الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأخرج مسلم عن عمرو بن العاص أنَّه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: "إذا سمعتم المؤذِّن فقولوا مثل ما يقول ثم صلوا عليّ فإنَّه من صَلَّى عليّ صلاة صَلَّى الله عليه عشرًا ثم سلوا لي الوسيلة فإنَّها منزلة في الجنَّة لا تنبغي إلَّا لعبد من عباد الله، وأرجو أن أكون أنا هو، فمن سأل لي الوسيلة حلّت عليه الشفاعة"(1).
وأخرج الإمام أحمد عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم أنَّه قال: "إذا صليتم عليّ فاسألوا الله لي الوسيلة" قيل: يا رسول الله، وما الوسيلة؟ قال:"أعلى درجة في الجنَّة لا ينالها إلَّا رجل واحد، وأرجو أن أكون أنا هو"(2). هكذا الرِّواية "أن أكون أنا هو" ووجهها كما قال المحقق: أن تكون الجملة خبرًا عن اسم كان المستتر فيها ولا يكون أنا فصلاً، ولا توكيدًا بل مبتدأ، والله أعلم.
وأخرج الإمام أحمد والبخاري ومسلم عن جابر رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "من قال حين سمع النداء اللَّهم رب هذه الدعوة التامة والصلاة القائمة آت محمداً الوسيلة والفضيلة، وابعثه مقامًا
(1) رواه مسلم (334) كتاب: الصَّلاة، استحباب القول مثل قول المؤذِّن لمن سمعه
…
وأحمد 2/ 168، من رواية عبد الله بن عمرو بن العاص انظر ت (2) ص 1066، وما عقده في الفصل.
(2)
رواه التِّرمذيُّ (3612) كتاب: المناقب، باب: في فضل النَّبيُّ صلى الله عليه وسلم. وأحمد 2/ 265.
محمودًا الذي وعدته حلت له الشفاعة يوم القيامة" (1). هكذا لفظ الحديث مقام بالتنكير ليوافق لفظ الآية ولأنَّه لما تعين وانحصر نوعه في شخص جرى مجرى المعرفة فوصف بما توصف به المعارف وهذا ألطف من جعل "الذي وعدته" بدلًا.
وأخرج الإمام أحمد عن أبي سعيد مرفوعًا: "الوسيلة درجة عند الله عز وجل ليس فوقها درجة فسلوا الله لي الوسيلة"(2) وأخرج أبو نعيم عن عائشة رضي الله عنها قالت: جاء رجل إلى النَّبيِّ صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله والله إنك لأحب إليّ من نفسي، بهانك لأحب إليّ من أهلي، وأحب إليّ من ولدي، وإني لأكون في البيت فأذكرك، بها أصبر حتَّة آتيك فأنظر إليك، وإذا ذكرت موتي وموتك عرفت أنك إذا دخلت الجنة رفعت مع النبيين وإني إذا دخلت الجنَّة خشيت ألا أراك فلم يرد عليه النَّبيّ صلى الله عليه وسلم حتَّى نزل جبريل بهذه الآية:{وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَالرَّسُولَ فَأُولَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاءِ وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا (69)} [النساء: 69](3).
(1) رواه البُخاريّ (614) كتاب: الأذان، باب: الدعاء عند النداء.
وأبو داود (529) كتاب: الصَّلاة، باب: ما جاء في الدعاء عند الأذان. وأحمد 3/ 354. ولم أجده في مسلم، من رواية جابر انظر ت (1) ص 1066.
(2)
رواه أحمد 3/ 83.
(3)
رواه أبو نعيم في "الحلية" 4/ 239 - 240، 8/ 125. والطبراني في "الأوسط" 1/ 152 - 153 (477). وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد": رجاله رجال الصَّحيح غير عبد الله بن عمران العابدي وهو ثقة.
قال الحافظ أبو عبد الله المقدسي: لا أعلم بإسناد هذا الحديث بأسًا، قال المحقق: سميت درجة النَّبيّ صلى الله عليه وسلم الوسيلة لأنَّها أقرب الدرجات إلى عرش الرب تبارك وتعالى، وهي أقرب الدرجات إلى الله وأصل اشتقاق لفظة الوسيلة من القرب، وهي فعيلة من وسل إليه إذا تقرب إليه.
قال لبيد رضي الله عنه:
بلى كل ذي رأي إلى الله واسِلُ ...................
ومعنى الوسيلة من الوصلة، ولهذا كانت أفضل الجنَّة.
لطيفة: قال الفضيل بن عياض: إنَّما حسنت الجنَّة لأنَّ عرش رب العالمين سقفها (1). وقال ابن عباس رضي الله عنهما: نور سقف منازلهم نور عرشه، وقال الحسن: إنَّما سميت عدن لأنَّ فوقها العرش، ومنها تفجر أنهار الجنَّة وللحور العدنية الفضل على سائر الحور.
تنبيه قوله صلى الله عليه وسلم في حديث الوسيلة: "حلت عليه شفاعتي"(2). يروى حلت عليه (3) وحلت له: فمن رواها باللام فمعناها حصلت له ومن رواها بالعين. فمعناها: وقعت عليه شفاعتي ذكره الإمام المحقق في "حادي الأرواح"، والله الموفق.
(1) رواه الخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد" 9/ 312.
(2)
أبو داود (523).
(3)
التِّرمذيُّ (3614) وأبو داود السابق.