الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فصل
وأما نداؤها فأخرج مسلم عن أبي سعيد، وأبي هريرة رضي الله عنهما، عن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "ينادي منادٍ: إنَّ لكم أنْ تصحوا فلا تسقموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تحيوا فلا تموتوا أبدًا، وإن لكم أن تشبوا فلا تهرموا أبدًا، وإنَّ لكم أن تنعموا فلا تبأسوا أبدًا، وذلك قول الله عز وجل:{أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} (1)[الأعراف: 43]
قوله: "فلا تبأسوا" مأخوذ من البأساء، وهي الشدة، ومثله لا يبأس، ولا يبأسون، وكذا في غناء الحور العين:"ونحن الناعمات فلا نبأس"(2) أي: لا تصيبنا شدة في الحال، ولا في الأنس، وهو البؤس، والبأس. والبؤس وفي الحديث "هل رأيت بؤسا قط؟ " (3) ويروى: بؤسٍ، والتنوين أكثر وهو المصدر.
وأخرج عثمان بن أبي شيبة عن أبي سعيد رضي الله عنه مرفوعًا: {وَنُودُوا أَنْ تِلْكُمُ الْجَنَّةُ أُورِثْتُمُوهَا بِمَا كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ} [الأعراف: 43]
(1) البخاري (537) و (538) مسلم (2837) في كتاب الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: في دوام نعيم أهل الجنة.
(2)
الطبراني في "الكبير"(23/ 367)، والطبري (23/ 57)، قال في "المجمع"(7/ 119) وفيه سليمان بن أبي كريمة ضعفه أبو حاتم وابن عدي.
(3)
جزء من حديث أخرجه مسلم (2807)، النسائي (6/ 36)، وأحمد (3/ 253).
قال: "نودوا أن صحوا فلا تسقموا أبدًا، واخلدوا فلا تموتوا أبدًا، وانعموا فلا تبأسوا أبدًا"(1).
وأخرج مسلم عن صهيب رضي الله عنه أن النَّبيّ صلى الله عليه وسلم قال: "إذا دخل أهل الجنَّةِ الجنَّة، وأهل النَّار النار نادى مناد يا أهل الجنَّةِ، إن لكم عند الله موعدًا فيقولون: ما هو؟ الم يثقل موازيننا، ويبيض وجوهنا، ويدخلنا الجنَّةَ، وينجينا من النار؟ فيكشف الحجاب فينظرون إلى الله فوالله ما أعطاهم الله شيئًا هو أحبُّ إليهم من النَّظر إليه"(2).
وفي الصحيحين عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "إنَّ الله عز وجل يقول لأهل الجنَّة: يا أهل الجنَّةِ فيقولون لبيك ربنا، وسعديك فيقول: (هل رضيتم! فيقولون: وما لنا لا نرضى؟ وقد أعطيتنا ما لم تعط أحدًا منْ خلقك فيقول: أنا أعطيكم أفضل من ذلك قالوا: ربنا وأي شيء أفضل من ذلك؟ قال: أحلّ عليكم رضواني فلا أسخط عليكم أبدًا"(3).
وفيهما عن ابن عمر رضي الله عنهما أنَّ رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "يدخل الله أهل الجنَّةِ الجنَّة وأهل النار النار، ثُمَّ يقوم مؤذن بينهم،
(1) رواه أبو نعيم في "صفة الجنة" 2/ 148 - 149.
(2)
رواه مسلم (181) في كتاب: الإيمان، باب: إثبات رؤية المؤمنين في الآخرة ربهم سبحانه وتعالى.
(3)
رواه البخاري (6549) في الرقاق، باب: صفة الجنة والنار، (7518) في التوحيد، باب: كلام الرب مع أهل الجنة.
ومسلم (2829) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب: إحلال الرضوان على أهل الجنة فلا يسخط عليهم أبدًا.
فيقول: يا أهل الجنَّةِ، لا موت، ويا أهل النَّار، لا موت كل خالد فيما هو فيه" (1).
وهذا الأذان وإن كان بين الجنَّة والنَّار فهو يبلغ جميع أهل الجنَّةِ والنار، ولهم نداء آخر يوم زيارتهم ربهم جلّ وعلا، يرسل إليهم ملكًا فيؤذن فيهم بذلك، فيسارعون إلى الزيارة كما يؤذن مؤذن الجمعة إليها وذلك في مقدار يوم الجمعة والله تعالى أعلم.
(1) رواه البخاري (6544) في الرقاق، باب: يدخل الجنّة سبعون ألفًا بغير حساب. ومسلم (2850) في الجنة وصفة نعيمها وأهلها، باب النار يدخلها الجبارون، والجنة يدخلها الضعفاء.