الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وفي صحيح مسلم عن أبي مالك الأشعري رضي الله عنه، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنَّه قال:"النائحة إذا لم تتب قبل موتها تقام يوم القيامة وعليها سربال من قطران، ودرع من جرب"(1) وخرجه ابن ماجه بلفظ: "النائحة إذا ماتت ولم تتب قطع اللَّه لها ثيابًا من قطران، ودرعًا من لهب النار"(2) وخرجه ابن ماجه أيضًا عن ابن عباس مرفوعًا بلفظ: "النائحة إذا لم تتب قبل موتها فإنَّها تبعث يوم القيامة وعليها سرابيل من قطران يغلي عليها بدروع من لهب النار"(3).
وخرج أبو نعيم عن وهب بن منبّه قال: "كسى أهل النار، والعري كان خيرًا لهم، وأعطوا الحياة والموت كان خيرًا لهم"(4).
فصل
وقال تعالى: {لَهُمْ مِنْ جَهَنَّمَ مِهَادٌ وَمِنْ فَوْقِهِمْ غَوَاشٍ} [الأعراف: 41] قال الضحاك، والسدي، وغيرهما: المهاد: الفراش، والغواش: اللحف.
وقال الحسن في قوله تعالى: {وَجَعَلْنَا جَهَنَّمَ لِلْكَافِرِينَ حَصِيرًا} [الإسراء: 8]: فراشا ومهادًا وقال قتادة: محبسا حصروا فيها.
(1) رواه أحمد 5/ 342، 343، 344، ومسلم (934).
(2)
رواه ابن ماجه (1581)، والحديث صحيح.
(3)
رواه ابن ماجه (1582)، والحديث صحيح.
(4)
رواه أبو نعيم في "حلية الأولياء" 4/ 71 عن وهب بن منبه.
وكان الحسن رحمه الله يقول في وصف أهل النار وسكونهم دار البوار: قد حذيت لهم نعال من نار، وسرابيل من قطران، وطعامهم من نار، وشرابهم من نار، وفرش من نار، ولحف من نار، ومساكن من نار في شر دار وأسوأ عذاب فالأجساد أكلًا أكلًا، وصهرا صهرا، وحطما حطما. وقال أيضًا رحمه الله: إنّ رجلًا من صدر هذه الأمة كان إذا دخَلَ المقابر نادى: يا أهل القبور بعد الرفاهية والنعيم معالجة الأغلال في نارِ الجحيم، وبعد القطن والكتان لباس القطران ومقطعات النيران، وبعد تلطف الخدم ومعانقة الأزواج مقارنة الشيطان في نار جهنَّم مقرنين في الأصفاد.
وأخرجَ ابن أبي الدُّنيا عن وهب بن منبّه رحمه الله أنَّه قال: أما أهْل النار الذين هم أهلها فهم في النار لا يهدأون، ولا ينامون، ولا يموتون يمشون على النار، ويجلسون، ويشربون من صديد أهل النار، ويأكلون مِنْ زقوم النار لحفهم نار، وفرشهم نار، وقمصهم نار وقطران، وتغشى وجوههم النار، جميع أهل النار في سلاسل بأيدي الخزنة أطرافها يجذبونهم مقبلين ومدبرين فيسيل صديد إلى حفر في النار فذلك شرابهم. ثم بكى وهب حتَّى سقطَ مغشيًا عليه ولما ذكر هذا الخبر بكر بن خنبش غلبَ عليه البكاء حتَّى قام فلم يقدر أنْ يتكلم.
وفي الإسرائيليات أنَّ أم سيدنا يحيى بن زكريا عليهما السلام أقبلت عليه في ثوب تعالجه له ليلبسه فقال لها: أفعل قالت: من أي شيء؟ قال: من شعر. قالت: يا بني إذن يأكل لحمك قال: يا أمه أما
إنِّي إذا ذكرت مقطعات النيران لان على جلدي.
وكان عطاء الخراساني رحمه الله ينادي في أصحابه في السفر: يا فلان يا فلان قيام هذا الليل، وصيام هذا النهار أيسر من شراب الصديد ومقطعات الحديد ألوحاء ألوحاء ألوحاء ثم يقبل على صلاته (1). ولمَّا ماتت النُّوَّار امرأة الفرزدق رحمهما اللَّه ودفنت وقف الفرزدق على قبرها بحضرة الحسن البصري وأنشد هذه الأبيات العظيمة وهي:
أخاف وراء القبر إن لم يعافني
…
أشد من القبر التهابًا وأضيقا
إذا جاءني يوم القيامة قائد
…
عفيف وسواق يسوق الفرزدقا
لقد خاب من أولاد آدم من مشى
…
إلى النار مغلول القلادة أزرقا
يساق إلى نار الجحيم مسربلا
…
سرابيل قطران لباسا محرقا
إذا شربوا فيها الصديد رأيتهم
…
يذوبون من حر الصديد تمزقا
فبكى الحسن بكاء شديدًا رحم اللَّه تلك الأرواح الزكية والأخلاق المرضية.
(1) صفة النار لابن أبي الدنيا (192) حلية الأولياء (5/ 193).