الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فلا يزال كذلك" أخرجه البيهقي (1) وتقدم.
قال الحافظ ابن رجب رحمه الله في كتابه "التخويف"(2): وفي هذا المعنى يقول ابن المبارك:
تهوي بساكنها طورًا وترفعه
…
إذا رجوا مخرجًا من غمها قمعوا
فصل
ومنهم من يدور في النار وتُجَرُّ معه أمعاؤه وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم عمرو بن لحي يجر قُصْبَه (3) في النار (4).
وفي الصحيحين عن أسامة بن زيد رضي الله عنهما عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "يؤتى بالرجل يوم القيامة فيلقي في النار فتندلق أقتابه (5) فيدور فيها كما يدور الحمار برحاه فيجتمع أهل النار عليه فيقولون: أي فلان ما شأنك؟ كنت تأمرنا بالمعروف وتنهانا عن المنكر، قال: كنت آمركم بالمعروف ولا آتيه وأنهاكم عن المنكر وآتيه"(6).
(1) البعث والنشور (298) 536 من رواية عاصم عن أبي صالح.
(2)
"التخويف من النار" ص 188.
(3)
ورد بهامش الأصل: قصبه: أي أمعاءه.
(4)
صحيح رواه أحمد 2/ 366، والبخاري (3521)، ومسلم (2856).
(5)
ورد بهامش الأصل: قوله: أقتابه: جمع قتب وهي أمعاء، وقال الأصمعي: - جمع قتبة. أهـ.
(6)
رواه أحمد 5/ 205، والحميدي (547)، والبخاري (3267)، ومسلم (2989).
تنبيه: سبب دخوله النار إتيانه للمنكر وتكاسله عن المعروف وليس لأنه يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر.
وقال بعض السلف: إن في النار أقوامًا يُربَطون بنواعَير من نارٍ تدور بهم النواعيرُ وما لهم فيه راحة ولا فترة (1) ومنهم من يلقى في مكان ضيق لا يتمكن فيه من الحركة لضيقه قال تعالى: {وَإِذَا أُلْقُوا مِنْهَا مَكَانًا ضَيِّقًا مُقَرَّنِينَ دَعَوْا هُنَالِكَ ثُبُورًا (13)} [الفرقان: 13](1) قال كعب: إن في النار تنانير ضيقها كضيق زج رمح أحدكم تطبق على قوم بأعمالهم وتقدمت الإشارة إليه أوّلا.
وأخرج أبو نعيم الحافظ عن شفي بن مانع عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "أربعة يؤذون أهل النار على ما بهم من الأذى يسعون فيما بين الجحيم والحميم يدعون بالويل والثبور ويقول أهل النار بعضهم لبعض: ما بال هؤلاء قد آذونا على ما بنا من الأذى قال: فرجل معلق عليه تابوت من جر ورجل يجر أمعاءه ورجل يسيل فوه قيحًا ودمًا ورجل يأكل لحمَه فيقال: لصاحب التابوت ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى، فيقول: إن الأبعد مات وفي عنقه أموال الناس، ثم يقال للذي يجر أمعاءه: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان لا يبالي أين أصاب البول منه لا يغسله، ثم يقال للذي يسيل فوه قيحًا ودمًا: ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى؟ فيقول: إن الأبعد كان ينظر إلى كلمة فيستلذها كما يستلذ الرفث" وفي رواية: "يعمد إلى كل كلمة خبيثة قذعة أي: فاحشة فيستلذها ثم يقال للذي يأكل لحمه ما بال الأبعد قد آذانا على ما بنا من الأذى قال: إن الأبعد
(1) صفة النار لابن أبي الدنيا (48)(203).
كان يأكل لحوم الناس" (1) زاد في رواية "ويمشي بالنميمية"، قال أبو نعيم: وشفي بن ماتع مختلف فيه فقيل له صحبة وقيل لا.
وأخرج الإمام أحمد عن منصور بن زاذان رحمه الله قال: نبئت أن بعض من يلقى في النار يتأذى أهل النار بريحه فيقال له: ويلك ما كنت تعمل أما يكفينا ما نحن فيه من الأذى والسوء حتَّى أبتلينا بك ونتن ريحك فيقول: كنت عالمًا فلم أنتفع بعلمي.
قلت: في ذم عدم عمل العالم أحاديث جمة منها ما رواه الطبراني في الصغير والبيهقي عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "أشد الناس عذابًا يوم القيامة عالم لم ينفعه علمه"(2).
وأخرج البزار عن معاذ بن جبل رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: "شرار الناس شرار العلماء في الناس"(3).
وأخرج الطبراني في الكبير عن جندب بن عبد الله الأزدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم رضي الله عنه عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "مثل الذي يعلم الناس الخير وينسى نفسه كمثل السراج يضيء
(1) أخرجه الطبراني في "الكبير"(7226)، وهناد في "الزهد" 2/ 577.
(2)
رواه الطبراني في "الصغير"(507)، والبيهقي في "الشعب"(1778)، وقال الهيثمي في "المجمع" 1/ 185: رواه الطبراني في "الصغير"، وفيه عثمان البري، قَالَ الفلاس: صدوق لكنه كثير الغلط صاحب بدعة، ضعفه أحمد والنسائي والدارقطني.
(3)
رواه البزار (2649).