّعى إلى غير أبيه لم يرح رائحة الجنَّة وإنَّ ريحها ليوجد من مسيرة خمسمائة عام"(2).

أخرج الطبراني، وأبو نعيم عن أبي هريرة رضي الله عنه مرفوعًا قال:"تراح رائحة الجنَّة من مسيرة خمسمائة عام، ولا يجد ريحها منّان بعمله، ولا عاق، ولا مدمن خمر"(3).

وأخرج أبو داود، وابن ماجه، وابن حبان، والحاكم وصححه عن أبي هريرة مرفوعًا:"من تعلم علمًا مما يبتغى به وجه الله لا يتعلمه إلا ليصيب به عرضًا من الدنيا لم يجد عَرف الجنَّة يوم القيامة"(4).

(1) قال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 148 - 149: رواه الطبراني في "الأوسط" من طريق محمد بن كثير عن جابر الجعفي، وكلاهما ضعيف جدًا، انظر ص 898 ت (2).

(2)

رواه الطيالسي (2274)، وابن ماجه (2611)، وأحمد (2/ 171)، والذي في مسند أحمد والطيالسي "سبعين عامًا"، وجاء في رواية "مائة عام"، أخرجه أبو نعيم في "صفة الجنة"(198)، والنسائي (8/ 25)، وابن الجارود في "المنتقى"(834)، و" المستدرك"(2/ 126).

(3)

رواه الطبراني في "المعجم الصغير" 1/ 250، و"الحلية (3/ 307)، و"صفة الجنة" لأبي نعيم (196) سبق تخريجه في ص 1070.

(4)

رواه أبو داود (3664) في كتاب: العلم، باب: في طلب العلم لغير الله تعالى، وابن ماجه (252) في المقدمة، باب: الانتفاع بالعلم والعمل به، وابن حبان 1/ 279 - 280 (78).

ص: 1078

قلت: والجمع بين هذه الأحاديث أنه يختلف ذلك باختلاف الشّاِمّ، وهذا الذي أومأ إليه المحقق في "حادي الأرواح" (1) حيث قال: وهذه الألفاظ لا تعارض بينها والله الموفق

قال في "حادي الأرواح"(2): وأشهد الله سبحانه عباده في هذه الدار آثارا من آثار الجنَّة، وأنموذجا منها من الرائحة الطيبة، واللذات المشتهاه، والمناظر البهية، والفاكهة الحسنة، والنعيم والسرور، وقرة العين.

وأخرج أبو نعيم عن جابر رضي الله عنه مرفوعًا: "يقول الله عز وجل للجنة: طيبي لأهلك" فتزداد طيبًا (3). فذلك البرد الذي يجده الناس بالسحر من ذلك، كما جعل سبحانه نار الدنيا وآلامها وأحزانها مذكرة بنار الآخرة قال تعالى في هذه النار:{نَحْنُ جَعَلْنَاهَا تَذْكِرَةً وَمَتَاعًا} (4)[الواقعة: 73].

وأخبر الصادق صلى الله عليه وسلم أنَّ "شدة الحر والبرد من أنفاس جهنم"(5) فلا بد أن يشهد عباده أنفاس جنته، وما يذكرهم بها، والله المستعان.

(1)"حادي الأرواح" ص 229.

(2)

المصدر السابق ص 231.

(3)

والحاكم في "المستدرك" 1/ 85، وأبو نعيم في "صفة الجنة"(20)(199).

(4)

كلمة أو متاعًا ساقطة من (ب).

(5)

رواه البخاري (533 - 534) في مواقيت الصلاة، باب: الإبراد بالظهر في شدة الحر من حديث أبي هريرة وابن عمر مرفوعًا. وبرقم (536) من حديث أبي هريرة.

ورواه مسلم (615) و (617) في المساجد، باب: استحباب الإبراد بالظهر من حديث أبي هريرة.

ص: 1079