الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الباب الثالث في ذكر أبواب جهنم وسرادقها وظلمتها وشدة سوادها
أما أبوابها فقال تعالى: {وَإِنَّ جَهَنَّمَ لَمَوْعِدُهُمْ أَجْمَعِينَ (43) لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} [الحجر: 43، 44].
وأخرج الإمام أحمد والترمذي عن ابن عمر رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "لجهنم سبعةُ أبواب منها باب لمن سل سيفه على أمتي"(1).
وفي حديث أبي رزين العقيلي عند الإمام بن الإمام أبي عبد الرحمن عبد الله بن الإمام أحمد والطبراني والحاكم وغيرهم عنه صلى الله عليه وسلم أنه قَالَ: لعَمْرُ ألهك إنَّ للنار سبعة أبواب ما منهن بابان إلا يسير الراكب بينهما سبعين عاما" وتقدم بطوله (2).
وأخرج ابن أبي حاتم عن على كرم اللَّه وجهه قال: "أبواب جهنَّم سبعة أبواب بعضُها فوق بعضٍ" قَالَ بإصبعه، وعقد خمسين، واضجع يده ثم يمثل الأول والثاني والثالث حتَّى عقدها كلها.
وقال جويبر عن الضحاك: سمى اللَّه تعالى أبواب جهنم لكل باب منهم جزء مقسوم: باب لليهود، وباب للنصارى، وباب للمجوس، وباب للصابئين، وباب للمنافقين، وباب للذين أشركوا وهم كفَّارُ العربِ، وبابٌ لأهل التوحيد؛ وأهل التوحيد يرجى لهم
(1) أخرجه أحمد 2/ 94 (5689)، والترمذي (3123)، وقال الترمذي حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث مالك بن مغول.
(2)
وتقدم تخريجه ت (2) ص 960، وانظر ص 1172، 1173.
ولا يرجى للآخرين (1). خرَّجه الخلَّال (2).
وقال عطاء الخراساني: إن لجهنم سبعة أبواب، أشدُّها غمًا وكربًا وحرًا وأنتنها ريحًا للزناة الذين ركبوا بعد العلم.
وقال كعب: لجهنمَ سبعةُ أبواب باب منها للحروريّة (3).
وهذا يدل على أن كل باب من السبعة لعمل مخصوص من الأعمال السيّئة، كما أن أبوابَ الجنة الثمانية كل باب لعمل مخصوص من الأعمال الصالحة.
وقال وهب: بين كل بابين من أبواب النار مسيرة سبعين سنةً، كل باب أشد حرًّا من الذي فوقه (4).
ويروى عن بلال رضي الله عنه: أن أعرابيّة صلّت خلف النبي صلى الله عليه وسلم فقرأ النبي صلى الله عليه وسلم هذه الآية {لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ} [الحجر: 44] فخرّت مغشيًا عليها فلما أفاقت قالت: يا رسول اللَّه كل عضوٍ من أعضائي يعذب على كل باب منها فقال صلى الله عليه وسلم: "لكل باب منهم جزء مقسوم يعذب على كل باب على قدر أعمالهم" فقالت: ما لي إلا سبعة أعبد أُشهدك أن كل عبد منهم، لكل باب من أبواب جهنم حُرٌّ لوجه اللَّه تعالى فجاء جبريل فقال: بشرها أن اللَّه قد حرّم عليها أبواب جهنم. هذا خرّجه الثعلبي في تفسيره بإسناد مجهول (5).
قال الحافظ في التخويف: لا يصح رفعه وفيه ما لا تحل الرواية عنه، والصحيح ما خرّجه ابن أبي الدنيا عن هشام بن حيان قال:
(1) أخرجه ابن أبي حاتم في "تفسيره"(12394).
(2)
"التخويف من النار" ص 79.
(3)
"التخويف من النار" ص 80.
(4)
"التخويف من النار" ص 80.
(5)
"التخويف من النار" 78 - 81.
خرجنا حُجَّاجًا فنزلنا منزلا في بعض الطريق فقرأ رجل كان مَعَنا هذه الآية {لَهَا سَبْعَةُ أَبْوَابٍ لِكُلِّ بَابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ (44)} فسمعت امرأة فقالت: أعد رحمك اللَّه. فأعادها، فقالت: خلفت في البيت سبعة أعبد أُشهدك أنهم أحرار لكل باب واحد (1).
لطيفة: أخرج ابن أبي الدنيا من طريق عبد العزيز بن أبي وراد قال: كان بالبادية رجل قد أتخذ مسجدًا فجعل في قبلته سبعة أحجار فكان إذا قضى صلاته قال: يا أحجار أُشهدكم أن لا إله إلا اللَّه. قال: فمرض الرجل فعرج بروحه، قال: فرأيت في منامي أنه أمر بي إلى جهنم فلما أوقفت على بابها فرأيت حجرًا من تلك الحجارة أعرفه بعينه قد عظم، فسدّ عني بابًا من أبواب جهنم، فذهبوا بي إلى باب آخر فإذا بحجر آخر حتَّى سدّ عني بقية الأحجار أبواب جهنم.
فهذا أشهد حجرًا فنفعته تلك الشهادة، وأنا أشُهدُ اللَّه الذي لا إله إلا هو الرحمن الرحيم أن لا إله إلا اللَّه وحده لا شريك له إلها قاهرًا جبّارًا. وملكًا قادرًا قهّارًا؛ للذّنوب غفّارًا؛ وللعيوب ستّارًا؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم وأسأله أن يتوفاني على كلمة الإخلاص. وأطلب منه العافية والخلاص، بمنه وكرمه، ولطفه وحلمه، والمسلمين أجمعين (2).
(1)"التخويف من النار" ص 81، 82.
(2)
وأنا أشهد بذلك لي ولوالدي وذريتي فأسأل الله أن ينفعني بها يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم، وقد ذكرت فيما مضى توسع المؤلف رحمة الله عليه في ذكر المنامات ولا مانع من حصولها شرعًا لأن الأدلة الدالة في الكتاب والسنة تؤيده.