المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌الباب الثامن في عظم خلق أهل النار، وقبحهم، وأنواع صفاتهم بحسب أعمالهم - البحور الزاخرة في علوم الآخرة - جـ ٣

[السفاريني]

فهرس الكتاب

- ‌الكتاب الرابع في ذكر الجنَّة وصفاتها، وذكر نعيمها ولذاتها

- ‌الباب الأول في ذكر أبوابها وما يتعلق بذلك

- ‌فصل في مفتاح الجنَّة

- ‌الباب الثَّاني في مكان الجنَّة ومنشورها وتوقيعها وتوحد طريقها

- ‌فصل

- ‌فصل في توحيد طريق الجنَّة

- ‌الباب الثالث في درجات الجنةِ وأعلاها وما أسم ملكاً الجنَّة

- ‌فصل

- ‌الباب الرابع في عرض الرب الجنَّة على العباد، وعدد الجنان، وأسمائها، وذكر السابقين إليها وإن كثر أهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في أسماءِ الجنَّةِ ومعانيها واشتقاقها

- ‌فصلٌ في عددِ الجنات وأنواعها

- ‌فَصْلٌ

- ‌فصلٌ في ذكر أوَّل من يقرع بابَ الجنَّةِ

- ‌فصل

- ‌فصل وتقدم أنَّ الفقراء يسبقون الأغنياء إلى الجنةِ بخمسمائة عام

- ‌فصل في أصناف أهل الجنة الذين ضمنت لهم دون غيرهم

- ‌فصل في أنَّ أكثر أهل الجنة هذه الأمّة المطهرة

- ‌الباب الخامس في تربة الجنة ونورها وغرفها وقصورها وخيامها وما يلحق بذلك

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب السادس في صفة أهل الجنة وأعلاهم وأدناهم منزلة وتحفتهم إذا دخولها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في ذكر أنهار الجنَّة وعيونها، وطعام أهلها، وشرابهم، ومصرف ذلك وآنيتهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب التاسع في ذكر لباس أهل الجنَّة، وحليهم، ومناديلهم، وفرشهم، وبسطهم، ووسائدهم وسررهم وأرائكهم

- ‌فصل ومن ملابس أهل الجنَّةِ التيجان على رءوسهم

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب العاشر في ذكر خدم أهل الجنَّة، وغلمانهم، ونسائهم، وسراريهم، والمادة التي خلق منها الحور العين، ونكاحهم، وهل في الجنَّة ولد أم لا

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في الإشارة إلى غريب هذا الحديث العظيم

- ‌الباب الحادي عشر في ذكر سماع أهل الجنَّة، وغناء الحور العين، وذكر مطاياهم، وزيارة بعضهم بعضًا

- ‌فصل

- ‌فصل زيارة أهل الجنَّة لبعضهم بعضا

- ‌فصل في ذكر سوق الجنَّة، وما أعدَّ الله فيها لأهلها

- ‌فصل

- ‌فصل في تكليمه سبحانه وتعالى لأهل الجنَّة

- ‌الباب الثالث عشر في أن الجنَّة فوق ما يخطر بالبال، ويتوهمه الخيال، أو يدور في الخلد، وفوق ما يصف كلّ أحد كيف؟ وموضع سوط منها خير من الدُّنيا وما فيها

- ‌الباب الرابع عشر في فصول جامعة وحكم هامعة

- ‌الفصل الأول في ذكر آخر أهل الجنَّةِ دخولًا

- ‌الفصل الثاني في لسان أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الثالث في احتجاج الجنَّة والنَّار

- ‌الفصل الرابع في امتناع النوم على أهل الجنَّةِ

- ‌الفصل الخامس في ارتقاء العبدِ وهو في الجنَّة من درجة إلى درجة أعلى منها

- ‌الفصل السادس في إلحاق ذرية العبد المؤمن به في الدرجة وإن لم يعملوا عمله

- ‌الفصل السابعفي مسألة عظيمة، ونكتة جسيمة

- ‌الفصل الثامن ترفع جميع العبادات في الجنَّة إلا عبادة الذكر فإنها دائمة، لا تبيد، ولا ترفع حتى في دار الجزاء

- ‌الباب الخامس عشر فيمن يستحق لهذه الدار من الملل والأنفار

- ‌تتمة

- ‌الكتاب الخامس في ذكر النار وصفاتها وشدة عذابها أعاذنا الله تعالى منها بمنه وكرمه

- ‌الباب الأول في ذكر الإنذار والتحذير من النَّار، والخوف منها، وأحوال الخائفين من تلك الدار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثاني في ذكر مكان جهنم وطبقاتها ودركاتها وصفاتها وقعرها وعمقها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌الباب الثالث في ذكر أبواب جهنم وسرادقها وظلمتها وشدة سوادها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل وأما ظلمتها وشدة سوادها

- ‌الباب الرابع في شدة حر جهنم وزمهريرها وسجرها وتسعيرها وتغيظها وزفيرها أعاذنا اللَّه منها

- ‌فصل وأما زمهريرها

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر دخان جهنم وشررها ولهبها

- ‌الباب الخامس في ذكر أودية جهنم وجبالها وعيونها وأنهارها

- ‌ما جاء في جبال جهنم أجارنا اللَّه منها ووالدينا

- ‌الباب السادس في ذكر سلاسلها وأغلالها وحجارتها وأنكالها وحياتها وعقاربها

- ‌فصل وأما حجارتها

- ‌فصل وأما حيات جهنم وعقاربها

- ‌الباب السابع في ذكر طعام أهل النار وشرابهم وكسوتهم وثيابهم

- ‌فصل وأمَّا شرابهم

- ‌فصل وأما كسوة أهل النار وثيابهم

- ‌فصل

- ‌الباب الثامن في عظم خلق أهل النار، وقبحهم، وأنواع صفاتهم بحسب أعمالهم

- ‌فصل في أنواع عذاب أهل النار، وتفاوتهم في ذلك في دار البوار على حسب ما اقترفوا من الذنوب والأوزار

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل فيما يتحف به أهل النارِ عند دخولهم دار البوار أعاذنا الله منها بمنه وكرمه

- ‌فصل في بكاء أهل النار وزفيرهم وشهيقهم وصراخهم ودعائهم الذي لا يستجاب لهم

- ‌فصل

- ‌فصل في نداء أهل النار أهل الجنة، وأهل الجنة أهل النار، وكلام بعضهم بعضا

- ‌الباب التاسع في ذكر خزنة جهنَّم، وزبانيتها

- ‌الباب العاشر في ذكر حال الموحدين في النار، وخروجهم منها برحمة أرحم الراحمين، وشفاعة الشافعين وفي أكثر أهل النار، وأصنافهم

- ‌فصل

- ‌فصل في حسن الظن بالله تعالى

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل

- ‌فصل في ذكر أوّل من يدخل النار من سائر البشر وفي أول من يدخلها من عصاة الموحدين

- ‌تتمة في مسائل متفرقة

- ‌المسألة الأولى في خلود أهل الدارين فيهما:

- ‌المسألة الثانية في أصحاب الأعراف

- ‌المسألة الثالثة: في أطفال المشركين

- ‌المسألة الرابعة: في أهل الفترة ونحوهم

- ‌الخاتمة وفيها فصلان

- ‌الفصل الأوّل في التوبة

- ‌فصل

- ‌الفصل الثاني: في المحبة

- ‌المقصد الأوّل: في لزوم المحبة له سبحانه وتعالى

- ‌المقصد الثاني: في علامات المحبة الصادقة والتذاذ المحبين بها

- ‌ومحبة الرسول صلى الله عليه وسلم على درجتين:

- ‌تكملة في بعض أحوال أهل المحبة وهي أكثر من أن تذكر في مثل هذا المختصر وأعظم من أن تحصر أو تحد بالنظر

- ‌الخاتمة

الفصل: ‌الباب الثامن في عظم خلق أهل النار، وقبحهم، وأنواع صفاتهم بحسب أعمالهم

‌الباب الثامن في عظم خلق أهل النار، وقبحهم، وأنواع صفاتهم بحسب أعمالهم

أما خلقهم، وقبح صورهم، وهيئاتهم وذلك من أنواع العذاب، وشديد المقت لهم بلا ارتياب، وأخرجَ البخاري عن أبي هريرةَ رضي الله عنه أنَّ النَّبي صلى الله عليه وسلم قال:"ما بين منكبي الكافر مسيرة ثلاثة أيام للراكب المسرع" وخرجه مسلم بلفظ: "ما بين منكبي الكافر في النار"(1) الحديث.

وخرج مسلم عن أبي هريرة رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"ضرس الكافر، أو ناب الكافر مثل أحد، وغلظ جلده مسيرة ثلاث"(2). والحاكم عن أبي هريرة مرفوعًا: "ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وعرض جلده سبعون ذراعا، وعضده مثل البيضاء، وفخذه مثل ورقان، ومقعده من النار ما بيني وبين الرَّبَذة"(3). وخرجه الإمام أحمد من غير ذكر عضده.

(1) رواه البخاري (6551)، ومسلم (2852).

(2)

رواه مسلم (2851)، والترمذي (2579).

(3)

رواه أحمد 2/ 328، والحميدي (1177)، والحاكم 4/ 595، وابن حبان (7488)، والحديث حسن.

ص: 1407

قوله: "البيضاء" هو جبل وكذا "ورقان". وقوله: "ما بيني وبين الربذة" أي: كما بين المدينة والربذة والرَّبَذة: اسم مكان (1) وهو الذي مات فيه أبو ذرّ رضي الله عنه لمَّا نفاه سيدنا عثمان وذكرت قصّته في "كتابي تحبير الوفاء في سيرة المصطفى".

وأخرجَ الترمذي حديث أبي هريرة بلفظ: "إن غلظ جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أُحد، وإن مجلسه من جهنم ما بين مكة والمدينة"(2). وقال: حديث حسن غريب صحيح. ورواه ابن حبان في صحيحه بلفظ: "جلد الكافر اثنان وأربعون ذراعا بذراع الجبار، وضرسه مثل أُحد" والجبار ملك من ملوك اليمن له ذراع معروف المقدار كذا قال ابن حبان، وغيره، وقيل: ملك بالعجم قاله المنذري.

ورواه الحاكم وصححه وهو رواية للإمام (3) أحمد بإسناد جيد ولفظه: "ضرس الكافر يوم القيامة مثل أحد، وعرض جلده سبعون ذراعا، وعضده مثل البيضاء، وفخذه مثل ورقان، ومقعده من النار ما بيني وبين الربذة"(4). قال أبو هريرة: وكان يُقال مثل بطن أضم

(1) ورد بهامش الأصل: أي في الحجاز.

(2)

رواه الترمذي (2577)، وابن حبان (7486)، وابن أبي عاصم في "السنة"(610)، والحاكم 4/ 595 وصححه، وهو كما قَالَ.

(3)

ورد بهامش الأصل: لفظ عند فوق كلمة (للإمام).

(4)

انظر الصفحة السابقة ت (3).

ص: 1408

وقال أبو هريرة رضي الله عنه لأبي عنان الضبي بظهر الحيرة: تعرف عبد اللَّه بن خداش فإنِّي سمعتُ رسولَ اللَّه صلى الله عليه وسلم يقول: "فخذه في جهنم مثل أحد وضرسه مثل البيضاء" قلت: لم ذاك يا رسول اللَّه؟ قال: "كان عاقا بوالديه"(1). رواه الطبراني.

وعن ابن عمر رضي الله عنهما مرفوعًا: "إن الكافر ليسحب لسانه الفرسخ، والفرسخين يتوطأه الناس"(2). رواه الترمذي، وخرجه البيهقي عن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص بدل عبد اللَّه بن عمر بن الخطاب وصوبه بعضهم.

وعن عبد اللَّه بن عمرو بن العاص مرفوعًا: "يعظم أهل النار في النارِ حتَّى إن بيين شحمة أذن أحدهم إلى عاتقه مسيرة سبعمائة عام، وإنّ غلظ جلده سبعون ذراعا، وإن ضرسه مثل أحد"(3) رواه الإمام

(1) ضعيف، رواه أحمد 2/ 92، وعبد بن حميد (860)، والخطيب في "تاريخه" 2/ 363، والبيهقي في "شعب الإيمان"(394)، وهناد في "الزهد"(301)، والترمذي (2580)، وقال الترمذي: هَذَا حديث غريب، والفضل بن يزيد هو كوفي قد روى عنه غير واحد من الأئمة، وأبو الخارق ليس بمعروف.

(2)

ضعيف، رواه أحمد 2/ 26، وعبد بن حميد (808)، والطبراني في الكبير (13482)، والبيهقي في "البعث"(625)، وأورده الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 391، وقال: رواه أحمد والطبراني في الكبير والأوسط وفي أسانيدهم أبو يحيى القتات، وهو ضعيف، وفيه خلاف، وبقية رجاله أوثق منه.

(3)

انظر: "ضعيف الترغيب والترهيب" للألباني 2/ 456.

ص: 1409

أحمد، والطبراني في الكبير والأوسط، قال الحافظ المنذري: وإسناده قريب من الحسن.

وأخرجَ الترمذي وقال: حسن غريب واللفظ له، وابن حبان في صحيحه، والبيهقي عن أبي هريرةَ رضي الله عنه عن النَّبي صلى الله عليه وسلم في قوله تعالى:{يَوْمَ نَدْعُو كُلَّ أُنَاسٍ بِإِمَامِهِمْ} [الإسراء: 71] قال: "يدعى أحدهم فيعطى كتابه بيمينه، ويمد له في جسمه ستون ذراعا، ويبيض وجهه، ويجعل على رأسه تاج من نور يتلألأ، فينطلق إلى أصحابه فيرونه من بعيد فيقولون: اللهم آتنا بهذا، وبارك لنا في هذا حتَّى يأتيهم فيقول لهم: أبشروا لكلِّ رجل منكم مثل هذا قال: "وأما الكافر فيسود وجهه، ويمد له في جسمه ستون ذراعا في صورة آدم، ويلبس تاجًا من نار فيراه أصحابه فيقولون: نعوذ باللَّه من شر هذا، اللهم لا تأتنا بهذا فيأتيهم فيقولون: اللهم اخزه فيقول: أبعدكم اللَّه فإن لكل رجل منكم مثل هذا" (1). وتقدم.

قلتُ: هذا الحديث إنَّما فيه إنَّه يمدّ له في جسمه ستون ذراعا مع أنَّ الأحاديث الصحيحة مصرَّحة بانه يكون أعظم من ذلك كيف وضرسه مثل أُحُد؟! وقد قال صلى الله عليه وسلم في حديث أبي سعيد عند ابن ماجه، ورواه الإمام أحمد، وأبو يعلى، والحاكم كلهم من طريق ابن لهيعة: "إنَّ الكافر ليعظم حتَّى إن ضرسه لأعظم من أُحُد، وفضيلة جسده على

(1) رواه الترمذي (3136) وقد تقدم.

ص: 1410

ضرسه كفضيلة جسد أحدكم على ضرسه" (1).

والجواب: أنَّه يمدّ له في جسمه ستون ذراعا في الموقف فإذا فى خل النار صار ضرسه كأحد وأعظم كما أخبر عنه صلى الله عليه وسلم وهذا ظاهر. لو يقال: إن عظم أجسادهم مختلف باختلاف أعمالهم فمنهم مَن يكون جسمُه ستين ذراعا، ومنهم مَن يكون بالصفة التي نعته بها رسول اللَّه صلى الله عليه وسلم فتأمله، فإني لم أر من صرح بهذا على أنِّي في شك من ثبوت حديث أبي هريرة هذا لثبوت الأحاديث الطافحة بما ذكرنا من صفة أهل النار.

وأخرجَ الإمامُ أحمد، والحاكم والبيهقي عن مجاهد قال: قال لي ابن عباس رضي الله عنهما: أتدري ما سعة جهنم؟ قلت: لا. قال: إنَّ بين شحمة أذن أحدهم وبين عاتقه مسيرةَ سبعين خريفا تجري فيه أودية القيح والدم قلت: أنهار؟ قال: لا بل أودية (2).

قال في البهجة: ولا تعارض بين الأحاديث فإنَّ أجسادهم متفاوتة في العظم على حسب جرائمهم. انتهى.

وعن عمرو بن ميمون أنه قال: إنه ليسمع بين جلد الكافر ولحمه جلبة الدود كجلبة الوحش (3).

(1) رواه ابن ماجه (4322)، وأحمد 3/ 29، وأبو يعلى (1387)، والحاكم 4/ 598، وصححه ووافقه الذهبي، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 10/ 394: رواه أحمد، وأبو يعلى وفيه ابن لهيعة، وقد وُثِّق عَلَى ضعفه.

(2)

أخرجه أحمد في "مسنده" 6/ 116.

(3)

صفة النار لابن أبي الدنيا ص 101.

ص: 1411

واعلم أنَّه قد ورد أنَّ بعضَ عصاة هذه الأمّة يعطم في النار لا أن ذلك يختص بأهل الشرك والكفار.

أخرج الإمام أحمد، وابن ماجه، والحاكم عن النَّبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"إنَّ مِن أمتي مَن يعظم للنار حتَّى يكون أَحَدَ زواياها"(1) إسناد الإمام أحمد جيد. وقال الحاكم: صحيح على شرط مسلم.

وفي التخويف (2) للحافظ ابن رجب عن أنس مرفوعًا: "يجاء بالأمير الجائر يوم القيامة، فتخاصمه الرعية، فيفلحوا عليه، فيقال له: سدّ عنا ركنًا من أركان جهنَّم" وفيه أغلب بن تميم. قال الحافظ فيه: ضعيف.

وأخرجَ الإمام أحمد، والترمذي، والحاكم وصححه عن أبي سعيد رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال في قوله تعالى:{تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ (104)} [المؤمنون: 104] قال: "تشويه النار، فتقلص شفته العليا حتَّى تبلغ وسط رأسه، وتسترخي شفته السفلى حتَّى تضرب سرته"(3).

(1) ضعيف رواه أحمد 4/ 212، والبخاري في "التاريخ الكبير" 2/ 261، وابن ماجه (4323)، والطبراني في "الكبير"(3363، 3364، 3365)، والحاكم 1/ 71، فيه عبد الله بن قيس جهله على بن المديني والذهبي وابن حجر.

(2)

"التخويف من النار" ص 169.

(3)

ضعيف رواه أحمد 3/ 88، والترمذي (2587، 3176)، وأبو يعلى (1367)، والحاكم 2/ 246، والبغوي في "شرح السنة"(4416)، وقال الترمذي: هَذَا حديث صحيح غريب، وصححه الحاكم ووافقه الذهبي.

ص: 1412

قَالَ ابن رجب: وكان لطاووس رحمه الله تعالى طريقان إذا رجع من المسجد: إحداهما فيه رواس وكان يرجع إذا صلى المغرب فإذا أخذ الطريق الذي فيه الرواس لم يتعش فقيل له في ذلك فقال: إذا رأيت الروس كالحة لم أستطع أن آكل. وكان أويس القرني رحمه الله إذا نظر إلى الرؤوس المشوية يذكر هذه الآية {تَلْفَحُ وُجُوهَهُمُ النَّارُ وَهُمْ فِيهَا كَالِحُونَ} [المؤمنون: 104]، فيقع مغشيًا عليه حتَّى يظن مَن نظرَ إليه أنَّه مجنون خرجهما ابن أبي الدنيا.

وقال الأصمعي: مرّ ابن سيرين برايس قد أخرجَ رأسا فغشي عليه.

وأخرج ابن أبي حاتم، وابن مردويه عن ابن عمر رضي الله عنهما قال: قرأ رجل عندي هذه الآية: {كُلَّمَا نَضِجَتْ جُلُودُهُمْ بَدَّلْنَاهُمْ جُلُودًا غَيْرَهَا} [النساء: 56]، فقال عمر: أعد عليّ فأعادها فقال معاذ بن جبل رضي الله عنه: عندي تفسيرها تبدل في ساعة واحدة مائة مرّة فقال عمر: هكذا سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم (1).

وفي رواية لابن مردويه أنَّ كعبًا رحمه الله قال: يا أمير المؤمنين أنا عندي تفسير هذه الآية لمَّا قرأها الرجل قال كعب: قرأتها قبل الإسلام يعني: إسلام نفسه؛ لأن كعب الأحبار رحمه الله أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسلم إلا في زمن خلافة عمر رضي الله عنه فلمَّا قال كعب ما قال قال له عمر: هاتها يا كعب فإن جئت بها كما سمعتُ من رسول الله صلى الله عليه وسلم

(1)"تفسير ابن ابي حاتم" 3/ 982 (5493)

ص: 1413

صدّقنا وإلا لم ننظر إليها قال: إنِّي قرأتها قبل الإسلام كلما نضجت جلودهم بدلناهم جلودًا غيرها في الساعة الواحدة عشرين ومائة مرة فقال عمر: هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم. والحديثان ضعيفان والله أعلم.

وقد ورد أنَّ لبعض أهل النار لسانين من نار، أو وجهين من نار ففي سنن أبي داود عن عمار رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:"من كان له وجهان في الدنيا كان له يوم القيامة لسانان من نار"(1) ويروى نحوه عن أنس، وأبي هريرة وخرج الطبراني عن سعد مرفوعًا:"ذو الوجهين في الدنيا يأتي يوم القيامة وله وجهان من نار"(2) ومنهم من تمسخ صورته على صورة قبيحة، وفي الصحيح أنَّ إبراهيم عليه الصلاة والسلام إذا شفع في أبيه قيل له: يا إبراهيم انظر ما تحت رجليك فإذا هو بذيخ متلطخ فيؤخذ بقوائمه فيلقى في النار والذيخ هو ذكر الضبع وتقدم (3).

(1) رواه الدارمي (2767)، والبخاري في "الأدب المفرد"(1310)، وأبو داود (4873)، وقال الألباني: صحيح.

(2)

رواه الطبراني في "الأوسط"(6278)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد" 8/ 95: رواه الطبراني في "الأوسط"، وفيه: خالد بن يزيد العمري، وهو كذاب أ. هـ. وقال الألباني: موضوع.

(3)

رواه البخاري (3350)، كتاب: أحاديث الأنبياء، باب: قول الله تعالى: {وَاتَّخَذَ اللَّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلًا} .

ص: 1414

وقال أبو العالية في قوله تعالى: {ثُمَّ رَدَدْنَاهُ أَسْفَلَ سَافِلِينَ (5)} [التين: 5] قال: في النار في صورة خنزير. خرجه ابن أبي حاتم.

وقال ابن مسعود رضي الله عنه: إذا أراد الله أن لا يخرج منها أحدًا غيَّر صُوَرهم وألوانهم فلا يُعرف منهم أحد.

وفي موعظة الأوزاعي للمنصور بلغني أنَّ جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم: "لو أنَّ رجلاً أُدْخِل النار، ثم خرج منها لمات أهل الأرض من نتن ريحه وتشويه خلقه" وقد رواه بكر بن خنيس عن عبد الملك الجسري مرسلاً (1).

وأخرج ابن لهيعة عن ابن عمرو: "لو أن رجلا من أهْلِ النار أخرج إلى الدُّنيا لمات أهل الأرض من وحشة منظره، ونتن ريحه" ثم بكى عبدُ الله بن عمرو رضي الله عنهما بكاء شديدا وخرجه عنه ابن أبي الدنيا والله تعالى أعلم.

(1) انظر ابن رجب في "التخويف من النار" ص 176، فصل: في نتن ريح أهل النار.

ص: 1415