المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌تكملة في بعض أحوال أهل المحبة وهي أكثر من أن تذكر في مثل هذا المختصر وأعظم من أن تحصر أو تحد بالنظر - البحور الزاخرة في علوم الآخرة - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب الرابع في ذكر الجنَّة وصفاتها، وذكر نعيمها ولذاتها

- ‌الباب الأول في ذكر أبوابها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في مفتاح الجنَّة

- ‌الباب الثَّاني في مكان الجنَّة ومنشورها وتوقيعها وتوحد طريقها

- ‌فصل

- ‌فصل في توحيد طريق الجنَّة

- ‌الباب الثالث في درجات الجنةِ وأعلاها وما أسم ملكاً الجنَّة

- ‌فصل

- ‌الباب الرابع في عرض الرب الجنَّة على العباد، وعدد الجنان، وأسمائها، وذكر السابقين إليها وإن كثر أهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في أسماءِ الجنَّةِ ومعانيها واشتقاقها

- ‌فصلٌ في عددِ الجنات وأنواعها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصلٌ في ذكر أوَّل من يقرع بابَ الجنَّةِ

- ‌فصل

- ‌فصل وتقدم أنَّ الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنةِ بخمسمائة عام

- ‌فصل في أصناف أهل الجنة الذين ضمنت لهم دون غيرهم

- ‌فصل في أنَّ أكثر أهل الجنة هذه الأمّة المطهرة

- ‌الباب الخامس في تربة الجنة ونورها وغرفها وقصورها وخيامها وما يلحق بذلك

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب السادس في صفة أهل الجنة وأعلاهم وأدناهم منزلة وتحفتهم إذا دخولها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في ذكر أنهار الجنَّة وعيونها، وطعام أهلها، وشرابهم، ومصرف ذلك وآنيتهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب التاسع في ذكر لباس أهل الجنَّة، وحليهم، ومناديلهم، وفرشهم، وبسطهم، ووسائدهم وسررهم وأرائكهم

- ‌فصل ومن ملابس أهل الجنَّةِ التيجان على رءوسهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب العاشر في ذكر خدم أهل الجنَّة، وغلمانهم، ونسائهم، وسراريهم، والمادة التي خلق منها الحور العين، ونكاحهم، وهل في الجنَّة ولد أم لا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في الإشارة إلى غريب هذا الحديث العظيم

- ‌الباب الحادي عشر في ذكر سماع أهل الجنَّة، وغناء الحور العين، وذكر مطاياهم، وزيارة بعضهم بعضًا

- ‌فصل

- ‌فصل زيارة أهل الجنَّة لبعضهم بعضا

- ‌فصل في ذكر سوق الجنَّة، وما أعدَّ الله فيها لأهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في تكليمه سبحانه وتعالى لأهل الجنَّة

- ‌الباب الثالث عشر في أن الجنَّة فوق ما يخطر بالبال، ويتوهمه الخيال، أو يدور في الخلد، وفوق ما يصف كلّ أحد كيف؟ وموضع سوط منها خير من الدُّنيا وما فيها

- ‌الباب الرابع عشر في فصول جامعة وحكم هامعة

- ‌الفصل الأول في ذكر آخر أهل الجنَّةِ دخولًا

- ‌الفصل الثاني في لسان أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الثالث في احتجاج الجنَّة والنَّار

- ‌الفصل الرابع في امتناع النوم على أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الخامس في ارتقاء العبدِ وهو في الجنَّة من درجة إلى درجة أعلى منها

- ‌الفصل السادس في إلحاق ذرية العبد المؤمن به في الدرجة وإن لم يعملوا عمله

- ‌الفصل السابعفي مسألة عظيمة، ونكتة جسيمة

- ‌الفصل الثامن ترفع جميع العبادات في الجنَّة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة، لا تبيد، ولا ترفع حتى في دار الجزاء

- ‌الباب الخامس عشر فيمن يستحق لهذه الدار من الملل والأنفار

- ‌تتمة

- ‌الكتاب الخامس في ذكر النار وصفاتها وشدة عذابها أعاذنا الله تعالى منها بمنه وكرمه

- ‌الباب الأول في ذكر الإنذار والتحذير من النَّار، والخوف منها، وأحوال الخائفين من تلك الدار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في ذكر مكان جهنم وطبقاتها ودركاتها وصفاتها وقعرها وعمقها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثالث في ذكر أبواب جهنم وسرادقها وظلمتها وشدة سوادها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل وأما ظلمتها وشدة سوادها

- ‌الباب الرابع في شدة حر جهنم وزمهريرها وسجرها وتسعيرها وتغيظها وزفيرها أعاذنا اللَّه منها

- ‌فصل وأما زمهريرها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر دخان جهنم وشررها ولهبها

- ‌الباب الخامس في ذكر أودية جهنم وجبالها وعيونها وأنهارها

- ‌ما جاء في جبال جهنم أجارنا اللَّه منها ووالدينا

- ‌الباب السادس في ذكر سلاسلها وأغلالها وحجارتها وأنكالها وحياتها وعقاربها

- ‌فصل وأما حجارتها

- ‌فصل وأما حيات جهنم وعقاربها

- ‌الباب السابع في ذكر طعام أهل النار وشرابهم وكسوتهم وثيابهم

- ‌فصل وأمَّا شرابهم

- ‌فصل وأما كسوة أهل النار وثيابهم

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في عظم خلق أهل النار، وقبحهم، وأنواع صفاتهم بحسب أعمالهم

- ‌فصل في أنواع عذاب أهل النار، وتفاوتهم في ذلك في دار البوار على حسب ما اقترفوا من الذنوب والأوزار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يتحف به أهل النارِ عند دخولهم دار البوار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصل في بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم ودعائهم الذي لا يستجاب لهم

- ‌فصل

- ‌فصل في نداء أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار، وكلام بعضهم بعضا

- ‌الباب التاسع في ذكر خزنة جهنَّم، وزبانيتها

- ‌الباب العاشر في ذكر حال الموحدين في النار، وخروجهم منها برحمة أرحم الراحمين، وشفاعة الشافعين وفي أكثر أهل النار، وأصنافهم

- ‌فصل

- ‌فصل في حسن الظن بالله تعالى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر أوّل من يدخل النار من سائر البشر وفي أول من يدخلها من عصاة الموحدين

- ‌تتمة في مسائل متفرقة

- ‌المسألة الأولى في خلود أهل الدارين فيهما:

- ‌المسألة الثانية في أصحاب الأعراف

- ‌المسألة الثالثة: في أطفال المشركين

- ‌المسألة الرابعة: في أهل الفترة ونحوهم

- ‌الخاتمة وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في التوبة

- ‌فصل

- ‌الفصل الثاني: في المحبة

- ‌المقصد الأوّل: في لزوم المحبة له سبحانه وتعالى

- ‌المقصد الثاني: في علامات المحبة الصادقة والتذاذ المحبين بها

- ‌ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم على درجتين:

- ‌تكملة في بعض أحوال أهل المحبة وهي أكثر من أن تذكر في مثل هذا المختصر وأعظم من أن تحصر أو تحد بالنظر

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌تكملة في بعض أحوال أهل المحبة وهي أكثر من أن تذكر في مثل هذا المختصر وأعظم من أن تحصر أو تحد بالنظر

واعلم أن هذه المحبة سارية من محبة الله سبحانه وتعالى فإذا أحب العبد ربه سرت محبته إلى كل محبوب لله سبحانه، ومحبة العبد لربه إنما سرت من محبة الرب لعبده بلا شبهة.

فإن قلت: أليس قد قدمت أن المحبة هي الميل إلى الملائم الموافق؛ وقد بأن ذلك في محبة العبد فهل يتهيأ ذلك في محبة الحق لعبده (1).

قلنا: كلا لأن العبد إذا أحب ملائمًا موافقا فليتمَّ به نقصُه وليحصل به كماله والحق عز وجل منزَّهٌ عن ذلك وإنما معنى محبته لعبده أنه إذا أحب نفسَه فأحب ما يصدر عنها من الأفعال الرفيعة القدر فتأثير محبة الحق للعبد أن يقطع عن القواطع ويرفع عن قلبه الحجاب حتَّى يراه قلبه.

والعبد لا يُحِب حتَّى يُحَب بلا ريب، ولا يريد حتَّى يراد فإذا رأيت قصورك عن مقامات الواصلين فاعلم أنك مطرود فليكن فرضك البكاء على إبعادك فربما أجدى والله تعالى أعلم.

‌تكملة في بعض أحوال أهل المحبة وهي أكثر من أن تذكر في مثل هذا المختصر وأعظم من أن تحصر أو تحد بالنظر

.

قال في "زبدة الأعمال" عن مالك بن دينار أنه قال: رأيت شابًا بمنى وهو يقول: اللهم إن الناس قد ذبحوا ونحروا وتقربوا إليك فما لي شيء أتقرب به إليك أكبر من نفسي فتقبلها مني، ثم شهق شهقة فدنوت منه فإذا هو ميت، وقال عبد الصمد: اجتمعت أنا وبشر الحافي في طريق العمرة ومعنا شاب تائب سريع الدمعة قليل الكلام، كثير

(1) في ن ط/ كذب العترض ولا يقاس لهذا الفن، والله أعلم.

ص: 1600

التفكر فقلت له: هذا بشر الحافي فتبرك (1) به فقال له: يا أبا نصر ما جزاء من خالف محبوبه؟ قال: أن يقتل بسيوف العتاب ثم يحرق بنار الهوى، ثم يذرى فى هوى الذل فإن شاء جمعه وإن شاء قمعه، فشهق الغلام لما سمع ذلك ووقع ولم يزل يئن ويرتعد ويشهق إلى أن مات فندمت على ذلك وواريناه مكانه في ثوب إحرامه رحمة الله تعالى عليه، وما أحسن ما قيل:

يا سائلي كيف مات العاشقون فما

ماتوا ولكن بأسياف الهوى قتلوا

وقال الفضيل رحمه الله: رأيت بالموقف شابًا ساكنًا وعليه أثر الذلة والخشوع والناس يسألون الحوائج فقلت: يا فتى أخرج يدك وسل حاجة فقال لي: يا شيخ وقعت مني وحشة وليس لي ثم وجه قلت: فإن كان الأمر كذلك فالوقت يفوت فقال لي: لابد فلما أراد أن يرفع يديه بالدعاء صاح صيحة وخرّ ميتًا.

وفي "زبدة الأعمال" عن أبي بكر الكتاني قال: رأيت فقيرًا ميتًا وهو يضحك فقلت له: تضحك وأنت ميت فقال: هكذا محبَّو الله، وقال بعضهم: عاهدت الله أن لا أنظر إلى حسان الوجوه فبينما أنا في الطواف وإذا بامرأة حسناء فتأملت فيها تعجبًا؛ فإذا بسهم من الهوى قد وقع على إحدى عيني فإذا عليه مكتوب نظرت بعين الغيرة فرميناك بسهم الأدب فلو نظرت بعين الشهوة رميناك بسهم القطيعة.

(1) التبرك بآثار الصالحين لا يجوز بل هو من البدع المحرمة.

ص: 1601

وحكي عن ذي النون قال: رأيت أعرابيًا يطوف وقد نحل جسمه واصفر لونه ودق عظمه، فقلت له: أمحب أنت، قال: نعم، قلت: أحبيبك منك قريب أم بعيد؟ فقال: قريب، قلت: موافق أم غير موافق، قال: موافق، قلت: سبحان الله: حبيبك منك قريب ولك موافق وأنت على هذه الحالة، فقال: يا بطال أما علمت أن عذاب القرب والموافقة أشد من عذاب البعد والمخالفة، وجعل يقول:

سقى الله أيامًا سعدنا بقربكم

فتلك طراز العمر واسطة العقد

إذا الجد سعد والزمان مساعد

وأيماننا كانت موكدة العقد

وفي "استنشاق نسيم الأنس"(1) عن أبي معمر قال: نظرت رابعة إلى رياح القيسي يومًا وهو يقبل صبيًا صغيرًا من أهله فقالت: أتحبه يا رباح؟ قال: نعم، قالت: ما كنت أحسب أن في قلبك موضعًا فارغًا لمحبة سواه، فخر مغشيًا عليه ثم أفاق وهو يمسح العرق عن وجهه وهو يقول: جعلها الله في قلوب عباده للأطفال، وكان بعض أهل المحبة يحصل له من طرقها نوع تغير وتكلم بعضهم يومًا في المحبة فاصطفقت قناديل المسجد حتى تكسرت وتكلم يومًا فيها أيضًا فجاء طائر فضرب بمنقاره الأرض حتَّى مات.

ذكر ذلك الحافظ ابن رجب في استنشاق نسيم الأنس.

وذكر ابن الجوزي في "التبصرة"(2) وما بين القوسين في التبصرة (فإنه) عن بعض السلف قال: صحبت في طريقي رجلاً

(1) ص 134.

(2)

2/ 655.

ص: 1602

أسودًا فكان إذا ذكر الله تعالى ابيضَّ فسبحان من منح هؤلاء الإخلاص

وشغلت عن فهم الحديث سوى

ما كان منك [وعندكم] شغلي

وأديم نحو محدثي نظري

أن قد فهمت وعندكم عقلي

وفيها أيضًا عن محمد بن ثابت البناني قال: ذهبت ألقّن أبي في الموت فقلت: يا أبت قل لا إله إلا الله، فقال: يا بني خلّ عني فإني في وردي السادس أو قال: السابع فهؤلاء غلب عليهم الشوق حتَّى صار قوتهم ذكر محبوبهم

ذكرك لي مؤنس يعارضني

يعدني عنك منك بالظفر

وكيف أنساك يا مدى هممي

وأنت مني بموضع النظر

وذكر الحافظ ابن رجب في "استنشاق نسيم الأنس"(1) عن أحمد بن مخلد الخراساني قال: قال الله عز وجل: "ألا قد طال شوق الأبرار إلى لقائي وأنا إليهم أشد شوقًا، وما شوق المشتاقين إليَّ إلَاّ بفضل شوقي إليهم، ألَا مَن طلبني وجدني ومن طلب غيري لم يجدني، ومن ذا الذي دعاني فلم أجبه ومن ذا الذي سألني فلم أعطه".

وقال أحمد بن أبي الحواري: حدثني عمر بن سلمة السراج عن أبي جعفر السراج عن أبي جعفر المصري قال: قال الله عز وجل: "يا معشر المتوجهين إليّ بحبي ما ضركم ما فاتكم من الدنيا إذا كنت لكم حظا وما ضركم من عاداكم إذا كنت لكم سلما".

(1)(138) وما بين القوسين في استنشاق نسيم الأنس (أمسى)(عنه).

ص: 1603

هنيئًا لمن [أضحى] وأنت حبيبه

ولو أن لوعات الغرام تذيبه

وطوبى لصب أنت ساكن سرّه

ولو بأن [منه] إلفه وقريبه

وما ضر صَبُّا أن يبيت وماله

نصيب من الدنيا وأنت نصيبه

ومن تك راض عنه في طي غيبه

فما ضره في الناس أن يستغيبه

فيا علة في الصدر أنت شفاؤها

ويا مرضًا في القلب أنت طبيبه

عبيدك في باب الرجا متضرع

إذا لم تجبه أنت من ذا يجيبه

بعيد عن الأوطان يبكي بذلة

وهل ذاق طعم الذل إلا غريبه

تصدق على من ضاع منه زمانه

ولم يدر حتَّى لاح منه مشيبه

غدا خاسرًا فالعار يكفيه والعنا

وقد آن من ضوء النهار مغيبه

أوّاه على الاجتماع برجل من أحباب الله تهب على القلب من أنفاسه نسمة ربانية تحيى ما مات منه.

قال السري رحمه الله: بقيت ثلاثين سنة أدور وأجول لعلي أرى وليًّا من أولياء الله سبحانه وتعالى:

وأشرف بالغور اليناع لعلني

أرى نار ليلى أو يراني بصيرها

ليتني وجدت واحدًا من القوم إنّما أسمع نشدان الضلال وما فيهم من يعطيني علامة فأرجع والقلب فيه من لواعج الزفرات ما نطلب منه السلامة

أحقًا رأيت بوادي الغضا

من الحي أو من رآهم خبر

أما من سبيل إلى نظرةٍ

تعاد إلينا كلمح البصر

ألفنا خباهم إذا ما العيون

عشقن الكرى وملكني السهر

ص: 1604

أوّاه من نار تهبُّ في اللب وبلابل تذهب بالقلب ولا بلل وصال يذهب بها عن حشا الصب

صبا للصب صب ففاضت دموعه

وغرد قمري فهاج ولوعه

يحن إلى ريح الصبا وإنما

هوى كل صب حيث كان ربيعه

فالشوق ربما أذهب المشوق وهو جاثم عليه كاظم لديه، وربما ضحك ومزح وفي قلبه بلابل البلاء فيصيح به الوجد ألست معي فيجيبه بلا ولكن:

أروّح نفسي بالمزاح لدى العدا

وفي مهجتي نار وقلبي بها مرمي

أري عاذلي أني ضحوك لفرجتي

وفي خلوتي جفني على دفقتي مدمي

يذكرني مر النسيم لياليا

تقضت لنا مع جيره والنوى معمي

تفوق ليالي العيد لولا انصرامها

ولكنها قد شانها سرعة الصرم

بها الند والكافور والمسك عابق

وكأس الهنا طفاح من قهوة الكرم

والمحب لا يزال قلبه مع محبوبه ولبه لدى مطلوبه وهو مع ذلك يجل حِبُّهُ أن يشكو إليه ما يلقى من الوجد بسبب الغرام من البعد فلسان حاله ينشد على رؤوس الأشهاد ولسان قاله معتقل بالأوراد:

أجلك أن أشكو إليك الذى ألقى

وأنت ترى حالي وتعلمه حقا

وإن رمت أخفي ما ألاقي من الأسى

وشى الدمع بالشكوى فيسبقني سبقا

إذا ما تمنى النالس روحًا وراحةً

تمنيت أن أفنى وسر الهوى يبقى

ص: 1605

بجودك فاجبر قلب عبد قطعته

إليك فلا غربًا يروم ولا شرقا

تعطَّف ولا تقطعه عنك فإنه

مقيم على باب الرجا أبدا ملقى

ص: 1606