الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأمَّا غرف الجنة، وقصورها، وخيامها، ومقاصيرها قال تعالى:{لَكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ لَهُمْ غُرَفٌ مِنْ فَوْقِهَا غُرَفٌ مَبْنِيَّةٌ} [الزمر: 20] فأخبر تعالى أنَّها غُرَف فوق غرف، وأنها مبنية بناء حقيقة؟ لئلا تتوهم النفوس أنَّ ذلك تمثيل، وأنَّه ليس ثَمَّ بناء (1).
وقال تعالى: {أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا} [الفرقان: 75] والغرفة: جنس كالجنة. وقال: {إِلَّا مَنْ آمَنَ وَعَمِلَ صَالِحًا فَأُولَئِكَ لَهُمْ جَزَاءُ الضِّعْفِ بِمَا عَمِلُوا وَهُمْ فِي الْغُرُفَاتِ آمِنُونَ} [سبأ: 37] وقال عن امرأة فرعون: {رَبِّ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ} [التحريم: 11].
وأخرجَ الترمذي وقال غريب (عن على كرم الله وجهه)(2) مرفوعًا: "إن في الجنةِ لغرفًا يرى ظهورها من بطونها، وبطونها من ظهورها" فقام أعرابي فقال: يا رسول الله لمن هي؟ فقال: "لمن طيب الكلام، وأطعمَ الطَّعامَ، وأدام الصيام، وصلّى بالليلِ والناس نيام" وعند ابن ماجه (3) عن أبي مالك الأشعري مرفوعًا نحوه.
(1)"حادي الأرواح" ص 203.
(2)
أحمد (1/ 156) ابن أبي شيبة (8/ 625) رواه الترمذي 4/ 354 (1984، 2527)، والأولى الاقتصار على "رضي الله عنه" أسوة بسائر الصحابة وقد نبهت عليه مرارًا.
(3)
أحمد (5/ 343)، والبيهقي في "السنن"(4/ 300، 301)، والبغوي في "السنة"(927)، وعبد الرزاق (20883)، وقال الهيثمي في "مجمع الزوائد"(2/ 254)، ورواه الطبراني في "الكبير"، ورجاله ثقات انظر ت (4) ص 1050.
وفي "حادي الأرواح" بإسناد حسّنه محمد بن عبد الواحد عن عبد الله بن عمرو مرفوعًا: "إنَّ في الجنة غرفًا يرى ظاهرها من باطنها، وباطنها من ظاهرها" قال أبو مالك الأشعري: لمَنْ هي يا رسول الله؟ قال: "لمِنْ أطابَ الكلامَ (1)، وأطعم الطَّعامَ (2)، وبات قانتًا والناس نيام (3) "(4).
وأخرج البخاري، ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "إنَّ للمؤمِن في الجنةِ لخيمةً (5) من لؤلؤةٍ واحدة مجوفة طولها ستون ميلاً للمؤمنِ فيها أهْلُونَ يطوفُ عليهمُ المؤمن (6) فلا
(1) ورد في هامش الأصل: أي: تملق للناس وداراهم واستعطفهم.
(2)
ورد في هامش الأصل: أي: للعيال والفقراء والأضياف ونحو ذلك.
(3)
ورد في هامش الأصل: وقضية العطف بالواو يقتضي اشتراط اجتماعها فتكون هذه الغرف الخصوصة لمن جمع.
(4)
أحمد (2/ 173) رواه الحاكم (1/ 321) انظر ت (3) ص 1049.
(5)
ورد في هامش الأصل: قوله: لخميةً من لؤلؤة واحدة مجوفة كذا للكافة بالفاء وبالباء للسمرقندي قَالَ: في مشارق الأنوار: قوله: من لؤلؤة واحدة مجوفة أي: خالية الداخل غير مصمتة، ورواه السمرقندي: مجوبة قَالَ: والمعنى واحد، قَالَ: ورويناه في كتاب الخطابي: مجوبة أي: قد قطع داخلها الثقب فتفرغ وخلا من قولهم: جببت الشيء إِذَا قطعته، والجواب (وفي (ط)(المجوب) آلة من حديد يقط بها الأدم قطًا مستديرًا، فمجوب من جوب، بناه للمبالغة ومجوبة من جاب أهـ. ومن المادة قوله تعالى:{أَلَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِعَادٍ (6)} إلى قوله: {الَّذِينَ جَابُوا الصَّخْرَ بِالْوَادِ} أي تطعوه مؤلف من خطه.
(6)
ورد في هامش الأصل: أي: ليجامعهن ونحوه.
يرى بعضهم بعضًا" (1).
وقال صلى الله عليه وسلم: "من بنى للهِ مسجدًا بنى اللهُ له بيتًا في الجنةِ". حديث صحيح، وتقدم (2).
وأخرجَ البخاري، ومسلم (3)، وغيرهما عن عبد الله بن أبي أو فى، وأبي هريرة، وعائشة رضي الله عنهم أنَّ جبريل عليه السلام قال للنبي صلى الله عليه وسلم:"هذه خديجة أقرَئها السلام من ربِّها" وأمره أنْ يبشرها ببيت في الجنة من قصب لا صخب فيه - أي: لغط، ولا نصب - أي: تعب والقصب هنا اللؤلؤ المجوف.
(1) البخاري (4879)، ومسلم (2838)، وأبي يعلى (7332)، والترمذي (2528)، وابن ماجه في "المقدمة"(186)، والطيالسي (2/ 243)، والبغوي (4379)، وأحمد (4/ 400، 411، 419)، والدارمي (2/ 336)، وأبو الشيخ في "العظمة"(606)، وابن حبان (7395).
(2)
"حادي الأرواح" ص 204 - 205 انظر ت (1) ص 938.
(3)
حديث ابن أبي أوفى رواه البخاري برقم (1792) كتاب: العمرة، باب: متى يحل المعتمر، ومسلم برقم (2433) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين، وأحمد 4/ 355، وحديث أبي هريرة رواه البخاري برقم (3820) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي خديجة، ومسلم (2432) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضل خديجة رضي الله عنها، وأحمد 2/ 231، وحدبث خديجة رواه البخاري برقم (3817) كتاب: مناقب الأنصار، باب: تزويج النبي صلى الله عليه وسلم خديجة وفضلها رضي الله عنها، ومسلم (2435) كتاب: فضائل الصحابة، باب: فضائل خديجة أم المؤمنين رضي الله عنها، وابن ماجه (1997) كتاب: النكاح، باب: الغيرة، وأحمد 6/ 58.
وأخرج ابن أبي الدّنيا عن أبي هريرةَ مرفوعًا: "إن في الجنةِ لقصرًا من لؤلؤ ليس فيه صاع، ولا وهن، أعده اللهُ عز وجل لخليله إبراهيم عليه الصلاة والسلام"(1).
وفي الصحيحين عن أنسٍ رضي الله عنه أنَّ النبي صلى الله عليه وسلم قال: "دخلت الجنة فإذا أنا بقصر من ذهب فقلتَ: لمن هذا القصر؟ قالوا: لشاب من قريش. فظننت أني أنا هو فقلت: ومن هو؟ قالوا: لعمر بن الخطاب"(2).
وأخرج البيهقي (3) عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ في الجنةِ لغرفًا فإذا كان سَاكنها فيها لم يخف عليه ما خلفها، وإذا كان خلفها لم يخف عليه ما فيها" قيل: لمن هي يا رسول الله؟ قال: "لمَنْ أطابَ الكلام، وواصل الصّيام، وأطعم الطعام، وأفشى السلام، وصلى والناس نيام" قيل: وما طيب الكلام؟ قال: "سبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا الله، والله كبر فإنها تأتي يومَ القيامة ولها مقدمات، ومجنبات ومعقبات"(4) قيل: وما وصال الصيام؟ قال: "مَنْ صامَ شهر رمضان، ثم أدرك شهر رمضان فصامه"
(1) رواه ابن أبي الدنيا في "صفة الجنة"(174)، والبزار (2346 - كشف) والطبراني في "الأوسط"(6543) و (8114)، وفي إسناده ضعف يسير.
(2)
مسلم (2393)، وقد سبق تخريجه مفصلا، البخاري (3980) من رواية أبي هريرة، انظر ت (1) ص 1025.
(3)
في "البعث والنشور" برقم (280)، والخطيب في "تاريخه"(4/ 178، 179)، و"الكامل" لابن عدي (2/ 795).
(4)
فسر هَذَا الحديث معنى قوله صلى الله عليه وسلم: " .. أطاب الكلام".
قيل: وما إطعام الطعام؟ قال: "من قات عياله، وأطعمهم" قيل: فما إفشاء السلام؟ قال: "مصافحة أخيك، وتحيته" قيل: وما الصلاة والناس نيام؟ قال: "صلاة العشاء الآخرة" وفيه حفص بن عمر مجهول، وفي "حادي الأرواح"(1) أنَّ ابن عدي ضعفه، وكذا ابن حبان لكن قال: إنَّ حديثه هذا له شواهد (2)، ثمَّ ذكر من شواهده حديثًا خرجه ابن السماك عن جابر بن عبد الله مرفوعًا فذكر نحوه إلا أنَّه قال:"ومن صام رمضان، ومن كلِّ شهر ثلاثة أيام فقد أدمن الصيام، ومَنْ صلّى العشاء الآخرة في جماعة فقد صلى والناس نيام اليهود، والنصارى، والمجوس"(3) قال: وهذا وإنْ كان إسناده لا يحتج به وحده فإذا انضم إلى ما تقدم استفاد قوة مع أنَّه روي بإسنادين آخرين أي: والإسناد إذا كان ضعيفًا لم يشتد ضعفه إذا اعتضد ارتقى إلى رتبةِ القبول (4) وما أحسن قول الشاعر حيث يقول:
يا مريض الجفون عذبت قلبا
…
كان قبل الهوى قويًا سويا
لا تحارب بناظريك فؤادي
…
فضعيفان يغلبان قويا
(1)"حادي الأرواح" ص 208.
(2)
"حادي الأرواح" ص 205 - 208.
(3)
رواه ابن عدي 2/ 387 (ترجمة حفص بن عمر بن حكيم) وقال: وهذه الأحاديث بهذا الإسناد مناكير لا يرويها إلا حفص بن عمر بن حكيم هَذَا وهو مجهول، ورواه ابن حبان في "المجروحين" 1/ 259 - 260 وعدّه من المناكير، ورواه الخطيب 4/ 178.
(4)
لكن الحديث المنكر وشديد الضعف والموضوع وشبه الموضوع لا يدخل تحت هَذَا الباب فلا يتقوى بمنكر أو ضعيف.
والمقصود أنَّ الضعيف إذا انضم إلى مثله اكتسبا بانضمامها قوة لم تكن لكل واحد منهما بانفراده وارتقيا إلى رتبةِ القبول والله سبحانه وتعالى أعلم.